الجمعة، 30 ديسمبر 2011

التنمية الروحية

الإحسان المرتبة العليا التي يصلها الإنسان في الصلة بالمولى جل وعلا ،والإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
وهذا يفيدنا أن المحسن هو الذي يعتقد العقيدة الصحيحة ويقول ما يرضي الله ويفعل ما يرضي الله ويترك ما يسخط الله وهو حر مالم يترك واجبا أو يفعل حراما.
التربية الروحية هي تعود على البر والإحسان وحب الله ورسوله لحديث : (أحبو الله لما يغذيكم به من نعمه).
إذا أحب الله عبداً ابتلاه في كل شيء واختبره وأمره بالصبر وإذا صبر ظفر برضى الله عز وجل وإذا ظفر برضاه سبحانه اجتباه وأغناه واصطفاه، وإذا اصطفاه قربه منه جل وعلا فأصبح عبد تقي صالح فالح تقي نقي ومن المقربين المصطفين الأخيار.
إن سمو الأخلاق ابتعاد العبد عن كل نقص وكل رذيلة وتجعله زجاجة صافية تضئ لمن حولها ولكي يقترب العبد من رضى الله تعالى عليه الابتعاد عن التالي:
1. الابتعاد عن القلق بالدنيا لحديث (من تعلق بشيء وكله الله إليه).
2. الكف عن الإصغاء إلى النفس الأمارة بالسوء وتقوية النفس اللوامة.
فإذا ما قويت نفس المؤمن اللوامة قويت النفس المطمئنة فيرضى عن نفسه بكثرة الطاعات وترك المعاصي.
الهدف من إحكام الصلة بالله في وجوب الاعتقاد بوجوده ووحدانيته سبحانه وتعالى ووجوب طاعته وعبادته في تنفيذ أوامره واجتناب نواهيه.
إن طاعة أوامر الله واجتناب نواهيه ينمي الروح والتنمية الروحية ترفع درجة الشعور بالسعادة والسعادة هي الثمرة الأولى لعبادة الله تعالى والإنسان التقي الذي يتقي سخط الرب بطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه ويخلص العمل له أي يحب في الله ويكره في الله وهمه أن يكون من أولياء الله الصالحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وغذاء الروح الحمد والشكر والذكر والتسبيح وأولياء الله لا خوف عليهم لأنهم لا سلطان عليهم فهم يؤمنون بأن الله هو الضار وهو النافع و التربية الروحية يشترط فيها ما يلي:
1. الإيمان بالله تبارك وتعالى والنبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
2. الثبات على الإيمان.
3. والرغبة في التضحية بكل كل شيء من أجل رضى الله تعالى.
4. أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.
الصديق هو من يثبت صدق إيمانه بالتضحية بنفسه من أجل أن يتقبله الله بقبول حسن وشعار المؤمن (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين.لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) الأنعام: ١٦٢ – ١٦٣، الإيمان غاية بذاتها لحديث : (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به) (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده وأهله والناس أجمعين).
والمؤمنين صفوة عباد الله قال تعالى:(إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولائك هم خير البرية.جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه) البينة: ٧ – ٨.
والأقوال والأفعال التي ترضي الله تزيد الإيمان قال تعالى:(ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم) التغابن: ١١.
الإيمان شجرة طيبة ثمرتها الدنيوية الحياة الطيبة والجنة في الآخرة ، قال تعالى :(من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) النحل: ٩٧.
المتعة الروحية العظمى الخشوع لله قال تعالى:(إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون) الأنفال: ٢.
العبادة : هي كل عمل أو قول أو ترك قصد به وجه الله ورضاه بشرط أن يكون عبادة لله، قال تعالى:(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) الذاريات: ٥٦(وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) الأنبياء: ٢٥،(وله من السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون.يسبحون الليل والنهار لا يفترون) الأنبياء: ١٩ – ٢٠،(إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون ﯾ ) الأعراف: ٢٠٦،(فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين) الحجر: ٩٨ – ٩٩، إن عباد الله الرحمن هم عباد الله المخلصين الذين يتبعون الكتاب والسنة فلا يغويهم الشيطان الرجيم ويشملهم الله الرحمن الرحيم برعايته وحفظه.
فالناس منهم المؤمن البار أو الفاجر العاصي الفاسق أو الكافر، المؤمن يتقبل تكاليف الله الشرعية بنفس راضية فينال السعادة في الدنيا ويكون في الآخرة في جنات النعيم إن شاء الله.
حلاوة الإيمان أشد حلاوة من غيرها فهي التي تصرفه عن شهوات المعاصي فالمؤمن شعاره الدائم إياك نعبد وإياك نستعين ، فالمؤمن لا يعمل ولا يجب ولا يكره إلا لله ويتوكل عليه لأنه يعلم أنه ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، وإن المكروه خير له وأن المحبوب ليس خيراً والله وحده وبالنتيجة النهائية كل شيء خير للمؤمن.
وإن سر الحياة الصالحة هو صلاح العقل وصلاح النفس وصلاح العمل،و الإسلام يصلح العقل بالإيمان بالله والتطهر من الشرك والكفر والنفاق والفسق والخرافات ويصلح النفس والعمل بالطاعات واجتناب المعاصي.
فلقد حرم الإسلام الوساطة بين العبادة من الوساطة بين العبد وربه وجعلها صلة مباشرة قال تعالى :(فذكر إنما أنت مذكر.لست عليهم بمصيطر) الغاشية: ٢١ – ٢٢، فالمسلم يعتبر الأرض مسجد لحديث (جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فالأرض صالحة ما صلحت العبادة الشعائرية والعبادة التعاملية هي كل عمل صالح مخلصاً فيه النية لله امتثالاً لأمر رب العزة والجلال وابتغاء مرضاته واجتناباً لغضبه سبحانه، والقلب السليم هو الدائم الصلة بالله غير غافل عنه سبحانه ، والعبد المخلص كثير المراقبة للنفس ونزواتها لأن الدنيا وسيلة لإرضاء الله واجتناب سخطه تعالى والله لا يضيع أجر المحسنين ، قال تعالى :(وابتغي فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين) القصص: ٧٧.
التنمية الروحية تقوم على النية الخالصة لله ومراقبة الله عز وجل والحب في الله والبغض في الله لحديث (أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله أن العبادة لله الصحيحة تخلص المؤمن من سلطان الشيطان والهوى ومن سيطرة النفس الأمارة بالسوء وتحفظ المؤمن من الوقوع في المعاصي وتحضه على كل عمل صالح رغبة في رضى الله ويحصل المؤمن بسبب العبادة على حرية الرأي والفكر السليم والعقيدة الصحيحة والسلوك الخلقي الذي أساسه الرحمة وتزكيةالنفس.
شروط التنمية الروحية
الروح مفطورة على توحيد الله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته فالربوبية هي أن الله هو الخالق وسيد الخلائق وقيومها والملك والمالك للكون وكل شيء بأمره أما الألوهية هي أن الله هو المستحق للعبادة سواء كانت عبادة شعائرية أو تعاملية فالتعاملية هي أن لا تفعل خير إلا رضاء لله ولا تكف عن شر إلا لرضا الله وجعل العبادة لله فقط هو الإخلاص فالتوحيد والإخلاص متلازمان يتبع بعضهما بعضاً والتوحيد والإخلاص يؤديان إلى التوكل على الله والتوكل على الله يقتضي الرضا والتسليم لله وحسن الظن به والخشوع له والطاعة والتوبة.
والتوكل غير التواكل فالتوكل أن تسخر نواميس الكون وتعتقد أن النتيجة بيده سبحانه، قال تعالى:(هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) الملك: ١٥،(وإذا مرضت فهو يشفين) الشعراء: ٨٠، العلاج سبب والشفاء بيده سبحانه.
جاء النبي صلى الله عليه وسلم رجل على ناقة فقال : يا رسول الله أدعها وأتوكل؟ فقال صلى الله عليه وسلم (أعقلها وتوكل) ، ولحديث: (من انقطع إلى الله عز وجل كفاه الله كل مؤونة ورزقه من حيث لا يحتسب ، ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها) رواه الطبراني في الصغير.
(لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً ) صححه الحاكم.
التوكل يبلغ العبد حب الله قال تعالى :(فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) آل عمران: ١٥٩، والله وحده الخالق لكل شيء خالق النعمة فوجود النعمة يقتضي شكر المنعم ووجود النقمة يقتضي الصبر.
فالله يبلوا بالخير والشر فتنة فالشكر والحمد اعتراف بفضل الله عليك والصبر إيماناً بأن الشدائد ابتلاءً والله لا يصبك إلا بما ينفعك ، قال تعالى:(وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم) البقرة: ٢١٦.
الشكر اعتراف بالفضل من الله على العبد قال تعالى :(إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون) يونس: ٦٠.
والشكر يجب على زيادة النعمة قال تعالى(إذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) إبراهيم: ٧.
الذكر باللسان والشكر بالجنان لحديث : (ليتخذ أحدكم لساناً ذاكراً وقلباً شاكراً).
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (الشكر نصف الإيمان) فالرسول رغم أنه مغفور له فأنه يعبد الله شكراً لما صرح بذلك صلى الله عليه وسلم،والذكر عبادة تؤدى باللسان والجنان والذكر أقوى الوسائل التي تجعل الإنسان قريب من ربه والذكر لا ينحصر بزمان ومكان ويؤدى في كل الأحوال فالله سبحانه يرحم عباده الذاكرين وتدعو لهم الملائكة بالرحمة والله يخرج العبد الذاكر من الكلمات والنور.
وتسلم عليهم الملائكة عند دخولهم الجنة ، قال تعالى:(يا أيها الذين آمنوا أذكروا الله ذكرا كثيرا.وسبحوه بكرة وأصيلا.هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكلن بالمؤمنين رحيما.تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما) الأحزاب: ٤١ – ٤٤، الذاكر يمتلئ قلبه خشية لله ويصبح بين الخوف والرجاء يخاف من عذاب الله ويرجو فردوسه ، قال تعالى:(واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والأصال ولا تكن من الغافلين) الأعراف: ٢٠٥، وهذا الذكر المطلوب شرعاً فيعبر عنه باللسان، والجوارح ، قال تعالى:(فاذكروني أذكركم) البقرة: ١٥٢.
ومعناه اذكروني بخدمتي وعبادتي أذكركم بنعمتي ولطفي ورحمتي ورأفتي وعنايتي.
أذكروني بالشكر أذكركم بالمزيد، أذكروني بالحب أذكركم بالقرب ، وأذكروني بالخوف أذكركم بالأمان، وأذكروني بالرجاء أذكركم بتحقيق الآمال، قال تعالى:(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب.الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب) الرعد: ٢٨ – ٢٩.
قال تعالى في حديثه القدسي ( أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت شفتاه بي).
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال فقال : (أن تموت ولسانك رطب بذكر الله عز وجل) رواه البيهقي في شعب الإيمان من حديث معاذ رضي الله عنه (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت) (أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، وإن تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإن أتانا يمشي أتيته هرولة) متفق عليه.
إن الله تعالى يجزل للذاكر العطاء ويزيد له في الثواب ، ويسبغ عليه الرحمة ويجعله مستجاب الدعاء يقول معاذ بن جبل رضي الله عنه : (ليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله سبحانه فيها).
الذكر يمنعنا من اقتراف المحارم. والذكر القوي يؤدي إلى الخشوع والشعور بالراحة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال رضي الله عنه أرحنا بها يا بلال أي الصلاة والصلاة ذكر باللسان والجنان والأركان قول الله أكبر باللسان وتعظيماً بالجنان وخشوعاً في الوجدان والتعبير عن كل ذلك بالأركان، قال تعالى:(ألم يأني للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق) الحديد: ١٦،(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب.الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب) الرعد: ٢٨ – ٢٩.
ومقام الإحسان أعلى مستويات الذكر وهو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، الذكر يطرد وساوس الشيطان.
إذا ذكرت الله فلم تخشع فأعلم فإن ذلك من قسوة القلب والعجب والكبر والرياء والبغض والحسد وعدم الحب في الله والتوكل عليه حق توكله وانشغالك عن ذكر الله بالدنيا وتعلقك بها قال تعالى:(فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولائك في ضلال مبين) الزمر: ٢٢(يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا) النساء: ١٤٢.
(ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) الحديد: ١٦،(ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم ألائك هم الفاسقون ) الحشر: ١٩،(ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين .وإنهم ليصونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون) الزخرف: ٣٦ – ٣٧.
الذكر بعد الصلوات
قالوا: يا رسول الله : ذهب أهل الدثور بالدرجات والنعيم المقيم.
قال : كيف ذاك؟
قالوا: صلوا كما صلينا وجاهدوا كما جاهدنا وأنفقوا من فضول أموالهم وليس لنا أموال.
قال : (أفلا أخبركم بأمر تدركون من كان قبلكم ،وتستبقون من جاء بعدكم، ولا يأتي أحد، بمثل ماجئتم إلا من جاء بمثله وتسبحون دبر كل صلاة عشراً، وتحمدون الله عشراً، وفي رواية أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم (ذهب أهل الدثور بالأجور ... ) وفي رواية ترى التسبيح ثلاثة وثلاثون والتحميد ثلاثة وثلاثون، والتكبير ثلاثة وثلاثون ويتمها الذكر بقوله : لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وله الملك، وله الحمد ، يحي ويميت، وهو على كل شيء قدير).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دبر كل صلاة إذا سلم : لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
كان النبي وصحبه يرفعون أصواتهم بالذكر حين ينصرفون من المكتوبة.
لما حفر الخندق كان الأنصار والمهاجرون يحملون التراب وهم يقولون:
نحن الذين بايعوا محمداً

على الإسلام ما بقينا أبداً

وكان عبد الله ابن رواحه يردد ومعه الصحابة
اللهم لولا أنت ما اهتدينا

ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزل سكينة علينا

وثبت الإقدام إن لاقينا

إن الآل وقد بغوا علينا

وإن أرادوا فتنة أبينا

وكان يشاركهم في الكلمة الأخيرة فقط من كل شطر بيت.
قال تعالى في حديثه القدسي : (أنا جليس من ذكرني وأفضل الذكر التهليل لحديث: (أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله).
رياض الجنة مجالس الذكر لحديث (يا أيها الناس ارتقوا في رياض الجنة فقيل : يا رسول الله ما رياض الجنة؟ قال : مجالس الذكر : قال اغدوا وروحوا واذكروا ، من كان يحب أن يعلم منزلته عند الله فلينظر كيف منزلة الله تعالى عنده ، فإن الله تعالى ينزل العبد منه حيث أنزله من نفسه).
والذكر يجعل للمؤمن نور ينظر به لحديث (المؤمن ينظر بنور الله).
الذكر يجعل الملائكة يصلون على الذاكرين أي يدعون لهم بالرحمة، ويخرج الله الذاكرين من الظلمات إلى النور، والذكر يجلب للنفس الإنس والطاقة والسكينة والوقار واستجابة الدعاء.
روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير في كل يوم مئة مرة، كانت له عدل عشر رقاب ، وكتبت له مئة حسنة، ومحيت عنه مئة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه حتى يمسي ، ولم يأتِ أحد بأفضل مما جاء إلا رجل عمل أكثر منه).
التقوى
التقوى الحماية والخلاص لقوله تعالى :(يا أيها الذين أمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة)
قال صلى الله عليه وسلم عن التقوى (التقوى جماع كل خير) (لا يكون الرجل من المتقين حتى يدع ما لا بأس به مخافة مما به بأس) صححه الحاكم.
التقوى فعل الطاعات وترك المحرمات، والتقوى تقتضي الابتعاد عن الشرك الوثنية والشبهات والسيئات والسب واللعن وسفاسف الأمور وكل ما يؤدي ويضر وفعل ما يسر.
والتقوى مسألة عقلية لحديث (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم وأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره قائلاً التقوى ها هنا التقوى ها هنا).
شروط التقوى
1. التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب والتوكل بدون الأخذ بالأسباب يصبح تواكلاً.
2. الرضى بقدر الله خيره وشره.
3. الصبر على ما فات والتفاؤل بما هو آتٍ.
4. اجتناب الظلم والأخذ بالعدل.
5. المعاملة بالمثل في الاستقامة ، قال تعالى:(فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين) شروط التوبة:
1. العفو عمن اعتدي عليه أو معاقبته من قبل القضاء.
2. أن تكون التوبة قبل لحظة الاحتضار.
3. الإقلاع عن المعصية.
4. الندم على اقتراف المعصية.
5. العزم على عدم العودة إلى ارتكاب المعصية.
6. الاستغفار المستمر لحديث : (والله إني لاستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة) رواه البخاري ، قال تعالى:(وإني لغفار لمن تاب وأمن وعمل صالحا ثم اهتدى) قال صلى الله عليه وسلم ألا أن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه وأن الفاجر يرى ذنوبه كذباب قر على أنفه فقال به هكذا فوق أنفه والله أفرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلاً وبه هلكة ومعه ، راحلته عليها طعامه وشرابه ، فوضع رأسه فنام نومة ، فاستيقظ وقد ذهبت راحلته ، حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله قال : أرجع إلى مكاني، فرجع فنام نومة، ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده) رواه البخاري.
(والله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بغيره وقد أضله في أرض فلاه).
التقوى تجعل الإنسان من أولياء الله الصالحين، قال تعالى :(ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين أمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الأخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم)
وتؤدي التقوى إلى نيل رحمة الله الواسعة ، قال تعالى:(ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بائياتنا يؤمنون)
والتقوى تؤدي إلى الخروج من الضائقات وتسر الرزق ، قال تعالى:( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن أرتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن و أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا)
والمتقون هم ورثة الأرض.
قال تعالى :(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين)
التقوى تجعل للإنسان قدرة التفرقة بين الحق والباطل ، قال تعالى :(يا أيها الذين أمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغر لكم والله ذو الفضل العظيم)
وتحصل التقوى المعونة ، قال تعالى :(إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون): ١28.
والتقوى تجعل الإنسان مثالياً وراجح الرأي.
حسن الظن بالله
التقوى تؤدي إلى حسن الظن بالله والذي هو التوكل على الله والاعتماد عليه سبحانه مع مراعاة الأخذ بالأسباب المشروعة والمعقولة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه يوم كانا في غار ثور : (يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما لا تحزن إن الله معنا).
قال الله في حديثه القدسي : (أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، وإن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً ، وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) رواه البخاري.
(أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيراً).
قال صلى الله عليه وسلم : (إن رجلاً قال : إن الله لا يغفر لفلان ، وإن الله تعالى قال : من ذا يتألى على أن لا أغفر لفلان ، فإني قد غفرت لفلان، وأحبطت عملك) رواه مسلم.
(رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره ) رواه مسلم.
محبة الله
محبة الله هي أرقى المقامات والمحبة هي حلاوة الإيمان لحديث (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله ، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف فالنار) رواه البخاري.
قال الله تعالى في حديثه القدسي : (لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به).
وجاء في الحديث الشريف : (إذا أحب الله عبدا ابتلاه وإذا صبر اجتباه، وإذا أحب الله عبداً جعل له واعظاً من نفسه وزاجراً من قلبه يأمره وينهاه ، قال تعالى :(إن الله يحب المقسطين) المائدة: ٤٢ ،(إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) البقرة: ٢٢٢،(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم) آل عمران: ٣١ ،(والله يحب الصابرين آل عمران: ١٤٦،(إن الله لا يحب المفسدين ) القصص: ٧٧، والله لا يحب الظالمين وأنه لا يحب المستكبرين ،(إن الله لا يحب الخائنين) الأنفال: ٥٨، (إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا) النساء: ٣٦،(إن الله لا يحب المعتدين) البقرة: ١٩٠.
وجاء في الحديث الشريف (إن الله إذا أحب عبداً نادى جبريل فيقول : إني أحب فلاناً فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض عبداً دعا جبريل، فيقول إني أبغض فلاناً فأبغضه فيبغضه جبريل ، ثم ينادي في أهل السماء أن الله يبغض فلاناً فأبغضوه يبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض).
قال تعالى:(والذين أمنوا أشد حبا لله) البقرة: ١٦٥، قال رزين العقيلي : يا رسول الله : ما الإيمان ؟ قال : أن يكون الله ورسوله أحب إليك مما سواهما) (لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما) متفق عليه.
(اللهم أرزقني حبك وحب من أحبك ، وحب ما يقربني إلى حبك، واجعل حبك أحب إلي من الماء البارد) متفق عليه.
قال أعرابي : يا رسول الله متى الساعة؟ وماذا أعددت لها ، فقال ما أعددت لها كثير صلاة ولا صيام ، إلا أني أحب الله ورسوله ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم المرء مع من أحب ، قال أنس مما رأيت المسلمين فرحوا بشيء بعد الإسلام فرحهم بذلك).
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : (من ذاق من خالص محبة الله تعالى شغله ذلك عن طلب الدنيا وأوحشه من جميع البشر).
إن من أحب الله أحب لقائه لحديث : (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه). (يا دنيا من خدمك فاستخدميه ومن خدمني فأخدميه).
(يا عبدي إذا كنت بي على ما أحب كنت لك على ما تحب ، وإذا تحولت مما أحب إلى ما أكره تحولت لك مما تحب إلى ما تكره).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق