الخميس، 8 مارس 2012

مقدمة
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد
فانه من عادتي إذا ماقمت بتأليف كتاب فاني ابذل قصارى جهدي بالإتيان بالجديد وفي كتابنا هذا المسمى بتأملات في سور القران الكريم حاولت أن أتامل كل سورة على حدى من حيث مواضيعها التي تتحدث عنها فاني على كل موضوع فأشير إليه إشارة توضح المضمون بشكل عام حتى يتسنى للقارئ أن يكون تصورا عاما عن السورة يعتبر مدخلا لتفهم معاني السور وقد حاولت أن ارسم خارطة ذهنيه يتعرف بها القارئ السورة على السورة حتى لا تصبح مواضيع السورة مفككه في ذهن الذي يريد أن يتأمل السورة بشكل
دقيق.
إما من حيث تفسير القران فان المفسرين بذلوا جهدا مشكورا جعله الله في موازين حسناتهم فإنهم قد استوفوا الجانب اللغوي والبلاغي والإعرابي وأنا كمؤلف لا أحب إن اكرر مافعله الآخرين وهذا زيادة في الورق وتقليد للآخرين وما أحوج الأمة إلى الإبداع والجرأة في التفكير فالله يعطي المخطئ أجرا واحد والمصيب اجرين وإذا لم نفعل دالك فإننا نحبس الفكر في إطار ضيق ونقضي على جرأة المحاولة وأنا لا أقصد بقولي ذالك أن نبدأ المحاولة من الصفر بل نريد أن نكون تراكم معرفي في ما يتعلق في الموضوع المراد التأليف فيه .
والإبداع لا يبدأ إلا بانفجار معرفي ناتج من الاطلاع الواسع.
وأنا لا أحب الاستعجال في التأليف أنا إذ أكتب اليوم إنما أكتب بعد إطلاع متواضع دام قرابة أربعين سنة وأرجو من القارئ أن يسع صدره لما في الكتاب من أخطاء فان العصمة لا تكون إلا لنبي ولولا أخطاء المؤلفين لما كان هناك دورا للذين يتأتون من بعدهم.




فهرس المحتويات

الفاتحة 1
سورة البقرة 2
سورة آل عمران 18
سورة النساء 24
سورة المائدة 27
سورة الأنعام 32
سورة الأعراف 37
سورة الأنفال 41
سورة التوبة 44
سورة يونس 46
سورة هود 48
سورة يوسف 49
سورة الرعد 53
سورة إبراهيم 55
سورة الحجر 56
سورة النحل 57
سورة الإسراء 61
سورة الكهف 63
سورة مريم 65
سورة طه 66
سورة الأنبياء 67
سورة الحج 67
سورة المؤمنين 69
سورة النور 70
سورة الفرقان 71
سورة الشعراء 72
سورة النمل 73
سورة القصص 74
سورة العنكبوت 75
سورة الروم 76
سورة السجدة 78
سورة الأحزاب 78
سورة سبأ 80
سورة فاطر 81
سورة يس 83
سورة الصافات 83
سورة غافر 87
سورة فصلت 87
سورة الشورى 88
سورة الزخرف 89
سورة الدخان 90
سورة الجاثية 91
سورة الأحقاف 91
سورة محمد 92
سورة الفتح 93
سورة الحجرات 94
سورة ق 95
سورة الذاريات 96
سورة الطور 97
سورة النجم 97
سورة القمر 99
سورة الرحمن 100
سورة الواقعة 101
سورة الحديد 101
سورة المجادلة 102
سورة الحشر 103
سورة الممتحنة 104
سورة الصف 104
سورة الجمعة 105
سورة المنافقين 106
سورة التغابن 106
سورة الطلاق 107
سورة التحريم 108
سورة الملك 109
سورة القلم 110
سورة الحاقة 111
سورة المعارج 112
سورة نوح 112
سورة الجن 113
سورة المزمل 114
سورة المدثر 114
سورة القيامة 115
سورة الإنسان 116
سورة المرسلات 116
سورة النبأ 118
سورة النازعات 118
سورة عبس 119
سورة التكوير 120
سورة الانفطار 120
سورة المطففين 121
سورة الانشقاق 122
سورة البروج 122
سورة الطارق 123
سورة الغاشية 124
سورة الفجر 124
سورة البلد 125
سورة الشمس 126
سورة الليل 126
سورة الفجر 126
سورة الشرح 127
سورة التين 127
سورة القدر 128
سورة البينة 128
سورة الزلزلة 128
سورة العاديات 129
سورة القارعة 129
سورة التكاثر 129
سورة العصر 130
سورة الهمزة 130
سورة قريش 130
سورة الماعون 131
سورة الكوثر 131
سورة الكافرون 131
سورة العصر 131
سورة المسد 132
سورة الإخلاص 132
سورة الفلق 132
سورة الناس 132





بسم الله الرحمن الرحيم

الفاتحة

رب العالمين هو الرحمن الرحيم وهو الملك المالك ليوم الدين، فبرحمته يرحم من يشاء في الدنيا والآخرة، وهو وحده الجدير بالثناء والشكر وهو وحده المستحق للعبادة، ومنه العون و الهداية .. والناس بالنسبة للإسلام مسلم ومغضوب عليه يعرف صحة الإسلام فلا يؤمن به ضال لا يعرف صحة الإسلام.

والإسلام وحده الدين الصحيح الذي يجب أن ندعو الله دائماً أن يهدينا إلى تعاليمه.

سورة البقرة
وهي أطول سورة في القرآن الكريم، وهي سورة مكية ومدنية، وفيها مئتان وست وثمانون آية. مفتتحة ﭧ ﭨ ﭽ ﭑ ﭒ ﭼ البقرة: ١
والقرآن الكريم كتاب لا شك فيه هدى للمتقين. والمتقون يتميزون بخمس ميزات وهي:
1- يؤمنون بالغيب.
2- ويقيمون الصلاة.
3- ومما رزقهم الله ينفقون.
4- ويؤمنون بالقرآن الكريم.
5- ويوقنون بالآخرة.
بهذه الصفات الخمس يفوز المتقون. وتقابل صورة المتقين صورة معاكسة هي صورة الكافرين. ويتصف الكافرون بعنادهم وتكبرهم وغفلتهم المستمرة، وحواسهم المغلقة كأنهم لا يسمعون ولا يبصرون ولا يفقهون، سواء أنذروا أم لم ينذروا فهم لا يؤمنون وهم الخاسرون، ولهم عذاب عظيم.
وتظهر صورة المنافقين متأرجحة بين صورة المتقين والكافرين. ويتصف المنافقون بالكذب والخداع. والكذب والخداع مرضان نفسيان. ويتصف المنافقون أيضاً بالإفساد والسفه والاستهزاء فهم يعلنون الإيمان بالله واليوم الآخر كذباً وخداعاً، ويعتبرون الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم سفهاً، ويعتبرون إفسادهم إصلاحاً، ويقولون للمؤمنين: آمناً، وإذا دخلوا إلى شياطينهم، قالوا: إنما نحن مستهزئون. والمنافقون خاسرون؛ لأنهم لم يهتدوا فأضلوا، مثلهم كمثل من استوقد ناراً فانطفأت، أو كمثل حائر في العاصفة المظلمة شديدة الظلام كأنهم صم، بكم، عمي، عاجزو الحواس، والله محيط بهم، وهو على كل شيء قدير.
وجاء في السورة كلمتا: « الفاجر والأبرار » .. فالفاجر مغفل متكبر، وقد يكون كافراً أو منافقاً، وهو بذلك كذاب.
وأما الأبرار فيتصِفون بالصفات التالية:
1- التقوى.
2- الإيمان بالغيب.
3- الإيمان بحساب الله لعباده يوم القيامة.
4- الإيمان بالقرآن الكريم.
5- إقامة الصلاة.
6- الإنفاق رغبة في رضي الله.
7- يطبقون تعاليم الإسلام.
والناس متقون وكافرون ومنافقون. يقول الله تعالى: ﭧ ﭨ ﭽ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﭼ البقرة: ٢١ - ٢٤
وتتبدى قدرة الله في السماء والماء والنبات. والله يبشر المؤمنين بالجنة ، ويضرب الأمثال للناس ليستدلوا على أنه الخالق ولو بأصغر مخلوقاته: ﭧ ﭨ ﭽ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﭼ البقرة: والمؤمنون يقبلون ضرب المثل بالبعوضة لأن الله جل في علاه هو خالقها، أما الكافرون الذين لا يؤمنون بأن الله هو الخالق لا يسلمون بمبدأ أن العالم مخلوق، ومن سنن الله الكونية أن الفاسقين لديهم الاستعداد للضلال. والفاسدون يتصفون بِنقضِ عهد الله وهو الإسلام، ولا يبرمون علاقة ودية مع الناس لأنهم مفسدون في الأرض.. والمشكلة أن الناس يجهلون حقيقة أنهم كانوا عدما ثم جعلهم الله أحياء ثمأي يدخلهم في عالم البرزخ ثم يبعثهم فيرجعون إلى الله ليحاسبهم فيجازيهم بالجنة إن كانوا متقين أو بالنار إن كانوا كافرين. أما الفاسقون إما يغفر الله لهم فلا يناقشون العمل وإما يدخلون النار حتى تصفى حساباتهم.
ذكرت سورة البقرة قصة بداية الإنسان: شاء الله أن يستخلف الإنسان في الأرض ليعمرها، وتساءلت الملائكة عن سر استخلاف الإنسان فبين لهم الله تفضيل آدم بتعليمه الأسماء كلها، وبما منحه الله من قدرة على تعمير الدنيا وأمرهم بالسجود له، فأطاعوا... وتكبر إبليس فلم يطع أمر الله، فكان من الكافرين الذين احتجوا على معرفة الحكمة من أمر الله.
وأسكن آدم وزوجته الجنة.. يأكلان منها رغداً حيث يشاءان.. لكن الله حدد لهما شجرة معينة نهاهما عن الأكل منها، فأغراهما الشيطان بالأكل منها فأكلا فقال الله تعالى: ﭽ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﭼ البقرة: ٣٦ فهبط آدم وحواء وإبليس وذريتهم، ووعد الله آدم بأن يرسل إلى أولاده رسلاً فمن أسلم منهم فلا خوف عليه ولا هم يحزنون، ومن كفر بالإسلام فمصيره خلود في النار.
وفي بقية آيات سورة البقرة تفاصيل الإسلام الذي جاء به موسى وإبراهيم. وقد ذكرت السورة بني إسرائيل بنعمة الله عليهم وبعصيانهم لله ﭧ ﭨ ﭽ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﭼ البقرة: ٤٠ - ، ثم يأمرهم بالصلاة والزكاة والركوع ويحضهم على تذكر أنهم كانوا يأمرون الناس بالبر ويأمرهم بأن يستعينوا بالصبر والصلاة، والخشوع وأمل لقاء الله والرجوع إليه ، ثم طالب بني إسرائيل بالوفاء بالعهد والإيمان بالقرآن، وإيمانهم به هو العهد.
ثم يذكرهم بنعمته عليهم فقد فضلهم على العالمين ونجاهم من فرعون وعفا عنهم بعد فتنة العجل.. وأحياهم بعد الصعقة عندما قالوا لموسى عليه السلام: ﭧ ﭨ ﭽ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﭼ البقرة: ٥٥ ، ﭧ ﭨ ﭽ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﭼ البقرة: ٥٧ ، عندما أخرجهم من التيه وأدخلهم بيت المقدس أو أريحا... فبدلوا قولاً غير الذي قيل لهم، وانهمكوا في الشهوات فعوقبوا بالطاعون جزاء بما كانوا يفسقون، ولقد استسقى موسى، فضرب بعصاه الحجر فانفجرت اثنتا عشرة عيناً لكل واحد منهم شربه، ثم أنزلهم مصر ثم رُزقوا بالبقل والقثاء والفوم (الثوم) والعدس والبصل، ولما كفروا وأفسدوا وقتلوا الأنبياء، ضرب عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله، وقد اعتدوا في السبت فمُسخوا قردة، وقد أخذ الله عليهم الميثاق أن يقيموا التوراة فلما خالفوا رفع الله الجبل فوقهم تهديداً.
وسميت سورة البقرة بالبقرة لذكر قصة البقرة فيها: فقد قتل من بني إسرائيل قتيل وشكوا لموسى، فأمرهم أن يذبحوا بقرة فوصفها لهم، وأمرهم أن يضربوا القتيل ببعض أعضائها فأحياه الله فأخبرهم أن القاتل هو الذي شكا موسى وبرغم ذلك قست قلوبهم. واليهود يزعمون أنهم لا يُعذبون إلا أياماً معدودة والله يقول بالخلود في الجنة أو في النار، ويذكر بني إسرائيل بميثاقهم مع الله، فقد عاهدوا ألا يعبدوا إلا الله... وأن يحسنوا معاملة الوالدين والأقرباء واليتامى والمساكين.. وأن يقولوا للناس حسناً، ليعلموهم طرق الخير...ألا يتنازعوا فيما بينهم، وألا يسفك بعضهم دماء بعض، أو يخرجه من دياره.. لكنهم نقضوا العهد، فتنازعوا، وما عُرف عن بني قريظة وبنﭧ ﭨ ﭽ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﭼ البقرة: ٨٧ ي النضير، أنهم آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعضه، واشتروا الحياة الدنيا بالآخرة وأنهم يردون إلى أشد العذاب بتعاملهم مع النبي صلى الله عليه و سلم تذكرهم الآيات بموقفهم من عيسى بن مريم... أو : تذكرهم بمواقف لهم قبل البعثة قال قال تعالى: ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭼ البقرة: ٨٩
ﭧ ﭨ ﭽ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﭼ البقرة: ٩٣ﭧ ﭨ ﭽ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﭼ البقرة: ٩١ ﭧ ﭨ ﭽ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﭼ البقرة: ٩٧ ، هذه الآيات تؤنب اليهود لقولهم إنَّ جبريل عدوهم لأنه ينزل بالعذاب وبالوحي على النبي صلى الله عليه و سلم ، ولقولهم إنَّ الآخرة لهم وحدهم، فيقال لهم : لماذا لا تتمنون الموت كي تدخلا الجنة بعد الموت.
ﭧ ﭨ ﭽ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﭼ البقرة: ١٠٠ ويلام اليهود على انصرافهم عن النبي صلى الله عليه و سلم وعن القرآن المصدق لما معهم إلى كتب السحر التي افترتها الشياطين على سليمان بعد موته، وهي كتب من تعاليم الملكين هاروت وماروت اللذين ظهرا في بابل وكانا يعلمان الناس السحر ابتلاء، ولما عرف سليمان عليه السلام تعاطي الناس للسحر جمع كتب السحر ودفنها تحت كرسيه حتى مات، فاستخرجت بوسوسة من الشيطان واتهمت الشياطين سليمان عليه السلام، بأنه: كان يسيطر على الجن والإنس والطير بتلك الكتب. وعندما بُعث النبي صلى الله عليه و سلم برأ القرآن سليمان عليه السلام ولام المتعاطين للسحر وتاركي الوحيﭧ ﭨ ﭽ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﭼ البقرة: ١٠٣
ولقد لام القرآن إيذاء اليهود للنبي صلى الله عليه و سلم رغم أنهم يعلمون أن التوراة مصدقة للقرآن. ولقد نهى القرآن عن استخدام كلمة « راعنا»، واستخدام كلمة « انظرنا » لما في كلمة « راعنا » من سب « بمعنى الرعونة »، وأخبرت سورة البقرة أن الله إذا نسخ آية يأتي بخير منها أو مثلها أو ينسيها لحكمة هو يعلمها سبحانه.
وقد نهت السورة عن الإغراق في التمنيات مثل طلب أحدهم من النبي صلى الله عليه و سلم أن يجعل الصَّفا والمروة ذهباً، أو يوسع مكة ويفجر فيها الأنهار. وأخبرت السورة أن الكفار يحسدون المؤمنين على الإيمان، أو يزعمون بأن الجنة لا يدخلها إلا من كان هوداً أو نصارى. وعن قول اليهود: ليست النصارى على شيء، وقول النصارى ليست اليهود على شيء.
ولقد أمرت السورة المؤمنين أن يعرضوا عن مثل ذلك، وأن يعفو ويصفحوا، وأن يقيموا الصلاة ويأتوا الزكاة، فلله الجنة والمشرق والمغرب.. يدخل الجنة من يسلم وجهه لله وهو محسن... ويقبل صلاة الذين منعوا من دخول مساجد الله:
ﭧ ﭨ ﭽ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﭼ البقرة: ١١٥
ونبهت السورة إلى ما يقال عن اتخاذ الله ولداً بالإشارة إلى عظيم سلطانه سبحانه « بل له ما في السموات والأرض، كل له قانتون ... بديع السموات والأرض، وإذا قضى أمراً، فإنما يقول له : كن فيكون » .
ونبهت السورة إلى أماني المشركين: بأن يكلمهم الله ويأتيهم بمعجزة: ﭧ ﭨ ﭽ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﭼ البقرة: ١١٨
والرسول صلى الله عليه و سلم غير مسؤول عن ضلال من ضل فهم أصحاب الجحيم، وما عليه إلا التذكير والتبليغ، وأهل الكتاب المؤمنون حقاً يؤمنون بنبوته صلى الله عليه و سلم ، فالكافرون أولئك هم الخاسرون.
ﭧ ﭨ ﭽ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﭼ البقرة: ١١٩ - ١٢١ سورة البقرة بني إسرائيل بنعمة الله عليهم وبتفضيله لهم... وتنذرهم بيوم لا تجزي نفس عن نفسٍ شيئا، ولا يقبل منها فداء، ولا تنفعها شفاعة، ولا هم ينصرون في ذلك اليوم.
وبعد التذكير والإنذار تذكر السورة إبراهيم عليه السلام أبا الأنبياء والملقب بخليل الرحمن ولقد أنزلت عليه صحف إبراهيم وعرفت ديانته بالحنيفية. وتبين سورة البقرة أن الإسلام ملة إبراهيم، فإبراهيم إمام جعل الله له البيت الحرام مثابة
«مآلاً» للناس وأمناً، وجعل مكان قيام إبراهيم مصلى وعهد إليه وإلى ولده إسماعيل أن يطهرا البيت الحرام للطائفيين والعاكفين والركع والسجود، فجددا بناء البيت الحرام وسألا الله وهما يرفعان القواعد من الكعبة أن يتقبل جهدهما وأن يجعلهما مسلمين له... وأن يجعل من ذريتهم أمة مسلمة.. وأن يعلمهم طرائق العبادة وأن يبعث فيهم رسولاً منهم: يتلوا عليهم آيات الله، ويعلمهم الكتاب والحكمة، ويطهرهم.
وهكذا اصطفى الله إبراهيم عليه السلام و دعا دعاء مستجابا فجعله إماماً للناس، فمن أعرض عن إبراهيم فهو من السفهاء. ولقد وصى إبراهيم بنيه، ووصى حفيده، يعقوب « إسرائيل » مِن بعده بالتمسك بالإسلام...
ﭧ ﭨ ﭽ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﭼ البقرة: ١٣٣ إن الإسلام هو دين جميع الأنبياء والرسل والنبي صلى الله عليه و سلم خاتم الأنبياء وإسماعيل، وإسحاق ويعقوب، والأسباط وموسى وعيسى... يدعون إلى الإسلام لا فرق بين الرسل في ذلك. لما قدم النبي صلى الله عليه و سلم إلى المدينة المنورة اتخذ بيت المقدس قبلة صلاته سبعة عشر شهراً، ثم أمر أن يصلى تجاه الكعبة، فالله سبحانه أوحى إليه أن يولي وجهه إلى القبلة التي يريد .
إن الله تعالى جعل النبي صلى الله عليه و سلم يشهد على أمته المعتدلة وجعلها تشهد على الناس، فجعله سبحانه يتلو آيات الله عليهم ويطهرهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، ويعلمهم ما لم يكونوا يعلمون. وأمر الله المسلمين بذكره وشكره، كما أمر النبي صلى الله عليه و سلم باتخاذ الكعبة قبلة، وأكد الله أن أهل الكتاب لن يتبعوا الكعبة قبلة. ولكل قبلته فليستبقوا الخيرات، فالله يأتي بهم جميعاً أينما كانوا..
أمر الله النبي صلى الله عليه و سلم أن ينفذ تعاليم الإسلام ويبتعد عن أهواء أهل الكتاب. وأهل الكتاب يعلمون أن الإسلام هو دين الله الصحيح ويعرفون النبي صلى الله عليه و سلم كما يعرفون أبناءهم، وأن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون.
تأمر سورة البقرة بالبعد من المعاصي وبأداء الصلاة والجهاد في سبيل الله: ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭼ البقرة: ١٥٤ فالموت حياة لا يدركها أحياء الحياة الدنيا. وتأمر سورة البقرة. بالصبر على المصائب وعلى المخاوف والمجاعات ونقص الأموال والأنفس والثمرات. وتحذر السورة من اتخاذ أندادٍ لله فالقوة لله جميعا فإن ما يعبد من دون الله لا ينفع يوم القيامة، فالله وحده مالك الحياة والموت إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وإن في السموات والأرض آيات تثبت قوته وفضله.
إن تأمل آيات الله في القرآن والكون تغني المؤمنين في إثبات صحة الإسلام. وتذكر السورة: وفي القرآن تبيان لكل ما في الشريعة من ﭧ ﭨ ﭽ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﭼ البقرة: ١٥٨ لحلال والحرام والخير والقصاص والصيام والحج والأموال والتعامل بين الناس والجهاد، والقصص المفيدة كقصة طالوت وكمعجزات الأنبياء كمعجزة إحياء إبراهيم عليه السلام للطائر الميت وقد مزّق كل ممزق، وفي السورة تعريف بالله سبحانه، ودعوة إلى الإسلام وتبيان لأساليب الشيطان الذي يشغل الناس عن الصلاة..
ويعالج القسم الأخير من سورة البقرة هذه الموضوعات جميعاً فقد أمرت
« السورة » بأكل الحلال الطيب وبشكر الله على هذا الحلال، فالله وحده الذي يبيح الطيبات ويحرم الخبائث والخبائث، نوعان:
- خبائث مادية مثل: الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير، وما ذبح للأصنام.
- خبائث معنوية مثل: إتباع خطوات الشيطان فالشيطان عدو للإنسان لأنه لا يريد للإنسان الخير
أما البر فهو العمل الصالح. ومشاعر الإنسان الصالح تتجلى في الإيمان باليوم الآخر وبالملائكة وبالكتاب والنبيين والجود بالمال لذوي القربى، واليتامى، والمساكين وأبناء السبيل « المسافرين » المحتاجين ، والقضاء على الرق والالتزام بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والوفاء بالعهد والصبر في البأساء وحين البأس.
عالجت سورة البقرة أسس العقوبات الشرعية بمعيار أن العقوبة من جنس السلوك الإجرامي إذا كان ذلك ممكناً. فيقتل حر بحر وعبد بعبد وأنثى بأنثى، مع إمكان قود عبد بحر أو حر بعبد أو رجل بامرأة أو امرأة برجل لأن العقاب يردع عن الجريمة وهناك ديات وغرامات، ولما كان تنظيم الحياة هو الغاية، فإن سورة البقرة تناولت ترتيبات العباد لما بعد الموت، فيوصي الإنسان بالوصية إذا حضر الموت، فعلى الولد أن يوصي للوالدين والأقربين بالمعروف من ماله ويدخل في هذا النظام نظام المواريث.
وتعالج السورة تنظيم فريضة الصيام في شهر رمضان، باعتباره فرضاً في الإسلام منذ البدء، فرض في شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن والقرآن كتاب هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. فالصيام إمساك عن الأكل والجماع في النهار ـ إلا في حالات المرض والسفر ـ فإنه يرخص في الفطر على أن يقضي في أيام أخر في غير رمضان مع إمكان الفدية لكبير السن غير القادر على الصيام والمرضى الذين لا يرجى برؤهم. والله يريد للناس اليُسر وليكبروه على ما هداهم لعلهم يشكرون، وإذا دعوه فإنه قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه فليستجيبوا لدعوته إلى تعاليم الإسلام، وليؤمنوا به، لعلهم يفعلون ما يرضى الله بتنفيذهم تعاليم الإسلام، ثم تطرقت سورة البقرة إلى تحريم أكل أموال الناس بالباطل وتحريم الرشوة.
وتطرقت سورة البقرة أيضاً إلى فريضة الحج، وإلى قتال المشركين لدفع العدوان وإفساح المجال لنشر الإسلام. وتطرقت السورة إلى التعبئة الروحية بذكر الله والدعاء والتعبئة المادية بكسب المال وإنفاقه في العمل الصالح.
إن سورة البقرة تُعلم التمييز بين الخبيث والطيب بالتنبيه إلى أن هناك صنف من الناس خبيث يظهر ما لا يبطن فيعجبك قوله ليخدعك عن حقيقة نفسه، وهناك صنف يعمل لله فقط، والشيطان يريد الخبث والفساد، وأصحاب الفساد قد عذبهم الله بالصواعق والفيضانات وقد تأتيهم الملائكة كما حصل لقوم لوط، فالكافرون لا يعجزون الله فلا تغرهم الحياة الدنيا عن الآخرة فلا يسخرون بالمؤمنين فهم الأعلون في الآخرة والله يرزقهم بغير حساب.هذا العلو بلغوه بصبرهم على بالبأساء والضراء والزلزلة،
في البداية كان المؤمنون متجانسون بالإسلام فقادة الرأي المفسﭧ ﭨ ﭽ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﭼ البقرة: ٢١٤ دون صنعوا جبهة مضادة للإسلام، فالحل هو عودتهم إلى هذا التجانس، وهذا التجانس يحتاج إلى الإنفاق في الصالح العام ويحتاج إلى الذود عنها بمنجزات المجتمع المسلم، وإلى تحريم المضار كالخمر والقمار وإعالة الفقراء واليتامى وقيام الأسرة على أساس الزواج الشرعي وفق تعاليم الإسلام، ولا يجوز نكاح المشركة ولا يجوز زواج المسلمة بغير المسلم، كما لا يجوز إتيان المرأة من دبرها. ومن آلى على امرأته عليه أن يصبر أربعة أشهر،فإن رجع أثناءها أو بعدها فإن الله غفور رحيم، فإن عزموا الطلاق وقع الطلاق، والمطلقات عدتهن ثلاث حيضات، والطلاق مرتان فإن طلقها الثالثة فلا تحل له حتى تتزوج رجلاً آخر « بدخول فعلي » ثم تعود له . أما الطلاق واحدة واثنتان ففيهما رجعة، ولا يجوز منع المرأة من الزواج بمن ترضى إذا رضيت هي بذلك.
وتتناول السورة أحكاماً أخرى مثل أحكام:
الرضاعة: ومدة الرضاعة الكاملة سنتان، وعلى الوالد الإنفاق على ولده أثناءها. وعدة المنوفي عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام من تاريخ وفاة الزوج، فلا يجوز لها الزواج إلا بعد نهاية العدة. ويجوز التَّعريض للخطبة بالإشارة والتلميح أثناء مدة العدة.
طلاق مالم تمس: التي لم تمس تعطى هدية تناسب قدرة الرجل. أما طلاق التي لم يدخل بها: فتعطى نصف المهر إذا لم يُدخل بها، وللزوج أن يوصي لزوجته:
« مالا يكفيها لمدة سنة ولا يخرجها من بيتها، وهذا الحكم مسموح به إذا أصبحت العدة أربعة أشهر وعشرة أيام » ، ولذلك يوصي لمطلقته متاعاً بالمعروف. وتشدد السورة على لزوم المحافظة على الصلوات الواجبة حتى في حالات الحرب.
وتذكر السورة بقصة الذين خرجوا عن ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا.. ثم أحياهم.
من الموت فأماتهم الله وأحياهم، ليعتبروا، ثم أمرهم بأن يقاتلوا في سبيل الله.. و تذكر السورة قصة جماعة من بني إسرائيل أخرجوا من ديارهم وأبنائهم من بعد موسى فقالوا لنبي لهم: ﭧ ﭨ ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﭼ البقرة: ٢٤٦ فبعث الله لهم طالوت ملكاً، وطالوت من أولاد بنيامين بن يعقوب وقد اصطفاه الله على تلك الجماعة، وزاده بسطة في العلم والجسم، فجهزهم لقتال جالوت قائد طائفة العمالقة الذين كانوا يسكنون بين مصر وفلسطين وقد غزوا بني إسرائيل.
وفي الطريق لملاقاة جيش جالوت امتُحِنَ بنو إسرائيل بنهر أخبرهم طالوت: أن من يشرب منه أكثر من غرفة بيده، فليس منه، ولم يتبع التعليمات إلا قليل منهم فشرب معظمهم من النهر وجاوز طالوت ومن معه من القلة الباقية، النهر وبرز داود « من جند طالوت » لجالوت ، فقتله، وآتاه الله الحكمة والنبوة والملك بعد هذه المعركة، التي تخلص فيها بنو إسرائيل من الغزاة العمالقة بفضل الفئة الصابرة التي استنصرت بالله فنصرها.
وتخبر السورة بعدها عن درجات الرسل، كما تُنبئ عن اختلاف الناس واقتتالهم من بعد الرسالات فمنهم المؤمن ومنهم الكافر، وتأمر بتأدية الزكاة والتوحيد والتعامل على أساس شرع الله. وتختم السورة بالدعاء بالرحمة والنصر.. ومما ورد في السورة آية الكرسي وهي أعظم آية في القرآن، وفحواها أن الله أحد لا إله إلا هو.. حي يخلق الحياة ولا يموت سبحان قيوم يقوم بتدبير شؤون خلقه مع يقظة مستمرة.. مالك ما في السموات والأرض .. حاكم فيهما.. عالم بأسرارهما وسع كرسيه السموات والأرض يسيرُ عليه حفظهما لا شفاعة عنده وهو العلي العظيم.
وتدعو السورة إلى معرفة الأنبياء والرسل، فالطغاة هم دعاة الابتعاد عن الإسلام فلا إكراه في الدين بل هو اقتناع. وتذكر السورة بنصر إبراهيم عليه السلام على النمرود، فجعلت النار المسلطة عليه برداً وسلاماً، وانتصر إبراهيم في حواره مع النمرود عندما قال الأخير: أنا أحي وأميت فقال إبراهيم عليه السلام:
وأكرم الله خليله بطمأنينة قلبه للإيمان اليقيني الحﭧ ﭨ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﭼ البقرة: ٢٥٨ ق، إذ أراه كيف يحي الموتى، ﭧ ﭨ ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭼ البقرة: ٢٦٠ وما شك إبراهيم عليه السلام، ولكنه أحب أن يوثق إيمانه بشواهد الاستيقان.
وعرضت الصورة في فصل كامل لفضل الإنفاق حيث إن إنفاق المال إرضاءً لله دون منّ ولا أذى، مثل بستان في مكان مرتفع ينزل عليه مطر فيثمر ضعف ما يثمر عادة، لذا يأمر الله المؤمنين أن ينفقوا من أموالهم ويتصدقوا سراً وجهراً، والسر خير للفقراء، وخيرهم من إذا رأيتهم تحسبهم أغنياء من التعفف، والصدقة يضيع أجرها إذا صاحبها شيء من المن والأذى والرياء والكفر بالله واليوم الآخر. مثلها في ذلك كمثل حجر أملس عليه تراب فأمطرت عليه السماء فأزالت عنه التراب، ومثل بستان وافر الثمار وشيخ كبير له ذرية ضعاف عصفت به الريح فاحترق عندما كانوا في أمس الحاجة إليه، ومما يضيع أجر الصدقات اختيار المتصدق أسوأ ما عنده فيتصدق به، فالشيطان هو الذي خوفهم بالفقر والبخل حتى لا يتصدقوا...
تتطرق السورة أيضاً إلى الربا الذي هو زيادة على رأس المال مع زيادة مقابل الصبر على مدة الدفع، وتورد السورة أطول آية في القرآن، وهي آية «الدّين» والتي توصي فيما توصي به بلزوم الكتابة لإثبات الدين وإلا فشهود أو رهن.
كما تضع أسس الشهادة ولزومها ووجوب آرائها وعدم مضاراة الشهود بما يرهقهم عسراً، وتسير السورة في آخرها أن التكاليف حسب الطاقة، وأن الله متحكم في الكون يعلم ما تخفي الأنفس ويحاسب به الله، فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء..
وتختم السورة بإيمان الرسول والمؤمنين بالقرآن وبالله والملائكة والكتب المنزلة والرسل، وعدم التمييز بينهم من حيث كونهم رسل الله، لا من حيث مقاماتهم حيث أن منهم « أهل العزم » وهم أعلى مقاماً. وتنتهي السورة بتجسيد شعار المسلمين وهو
ﭧ ﭨ ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﭼ البقرة: ٢٨٥
سورة آل عمران

موضوع السورة هو : محاورة أربعة أصناف من الناس: اليهود والنصارى، الكفار، على اختلاف مظاهرهم، والمؤمنين. ويجري الحوار على مستويات توقظ الانتباه وتساعد على التمييز بين الخبيث والطيب وبين الباطل والحق..
تفتتح السورة بـ « ا ل م » وتؤكد وحدانية الله « لا إله إلا هو.. » ودوام حياته
« الحي » ودوام قيامه بتدبير الخلق « القيوم » ومن تدبير « الأحد، الحي، القيوم » تنزيل القرآن على النبي صلى الله عليه و سلم فقد أنزله مصدقاً لما أنزل من قبل في التوراة والإنجيل، وغاية هذه الكتب « هدى للناس » وفي القرآن آيات محكمات وأخرى متشابهات. والمحكمات هي الآيات الأساسية ذات المعنى الواضح وعلى العكس منها المتشابهة. وتُخبر السورة عن صفات الله من القدرة والحكمة، وأنه سبحانه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، يصور الناس في الأرحام كيف يشاء، وينتقم ممن يكفرون بآيات نعمته حيث لا تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم، كما لم تُغن عن آل فرعون، والذين من قبلهم، كذبوا بآيات الله فعوقبوا وعُذبوا.
والناس تختلف مواقفهم من القرآن الكريم: فأولو الألباب « الأذكياء الفطناء الذين يتذكرون يطلبون من الله أن يبقيهم على الإيمان، والمنحرفون الذين ينطلقون من التشابه لتشكيك الناس وتفسير الآيات بحسب الهوى،والحوار في سورة آل عمران يتعلق بأحداث العهد النبوي. والعهد الذي يتعلق بالرسل قبل العهد النبوي أما ما يتعلق بالعهد النبوي فقد ﭧ ﭨ ﭽ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭼ آل عمران: ١٢ والله ينصر من يقاتل في سبيله ولو كان الأقل والأضعف، وتذكر السورة بما يزيّن للناس من حب الشهوات من النساء والبنين والأموال، والخيل، والأنعام، وزراعة الأرض، ومتاع الدنيا.. مخبرة إياهم أن الأفضل من ذلك ما أعد للمتقين من جنات ونعيم وأزواج مطهرة ورضوان من الله، والمتقون يتصفون بالصبر والصدق والقنوت والكرم والإنفاق والاستغفار بالأسحار يقولون: ﭧ ﭨ ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭼ آل عمران: ١٦
وتبين السورة أن الدين هو الإسلام، أي الانقياد لله ، والإسلام دين جميع الأنبياء والرسل وما سوى الإسلام فهو من صنع الأهواء، فمن اتبع الإسلام نجا ومن كفر هلك. وتنبئ السورة عن تغير الملك من وقت لآخر، كما يولج الليل في النهار وكإخراج الحي من الميت والعكس.
وتنهى السورة عن موالاة أعداء الإسلام ضد الإسلام، وتؤكد أهمية اتباع تعاليم الإسلام لا معارضتها. وتخبر السورة أن الله أصطفى على سائر خلقه وأنبيائه من البشر: آدم، ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين.. ذرية، بعضها من بعض، والله سميع عليم.
وتحدث السورة عن امرأة عمران أم مريم والتي نذرت ما في بطنها محرراً لله خالصاً له فكفلها زكريا وهو زوج خالتها، فلما رأى زكريا أنه كلما دخل على مريم المحراب وجد عندها رزقاً تمنى أن يرزقه الله ولداً، أخبرت الملائكة مريم أن الله اصطفاها وطهرها، واصطفاها على نساء العالمين وبشرها بابنها عيسى عليه السلام ـ والذي أرسله الله إلى نبي إسرائيل مصدقاً للتوراة ومحللاً بعض ما حُرم عليهم في السابق ـ ولما أحس عيسى الكفر من بني إسرائيل قال: من أنصاري إلى الله؟ قال الحواريون، نحن أنصار الله... آمنا بالله.. واشهد بأنا مسلمون... ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين...) ورفع الله عيسى عليه السلام وطهره وجعل الذين اتبعوه فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة، وأعد للكافرين عذاباً... وللمؤمنين ثواباً. وتبين السورة ميلاد عيسى المعجز، إنَّ مثل عيسى عليه السلام عند الله كمثل آدم، لا أب له ولا أم وعيسى له أم وليس له أب.
وتشير السورة في دلالة قاطعة إلى أن إبراهيم ليس يهودياً ولا نصرانياً بل حنيفاً مسلماً، ﭧ ﭨ ﭽ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ آل عمران: ٦٤ إنَّ الذين يؤمنون هذا الإيمان هم أولى الناس بإبراهيم، والمسلمون أولى الناس بإبراهيم ﭧ ﭨ ﭽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﭼ آل عمران: ٧٠ ، ﭧ ﭨ ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭼ آل عمران: ٧١ وتعرض السورة بعض أساليب الإضلال مثل الدخول في الإسلام أول النهار والكفر في آخره.
وتقول بأن أهل الكتاب منهم الأمناء ومنهم الخونة، وتنصح بالتقوى فالله يحب المتقين الذين يوفون بالعهود. ويوحدون الله ويصدّقون البشرى بالنبي صلى الله عليه و سلم ، وتستطرد السورة في بيان أنَّ معاصري البعثة منهم المؤمن ومنهم الكافر، ومنهم من هو من أهل الكتاب الذين كانوا ينتظرون البعثة، وأن الله لا يهدي قوماً كفروا بعد إيمانهم ﭧ ﭨ ﭽ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﭼ آل عمران: ٨٦ أما الضالون فلن تقبل توبتهم، والضالون هم الذين كفروا بعد إيمانهم، ثم ازدادوا كفراً والذين ماتوا وهم كفار، فلهم ذاب اليم، وأولئك الذين غضب الله عليهم أما من يبلغون كمال الخير فمنهم الذين ينفقون مما يحبون...، ثم تطرقت السورة للحرام والحلال: ﭧ ﭨ ﭽ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭼ آل عمران: ٩٣ وإسرائيل هو نبي الله يعقوب عليه السلام.
وتطرقت السورة إلى مزايا المسجد الحرام ﭧ ﭨ ﭽ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﭼ آل عمران: ٩٦ - ٩٧
تورد السورة عدداً من صيغ النداءات المؤنبة لأهل الكتاب.. ﭧ ﭨ ﭽ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﭼ آل عمران: ٩٨ - ٩٩
وتوجه السورة ثلاثة نداءات إلى الذين آمنوا:
النداء الأول: ﭧ ﭨ ﭽ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭼ آل عمران: ١٠٠ - ١٠١
النداء الثاني: نداء إلى الذين آمنوا: أن يتقوا الله حق تقاته ويثبتوا على الإسلام متحدين لا متفرقين، فالتوحيد معروف يبيض وجوه أصحابه يوم الحساب، وفي الجنة هم خالدون، والتفرق: منكر يُسود وجوه أصحابه يوم القيامة وهم في النار خالدون، ﭧ ﭨ ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭼ آل عمران: ١٠٩ ويذكر النداء الثاني بحقيقة « خير الأمم » وبحقيقة مواقف أهل الكتاب؟ﭧ ﭨ ﭽ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭼ آل عمران: ١١٠ ومقومات حقيقة « خير الأمم » هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأهل الكتاب، ليسوا سواء، فمنهم الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه و سلم ، والذين يتلون آيات الله، آناء الليل ، وهم يسجدون.. يؤمنون بالله، واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويسارعون في الخيرات.. وأولئك من الصالحين وما يفعلوا من خير فلن يُكفروه... والله عليم بالمتقين، غير أن أكثرهم الفاسقون: أي المستكبرين عن أمر الله. وضرر هؤلاء يسير لأنهم باؤوا بغضب من الله، وضربت عليهم الذلة والمسكنة أينما وجدوا، إلا إذا كان لهم ذمة أو عهد من الله، أو من المسلمين، وهذا جزاء كفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق، وعصيانهم وعدوانهم وهؤلاء لا ينصرون، لأن الذين كفروا، لن تغني عنهم أموالهم، ولا أولادهم من الله شيئاً، وأولئك أصحاب النار، هم فيها خالدون، ونفقاتهم في الحياة الدنيا مثل ريح بارد، أصابت زرع قوم، ظلموا أنفسهم، فأهلكته.. ﭧ ﭨ ﭽ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭼ آل عمران: ١١٧
النداء الثالث: يحذر المؤمنين من الانخداع بالآخرين، الذين ينافقونهم، ولا يحبونهم ولو تظاهروا بذلك. وفي آيات النداء اعتبار بالأقوام الكافرين بالإسلام الذين أهلكهم الله بكفرهم وفي ذلك تنبيه للمؤمنين ليتعظوا بما أمر به القرآن. فالقرآن: بيان للناس، وهدى وموعظة للمتقين، وآياته تأمر بالصبر وتخبر أن المؤمنين لا يُذلّون ولا يحزنون، وهم الأعلون ماداموا مؤمنين.. وإن أصابتهم جراح في موقعة أحد... فقد أصاب المشركين جراح في موقعة بدرﭧ ﭨ ﭽ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﭼ آل عمران: ١٤٠ وفي ذلك اختبار وتمحيص للمؤمنين، ويتخذ منهم شهداء، ويعلم الذين جاهدوا، ويعلم الصابرين، والجنة لا يدخلها أحد بلا تعب؛ لقد تمنى المؤمنين الموت قبل المعركة، وها قد رأوه... ورسول الله صلى الله عليه و سلم خلت من قبله الرسل، وإن مات فعليهم أن يثبتوا على الإسلام، والمرتدون لن يضروا الله في شيئاً، والله يجزي الشاكرين خيراً.
لكل نفس أجلها وما تموت إلا بإذن الله، وكم من نبي قاتل معه أتباعه فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله، وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين، وما قولهم إلا أن قالوا: ﭧ ﭨ ﭽ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﭼ آل عمران: ١٤٧ (فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة، والله يحب المحسنين. ويحذر الله في السورة من طاعة الكفار الذين يحولون المؤمنين عن دينهم والله خير الناصرين، وهو الذي يلقي الرعب في قلوب المشركين... وهو الصادق للوعد، ويذكرهم الله بفضله بعد أحد.بعد أن استبدلهم بعد الغم (أَمَنَةً نُّعَاساً).. وحذرهم من تثبيت الهمم، فالشهادة خيرٌ من الحياة الدنيا.. والرسول صلى الله عليه و سلم لولا لينه لما تجمع حوله المؤمنون، فهو يستغفر لهم ويشاورهم في الأمر، وقد كان أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم قبل الإسلام في ضلال مبين فلما بعث فيهم رسولاً من أنفسهم وتلا عليهم القرآن وعلمهم السنة أصبح منهم من اتبع رضوان الله ، ومنهم من لم يفعل، كالمنافقين المسيئين للظن برسول الله الذين يثبطون المؤمنين عن الجهاد إذ كانوا يقولون: ﭧ ﭨ ﭽ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﭼ آل عمران: ١٦٨ وكأنهم يستطيعون رد الموت عن أنفسهم وهم لا يعرفون عظمة الشهادة.
والمؤمنون يخافون الله فيعلمهم الله بالتجارب، وتكذيب الرسول صلى الله عليه و سلم شأن الكفار الذين يسخرون من آيات الله. ولذلك نهى الله رسوله صلى الله عليه و سلم عن الحزن على الكفار، فالكفار لن يضروا الله شيئاً وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، ومن أهل الكتاب أبرار، والمؤمنون يصبرون على الكفار من أهل الكتاب، والمنافِقون يفرحون بالمدح الكاذب. وتختم السورة بـ ﭧ ﭨ ﭽ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﭼ آل عمران: ٢٠٠
سورة النساء
سمتها العامة ندائية إذ بُدئت بنداء، وختمت بنداء وهو نداء للناس كافة: ﭧ ﭨ ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ النساء: ١ ﭧ ﭨ ﭽ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﭼ النساء: ١٧٤ ونداءات السورة مُجزَّأةٌ بين الذين آمنوا وأهل الكتاب.
النداء الأول: موجه للناس كافة بالأمر بالتقوى والتزام أوامر الله ونواهيه، فالله خلق البشرية من آدم وحواء، فلذا وجب البر باليتامى فلا يجوز تأخير زواج اليتيمة طمعاً بما لها فلا تُستغلُّ اليتيمات في الزواج. ومن صلاح الأسرة البشرية ما أنزل الله في السورة من أحكام الميراث، فلا يجوز أن تورث المرأة كرهاً ولا يمنعها من الزواج، ويحرم زواج زوجة الأب، ولتنظيم الأسرة حُددت المحرمات من النساء: الأم، البنت، الأخت، العمة، الخالة ، بنت الأخ، بنت الأخت، الأم من الرضاعة، الأخت من الرضاعة، أم الزوجة، بنت الزوجة، زوجة الابن، أخت الزوجة إذا جُمعتا معاً، إلا ما قد سلف، أي تقدم الدخول في الإسلام، والمرآة المحصنة التي لها زوج، ما لم تكن أسلمت، ووقعت في يد مالكها ولها زوج كافر.
جُمعتا معاً، إلا ما قد سلف، أي تقدم الدخول في الإسلام، والمرأة المحصنة التي لها زوج، ما لم تكن أسلمت، ووقعت في يد مالكها ولها زوج كافر.
وأباحت الزوج من الإماء المؤمنات،لمن لم يستطع الزواج من الحرائر المحصنات على أن يتم ذلك بإذن أهلهن، وعلى أن يعطين أجورهن بالمعروف.
وقد حرمت السورة اتخاذ الأخدان، كما حددت أن الأمة عقابها نصف عقاب الحرة، وتنهي السورة عن أكل الأموال بالباطل، وعن نقل النفس، وعن تمني ما فضل الله به بعضهم على بعض من النساء والرجال، وتأمر بإعطاء نصيب كل وارث من الوالدين، والأقرباء، والحلفاء، ونُسخ حكم الحلفاء لأن أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض، ثم تجدد ولاية الرجال على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم وتحدد السورة واجب الزوجات الصالحات في الاستقامة والطاعة، وواجب الرجال في احترامهن ما دمن كذلك.. فإن اختلف الزوج مع زوجته يبعث إلى حكم من أهله وحكم من أهلها لتسوية الخلاف ثم تحدد السورة أخلاق المؤمنين بالتالي: الإخلاص لله، الإحسان بالوالدين، وبذوي القربى، واليتامى، والمساكين، والجار الجنب، والصحاب بالجنب، وابن السبيل، والأرقاء وتحدد أخلاق غير المؤمنين بالبخل والأمر بالبخل، وكتمان ما آتى الله من فضل، والإنفاق رياء الناس، ومتابعة الشيطان.
وتُبَّينُ السُّورة أن شهادة كل نبي على أمته يوم القيامة،ويشهد النبي الخاتم محمد صلى الله عليه و سلم على صدق الشاهدين ويندم الكافر.. وتنهى السورة عن الصلاة في حالة السكر، وتبيح التيمم عند الضرورة، وتخبر بأن اليهود اشتروا الضلالة بالهدى ويريدون الإغلال ويحّرفون الكلم عن مواضعه فهم لا يؤمنون إلا قليلاً ولعنهم الله بكفرهم، وحبذا لو قالوا: سمعنا وأطعنا.
يأمر الله أهل الكتاب بالإيمان بالإسلام لما في القرآن من تعريف التوراة والإنجيل وينذرهم بعقاب الآخرة ويعظهم بمسخهم كأهل السبت قردة خاسئين . فهم يحسدون النبي صلى الله عليه و سلم على الإسلام، فمن آمن من أهل الكتاب له الجنة ومن لم يؤمن فله النار ويأمرهم الله بأداء الأمانات إلى أهلها والحكم بالعدل.
ويأمر الله المؤمنين بطاعته وطاعة الرسول وأولي الأمر بالمعروف، ويأمرهم بأخذ الحذر من المنافقين والمشركين والكفار ويدعوهم إلى الجهاد في سبيل الله جماعات، أو جميعاً ويصور لهم المتثاقلين عن الخروج للجهاد، وكيف يقفون من الأحداث مواقف الجبناء الانتهازيين الطامعين، فإذا أصيب المجاهدون بأذى فرحوا لأنهم لم يكونوا معهم، وإذا أصابوا غنيمة تمنوا لو كانوا معهم ليأخذوا نصيبهم، وتحرض السورة المؤمنين على القتال في سبيل الله، وتذكرهم بمن استنجد من المستضعفين، وتصور المعركة بين إيمان وكفر وأن كيد الباطل كان ضعيفاً، وتذكر المجاهدين بالشجاعة، وبالشجعان في مكة قبل الهجرة، الذين أرادوا مقاتلة المشركين، ولولا أن ﭧ ﭨ ﭽ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﭼ النساء: ٧٧ على العكس من الجبناء الذين يخشون الناس كخشية الله، وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك. ﭧ ﭨ ﭽ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ النساء: ٨٢ إن الموت يدرك الجميع وإن ما يصيب الناس من حسنة فمن الله وما يصيبهم من سيئة فمما اقترفت أنفسهم، وإن طاعة الرسول كطاعة الله ويجب أن يرد الأمر إلى الكتاب والسنة، وتُسْتَنْبَطُ منهما الأحكام. ويوجه الله المؤمنين إلى حسن القناعة وحسن التحية. وينهاهم عن مودة المنافقين ويأمرهم بقتال المقاتلين، ويوجههم بالحيطة والحذر من قتل المؤمن للمؤمن. ويؤمر بالتبين في الجهاد وبين أن المجاهدين أفضل من القاعدين،وتشير السورة إلى صلاة الجنازة، وتأمر بالعدل في اليتيمات والمستضعفين، وتأمر بالإصلاح بين الزوجين وبالعدل بين النساء وتأمر بشهادة الحق ولو على النفس والأقرباء، وتشدد الأمر على المؤمنين ليحسنوا الإيمان بالله ورسوله والقرآن وما أنزل من قبل وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
وتؤنب السورة من لم يثبت على الإيمان من اليهود والمنافقين وتنهاهم عن مجالسة المستهزئين بآيات الله، وعن نصرة الكافرين ومحبتهم، وتبين أن المنافقين في الدرك الأسفل من النار. وتشير السورة إلى مواقف اليهود مع موسى وعيسى عليهما السلام، وأن رسالة الإسلام واحدة، وتنهى النصارى عن الغلو في الدين، إذ الرب واحد خلق الناس من نفس واحدة وأنزل إليهم الكتاب مع رسوله. وتلخص الآية الأخيرة أحكام توريث الكلالة، وهو حال من مات وليس له ولد أو أب..
سورة المائدة
فاتحة السورة نداء للذين آمنوا يأمرهم الله بأن يكونوا أوفياء بعقودهم ويظهر لهم ما أحل من الطعام والصيد والنساء، ويوجههم إلى أصول الدين: الوضوء، والسلوك الحسن.
والمؤمنون متعاونون على الخير لا على الذنوب والعدوان كأن يستحلوا مناسك الحج التي هي من شعائر الله كالهدي. والمؤمنون لا يعتدون في الشهر الحرام، ولا يقارفون الصيد وهم حرم...
ولقد بين الله محرمات مادية هي: الميتة والدم، ولحم الخنزير، وما ذبح على غير اسم الله، والمنخنقة، والموقوذة « المضروبة حتى الموت »،والمتردية « الميتة بالسقوط » والنطيحة وما أكل السبع إلا ما تم تذكيته بالذبح، أي ما أدركتموه وذبحتموه بقطع حلقومه، وحرّم أيضاً ما ذبح على النصب، أي على أحجار نصبت حول البيت، كما حرّم الاستسقاء بالأزلام، أي طلب معرفة قدر الله بواسطة السهام التي لا ريش لها، وهذه المحرمات من اضطر إليها « لأكلها » مكرهاً ومن غير رغبة في الذنب فإن الله غفور رحيم..
وتوضح السورة لبني إسرائيل ما أحل لهم مما تصطاده الجوارح المدربة، ومن طعام الذين أتوا الكتاب ونسائهم، ثم تأمر بالوضوء وبالتيمم، بتذكر ميثاق الله الذي عقدوه على أنفسهم في آخر سورة البقرة إذ قالوا: ﭧ ﭨ ﭽ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﭼ المائدة: ٧ وتوجههم إلى السلوك العملي: قياماً لله، وعملاً بالعدل مع العدو والصديق، وتذكرهم بنعم الله عليهم، التي منها كف أيدي الأعداء والكافرين عنهم، فهل يتذكرون ويستقيمون؟
وتذكر المؤمنين ببني إسرائيل إذ نقضوا ميثاق الله، فقست قلوبهم وحرفوا الكلام عن مواضعه فلعنهم الله.. ولا تزال منهم فئة خائنة حتى عصر النبي صلى الله عليه و سلم.
وتذكر المؤمنين بالذين قالوا: إنا نصارى وهؤلاء نسوا حظاً مما ذكروا به من ميثاق الله، فاختلفوا فيما بينهم ويظلون كذلك إلى يوم القيامة..وينادي أهل الكتاب، من اليهود والنصارى، ليذكروا ما جاءهم من الله: نوراً وكتاباً مبيناً، وتذكر أهل الكتاب بكفرهم وغلوهم، وتذكَّر بني إسرائيل بعدم دخولهم الأرض المقدسة.. وقد حرمها الله عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض..
وينصح الرسول صلى الله عليه و سلم بالصبر على فئات سارعت بالكفر من المنافقين، وعلى من يسمعون الكذب من اليهود، وعلى من يحاولون تحكيمه في مسألة الزنا من اليهود، وتأمر أن يحكم بينهم، وعجيب أن يحكموه وعندهم التوراة فيها حكم الله إن كانوا مسلمين.
وأوردت السورة نهي رسول الهل صلى الله عليه و سلم عن الحزن من أجل مسارعة المنافقين في الكفر فأولئك لم تؤمن قلوبهم، أو من أجل اليهود الذين يتبعون المكذبين المنحرفين، فأولئك لم يرد الله أن يطهر قلوبهم... يسمعون الكذب ويأكلون الحرام.. ويحتكمون إلى الرسول، ليخفف لهم العقاب.. وعندهم التوراة فيها هدى ونور، ويحكم بها النبيون الذين أسلموا، والربانيون، والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله، وكانوا عليه شهداء.. وفي التوراة نهي عن خشية الناس.. وأمر بخشية الله، لأن من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون. ومن الأحكام التوراتية أن العقوبة من جنس الجريمة. وتخبر السورة عن مجيء عيسى بن مريم مصدقاً لما بين يديه من التوراة، وقد نزل عليه الإنجيل، فيه هدى ونور وتصديق لما تقدمه من التوراة، وموعظة للمتقين. ويؤمر أهل الإنجيل أن يحكموا بما أنزل الله... ومن لم يلب الأمر فهو فاسق.
تحذر السورة من الفتنة عن الإسلام وتحث على الحكم بالشرع وهو ما يُوافقُ الإسلام منذ بدئه. ومن يعص الله يعاقبه الله بذنوبه، وإن بعض الناس فاسقون يحبون الحكم الجاهلي، وينهى الذين آمنوا عن مناصرة اليهود والنصارى ليكونوا مخلصين لدين الله القيم فلا يتنافسون على الأهواء. وتخبر السورة أن الله قادر على أن يبدل بالمرتدين عن الإسلام بأناس مخلصين للإسلام يدافعون عنه ولا يخافون في الله لومة لائم.. والله ينصر المؤمنين المصلين المزكين. وتنهى السورة عن مصادقة الكفار فيما يخالف شرع الله، وهو طابع الأحزاب جميعاً، وتشد عزم المؤمنين، وبعد نداء المؤمنين تكرر السورة نداءها لأهل الكتاب بأن لا ينقموا على النبي صلى الله عليه و سلم على ما جاء به من الإسلام وما يدعو إليه من التوحيد ومعرفة حقيقة المشركين التابعين لأهوائهم. وتذكرهم السورة بما لقيه أمثال هؤلاء من لعنة الله وغضبه إذ مسخهم قردة وخنازير. وتحض السورة الأحبار أن ينهوا المنافقين والمسارعين في الكذب عن العدوان وأكل الحرام فبعضهم يتهم الله بالجهل، وكثيرٌ منهم من يزداد كفراً بالقرآن ويسعون في الأرض فساداً وحسداً من عند أنفسهم.
وتقرر السورة أن أهل الكتاب لو آمنوا برسالة التوحيد لأنعم الله عليهم. وتأمر السورة الرسول صلى الله عليه و سلم بأن يبلغ ما أنزل الله عمن أسرف في دينه من أهل الكتاب وعمن أعتدل، والله يعصم الرسول من أذى الناس فلا يبالي بالمفسدين أو الكافرين فالله لا يحبهم ولا يهديهم.
وتؤكد السورة على أن أهل الكتاب ليسوا على شيء فهم لم يتبعوا الوحي ولذا فهم على ضلال مبين.
وتنهى السورة أهل الكتاب عن الغلو في الدين وعن اتباع أهواء الضالين، وعن مناصرة الكافرين، وتخبر عمَّن لعنوا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم لأنهم عصوا ولم يتناهوا عن المنكر، وناصروا الكفار وصادقوهم، وتوضح أن الملعونين ليسوا على درجة واحدة من عداوة الله والنبي صلى الله عليه و سلم والمؤمنين، وأشدهم عداوة اليهود والمشركون، وأهل الكتاب درجات فالنصارى أقرب مودة للمؤمنين.
تنهى السورة عن تحريم ما أحل من النساء والطعام والطيب، والشهوات.. وبأن الله لا يؤاخذ باللغو في الأيمان، ولكن يؤاخذ على الحلف المقصود وكفارته إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، أو صيام ثلاثة أيام.
وفي السورة تحريم للخمر والقمار وعبادة الأصنام والأزلام فإن ذلك رجس من عمل الشيطان، وفيها أمر بطاعة الله والرسول، وما على الرسول إلا البلاغ..وفي السورة حكم بتحليل صيد البر والبحر، وتحريم صيد البر على المحرم بالحج.. وفي السورة إبطال للتحريم الجاهلي للبحيرة، وهي الناقة المنتجة خمس مرات فتشق أذنها ويخلى سبيلها فلا تركب ولا يحمل عليها، والسائبة وهي الناقة التي يحرم الانتفاع بها، إذا نذر صاحبها المريض على إطلاقها كقوله: إذا شَفَيتُ فناقتي سائبة. والوصيلة: وهي الشاه التي تنتج ذكراً أو أنثى معاً، فالأنثى لصاحبها والذكر للآلهة، قالوا وصلت الأنثى أخاها فلا يذبح الذكر.
وتبطل السورة أيضاً تحريم الحامي وهو الفحل الذي ينتج عشرة، فيحرم ظهره ولا يمنع من ماء ولا مرعى ويقولون قد حمى ظهره. وتؤكد السورة على المسؤولية الشخصية فمن يهتدي لا يضره من ضل، وتؤكد السورة على إشهاد شاهدين من أقاربه، وفي السفر من غير الأقارب.
وتختتم السورة بالإخبار عن يوم الجمع وهو يوم يجمع فيه الله الرسل فيسألهم عمَّا أجاب به أقوامهم. وتذكر السورة نعمة الله على عيسى وأمّه، وتذكر قصته مع الحواريين، وقصة المائدة، وتعقيب الله سبحانه على ذلك بقوله: ﭧ ﭨ ﭽ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝﰞ ﰟ ﰠ ﰡ ﰢ ﰣ ﰤ ﭼ المائدة: ١١٩ - ١٢٠
سورة الأنعام
في استهلال السورة ثناء على الله، الذي خلق السموات والأرض، وجعل الظلمات والنور، وخلق الإنسان من طين، ورزقه وقضى له أجلا، ويعلم سره وجهره، وما يكسبه رغم وحدانية الله، فإن الناس يساوون به سواه، ويشكون بقدرته، ويعرضون عن آياته ويستهزئون بالحق عندما يأتيهم به رسله.
يخبر الله في السورة رسوله عن الذين كذبوا الرسل، وبأن المكذبين لن يصدقوه حتى لو أنزل عليه كتابً على ورق فلمسوه بأيديهم بل يطلبون بإنزال ملك عليه، كأنهم لم يعتبروا بعاقبة الذين كذبوا الرسل أو سخروا منهم، من قبل، الذين كانوا أقوى وأغنى ممن يكذبون بالنبي صلى الله عليه و سلم.
وتقرر السورة أن : لله ما في السموات والأرض وقد كتب على نفسه الرحمة، وهو يجمع الناس يوم القيامة، و السورة بشرى للمؤمنين، وتنذر المشركين المكذبين المسيئين لرسول الله صلى الله عليه و سلم كما أساؤوا للرسل من قبل، والذين سيُعذَّبُهُم الله عذاباً عظيماً بما كذبوا وجادلوا في آيات الله، وسوف يكون لهم الندم والحسرة يوم القيامة، وأن الله قادر على أن يجعل كل الناس مؤمنين فمن يستعمل حواسه في التدبر هم الذين يكون لهم الإيمان، أما الذين لا يستعمِلُون حواسهم للتدبر فهم كالموتى، وما على الرسل إلا التبشير والإنذار، وأن المؤمنين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والرسول صلى الله عليه و سلم ليس عنده خزائن الله ولا يعلم الغيب وليس ملكا إنما هو مبلغ للوحي، وهو بهذا الوحي على بينة من ربه. وقد أمر الله تقريب المؤمنين حتى لو كانوا بسطاء وفقراء فهؤلاء يستحقون السلام عليهم، فإن لهم الرحمة من الله والمغفرة كما يجب الإعراض عن أهواء المشركين والخائضين في آيات الله واللاعبين بالدين الذين سلكوا سبل الشياطين، فالله عنده مفاتيح الغيب يقيم الخلق ويوقظهم ويميتهم ويبعثهم.. له الحكم وهو أسرع الحاسبين.
وفي السورة أن الله يأمر نبيه بإعلان المبادئ الأساسية، وهي:
أن الإسلام هو الهدى، وإقامة الصلاة، والتقوى والإيمان بأن الله يبدئ الخلق ويعيده يوم القيامة، والله له الملك ويعلم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير. وقد جاء إبراهيم بالإسلام من قبل فتأمل في الكواكب والقمر والشمس ونبذ شرك قومه لأنﭧ ﭨ ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭼ الأنعام: ٨٢ وفي السورة أن الله يرفع ما يشاء من عباده درجات لحكمة هو يعلمها، وقد رفع إبراهيم عليه السلام، وأعطاه الحكمة، كما وهب له إسحاق ويعقوب.. ومن ذريته داوود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك يجزي المحسنين.
ومن قبل هدى الله نوح وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس، وقد فضل الله إسماعيل واليسع ويونس ولوطاً على العالمين، هدى الله بعض آبائهم وذريتهم، والله يهدي من يشاء. والمهتدون قدوة لغيرهم في إخلاصهم لله وعدم شركهم والمطيعون رسول الله صلى الله عليه و سلم الذين يعملون الصالحات لوجه الله والذين لا يريدون على عملهم جزاءً ولا شكور.
وتقرر السورة أن القرآن كتاب مبارك مصدقُ للتوراة وينذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون بالقرآن ولا يفترون على الله الكذب ولا يستنكرون ولا يشركون، ونجدهم يتأملون في آيات الله ويتبعون القرآن الكريم.
وتشير السورة إلى آيات الله من الموت والقيامة والنبات والشمس والقمر والنجوم والليل والنهار والبر والبحر وأن الإنسان خلق من نفس واحدة، إن آيات الله تجعل الإنسان يؤمن باللطيف الخبير، وأن رسول الله صلى الله عليه و سلم يلفت الأنظار بما يوحي إليه إلى آيات الله لتأكيد أن ربه هو المتولي خلقه، ولو يشاء الله ما أشرك الخلق لذلك فعليه أن يبلغ ويصبر، ويأمر المؤمنين بالإعراض عن آلهة المشركين حفاظاً على اسم الله من سبه من قبل الكافرين، وحفاظاً عليهم من مجادلات المجادلين، فلكل نبي عدو من شياطين الإنس والجن، لكن النبي صلى الله عليه و سلم يعرف أن كلمات ربه صدق وعدل ولا بمدل لها، وأن سبيله هو الإسلام المستقيم، أما اتباع أكثر من في الأرض فإنه يضل عن سبيل الله لأنهم يتبعون الظن ويكذبون ، والله يعلم من يضل عن سبيله ويعلم المهتدين.
تأمر السورة بالأكل مما ذكر اسم الله عليه وكيف لا تأكلون مما ذكر اسم الله عليه وقد فضَّل ما حرم عليكم إلا في حالة الاضطرار فإنه يحل الأكل، وإن كثيراً من الناس يضلون غيرهم بناء على أهوائهم دون استناد إلى علم، والله سبحانه أعلم بالمعتدين.
وتنهى السورة عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه وذلك فسق، والشيطان يوسوس لأوليائه ليجادلوا المسلمين فإنما يطيعه المشركون. والله أنعم على الناس بالاستفادة من الأنعام إذ هي وسائل مواصلات ويُصنع من جلودها لباسٌ لهم ودروع ويؤكل لحمها. وأنعم الله على عباده إذ جعلهم يستفيدون من النبات كالعنب والنخل والزرع والزيتون والرمان وغير ذلك والله أنعم على الناس بالأولاد.
وتبين السورة أن المشركين قد اتبعوا أهواءهم فحرموا من الإبل والزرع ما أملته عليهم أهواءهم، لكنهم أحلوا قتل بناتهم هرباً من النفقة عليهن.
ولكشف جهلهم فإن الله يصف عملهم باتباع خطوات الشيطان ويسخر من معرفتهم الحلال والحرام، فيسألهم عن ثمانية أزواج من : الغنم، والمعز، والإبل، والبقر، هل الحلال منها الذكور أما الإناث ، أم ما اشتملت عليه أرحامهم؟
والسورة تبين حدود الحرام والحلال في الطعام والسلوك، وأن الإباحة هي الأصل في الأمور إلا في الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير والذبيحة التي لم يذكر عليها غير اسم الله، وأن الضرورات تبيح المحظورات، ولا يعد التناول عند الاضطرار ظلماً أو اعتداء، والله عند ذلك غفور رحيم ولقد حُرم على اليهود كل ذي ظفر: أي مخلب وحافر أو كل ما له إصبع كالإبل والسباع والطيور، وشحوم البقر والغنم إلا شحوم الظهر أو ما علق بالأمعاء أو اختلط بالعظم... وكان ذلك التحريم عقوبة لهم..
وتحرم السورة الظن والهوى والشرك وقتل الأولاد خشية الفقر، كما تحرم اقتراف الفواحش ما ظهر منها وما بطن، « والله يعلم السر »، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، والاقتراب من مال اليتيم إلا لحفظه وتنميته. وقد أوصت السورة باتباع الإسلام والإحسان إلى الوالدين كما أوصت بالعدل وبالوفاء بالعهد فالحلال بين والحرام بين ومن كان علي فقه من دينه كالحي، والذي يسير بلا هداية من دينه فهو كالميت، والله يشرح الصدر بفهم الدين وينير به طريق الحياة، والدين ينظم حياة الإنسان الدنيوية، والإسلام دين قيم ودين إبراهيم عليه السلام وإخوته من الرسل الكرام. ويجب على المسلم، أن يجعل صلاته وعبادته لله وألا يشرك بعبادة ربه أحداً وإذ أنه ليس من المنطق أن يُعبد غير الله فكل نفس مسؤولة عن نفسها ولا يسأل أحد عن عمل غيره، ويوم القيامة يحاسب كل امرئ بما فعل.
وتقرر السورة أن الزعماء المضلين المجرمين كأنما يريدون أن يكونوا كالرسول صلى الله عليه و سلم يشرّعون، وهؤلاء سوف يعاقبهم الله بالذل، وتوضح السورة أن من علامات الإيمان انشراح الصدر، وعلامات الضلال الشعور بالضيق.
ويحاسب الله يوم القيامة الجن والإنس على سوء أعمالهم، ويشهدون بكفرهم على أنفسهم، وأنهم قد غرتهم الحياة الدنيا فيجازون بالنار خالدين فيها إلا ما شاء الله وهو حكيم عليم. والله لا يهلك القرى بظلم وأهلها غافلون، لذلك ينهاهم عن الحرام كتقديم الأنعام قرابين للأصنام، وقتل الأولاد خشية الفقر، والله قادر على أن يبدل قوماً بغيرهم. وتشير السورة إلى أنه ما أرسل الله النبي صلى الله عليه و سلم وأنزل عليه القرآن إلا لدحض حجة المحتجين والمخالفين لتعاليم الإسلام وبأنهم سوف يجزون سوء العذاب، فهم ليسوا بمأمن من الموت فإذا وقع الجزاء فلا ينفعهم شيء.
وجاء في السورة أن ملة إبراهيم عليه السلام هي الإسلام والإسلام هو الهدى، هدي جميع الأنبياء والرسل، كما تقرر السورة عدم مسؤولية النبي صلى الله عليه و سلم عن اختلافات الكفار الفكرية البعيدة عن الإسلام، فالله وحده الذي يجازيهم يوم القيامة.
ولقد استخلف الله الناس في الأرض ورفع بعضهم فوق بعض ليختبرهم في ما آتاهم من أنعام وأرزاق وأولاد وفيما هداهم إلى الإسلام، والذين يوحدون الله لهم الأمن وهم اصحاب الدرجات الرفيعة مثل نوح وإبراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب، وداوود، وسليمان وأيوب، ويوسف، وموسى، وهارون ، وزكريا، ولوط هولاء...
وفي سورة الأنعام دعوة إلى الإسلام، إسلام الأنبياء جميعاً، وما محمد بمسؤول عمن لا يلتزمون بتعاليم الإسلام ولقد بلّغهم التوحيد بكل إخلاص ، ومن أعرض فله سوء العذاب ومن أتبع فله الجنة..
سورة الأعراف
تروي سورة الأعراف قصَّة آدم عليه السلام، وقد وقع في فتنة إبليس«لعنه الله» وطرده من الجنة، وتشير السورة إلى أنَّ الشيطان يلاحق الإنسان ويراه من حيث لا يراه، والشياطين أولياء الكفار ويزينون للإنسان فعل الفاحشة بحجة أنها عرف الآباء وتقاليدهم، والله سبحانه لا يأمر بالفحشاء وإنما يأمر بالعدل والصلاة لله في المساجد والدعاء لله بإخلاص، وإخلاص الدين والاستمتاع بالزينة والأكل والشرب دون إسراف.
والله يحرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والظلم والشرك بالله، والناس بالنسبة للحلال والحرام منذ القدم بين متق ومهتد، وبين ضال يحسب اتَّباع الشيطان هداية، والمهتدي يحمدالله على الهدى ويعرف أن ما جاء به الرسل من الإسلام هو الحق. أما المكذبون بآيات الله المستكبرون ففي جهنم يعترفون فيها أن ما وعد به الله حق، وأنهم كانوا يبغونها عوجاً وأنهم كانوا يكفرون بالآخرة. وتعرض سورة الأعراف مشهد رجال على الأعراف تساوت حسناتهم مع سيئاتهم وقد وقفوا بين الجنة والنار، أهل الجنة في النعيم وأهل النار في العذاب وأهل الأعراف في الوسط يعرفون هؤلاء وهؤلاء فإذا التفتوا إلى الجنة، قالوا لأصحابها: سلام عليكم.. وتمنوا أن يكونوا معهم وإذا التفتوا باتجاه النار قالوا: ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين.. وقالوا لأصحاب النار: ﭧ ﭨ ﭽ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﭼ الأعراف: ٤٨ وسخروا من مزاعمهم في الدنيا وسخروا من أقوال زعمائهم : أصحاب النار يطلبون من أصحاب الجنة: أن يفيضوا عليهم من الماء.. أو مما رزقهم الله فيجيبهم أصحاب الجنة: ﭧ ﭨ ﭽ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﭼ الأعراف: ٥٠ - ٥١ فيرد عليهم ﭧ ﭨ ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﭼ الأعراف: ٥٢ - ٥٣ فيقرون بأن الرسل كانوا على حق، ويتمنون لو يشفع لهم ويردون إلى الحياة الدنيا ليعملوا غير الذي كانوا يعملونه وهذه التمنيات مستحيلة، فقد خسروا أنفسهم وبطل عنهم ما كانوا يفترون، من وجود شركاء لله وما ينسبونه إلى الله بهتانهاً.
وتبين السورة أن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام، ثم استوى على العرش، وكما خلق الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره والرياح بشرى بين يدي رحمته.
وتحث السورة المؤمن أن يدعو الله تضرعاً وخوفاً وطمعاً: ﭧ ﭨ ﭽ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﭼ الأعراف: ٥٦ فالمحسنون ينتبهون لرحمة الله وفضله، مثل إرسال الرياح بشرى بين يدي رحمته تحمل السحاب إلى بلد ميت، فتنزل به ماءً فتخرج بالماء مختلف الثمرات، فالبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه، والبلد غير الخصب لا يخرج إلا نكداً « أي عدم النفع » .
وجاء في السورة أن الله يصرف الآيات، أي يكررها ويغيرها، ﭧ ﭨ ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭼ الأعراف: ٥٨ وتعرض السورة لقصص الأنبياء مع أقوامهم حيث تكبّروا فأبادهم الله.
وتروي السورة قصة موسى مع فرعون وكيف نجَّى الله موسى وبني إسرائيل، ولما جاوزوا البحر ورأوا أقواماً يعكفون على أصنام لهم ،طلبوا من موسى أن يجعل لهم آلهة كما لهم آلهة فرفض طلبهم وذكرهم بفضل الله عليهم، واستخلف أخاه هارون في قومه، وأمره بالإصلاح ثم ذهب لميعاد ربه. فلما تم ميقات ربه أربعين ليلة اصطفاه الله برسالته وكلامه، وكتب له في الألواح من كل شيء موعظة وتفضيلاً لكل شيء وأمره أن يأخذها بقوة، وأن يأمر قومه بأخذ أحسنها وأخبره أنه سيريهم سمات الخارجين عن الدين، وسيصرفُ عن آياته: الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ولا يؤمنون بما يرونه منها ولا يتبعون الحق، بل يتبعون الضلالة، أولئك يكذبون بآيات الله ويغفلون عنها، ويكذبون بلقاء الآخرة، وتبين السورة غضب موسى وأنه ألقى الألواح عندما رجع إلى قومه فوجدهم يعبدون عجلاً صنعوه من حليّهم. ولما ذهب عن موسى الغضب أخذ الألواح واستغفر الله واختار سبعين رجلاً لميقات ربه.
وتقرر السورة أن عذاب الله يصيب به من يشاء من عباده ورحمته وسعت كل شيء، فهي للمتقين الذين يؤتون الزكاة ويؤمنون بآيات الله والذين يتبعون النبي صلى الله عليه و سلم ، وهو مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل أنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، ويضع عنهم التكاليف الشاقة فالذين آمنوا به وساعدوه، ونصروه واتبعوا الوحي ﭧ ﭨ ﭽ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭼ الأعراف: ١٥٧ وتقرر السورة أن الرسول مبعوث للناس جميعاً مما يؤكد أن الإسلام هو آخر الديانات السماوية وأنه عالمي الرسالة. وجاء في السورة أن من قوم موسى أناس مؤمنون ينشرون الإسلام. ولقد قطع الله قوم موسى اثنتي عشرة اسباط أمماً، وأوحى الله إلى موسى لما استسقاه قومه: أن اضرب بعصاك الحجر فانبسقت منه أثنتا عشرة عيناً قد علم كل أناس مشربهم، وظلل الله عليهم الغمام وأنزل عليهم المن والسلوى وقال لهم كلوا من طيبات ما رزقكم الله به، وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
وتشير السورة إلى معجزة رفع الجبل فوق رؤوس بني إسرائيل كأنه سقيفة فهددهم الله بإسقاط الجبل عليهم أن لم يتبعوا التعاليم الموجودة في التوراة. وقد تكرر ذكر موسى في القرآن ستاً وثلاثون ومائة مرة وذكرت له عدة قصص، منها قصة العبد الصالح « الخضر » وقصة السامري وعجله، وقصة دخوله الأرض المقدسة وقصة ولادته، وهي قصص في مجملها توضح عظمة هذا النبي ومجاهداته ومعجزاته.
وتبين السورة أن الله خلق الإنسان وعلمه ما لم يعلم، وأخذ من بني آدم من ظهورهم ذريتهم، وأشهدهم على أنفسهم: ﭧ ﭨ ﭽ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﭼ الأعراف: ١٧٢ وذكرت السورة خبر رجل أوتي آيات الله فكفر بها، لأنه اتبع هواه ولم يكن له طموح إيماني فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث وإن تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله فالقوم المكذبون بآيات الله. هم الضالون الخاسرون، وهم يستحقون جهنم والتي خلقها الله لكثير من الجن والإنس ممن لم يستعملوا عقولهم وحواسهم استعمالاً صحيحاً، وهم في ذلك مثل الأنعام بل هم أضل من الأنعام، والله يعطي الفرصة لهؤلاء حتى يأتي أجلهم أما أن يهتدوا أو يضلوا وتدعوا الآيات الختامية في السورة إلى التفكير في الإسلام وفي آيات الله الكونية، وتشير إلى أن الله خلق الناس من آدم وجعل له زوجة ليسكن إليها. وتذكر السورة إن منهج الله لرسوله هو أخذ العفو والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإعراض عن الجاهلين، وتذكر المؤمنين لكي لا يضلوا وتدعوهم إلى تدبر القرآن، على ذكر الله تضرعاً وخفية في الغدو والآصال إذ أن عبادة الله لا يتكبر عليها إنما هي خيرعظيم.
سورة الأنفال
سميت الأنفال لأنها تتحدث عن الغنائم وتخبر السورة عمن يسألون عن الأنفال وكيفية توزيعها، كما تخبر عن صفات المؤمنين الذين يطيعون الله ورسوله وتخشع قلوبهم لذكر الله، يصلون وينفقون ويتوكلون على الله وهؤلاء لهم درجات عند الله ومغفرة ورزق كريم.
وتحذر السورة من يدير ظهره عن المعركة بالمصير الجهنمي، وتأمر بالوعي والتفضل، كما تأمر باتباع الإسلام لأنه نظام حياة قويم، وأن على الأمة أن تحذر من الفتنة التي تصيب الذين ظلموا وتضر بالأبرياء. وُتحمّل السورة الأمة مسؤولية رسالة الإسلام وتحذر المؤمنين من الخيانة، كما تقرر مبدأ النقد الذاتي والتفكير في المآل الأخروي.
وتشير السورة إلى أن التقوى تجعل الإنسان يفرق بين الحق والباطل وتكفر السيئات، والتقوى والإيمان نظرية وممارسة هي الإسلام كإدراك وسلوك جزاؤه الجنة.
لقد اجتهد الكفار في حرب الإسلام في شخص النبي صلى الله عليه و سلم وإنكار دعوته، فقالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء، أو ائتنا بعذاب أليم، وقد كانوا يصدون عن المسجد الحرام، وما هم بأصحاب ولاية عليه، فقد كانت صلاتهم عند البيت صفيراً وتصفيقاً وكانوا ينفقون أموالهم، ليصدوا عن سبيل الله وستكون عليهم حسرة.
إن سنة الأولين هي إهلاك الكفرة المستكبرين، وقد شُرع القتال لحماية الإسلام الوليد ولقد انتصر المؤمنون وغنموا الأنفال ووزعها الرسول صلى الله عليه و سلم عليهم بالتساوي أما الخمس فلله وللرسول.
تأمر السورة بالثبات والصبر والوحدة والانقياد وبالجهاد في سبيله. وتنهى السورة المؤمنين أن يكونوا كالكفار الذين خرجوا من ديارهم بطراً متظاهرين ليمدحوا بالشجاعة والنجدة، وقد خرجوا ليصدوا عن سبيل الله اتباعاً لخطوات الشيطان.
وتنهى السورة عن سخرية المنافقين من قلة عدد المؤمنين وذلك لأنهم يجهلون أن التوكل على الله عزة وحكمة، وتصف كيف يخرج الملائكة أنفس الكافرين بالتعذيب جزاءً بما كسبوا، فطريقتهم كطريقة آل فرعون في التكذيب، وقد أهلك آل فرعون وكذلك يهلكون، وليس هذا الإهلاك ظلماً، فالله لا يغير نعمة أنعمها الله على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. والله سميع وعليم.
وتخبر السورة عن شر الدواب عند الله وهم الكفرة وناقضو العهد الذين هم شر الدواب، يحاربون ويشرد من وراءهم من الكفرة في الحرب، وتشير السورة إلى أن الأمر بالحرب يشمل الكفرة، وناقضي العهد، ومن تخشى خيانتهم ترمى إليهم عهودهم، والكافرون لا يعجزون الله .. ومع ذلك فالإعداد ضروري لإرهاب أعداء الله الظاهرين والمستترين.
وتبين السورة أن الحرب ليست غاية، فإن جنحوا للسلم فاجنح لها، والله ينصر المؤمنين الموحدين، وفي حالة الحرب يحرض على القتال، والمقاتل المؤمن الصابر يعدل عشرة من الكفار، وقد وحضت السورة على
فداء الأسرى وإحسان معاملتهم.. وتقرر السورة أن المؤمنين أولياء، والأعداء أولياء ففي حالة الحرب إذا لم يقاتل المؤمنون كان الأمر عليهم وبالاً، إن المؤمنين الذين هاجروا أو جاهدوا وأوفوا ونصروا لهم مغفرة ورزق كريم، والأقرباء أولى ببعضهم البعض من الأجانب في الميراث، ونسخ من المؤاخاة بند التوريث وبقيت المؤاخاة نظاماً يسود أمة الإسلام في بناء المجتمع المسلم.
سورة التوبة
تسمى أيضاً « سورة براءة » باسم الكلمة الأولى منها كما تسمى « التوبة » ، التي وردت في الآية الرابعة بعد المئة ﭧ ﭨ ﭽ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﭼ التوبة: ١٠٤ والتوبة تعني الندم على فعل المعصية والرجوع عنها، أما البراءة: فتعني المفارقة والتحلل من العهد، أو بمعنى الإجازة، وقد استعمل فعلها ومشتقاتها في القرآن الكريم إحدى وثلاثين مرة، فإبراء المريض شفاء، وبرأ الخلق أي أوجدهم من العدم، وبرأه رفع التهمة عنه، والبرِيء نقيض المذنب، والبارئ تعني الخالق.
والبراءة في السورة بمعنى الإجازة، فالله ورسوله حدد أربعة أشهر للمشركين، وبعدها أذن بحرب من ينقض عهده منهم ليكون الدين كله لله، ولا يقرب البيت بعد ذلك مشرك، ولا يطوف به عريان، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن، ويتم كل ذي عهد عهده. ولقد نودي بذلك في الحج الأكبر وبُلغوا بهذه البراءة، وبإعلان القتال على المشركين إلا من له عهد مع المؤمنين لم ينقضه، فله أن يتم عهده، وإذا نقضه فحكمه حكم المشركين الذين لا عهد لهم
إن الله ورسوله يحضان على قتال المشركين بعد انقضاء الأشهر الحرم، وهي: رجب، وذو العقدة وذو الحجة ومحرم.
تبدأ السورة بالحضّ على قتال المشركين ما لم يتوبوا لأن رعاية البيت والمساجد للمؤمنين، الذين هاجروا وجاهدوا ولهم الخلود. وتنهى السورة عن مصادقة وموالاة الآباء والإخوان الذين استحبوا الكفر على الإيمان، فالله ورسوله والجهاد في سبيل الله أحب إلى المؤمنين من الأهل والمال والتجارة والمساكن، وهذا الحب هو المعيار لتميز المخلصين، فهذه الأموال لا تغني شيئاً والنصر من الله.. ويذكر الله المسلمين بتجربة « يوم حنين » حين أعجبتهم كثرتهم، فلم تغن عنهم شيئاً، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فكان أن هربوا وولوا الأدبار، ولكن الله أنزل سكينة على رسوله وعلى المؤمنين، وأنزل جنوداً لم يرها الناس، وعذب الذين كفروا... والله يقبل التوبة ممن يشاء. وتقرر السورة منع المشركين من المسجد الحرام، فهم نجس لا يجوز اقترابهم منه، بعد حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة ويحرض الله المؤمنين على الذين لا يؤمنون بالله ولا اليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولايدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون، وتقرر أيضاً بأنه وحتى يتغلب الإسلام فإنه لا بد من الجهاد في سبيل الله وردع الكافرين المحاربين.. وبعد انقضاء الأشهر الحرم يُقاتل المشركون ويحذرون من أكل الرَّبا لأنه زيادة في الكفر، ومعناه إذا أهل شهر حرام، وكانوا في حرب يستمرون فيها، ويحرمون مكان هذا الشهر شهراً آخر. والتعبئة بقتال المشركين بعد الأشهر الحُرم، توضح شأن المستغلين الذين يشبهون المشركين، فيصدون عن سبيل الله ويأكلون أموال الناس بالباطل ويكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله، هؤلاء هم كثير من الأحبار والرهبان، ولهؤلاء بشارة غير سارة إذ أنهم سيكوون بما يكنزون من ذهبهم وفضتهم بعد إحمائها في نار جهنم).

ومقتضى دلالة الآيات في السورة هي أن الحرب أساس لبقاء الإسلام إذا حورب، أما الذين يتقاعسون عن القتال لنصرة الدين فهم المنافقون، والآيات تشجب التكاسل عن ذلك كما فعل الأعراب المعتذرون عن القتال، وتبين السورة أن المجتمع المسلم مكون من: مؤمنين ومنافقين وتائبين ومؤخرين ومضللين.
ومن المنافقين أناس: حول المدينة منهم الأعراب من مرد على النفاق ماعدا التائبين الذين اعترفوا بذنوبهم ـ والمؤخرون هم المتخلَّفون عن السير للقتال.
أما المضللون: فهم بنو عتم بن عوف الذين أرادوا تضليل الناس والتفريق
وبينت السورة أن الله أشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل الله ولهم الفوز العظيم في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله، هؤلاء الفائزون هم: التائبون ، العابدون ، الحامدون، السائحون ، الراكعون، الساجدون، الآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر، والحافظون لحدود الله.
وتختتم السورة بالأمر بالتقوى والصدق، وعدم ترك المدينة جميعاً لأي سبب من الأسباب، وتأمر المؤمنين بقتال من يلونهم من الكفار واليهود والروم، وتحذرهم من المنافقين المستهزئين بالقرآن وسوره وتذكرهم بفضل الله، إذ بعث منهم رسولاً.
سورة يونس
موضوعات سورة يونس:
تقرر السورة في مجملها مجموعة من القواعد الأساسية وهي:
1- القرآن كتاب فيه الحكمة ويحتوي على الرسالة ويبشر وينذر، والكافرون يستغربون أن يكون النبي محمد صلى الله عليه و سلم هو الرسول المبعوث، وليس أحد رجالهم منْ السراة الأغنياء، ويعتبرون القرآن سحراً.
2- الدعوة إلى توحيد الله المدبر والمبدي والمعيد والمجازي بالجنة.
3- الإنذار بالنار للمخالفين لتعاليم الإسلام الذين لا يعتبرون بآيات الله كالشمس والقمر، واختلاف الليل والنهار، ولا يؤمنون بلقاء الله، بل يطمئنون للدنيا، مع أنهم أُخبِرُوا بهلاك من قبلهم لمخالفتهم للرسل. وهؤلاء يطالبون بقرآن جديد كي يؤمنوا ، ويعبدون ما لا ينفعهم ، ويطلبون آية من الغيب، ولا يفكرون بتسييرهم في البر والبحر، ويختلفون والناس في الأصل أمة واحدة، والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى الإسلام، وأن نعم الرحمن لا تعد ولا تحصى، وللإنسان عبر في جسمه وفي الكون، والذين يطبقون تعاليم الإسلام لهم الجنة ومُتَّبعو الظن لهم عاقبة السوء.
4- تؤكد السورة على صحة القرآن ونفع تعاليمه للإنسان، وتذم المكذبين، وتذكر بقوم نوح وهلاك فرعون وقومه.
5- المكذبون لا يؤمنون حتى يروا العذاب ما عدا قوم يونس، الذين آمنوا، وأن النبي صلى الله عليه و سلم يتبع الوحي ويصبر لحكم ربه، ويبلغ ما أوحي إليه دون أن يكره أحداً وما هو على عبادة الله بوكيل، حيث أن الله وحده هو الهادي.

سورة هود
جوهر السورة هو أن القرآن كتاب الله الحكيم، نظمت آياته بإحكام وفصلت فيه العقائد والأخبار والأحكام والمواعظ، وغاية الأحكام والتفصيل هي التبشير والإنذار. خلق الله السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليختبر أي الخلق أحسن عملاً.
توضح السورة أن أحسن الأعمال هو الإخلاص في عبادة الله، والاستغفار والتوبة، والاسترزاق، ورجاء الرجوع إلى الله والصبر وعمل الصالحات والخشوع والاطمئنان والرضى .
المحسنون هم أصحاب الجنة خالدين فيها، مثلهم كالبصير والسميع، وهم يتمتعون في الدنيا إلى أجل مسمى.
وليس أسوأ من عدم الأخذ بتعاليم الإسلام والكفر بنعمة الله، واتهام الرسول صلى الله عليه و سلم بالسحر وبأنه هو الذي ألف القرآن، والتكذيب بالبعث، ومن يفعل ذلك فأولئك هم أصحاب النار خالدين فيها مثلهم كالأعمى والأصم، وهؤلاء عملهم باطل. وتعرض السورة أنباء القرى وتكبرهم وعدم طاعة التعاليم التي جاء بها الرسل. وتقص أبناء القرى في القرآن الكريم، لتكون عبرة لمن خاف عذاب الآخرة.
وفي يوم القيامة يُجزى المؤمنون بإيمانهم بالإسلام بالجنة، ويعاقب المسيئون بالنار. وتأمر السورة باتَّباع أنظمة الإسلام، وتقرر أن الناس مختلفون ولو يشاء الله لجعلهم متشابهون، ولكن ليختبرهم أيهم أحسن عملاً. ويقص القرآن القصص لتكون عبرة للناس.
سورة يوسف
سميت السورة باسم يوسف عليه السلام، ، ولذا كان شديد العطف عليهما، فأثار ذلك غيرة إخوته لأبيه، فأخذوه معهم ذات مرة ورموه في جب بعيد، فأخرجته قافلة ذاهبة إلى مصر وباعته لعزيز مصر فنشأ في بيتٍ عزيز مصر
و قصت السورة كيد إخوة يوسف و امرأة العزيز ثم ظهرت براءته للملك الذي عينه مسؤولاً عن مالية مصر. وقد أجبرت المجاعة الأقطار المجاورة لمصر على الاستيراد من مصر، وقد جاء إخوة يوسف لشراء الغلال، فعرفهم يوسف، وطلب منهم إحضار أخيهم وعفا عن إساءتهم له، ثم جاء يعقوب عليه السلام وأهله وسكنوا مصر وعاشوا فيها، وعملوا في خدمة الفرعون وقومه، ولم يخرجوا منها إلا في عهد موسى عليه السلام، وتشير السورة في مقدمتها إلى أن القرآن كتاب مبين، بلسان عربي، يخبر الله فيه محمد صلى الله عليه و سلم أحسن الأخبار، تنبيهاً له ولعل قومه يعقلون.
تبدأ القصة برؤيا يرويها يوسف لأبيه، فيحذره الأب من كيد إخوته لأن الشيطان عدو للإنسان يفسد بين الأخ وأخيه، ويبشر الأب الابن باصطفاء الله له وتعليمه من تأويل الأحاديث وإتمام نعمته عليه وعلى آل يعقوب كما أتمها على إبراهيم. ويتضح كيد إخوة يوسف ليوسف ويبُعث رسولاً وتتحقق بذلك الرؤيا.
الحدث الأول:
إخبار يوسف لأبيه رؤيا وبشارة الأب للابن على نتائج هذه الرؤيا وتمام النعمة على الابن وعلى آل يعقوب كلهم، وتسلسل أحداث السورة في قصة يوسف في فصول متعددة بدايتها بقول الله تعالى: ﭧ ﭨ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﭼ يوسف: ٤
الحدث الثاني:
ائتمارُ إخوة يوسف لإزاحة يوسف من وجه أبيه ونجاح المؤامرة بأخذهم له معهم بحجة النزهة،ورميه في قعر بئر، ثم الادَّعاء لأبيهم أن ذئباً قد أكله في غفلة منهم، وعدم تصديق أبيهم زعمهم فيستعين بالله ويصبر صبراً جميلاً.
الحدث الثالث:
ينتشل مسافرون يوسف من البئر ويبيعونه في مصر وينشأ مكرماً في بيت من اشتراه وفي هذه الأثناء، يعده الله ويعلمه من تأويل الأحاديث ويؤتيه الحكمة والعمل ويمكن له في الأرض جزاء إحسانه. وإحسان يوسف عليه السلام تبدى في نجاحه الباهر في الاختبار، بعد أن راودته التي هو في بيتها عن نفسه، فأبى واستعصم ، فكان أن هددته أمام نساء ماكرات بالسجن إن لم يقبل فاستحب السجن على ما تدعوه إليه النساء ، فسجن وفي السجن دعا إلى دين الإسلام، فما الحكم إلا لله، وقد أمر ألا يعبد إلا إياه وفسر أحلام رجلين دخلا السجن معه بأن أحدهما سيٌقتل ويصلب، أما الآخر فيطلق سراحه ويعود لخدمة سيده، ورأى الملك رؤيا عجز الناس عن تفسيرها، دل الناجي من الرجلين على يوسف ففسر لهم الرؤيا. أما رؤيا الملك فهي : ﭧ ﭨ ﭽ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﭼ يوسف: ٤٣ وقد فسر يوسف عليه السلام البقرات بالسنين، فسبع سنوات يظهر فيها الخير تليها سبع سنوات يعم فيها الضَّيق فيعيش الناس على المدخر، ثم يأتي عام فيه يغاث الناس أي يأتيهم فيه الغيث.
وبعدما فسر يوسف عليه السلام رؤيا الملك برئت ذمته من الخيانة، واعترفت امرأة العزيز أنها راودته عن نفسها وأنه عليه السلام صادق. بعدها استخلصه الملك لنفسه. وجعله حارساً على خزائن القطر يفعل ما يشاء، وتلك رحمة من الله جازى بها يوسف، وللمؤمنين في الآخرة أجرٌ عظيم.
الحدث الرابع:
جاء إخوة يوسف عليه السلام إلى مصر للتمون فعرفهم يوسف عليه السلام ولم يعرفوه. فلما رآهم طلب منهم جلب أخيهم بنيامين معهم فأتوه به فأبقاه عنده بخطة مدبرة، بأن اتهمه بالسرقة ثم بعدها بحين يعرفهم بأنه يوسف، ويُحضر والديه ويرفعهما على العرش، فيسجدان له مع إخوته، فيذكر أباه بالرؤيا قائلاً: ﭧ ﭨ ﭽ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﭼ يوسف: ١٠٠ ويشكر الله على ما علمه من الحكمة وعلى ما أحسن إليه واعترف إخوته بالذنب.
خاطب يوسف عليه السلام أباهُ:
وقال في مناجاة ربه: ﭧ ﭨ ﭽ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﭼ يوسف: ١٠١
وفي خاتمة السورة توجه قصة يوسف عليه السلام إلى الهدف الذي ذكر في المقدمة ، وهو: « تبينان الحقائق للناس لعلهم يعقلون » .
إن قصة يوسف عليه السلام من أنباء الغيب تُوحى للرسول صلى الله عليه و سلم ، وما كان صلى الله عليه و سلم مع إخوة يوسف حين تآمروا على أخيهم ليبعدوه عن أبيه، والله جل شأنه يُذكَّر الرسول صلى الله عليه و سلم ، ويذكر المؤمنين ولا يريد منهم على ذلك جزاء. ويذكر الله نبيه صلى الله عليه و سلم بالرسل من قبله، مع بيان أن أكثر الناس لا يؤمنون ولو حرص على هدايتهم فهم يعرضون عن آيات الله الكونية التي تشهد بعظمته.
وتبين السورة أن أكثر الناس لا يؤمنون بالله إلا وهم مشركون، كأن يتخذوا علماءهم أرباباً، أو كأن يتخذوا إيمانهم لتحقيق أهوائهم كما يظنون وكأن هؤلاء المشركين أمنوا النوائب أو قيام الساعة.
أما الرسل مثل النبي صلى الله عليه و سلم فهم رجال أوحى الله إليهم من أهل القرى كهود وصالح، ولوط وشعيب، ونصرهم بعد ما يئسوا من النصر، وعاقب أقوامهم المعاندين، وقصصهم مواعظ لأصحاب العقول فهل يعقِلقون؟ إن القرآن الذي أنزله الله تعالى يصدق الكتب السابقة، وفي القرآن تفاصيل الإسلام وهو هدى ورحمة لقوم يؤمنون... وما على الرسول صلى الله عليه و سلم: ﭧ ﭨ ﭽ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﭼ يوسف: ١٠٨

سورة الرعد
سميت بسورة الرعد لقوله تعالى: ﭧ ﭨ ﭽ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﭼ الرعد: ١٣
فاتحة السور حرفية « ا ل م » تؤكد أن القرآن حق، ولو جهل ذلك أكثر الناس، وآيات الكون حق فهي آيات لقوم يعقلون.
تشير السورة إلى أن أصحاب النار ينكرون البعث ويستعجلون بالسيئة قبل الحسنة كأنهم ما سمعوا بعاقبة الكافرين من قبل، والكافرون يطلبون من الرسول صلى الله عليه و سلم معجزة، وما الرسول إلا منذر يلفت أنظارهم إلى آيات الله في القرآن والكون. ومن الآيات الكونية علم الله الشامل لما في الأرحام، ولما في الضمائر من أسرار، والله جعل للإنسان حفظة من الملائكة.
وأن الله لا يغير نعمة على عبده حتى يقابلها بالإساءة،والله إذا أراد بأحد سوءاً فلا مرد لإرادته ولا راد لمشيئته، فهو الذي يسيّر البرق يريه للناس، فهم يطمعون في المطر ويخافون من صواعق الرعد، والرعد نفسه يسبح بحمد الله، والملائكة تسبح من خيفة الله، وما في الكون يسبح لله طوعاً أو كرهاً، والإسلام دعوة الحق، وما دونه هو الباطل فعجيب أمر من يدعو غير الله فيما لا يستطيعه غيره، ولله وحده دعوة الحق. والصلاة لله ما بين صلاة الصبح إلى الفجر وما بعد العصر إلى المغرب، فالله رب السموات والأرض وخالق كل شيء، وهو الواحد القهار، ويستجيب له المبصرون العاقلون. ولهؤلاء المستجيبون مميزات تُميَّزهم فهم يتذكرون آيات الله.. ويوفون بعهد الله، ويصلون ما أمر الله أن يصول، ويخشون ربهم، ويخافون سوء الحساب، ويبتغون وجه ربهم، ويقيمون الصلاة، وينفقون مما رزقوا سراً وعلانية، ويدفعون السيئة بالحسنة، وتَطْمئِنُّ قلوبهم بذكر الله.
هؤلاء لهم الجنة يدخلونها ومن صلح من آبائهم، وأزواجهم وذرياتهم، وتدخل الملائكة عليهم من كل باب: سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار.
أما الذين لا يتبعون الإسلام فليس لهم من دون الله أولياء، ولا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً وقد جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه، فتشابه الخلق عليهم؟ فلم يميزوا بين الحق والباطل.
ﭧ ﭨ ﭽ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﭼ الرعد: ١٦ أم هل يستوي الزبد الذي يذهب جفاء مع ما يمكث في الأرض لينفع الناس؟
هؤلاء لا يجيبون لدعوة الداعي إلى الله، وينقضون العهد ويقطعون ما أمر الله أن يوصل ويفسدون في الأرض، ويجادلون النبي صلى الله عليه و سلم لينزل الله عليه آية وفق أهوائهم، فعليهم اللعنة ولهم سوء الدار ومأواهم جهنم، يودون أن ينقذوا من عذابها فلا يستطيعون.
وتوضح السورة أن الرسل من قبل كان لهم أزواج وذرية ﭧ ﭨ ﭽ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﭼ الرعد: ٣٨ والله يمحو ويكتب في اللوح المحفوظ ما يشاء، ولذلك أرسل الله صلى الله عليه و سلم ليتلو على الناس القرآن الذي فيه تنظيم كامل لحياة الإنسان ، والله قادر على أن يسير الجبال أو يحيى الموتى فلو شاء لهدى الناس أجمعين.
ولكن حكمته اقتضت أن يكون للجميع موعدٌ لا يُخلف فليطمئن المؤمِنُون، وما على النبي صلى الله عليه و سلم إلا أن يصبر على المستهزئين وعلى المشركين كحال الرسل من قبل، فعاقبهم الله وهكذا سوف يعاقبهم الله في الدنيا والآخرة وعذاب الآخرة أشد، وما لهم من الله من واق. وأهل الكتاب يفرحون بما أنزل الله ومنهم كافرون، وقل يا محمد إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به، أدعوا إليه ، وإليه المآب. وقد أنزل الله القرآن عربي اللغة ولو أتبع الرسول صلى الله عليه و سلم الأهواء في الدين فمن ينقذه من الله.. وما مهمة الرسل إلا البلاغ، والله يشهد على صدقه صلى الله عليه و سلم وهو مبشر به في الكتب السابقة، وتوضح السورة أن تكذيب الرسل ومكر الكفار بهم ليس بجديد والله يدبر الأمر، وينقص أرض الكفر من أطرافها ويزيد أرض الإيمان وأنه سبحانه يحيى أمة ويميت أخرى، وعنده كتاب المصير في اللوح المحفوظ والله جعل الرسل وأقوامهم متتابعين، يتبعُ بعضهُُم بعضا.
سورة إبراهيم
بداية السورة الأحرف « ا ل ر » ثم بيان أن الغاية من إنزال القرآن هو إخراج الناس من الظلمات إلى النور بإذن الله إلى صراط العزيز الحميد، وهو سبيل الإسلام. وإرسال الرسل بلغة أقوامهم ليكون الخطاب الإسلامي واضحاً وبعد ذلك يهدي من يشاء. ويضل من يشاء والكافرون يفضلون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن الإسلام فهؤلاء لهم عذاب شديد.
ثم تأتي قصة موسى مع قومه، فقد أُرسلِ ليخرج قومه من الظلمات إلى النور، ويذكرهم بأيام الله. وقد ذكرهم بنعم الله عليهم وعلى الناس كافة، وذكرهم بأنباء قوم نوح وعاد وثمود، والذين من بعدهم وقد ندموا جميعاً لأنهم لم يؤمنوا. وينذر موسى قومهﭧ ﭨ ﭽ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﭼ إبراهيم: ٨
وتذكر السورة بمجادلات الكافرين مع رسلهم ثم تذكر تنصل الشيطان عن عمَّن اتَّبعوه ثم نذكر بعذاب الظالمين وثواب المؤمنين، وتذكر أن الكلمة الطيبة
« وهي الخطاب الإسلامي » ﭧ ﭨ ﭽ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭼ إبراهيم: ٢٤ - ٢٥أما الكلمة الخبيثة فهي الخطاب المضاد للإسلام، مثله كشجرة اجتثت من فوق الأرض ما له من قرار، فأصحاب الخطاب الإسلامي لهم حسن الثواب أصحاب الخطاب المضاد للإسلام مثواهم جهنم.
ثم تورد السورة فصلاً من قصة إبراهيم، إذ يدعو ربه ليجنبه وذريته عبادة الأصنام، ويجعل البلد الذي أنزل فيه ابنه إسماعيل « مكة » آمناً، ويستميل قلوب الناس إليه، ثم يشكر الله ويستغفرهُ.
وتؤكد السورة أن الله لا يخلف وعده لرسله فهو عزيز ذو انتقام، ويوم الحساب يُعرف الظالمون. والواجب تذكير الناس بالإله الواحد.
سورة الحجر
يتهم الكافرون النبي صلى الله عليه و سلم بالجنون كما فعلوا من قبل مع الرسل ويطلبون منه أن يأتي بالملائكة إن كان صادقاً، ولا يؤمنون. ولو فتح لهم باب من السماء وصعدوا إليه: ﭧ ﭨ ﭽ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﭼ الحجر: ١٥ والنبي صلى الله عليه و سلم يدعوهم بالقرآن لعلهم يدخلون في الإسلام، فإن لم يدخلوا في الإسلام فإن حياتهم تصبح للمتعة وللأكل حتى يأتي أجلهم.
وتقرر السورة أن الله قد تولى القرآن الكريم بالحفظ كما يحفظ السماء المزينة بالنجوم من كل شيطان رجيم، وهو الذي مد الأرض، وجعل فيها معايش للناس. وعنده خزائن كل شيء، وهو الذي أرسل الرياح اللواقح وأنزل الماء.. وهو الرزاق يحي ويميت وهو الوارث الحكيم العليم.
ومما جاء في السورة خلق الإنسان والجان، وأخبر الله الملائكة بخلق آدم وأمرهم بالسجود له، فأبى إبليس وتكبر، وفي السورة أن الجنة جزاء المطيعين. وذكرت السورة زيارة الملائكة لإبراهيم تبشره وزوجه العاقر بإسحاق، ثم بعثهم لإنقاذ لوط وإهلاك قومه سوى آله الصالحين من أهله وفي قصة أصحاب الأيكة، أي قوم لوط، عبر للذين يشكرون ومثل أصحاب الأيكة أصحاب الحجر، أي قوم صالح، وهم قبيلة ثمود التي أهلكها الله، لأنها عرضت عن الإسلام.
وجاء في السورة أن الله خلق السموات والأرض وما بينهما بالحق، وأن الساعة آتية، فيها الحساب على الأعمال، وأن على النبي صلى الله عليه و سلم أن يصفح الصفح الجميل، وأن يستأنس بالقرآن العظيم، وأن يخفض جناحه للمؤمنين، وألا يحزن على المعترضين وأن يغض عنهم ما منعوا به ويعرض عنهم، وأن ينذر ويعبد الله ويصبر حتى تتبين الحقائق ويأتي اليقين.
سورة النحل
تقرر السورة أن الله خلق الإنسان من نطفة ، أي من ماء قليل، ثم أنعم الله عليه بنعم لا تحصى، منها: الأنعام ، والجمال، والخيل، والبغال، والحمير والقوى المسخرة للإنسان.
وجاء في السورة أن من نعم الله المسخرة: الماء المتعدد الفوائد، فمنه شراب، وبه ينبت كل شجر، وزرع وزيتون، ونخيل، وأعناب، وكل الثمرات.
ومن نعمة الله تغير الليل والنهار، والشمس والقمر والنجوم، والبحر والأرض، وما في البحر من لحم طري، وحلي، وسبل للسفن، وما في الأرض من نباتات مختلفة، ومن أنهار وينابيع، ومن جبال وسبل، وما وضع للناس من علامات ونجوم، ليهتدوا في البر والبحر، ومن نعمه هداية الناس إلى الإسلام، وبيان الطرق فمنها ماهو منحرف عن الاستقامة أو مائل عن الحق، فيجب أن يميز الناس بين ذلك.
وتشير السورة إلى أن الله جعل ما أنعم به على الإنسان: آيات تدعوه إلى التفكير، والتدبر، والتذكر والشكر والهداية لتساعد الإنسان على فهم تلك الآيات الطبيعية المحسوسة، وأنه جل وعلا أنزل الملائكة بالروح، أي بالوحي الذي يحيى المجتمعات كما تحي الروح الجسد، وهذا الوحي واضح أنزله الله على من يشاء من عباده المصطفون ليدلوا الناس إلى الإسلام.
والإسلام الإيمان بأن الله أحد، لا إله إلا هو، خلق السموات والأرض بالحق، فعجِيبٌ أمر الإنسان الذي خلقه الله من نطفة ثم يصبح خصيماً له، والله سبحانه يعلم الجهر والعلن.
والمشركون يدعون ما لا يخلق ويقولون عن القرآن إنَّه أساطير الأولين، ويريدون أن تكون الرسل ملائكة فأولئك مصيرهم جهنم.
وتؤكد السورة أن للمحسنين في هذه الدنيا حسنة، ولهم في دار الآخرة: جنات عدن تجري من تحتها الأنهار، لهم فيها ما يشاءون، ولنعم دار المتقين، والله رؤوف رحيم يرسل رجالاً يوحي إليهم ليذكروا الناس بقدرة الله الواحد، الذي يقول للشيء: كن فيكون، ولينذروهم بعذابه ويبشروهم بثوابه.. فهل يتفكرون؟
والرسول صلى الله عليه و سلم يبلغ ما أرسل به ، مبشراً ومنذراً وما عليه إلا البلاغ المبين.. يظهر لهم آيات الله بأوضح صور الإبانة ، ويصبر ويتوكل على الله، هو ومن يتبعه ينتظرون وعدالله. كل شيء يسجد لله ولا يشرك به أحد. وفي السورة أن الله يلوم الإنسان على كفره بنعمه سبحانه، ويقول كفار قريش: إن الملائكة بنات الله، وهم يئدون البنات، وأن الله لو أخذ الناس بظلمهم ما ترك على ظهرها من دابة، ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى، فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.
وقد أنزل الله القرآن لِيُبيَّنَ للناس ما هم فيه مختلفون، وهدى ورحمة لقوم يؤمنون. ومثل القرآن في تأثيره على النفوس الطيبة كمثل ماء أنزله الله من السماء فأحيا به الأرض بعد موتها.
وتذكر السورة بآيات الله في الكون، كإحياء الأرض بالماء بعد موتها واللبن وعسل النحل والنخيل والأعناب، والبنين والأحفاد من الأزواج.. وآيات النماء في العمر.. وآية الموت لقوم ينتبهون.
وفي السورة أن الناس يكفرون بنعم الله ويؤمنون بالباطل، ويعبدون من دون الله ما لا يملك رزقاً ولا يستطيع شيئاً.. إنه لعجب أن يضرب لله الأمثال وهم لا يعلمون.
وتوضح السورة أنه لا يستوي عبد عاجز مملوك مع من أفيضت عليه بركات الله، وهو يحسن التصرف بما رزقه الله فينفق منها سراً وعلانية. وأنه لا يستوي الأخرق وفصيح بليغ عاقل يستخدم مواهبه في الأمر بالعدل والتزام الإسلام، وأن الرسول صلى الله عليه و سلم يذكرهم بآيات الله في أنفسهم وفي الطبيعة لعلهم يسلمون، وأنَّهم يعرفون نعم الله وينكرونها، ألم يخرجهم من بطون أمهاتهم، ألم يجعل لهم الحواس وسائل للتعليم، إنهم ينكرون ما أنعم الله عليهم من بيوت ولباس ونجوم في السماء ما يمسكهن إلا الله. إن هذه الآيات تؤكد الإيمان وتزيده عند المؤمنين الشاكرين.
والرسول صلى الله عليه و سلم ما عليه إلا البلاغ المبين، إنَّه يبلغ الوحي الذي ينظم الحياة وهذا التنظيم رحمة. والله يبشرهم في وحيه بالجنة ويهديهم إلى الحقيقة.
وتستطرد السورة في الحديث عن الذين لا يتبعون تعاليم الإسلام ويشركون ويفسدون والله يحاسبهم يوم الحساب والرسول شهيد عليهم يوم القيامة، وسيخاصمهم شركاؤهم قائلين: إنَّهُم عبدوا أهواءهم ولم يعبدوا الأصنام، والله يعذبهم يوم القيامة على صدودهم عن الإسلام وعلى إفسادهم. وتأمر السورة بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى والوفاء بالعهد والاستعاذة من الشيطان عند قراءة القرآن وأكل الحلال الطيب من رزق الله، وشكر الله على نعمه، واتباع ملة إبراهيم، والدعوة إلى الإسلام بالحجة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، والصبر، وأن عقاب المسيئين يكون بمثل أعمالهم، وتنهى السورة عن الفحشاء والمنكر والبغي ونقض العهد، وتوضح أن القرآن نزل لينظم حياة البشر وفق تعاليم الإسلام.
سورة الإسراء
ﭧ ﭨ ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭼ الإسراء: ١
تشير الآية إلى أن الله الكامل المتنزه عما لا يليق به، أسرى بعبده محمد صلى الله عليه و سلم ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله في الزرع والثمار وفي كل شيء.
وفي السورة إشارة لتكريم الله للنبي صلى الله عليه و سلم بالإسراء وتكريم موسى بالتوراة، ومعهم سلالة الذين أنجاهم الله وحملهم مع نوح في السفينة على ألا يشركوا في عبادة الله ويكونوا كما كان نوح عبداً شكوراً.
أخبر سُبحانه بني إسرائيل في التوراة أنَّهم سوف يفسدون في الأرض مرتين، ففي الإفساد الأول يسلط الله عليهم من يغلبهم ويقتلهم ويشتتون في الأرض، وفي المرة الثانية يفسدون، فيسلط الله عليهم من يغلبونهم ويذلونهم، ويدخلون بيت المقدس ويخربونه كما خربوه أول مرة، وليدمروا ما تحت أيديهم تدميراً كاملاً.
وتذكر السورة بأن لكل عمل جزاء وأن الإنسان يدعو بالشر دعاءه بالخير، وهو عجُولٌ بطبعه، وتقرر السورة أن المسؤولية فردية ولا يقع العذاب إلا بعد البلاغ والإنسان في اختبار، ولكي يستحق البعض الجنة والبعض النار فالإنسان يختبر بالإحسان في الوالدين، واجتناب قتل الأبناء خشية الإملاق وإعطاء القريب والمسكين والمسافر المنقطع، وتجنب الزنى وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وعدم أكل مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ رشده، وعدم إنقاص الكيل والميزان، وعلى الإنسان ألا يدعي ما ليس له به علم، وألا يختال متكبراً، ولا يشرك مع الله أحداً في ربوبيته وألوهيته.
وتشير السورة إلى من زعم بأن الملائكة إناثاً، ومن قال إنَّ الله معه آلهة أو أن النبي صلى الله عليه و سلم ساحر، وأن الله لا يحيى العظام، وتقرر السورة أن مهمة الرسول صلى الله عليه و سلم هي البلاغ، وتحثُّ السورة على عداوة الشيطان، وأن الله أعلم بمن في السموات والأرض، يرحم من يشاء ويعذب من يشاء، وقد فضل بعض النبيين على بعض، وآتى داوود كتاباً، وهو محيط بالعباد. وتذكر السورة الشجرة الملعونة في جهنم التي تذيب الحجارة.. فيجب الحذر للنجاح في الاختبار.
وتنبئ السورة أن بعض الطغاة يزداد طغياناً، وضرب الله الأمثال في القرآن، وأنه لا سلطان لإبليس على عباد الله، كما أنبأت عن إنكار ثمود ومعجزة الناقة.
ولقد كرم الله الناس وحملهم في البر والبحر ورزقهم من الطيَّباتِ، وفضَّلهم على كثير من مخلوقاته، فعلى الإنسان ألَّا يجحدَ نعم الله عليه.
وتخبرنا السورة عن محاولة الكفار فتنة النبي صلى الله عليه و سلم ليقول على الله كذبا، وقد حاولوا إخراجه من مكة. وبما أنهم عموا عن الحقيقة فإنهم يعمون يوم القيامة. وفي السورة يأمر الله النبي صلى الله عليه و سلم أن يطبق تعاليم الإسلام من صلاة وتلاوة، وتهجد، ودعاء وإيمان يقيني بانتصار الإسلام على الكفر، والله كافأ نبيه صلى الله عليه و سلم بأن يكون شفيعاً لأمته، وجعل القرآن شفاء لأمراض المجتمع ودعوة للرحمة بين أفراده، والتعاليم المخالفة للإسلام نتائِجُها ضارَّةٌ، وتقرر السورة أن القرآن معجز لا ستطيع أحد أن يأتي بمثله. وقد ضرب الله الأمثال في القرآن لكل ما فيه خير للإنسان، ولكنَّ الكفار يصرون على المعجزات الحسية، كتفجير ينبوع أو جنة ذات أنهار، أو إنزال صاعقة أو تنزِيل الملائكة عياناً،أو الارتقاء إلى السماء للإتيان بكتاب يقرؤونه،ويستغربون أن يكون الرسول المرسل إليهم من بني البشر.
وهذا شأن الكفار فقد كابر فرعون وقومه فأهلكهم الله، وجهنم عقاب المتكبرين على القرآن، والعلماء يعرفون أن هذا الدين حقيقة كاملة مطلقة فيخشون الله، ولله الأسماء الحسنى أمرنا أن ندعوه بها، والله له الحمد فهو الأحد العزيز الكبير، وبذلك آمن جميع الأنبياء.
سورة الكهف
أصحاب الكهف هم جماعة من رعايا أحد ملوك الروم بعد زمن عيسى تفتتح السورة بحمد الله الذي نزل القرآن على النبي صلى الله عليه و سلم يبشر المؤمنين بالأجر الحسن الخالد، ولينذر الذين قالوا اتخذ الله ولداً.. والله جعل ما على الأرض زينة، يختبر الناس أيهم أحسن عملاً.
ثم تذكر السورة بقصة أصحاب الكهف والرقيم. والرقيم اسم الجبل الذي فيه الكهف، وسمي بالرقيم لذكر أسماء أهل الكهف عليه. وأصحاب الرقيم آية من آيات الله . وتشير السورة إلى أن الله يعلم غيب السموات والأرض، وأنه لا شريك له في حكمه وأنه ولا ملجأ إلا إليه، ولا مبدل لكلماته، وتحث النبي صلى الله عليه و سلم على الصبر مع ضعاف المؤمنين. وتقرر السورة حرية العقيدة، ومن شاء فليؤمن ومن يشاء فليكفر، ومن كفر فله النار، ومن آمن فله الجنة.
وتذكر السورة صاحب الجنتين الذي تفاخر بهما، وشك في قيام الساعة فأهلكت الصواعق جنته. وتخبر السورة أن مثل الحياة الدنيا كالنبات الذي ما يلبث أن يجف وتذروه الرياح.
ويوم تسير الجبال يعرف المجرمون أن كتاب أعمالهم لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ويعرفون أن زينة الحياة من مال وبنين لا تغني عنهم شيئاً، وأن الباقيات الصالحات خير ثواباً وخيراً أملا لو كانوا يعقلون. وتبين الآيات أن إبليس عصى ربه بعدم سجوده لآدم وهو عدو لنبي آدم، لذلك يجب عدم طاعته، وأن الكافرين سوف يعرفون أن الله لا شريك له ، ويوم القيامة سوف يرون العذاب.. وتطالب السورة بالاعتبار بهلاك أهل القرى مثل عادٍ وثمود بسبب ظلم أهلها.
لقد ضرب الله الأمثال للناس، لعلهم يؤمنون ويهتدون ويستغفرون قبل أن يأتيهم العذاب كما حصل للأولين، ومع ذلك فهم يجادلون بالباطل ضد الحق، ويسخرون من آيات الله دون نظر فيها أو تدبر لمعانيها العميقة.. والله غفور رحيم، لا يؤاخذهم بما كسبوا، بل يمهلهم إلى أجل، ولن يجدوا لهم ملجأ من دونه فهل يتفكرون؟
ذكرت السورة أيضاً قصة موسى والخضر، وتعرض القصة ثلاثة مشاهد:
1- خرق سفينة المساكين ليعيبها حتى لا تعجب الملك فيأخذها.
2- قتل الغلام الكافر الذي كان لأبوين صالحين.
3- إصلاح جدار آيل للسقوط في القرية « التي أبت أن تضيفهما »، حتى لا يُسرق الكنز الذي تحت الجدار وتضيع أموال أبناء الرجل الصالح. وذكرت السورة قصة ذي القرنين وهو ملك صالح أعطاه الله ملكاً كبيراً وعلماً وحكمة وهيبة.
وقد ذهب هذا الملك غرباً إلى منطقة فيها عين، وهذه العين في منطقة يوجد فيها طين أسود مبلول وعند هذه العين يسكن قوم ظالِمون، ثم تقدم شرقاً فوجد قوماً لا يسكنون في أبنية، ثم تقدم فوجد قوماً لا تفهم لغتهم، شكوا إليه إفساد يأجوج ومأجوج في الأرض، فبنى لهم سداً بين الجبلين لا تستطيع يأجوج ومأجوج اختراقه أو إتلافه.
وإذا جاء وعد الله أصبح يأجوج ومأجوج يموجون بعضهم في بعض ثم يجمعون بنفخة الصور.. وتعرض جهنم للكافرين، ويعرفون عندئذ أهمية ذكر الله، ومغبة اتخاذ أولياء من دون الله. إن الآخرين هم الذين لا يرجون لقاء الله ومثواهم جهنم، ولا وزن لهم يوم القيامة . أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات الفردوس نزلاً، خالدين فيها لا يبغون عنها حولاً. وتشير السورة في ختامها إلى أن النبي صلى الله عليه و سلم بشر بالقرآن، ويحض على أن يلقى المؤمن ربه وهو مخلص له.
سورة مريم
عرضت قصة زكريا ويحيى في أول سورة مريم. وتظهر السورة أن الله أرسل النبي صلى الله عليه و سلم واستجاب لدعاء زكريا عليه السلام، وحقق له معجزة الإنجاب إذ كان عليه السلام مسناً وامرأته عاقر.
وتشير السورة إلى أن كل الذين ذكروا في سورة مريم ممن أنعم الله عليهم، قد استجابوا لآيات الرحمن. فبعد أن ذكرت سورة مريم الذين أنعم الله عليهم أشارت إلى أنَّهُ جاء بعدهم خلفُ ﭧ ﭨ ﭽ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﭼ مريم: ٥٩ والضالون سوف يعذبهم الله إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً وهؤلاء لهم الجنة. والجنة فيها سلام وإشباع لكل الحاجات، والكلام في الجنة ليس فيه لغو، والمتقون يلتزمون بتعاليم الإسلام، أما الكفار فينذرهم القرآن بعذاب الآخرة، وللمسلمين المودة والجنة.
وتورد السورة ذكر من أنعم الله عليهم كزكريا ويحيى ومريم وعيسى وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى وهارون وإسماعيل ممن كانت غايتهم إرضاء الله بتطبيق الإسلام. والأنبياء والرسل مأمورون بعبادة الله ويصبرون على عبادة الله، فيقومون بنشر رسالة الإسلام وتطبيقها على أرض الواقع.
سورة طه
الله يسر القرآن بأن أنزله باللغة العربية ولقد أنزل الله القرآن لتذكير من يخشى الله، وما أنزل الله القرآن للإشقاء بل أنزل لإسعاد البشر.
وذكرت السورة قصة بداية بعثة موسى وقصتها على النبي صلى الله عليه و سلم مع أنباء من سبق، وتشير السورة إلى أنَّ أصل المشكلة اتَّباع إبليس في استكباره بما يخالف تعاليم الإسلام، وأن الإسلام يحتاج صبراً وعظة وتسبيحاً وتبليغاً.
سورة الأنبياء
في سورة الأنبياء تصوير لمواقف الناس من الإسلام ومن الرسل والأنبياء كموسى وهارون وإبراهيم ولوط ونوح وداوود وذي النون، وتأكيد على أن آخر أمم الإسلام هي أمة محمد صلى الله عليه و سلم.
وتشير السورة إلى غفلة الناس عن الإسلام رغم وجود يوم آخر يحاسب فيه الناس. ومن الغفلة أن يقال عن النبي صلى الله عليه و سلم إنه ساحر وشاعر ومجنون وكذاب، وأن كل شيء يسبح لله، والمشركون اعتبروا الملائكة بنات الله وأن ما أنزل على الرسل مثل موسى وهارون ذكر للمتقين. وأن الله قد أمر إبراهيم ولوط وإسحاق ويعقوب أن يفعلوا الخير ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ويعبدوا الله، وبأنه سبحانه قد استجاب لنوح، ووهب داوود وسليمان الملك، وكشف ما بأيوب من ضر، وأدخل في رحمته أيوب، وإسماعيل، وإدريس، وذا الكفل، وذا النون، وأخبرت الآيات عن مسارعة زكريا إلى الخير وكذلك يحيى، وعفت مريم فجٌعلت وابنها آية للعالمين، وأن هؤلاء المختارين وأبناءهم يشكلون أمة الإسلام على مدار التاريخ ، وهي أمة غايتها عبادة الله وتبليغ الإسلام.
سورة الحج
و سميت سورة الحج لورود كلمة الحج في قوله تعالى:
ﭧ ﭨ ﭽ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﭼ الحج: ٢٧تأمر السورة بتقوى الله وتشير إلى زلزلة الساعة والعذاب الشديد، وتخبر عمن يجادلون في الله بغير علم، ويتَّبعُونَ الشيطان فيوردهم النار.
وفي السورة أن الناس أنواع:
منهم من يجادل في الله بغير علم ليبعد الناس عن الإسلام، وهذا النوع من الناس له خزي في الدنيا وله عذاب الحريق في الآخرة . ومنهم متردد في الإيمان بالإسلام، وهذا النوع خاسر لأنه يدعو غير الله، ومنهم من يعتقد بعدم نصرة الإسلام. وتخبر السورة إن الله يفعل ما يريد فيدخل الجنة من يشاء، ويوم القيامة يفصل الله بين أصناف البشر، وأن القرآن كتاب هداية كما أن ما و في الكون
يسجد لله.
وكثير من عباد الله يعذبهم الله، فمن يهن الله فماله من مكرم.. إن الله يفعل ما يشاء، فالله يعذب الكفار ويكرم المؤمنين الذين عملوا الصالحات.
وتشير السورة إلى أن الكعبة أول بيت وضع للناس في مكة، وأمر الله إبراهيم أن يوحد الله ولا يشرك به شيئاً وأن يطهر البيت للطائفيين والقائمين والركع والسجود، وأن يؤذن في الناس بالحج كي يأتي الناس إلى الحج ركباناً وعلى أرجلهم.
والذين يعترضون الحجاج لهم عذاب أليم، والحجاج لهم منافع دنيوية ودينية، فالدينية هي ذكر الله في أيام معدودات والتضحية. وأمر الله رسوله صلى الله عليه و سلم أن يقاتل المشركين ليطهر البيت الحرام من شركهم، والله يدافع عن الذين آمنوا والذين يؤدون الفرائض ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر يعرفون أن لله عاقبة الأمور. والرسل كذبهم أقوامهم ونصرهم الله عليهم وما الرسول صلى الله عليه و سلم إلا بشير ونذير.
أما المشركون فيشركون ويعبدون ما لا يخلق ذباباً ولو اجتمعوا له ، ولله الأمر جميعاً، ويجاهد المؤمنون لإعلاء الإسلام ملة إبراهيم وبذلك يكونون شهداء على الناس.

سورة المؤمنون
تصف السورة المؤمنين بالخشوع في الصلاة والإعراض عن اللغو وإيتاء الزكاة والإعراض عن الزنا ورعاية الأمانة والعهود، والمداومة على الصلاة، وجزاء هؤلاء المؤمنين جنة الفردوس خالدين فيها. وتشير السورة إلى خلق الإنسان الأول
« آدم » من طين وسلالته من نطفة ثم من علقة فمضغة فعظاماً. ثم تُكسى العظام لحماً ثم تكون خلقاً آخر، ثم يعيش الإنسان ثم يموت ثم يبعث، وكل ذلك آيات دالةٌ على قدرة الله. ومن الآيات السموات السبع والأرض والماء والنبات، وفي الأنعام عبرة يسقي الله مما في بطونها لبناً سائغاً.. ومن الآيات قصص الأنبياء ومن أقوامهم المؤمنون وغير المؤمنين.
سورة النور
تعلن السورة في بدايتها عن نزول بعض الفروض ، وتشير إلى الاتعاظ بالذين خلوا، وأن من الأمم من لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وعن الصلاة والزكاة وعن خشية الحساب.
وتشير السورة إلى أن هناك كفاراً غافلين أعمالهم كسراب بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماء أو كظلمات في بحر لجي، أي عميق، ظلمات بعضها فوق بعض. وهؤلاء الكفار لم يقتبسوا من نور الإسلام فتاهوا وغرقوا في ظلام الكفر. وكل ما في الكون علم الله تسبيحه وصلاته. وهناك من يدعي الإسلام قولاً ولكنهم يعرضون عنه في أعمالهم، وهؤلاء مرضى النفوس. أما الفائزون فهم الذين يتمثلون الإسلام وأولئك يجسدون حضارة الإسلام فتصبح مجتمعاتهم آمنة فهم لا يشركون، ويؤدون الفرائض. والفوز العظيم هو تطبيق الإسلام على أرض الواقع، ويطبق الإسلام انطلاقاً من البيت فأهل البيت يستأذنون قبل الدخول إلى الغرف في ثلاثة أوقات: ، من قبل صلاة الفجر، وفي القيلولة من الظهيرة، وبعد صلاة العشاء، وكذلك يستأذن الأطفال البالغون. وتبين السورة حكم النساء الكبيرات فتبيح لهن أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة. وتشير السورة إلى آداب الطعام، إذ يجوز للإنسان أن يأكل وحده أو مع غيره، وله أن يأكل في بيوت أقربائه أو في بيته، ولا بأس على ذوي العاهات أن يأكلوا مع الأصحاء. وتقرر السورة فضيلة التحية والسلامﭧ ﭨ ﭽ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﭼ النور: ٦١
وتشير السورة إلى لزوم الأدب مع رسول الله صلى الله عليه و سلم واستئذانه صلى الله عليه و سلم قبل الانصراف من مجلسه،إذا كانوا معه على أمر جامع، وأن ينادوه بما يليق به.
سورة الفرقان
تبدأ السورة بتمجيد الله فهو كثير الخيرات وتخبر أن الله نزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه و سلم ليكون معياراً بين الحق والباطل، والله خالق كل شيء هو غني عن كل شيء، وتبين أن غاية القرآن هي إنذار العالمين، وأن الله له ملك السموات والأرض لا شريك له وليس له ولد خلق كل شيء وفق إرادته المطلقة.
والمتكبرون اتخذوا من دون الله آلهة، وادعوا كذباً أن القرآن أساطير الأولين، أو إملاء آخرين.. وقالوا ما لهذا الرسول يمشي في الأسواق ويأكل الطعام، وليس لديه كنز ولا يرافقه ملك، وكذبوا بالساعة...!! والقرآن تنزيل من يعلم السر الغفور الرحيم ، والله قادر أن يجعل للنبي صلى الله عليه و سلم قصوراً وجنات، وعندما تقوم الساعة تستقبل جهنم هؤلاء الجاحدين بغيط، ويحشرون مع ما يعبدون من الأصنام... وتفرح الجنة بالمتقين..
ولا ينفع الظالمين ظلمهم لاستكبارهم ومطالبتهم بإنزال الملائكة والتهكم بالرسول الآكل الماشي بالأسواق وتقرر الآيات حال الرسل، فهم يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، وأن لكل نبي عدواً من المجرمين، وأن من الكفار من يستهزئ بالنبي ومنهم من يقول: ﭧ ﭨ ﭽ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﭼ الفرقان: ٤١ ﭧ ﭨ ﭽ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﭼ الفرقان: ٣٢
وتخبر السورة عن قول الرسول: يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا، فطمأنه الله بأن مهمة القرآن تثبيت فؤاده صلى الله عليه و سلم وسَيُجازى المعاندون كما جوزي المكذبون بـ : موسى ، ونوح، وهود، وصالح ولوط ، فالمشركون كالأنعام لا يعتبرون بخراب سدوم، ولا يتفكرون في آيات الظل والنوم والليل والنهار والشمس والريح والمطر والماء ـ مالحاً وعذباً ـ وهم ينسون خلق السموات والأرض في ستة أيام ، فهؤلاء لا يعتبرون ولا يسجدون للرحمن، وعلى النبي أن يجاهدهم بالقرآن جهاداً كبيرا.
وتمجد السورةُ اللهَ الَّذي خلق الخير، ومن خيراته بروج السماء والشمس وتعاقب الليل والنهار، ليذكره ويشكره من أراد من عباده. ولعباد الرحمن أخلاق تشير إليها السورة ، فعباد الرحمن يمشون على الأرض هوناً ويقولون للجاهلين سلاماً، ويعبدون الله ويدعونه ليصرف عنهم عذاب جهنم، ينفقون باعتدال، وهم مخلصون في التوحيد، ولا يقبلون إلا الإسلام ولا يزنون ولا يشهدون الزور ولا يلغون، ويتذكرون إذا ذكروا ويدعون الله أن يجعل من أزواجهم وذريتهم قرة عين لهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق