السبت، 7 يناير 2012

التاريخ
مسيرة الحضارة
وسائل التاريخ
أولاً: الرواية
1- الرواية الشفوية : وهي مادة التاريخ الأولية والدائمة.
2- الرواية المكتوبة: وهي مادة التاريخ منذ وجودة الكتابة وهي تسجيل الرواية الشفوية كتابة.
ثانياً: الآثار
وتعد الآثار وسائل التاريخ قبل عصر الكتابة وتعد الكتابة الأثرية وهي وثائق التاريخ القديم وتستفيد التاريخ الآن من كشوف الأناسة وعلم النفس وعلم الاجتماع واللغويات والاقتصاد والإحصاء والفلكلور والطب وغيرها من العلوم وعلم الآثار.
فن ما قبل التاريخ
الإنسان لديه حس جمالي بالفطرة عبر عنه عبر بأشكال مختلفة، وقبل حوالي 30000 سنة.
ولقد كانت أقدم أشكال الفن التي عثر عليها في الكهوف في جنوب غرب فرنسا وشمال شرق أسبانيا ولقد اكتشف فن العصر الحجري عام (875) (35000-10000 سنة).
فن العصر الحجري القديم جدراني ويتكون من رسوم ونقوش ومنحوتات على سقوف الكهوف وجدرانها وأرضيتها. ومتحرك ويتكون من أشياء صغيرة منقولة، وفن الكهوف لا يحمل تاريخاً معيناً ويوجد في موضعه الطبيعي والفن المتحرك كثيراً ما يوجد في طبقات أثرية واضحة التواريخ ودون أدلة تلقى ضوءاً على أوجه استعماله ، ويتكون الفن المتحرك من رسوم مفردة ومنعزلة ، ويتكون فن الكهوف من عدة رسوم متلاصقة وأحياناً ذات صلة بعضها ببعض، ويقتصر فن الكهوف على منطقة صغيرة في فرنسا وأسبانيا ووادي الدوردوني وجبال البيرينية العليا ، والجبال الكنتايرية، وأساليب الفن الجدراني تعود إلى أقدم عصور الإنسان وهذا الفن يكشف الدافع الفطري إلى الفن مدة أجل الفن وهو نوع من تسجيل الإنسان عن ذاته.
بداية الزراعة
في بداية العصر الحجري الجديد دجن الإنسان كل النباتات والحيوانات الصالحة للغذاء فانتقل الإنسان من قطف الغذاء إلى إنتاج الغذاء.
المزارعون والرعاة الأول
في أوائل الألف الثامن قبل عيسى بن مريم عليه السلام ظهرت زراعة الحبوب وتدجين الحيوانات في منطقة الشرق الأوسط بين خطي العرض(30) و(40) درجة شمالاً على مساحة تمتد على طول ألف ميل من بلاد الأناضول إلى إيران، وكانت تعيش في هذه المنطقة أنواع مختلفة من النباتات والحيوانات البرية القابلة للتدجين، فقد شاهد الإنسان القديم الحنطة والشعير تنمو على المرتفعات والماعز والغنم ترعى على المنحدرات، وكانت هناك تنوع في المناطق العامرة بالماء والموارد الطبيعية كان كافياً لجعل القناصين وصائدي السمك وقاطفي الثمار يعيشون عيشة مستقرة حتى بعد انتهاء العصر الجليدي الأخير حوالي عام 8000 قبل الميلاد.
في البدء كان نمو الزراعة ورعي الماشية بطيئاً وعشوائياً، وكانت الحبوب البرية تلتقط وتلقى بجوار موقع الاستيطان. وكان الصيادون يصيدون الحيوانات الصغيرة ويأخذونها معهم إلى منازلهم وكانت قطعان الأغنام ترعى على الهضاب منذ سنة (8500ق.م).
المستوطنات الأولى في العصر الحجري الجديد:
كان المستوطنات الأولى في العصر الحجري الجديد تقع بالقرب من الينابيع، وكان الناس في هذا العصر يعقدون على الاقتصاد الزراعي لمعيشتهم ، وأخذوا يتكاثرون بسرعة مع ظهور الري الذي استحدث في أريحا وهاجر الناس إلى سهول بلاد ما بين النهرين ، حيث أصبحت حضارة العصر الحجري الجديد وأرست القواعد لقيام الحضارة السومرية ، وأبان ذلك انتشر إنتاج الغذاء من بلاد الأناضول إلى اليونان ومنها إلى أوربا.
وقد يمكن المزارعون في الأراضي الغابية التي مهدها القطع والحريق من استغلال تربة حوض الدانوب الخصبة كما كان البناة بالحجارة الضخمة يطوفون في تلك الفترة طوال سواحل أوربا الغربية.
المحاصيل للحضارات
قامت حضارة آسيا الغربية وأوربا على الحنطة والشعير اللذين تلائمها المناطق المعتدلة وتحت المدارية والمناطق المدارية أكثر ملائمة للدخن والأرز والذرة وبدأت زراعة الأرز في الهند قبل الصين التي كان الدخن محصولها الأكبر والخنزير حيوانها الداجن الرئيس حتى حوالي (2000ق.م) ومناطق افريقية الواقعة وراء الصحراء سبقت زراعة النباتات الجذرية زراعة الحبوب(أي الدخن والذرة) وكان الرعاة يجدون حوالي(300ق.م) مراعي على امتداد الصحراء وفي الحقبة التي سبقت تحول المنطقة إلى صحراء جرداء، وكانت الذرة تزرع في المكسيك في حدود عام (5000ق.م) ولم يستقر أحد في مواطن ثابتة في أمريكا قبل العام (15000ق.م).
الشرق القديم
التاريخ القديم لآسيا الغربية يسمى في الاصطلاح تاريخ الشرق القديم ، ويشمل الحضارات التي ظهرت في آسيا الصغرى وسورية والعراق وجزيرة العرب مع الخليج وإيران واحتل وسط المسوح في هذه المنطقة على التوالي السومريون ، فالباليون والأشوريون فالفرس.
تطور الكتابة:
انبثق الخط المسماري عن الكتابة التصورية التي كان السومريون يستعملونها في جنوب بلاد ما بين النهرين في أواخر الألف الرابع قبل الميلاد، وانتقل الخط المسماري إلى البابليين لكتابة لغتهم الأكادية وأقس الناطقون بالأكادية ولا سيما الأثوريون الخط المسماري وأدخلوا عليه تعديلات طفيفة في مناطق أخرى من غرب آسيا الكتابة لغة أخرى كالحثية والعيلامية الحورية والأورارثية واستعمل المبدأ نفسه وهو عبارة عن مجموعات من نقوش مسمارية شبيهة بالأسافين في كتابة الخط الفارسي القديم الأبسط للإمبراطورية الأخمينية وفي كتابة الخط الأبجدية لدى الفينيقيين.
الحضارة السومرية
مدينة (أريدو) أولى المدن الخمسة الموجودة قبل الطوفان، وهذه المدينة تقع جنوب العراق وكانت مساكنها الأولى من أكواخ القصب وبعضها من الطين ، وتعاقبت الحقب السابقة للسلالات المالكة ، فانتجت على التوالي الفخار الملون ، فمراكب صيد الأسماك فمقاليع الصيد بالحجارة والفؤوس ذات الرؤوس الصوانية والمتاجل المئوية بالنار فالكتابة فدولاب الخزاف فالممرات والعربة فالنحت فأواني الفضة والنحاس والرصاص.
ظهرت الكتابة في مرحلة قبل سنة(3000ق.م) بقليل و السومريون هم الذين اخترعوا الكتابة وجاء بعض ملوك سومر قبل لطوفان.
وكسر هي المدينة التي شهدت عودة نظام الملوك إلى الأرض في حقبة ما بعد الطوفان.
الساميون الأوائل
الساميون خرجوا جميعاً من جزيرة العرب خرجوا في هجرات دورية اعتباراً من أواخر الألف الرابع قبل الميلاد بسبب التكاثر والجدب ، وقد استخدموا الجمال والحمير في هجراتهم وهؤلاء متقاربون في اللغة إذ نجد تقارب بين العبرية والجعرية والجشية والعربية.
والساميون هاجروا إلى وادي الرافدين حتى شمال الشام أثناء الفترة السومرية ودخلوا المسرح السياسي بمنطقة منذ أوائل الألف الثالث بظهور دولة إيبلا أولاً في شمال سوريا على (60سم) من جنوب حلب ، تم ظهور الأكاديين بعد قرن آخر في جنوب العراف بعد إلقاء الدءلة السومرية.
وقد عرفت إيبلا عهدين من الازدهار الأول ما بين(2400)و(2250) ق.م وكانت تحتل المركز الثالث في الشرق الأدنى بين مصر وما بين الرافدين ثم أصتدمت مع الأكاديين بسبب التجارة وهزمتهم، ثم استطاع نارام سين الأكادي حوالي سنة(2250ق.م) أن يفتحها ويهزم ملكها أبي سيبش ويحرقها واستردت إيبلا بالتدريج مكانتها ما بين(2000) و(1850ق.م) أي في الوقت الذي برز فيه العمويون البابليون(شعب حمورابي)، ولقد شكلت إيبلا إمبراطورية سيطرت على ما بين وادي الفران حتى مدينة جبيل على الساحل السوري وسيطرت على بلاد آشور قبل أن تدمر وكانت حروبها تجارية تستهدف السيطرة على طرق التجارة المائية والبرية واحتكار تجارة المعادن من الأناضول والأخشاب من جبال لبنان وصناعة النسيج.
مملكة ماري:
برزت مع إيبلا في فترة ازدهارها الأولى ، ثم بعد تدميرها سنة (2250ق.م) مملكة(مدينة) ماري وهي قديمة تتكون من عدة مدن ، ولقد عرفت مرحلتي ازدهار أولهما في أزلف الثالث قبل عهد سرجون الأكادي والثانية في الألف الثاني ق.م.
ومؤسسة السلالة الملكية الأولى في ماري هو آنور حكم مع خلفائه الستة (136)سنة ، ثم أعقبه حتى أوسط القرن (25)ق.م أربعة ملوك آخرين منهم ايكوشمن ولا مجي ماري، ثم جاء الملوك المعاصرون للعهد الأكادي مند ميجير داغان ونعرف منهم حوالي(20) ملكاً استمر عهدهم حتى القرن الحادي عشر بعد الميلاد أيام توكولتي مير ومن ابرزهم زميري ليم.
ثم دمرت المدينة تحت ضربات ملك أوروك لوجانز كيزي والموقع التجاري الهام لماري جعلها تعاود ازدهارهاوأن خضع ملوكها لسيطرة مكام جرر هم ملوك أكاد قبل أن تنفصل عنهم ولكنها في النهاية ضربت الضربة الطافية على يد حموراي حوالي(1750ق.م) الذي قتل سكانها وساق الباقي عبيداً وظهرت المدينة السلوقيين كقرية سلوقية.
البابليون
هاجروا عن طريق الخليج العربي ووادي الفرات من جزيرة العرب.
وتمكن العموريون بقيادة استبي إيرا من تأسيس سلاسلة قوية في إيس ، حكمت أكثر من قرنين قبل ذلك. سنوات قليلة كانت قد قامت في لارسا سلالة أخرى ناطقة بالسامية دام حكمها أكثر من ذلك بقليل حكمت السلالتان في وقت واحد بلاد بابل طيلة قرن، حتى قامت في بابل في مطلع القرن التاسع عشر قبل الميلاد وبدون مقاومة منها دولة ثالثة كانت مكونة من العموريين الناطقين بالسامية والعموريون ساميون ولقد سمح لهم بالظهور على المسرح السياسي تدمير أور وسقوطها سنة (2006ق.م).
وفي أوائل القرن الثامن عشر كانت لارسا تحت حكم ريم سين (الراعي الصالح) قد تغلبت على إيس وأصبحت المناوي الباز الوحيد لبابل من أجل السيطرة على بلاد ما بين النهرين.
حمو رابي
كان الملوك الخمسة الأولى من السلالة الجديدة في بابل منشغلين في إقامة الأبنية الدينية والدفاعية وبشق الأقنية دون توسع إقليمي يذكر تاركين ذلك لحمورابي، أن يقود الحملات المظفرة التي أفضت إلى امتداد الإمبراطورية من ماري على الفرات في الشمال القربي حتى عيلام في الشرق وأن يتقدم بعد تغلبه على لارسا للسيطرة على(مملكة) سومر وأكاد القديمة. وحكم خلفاء حمورابي طويلاً ومستقراً ودمر الملك الحيثي مرسيليس الأول سنة (1595) ق. م بابل واسقط سلالة حمورابي ويصعب على مرسيليس أن يطمع ، نفتح دائم لذلك ملأت سلالة كاشية حكمت على مدى (579) سنة، وفي القرن الرابع عشر ق. م تزوج الملك الكاشي ابنة ملك آشور إلا أن هذا الزواج أدى إلى حروب انتهت باجتياح الملك المحارب الآشوري البارز توكولتي نينورتا الأول سنة(1235)ق.م لبلاد بابل واحتلالها وسقطت السلالة الكاشية أمام العيلامين سنة (1157) ق. م، وخسر العيلاميون سيطرتهم السياسية على بابل قبل نهاية القرن إذا انتقلت منهم إلى سلالة أيسن الثانية التي وضعت حداً في عهد نبوخد نصر الأول(ملك 1124-11103.م) للتدخل العيلامي. ثم سقطت سلالة أيسن بعد فترة من الاستقرار السياسي دامت أقل من مائة سنة تلاها عصر من الاضطراب السياسي ، وضعت له حد سلالة بابل الثامنة سنة(977ق.م) التي عرفت كيف تحافظ طوال قرن على علاقات وثيقة مع دولة آشور النامية.
استنجدت بابل بثلمنصر الثالث ملك آشور(ملك858-824ق.م) لمساعدتها على قمع فتنة فيها. في حقبة بدأت تظهر فيها القبائل الكلدانية القومية جنوب بابل وقد تغلب ببلصر الثالث (ملك744-727) كملك بارز لآشور ، وقد حكم خليفته سالمنصر الخامس (ملك726-722ق.م) على كلا البلدين طوال خمس سنوات ، ولكن كلاً من سرجون الثاني (ملك 721-705ق.م) وسنحارب (ملك704-681ق.م) وجدا في الكلدنيين أعداء ألداء لهما.
تقلبت أحوال بابل تقلباً عظيماً في القرن السابع، حتى ظهور (ابن أبيه) المجهول الهوية نابو بولصر (ملك625-605ق.م) الذي بدأ عهداً عظيماً من الحضارة البابلية في ظل السلالة الكلدانية.
ظهور البابليين المستحدثين:
أعانت بابل الميديين على دحر نينوي والآشور بين سنة(612ق.م) ودمر قائدها نبوخد نصر الثاني(ملك604-562ق.م) القدس وسبى أهلها، واقام أنصاباً ومباني جعلت من بابل إحدى العجائب السبع وهذه حقبة الحدائق المعلقة ، اغتيل ابن نبوخد نصر وأخذ انحلال بابل يتفاقم في عهد نابونيد التي والمولع بالآثار وهكذا أسقطت بابل دون مقاومة أمام الملك الأحمييني الفارسي قورش الكبير(حوالي600-529ق.م) ثم دمرها احشورتن جزئياً سنة(482ق.م) وكان الممكن أن يعيد الإسكندر الكبير(356-323ق.م) بناءها لو لم يمت هنالك ومنذ ذلك الحين أسدل ستار التاريخ عليها رغم أن مدارسها الفلك بقيت حية في الحضارات التي تلتها.
أفريقيا في العصور الأولى
اسم إفريقيا اسم أطلقه الرومان في القرن الثاني قبل الميلاد على ما بين طرابلس وأواسط الجزائر حالياً ، ثم صار اسماً للقارة كلها في العصور الحديثة.
وكانت في أفريقيا أربع جماعات عرفته أفريقيا:
1- البوشمن الأولون في الأجزاء الجنوبية والشرقية.
2- الأقزام الأوائل في الأقاليم الغابية من حوض الكنغو وساحل غانا.
3- الحاميون ـ القوقازيون الذين انتشروا في الشمال والشمال الشرقي . دخلاء على القارة.
4- الزنوج وهم الأقدم انتشروا في المناطق الباقية وعلى هامش المناطق الغابية الاستوائية ، ثم توغلوا فيها منذ حوالي 9-8 آلاف سنة. واختاروا المناطق الرطبة والغريبة من الماء في الغرب وزادت أعداد الحاميين والزنوج حتى طفت على الجماعات الباقين ، وفصلت بينهم الصحراء الكبرى، والخط الوحيد الذي يربط بينهم هو وادي النيل ، واستغل سكان وادي النيل وتنظيم الري وتطوير نظام إداري يضمن الأمرين منذ الألف الخامس والرابع قبل الميلاد ولم يلقى الزنوج هذه التحديات لقلة عدد هم وكثرة الغذاء المتاح. فلم يلجئوا إلى الاستقرار ولم تتطور لديهم مستويات مماثلة من الحضارة.
قبيل القرون الميلادية بقليل عرفت أفريقيا تطويرين هامين هما:
1- انتشار جماعات البانتو وهي أخلاط من الزنوج والحاميين تكونت في مناطق البحيرات الأفريقية ثم هاجرت إلى الغرب والجنوب والشرق من القارة حاملة معها طرائق الزراعة وإنتاج الغذاء.
2- دخول أفريقيا عصر الحديد عن طريق وادي النيل وحضارة كوش، فقد كان الحديد قد وصلهما في القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد بعد أن شاع في الشرق الأدنى حوالي سنة (1200ق.م) في القسم الشمالي الشرقي من أفريقيا وبخاصة مصر جزء من الحضارة المتوسطة القديمة ، أما في الشمال الأفريقي فقد عرفت ما بين (5-20) ألف سنة ق.م الحضارة العتيرية (عتير بجنوب تونس) وما بين (10) و(12) ألف سنة ق.م انتشر جنس البحر الأبيض المتوسط ، والحضارة الوهرانية(حوالي15ألف سنة ق.م) في السواحل والتلال المجاورة لها. عثر على آثارها في كهف هو الفتايح والجبل الأخضر في ليبيا.
والحضارة القفصية التي ظهرت بين (9) و(5) آلاف سنة شرقي جبال أوراس ، وقد أثرت في الحضارة الوهرانية.
بين الألف الثالث والثاني قبل الميلاد هاجر إلى الغرب جمعات عرف أشهرها في النقوش المشغربية باسم ليبو (ومنها اسم ليبيا) وامتزجت بصانعي الحضارتين السابقتين ونتج عن هذا المزيج مجموعة الأماجيغ(البربر) وهي المجموعة البشرية واللغوية التي أهلت الشمال الأفريقي في الصعور التاريخية.
وفي مصر ظهرت حضارة البداري(نقادة الأولى) و(نقادة الثانية).
وقد نشأت مملكتان في مصر العليا ومصر السفلى وتوحدت نتيجة انتصار الأولى على الثانية حوالي (3100ق.م) واستمر المصريون القدامى في دعوة بلادهم بالقطرين (مصريم=جمع مصر)وفاتح مصر السفلى مينا وهو مواس العاصمة القومية مفيس على الجنوب من دلتا النيل وكان الملك المستوي على العرش يعتبر التجسيد الحي للمعيون الصقر حورس في عهد السلالتين الأولى والثانية وأخذ المزارسون يستعملون المحراث على نطاق واسع وأدخل الري، وقامت حكومة قومية واستنبطت الكتابة التصورية.
ومع قيام السلالة الثالثة بدأت الحقبة المعروفة بالمملكة القديمة(2686-2181ق.م) كان أبرز ملوك السالة الثالثة زوبر الذي من أجله بنى مجمع الهرم المدرج في عهد سنفر ومؤسس الأسرة الرابعة بنى أول هرم وأتقن فن مناد الأهرام في عهد خلفائه خوفوا وخفرع ومنقرع وكان الأهرام يتطلب تكاليف باهظة وتنظيماً محكماً لذلك أدى ضعف سلطة الملك في أواخر السلالة الرابعة إلى التخلي عن التقنيات الباهظة التكاليف.
أبان عهد السلالة الخامسة استعادت عبادة الرب الشمس رع مكانتها على الصعيد القومي وبنى الحكام هياكل شمسية لعبادته . وفي أواخر السلالة الخامسة نقشت نصوص على جدران المدافن في الأهرام الملكية لضمان انتقال روح الحكم بأمان إلى العالم الآخر، وفي عهد السلالة الرابعة والخامسة والسادسة جردت حملات ضد أفراد القبائل في شبه جزيرة سيناء وأرسلت قوات كبيرة إلى بلاد النوبة لابتزاز العاج والذهب وسواهما من المواد النفيسة أو الاتجار بها.
في نهاية عهد السلالة السادسة أد ى نمو سلطة الحكام الإقليميين(أو الملوك) إلى دهور سلطة الهيئة الحاكمة في مسفس فظهرت سلالات مناوئة في هرقلبوبوليس وطيبة مما أغرق البلاد في حروب أهلية واستغل رجال القبائل في سيناء هذه الفوضى للتوغل إلى مناطق الدلتا الخصبة.
والمملكة الوسطى الأولى(حوالي2181-2050م) عرفت الاضطراب والفوضى إذ تغلب أمير طيبة منتوحونت الثاني من السلالة الحادية عشرة على منافسيه ووحد مصر تحت حكمه تاركاً للولاة سلطاتهم الواسطة وبدا المملكة الوسطى في مصر حوالي(2050-1789ق.م) بنى منتوحوبث الثاني هيكلاً وقمراً جائزياً لنفسه في الدير البحري على الضفة الغربية من النيل تجاه طيبة ، خلف متوحوتب الرابع حفيد منتوحوبت الثاني وزيرة إفنمحات الأول في ظروف غامضة فأسس السلالة الثانية عشرة حوالي(1991ق.م).
في نهاية عهد السلالة السادسة أدى نمو سلطة الحكام الإقليميين (أو الملوك) إلى تدهور سلطة الهيئة الحاكمة في مسفس فظهرت سلالات مناوئة في هرقلبوبوليس وطيبة مما أغرق البلاد في حروب أهلية ، واستغل رجال القبائل في سيناء هذه الفوضى للتوغل إلى مناطق الدلتا الخصبة.
والمملكة الوسطى الأولى حوالي(2181-2050م) عرفت الاضطراب والفوضى إذ تقبل أمير طيبة منتوحوبت الثاني من السلالة الحادية عشرة على منافسية ووحد مصر تحت حكمه تاركاً للولاة سلطاتهم الواسعة وبدأ المملكة الوسطى في مصر حوالي(205-1789ق.م) بني منتوحوبت الثاني هيكلاً وقمراً جائزياً لنفسه في الدير البحري على الضفة الغربية من النيل تجاه طيبة. حلف متوحوتب الرابع حفيد منتوحوبت الثاني وزيره إفنمحات الأول في ظروف غامضة فاسس السلالة الثانية عشر حوالي(1991ق.م).
أراد منمحات الأول أن تكون له عاصمة جديدة فجعلها في لنت إلى الجنوب من حمفيس لأن طيبة كانت تبعد كثيراص إلى الجنوب مما يمنع قيامها بمهام عاصمة فعالة لكي يوطد سلطته على العرش وروج نبوءة كاذبة حول توليد الحكم وعين ابنه نوسرت الأول شريكاً له في الحكم ورغم هذه الاحتياطات غتيل امنمحات الأول بعد ثلاثين سنة من الحكم، إلا أن ابنه استطاع أن يحتفظ بالعرش وفي عهد سنوسرت الثالث قضى على شوكة أشراف لمناطق الذين كان من شأنهم أن ينافسوا الملك على السلطة كان امنمحات الأول قد بدأ احتياج بلاد النوبة فأكلم هذا التوسع في عهد سنوستر الثالث الذي أقام الحدود الجنوبية عندما سمنا وباستثناء حملة واحدة معروفة جنوب فلسطين ولم تمارس سيطرة مباشرة في فلسطين أو سوريا وبقيت الروابط التجارية متينة ، وتبنى حكام السلالة الثانية عشر برنامجاً واسعاً لاستصلاح الأراضي في منطقة الفيوم.
تميزت المملكة الوسطى الثانية(حوالي1786-1570ق.م) بانحسار سلطة الحكومة المركزية ، ففي عهد السلالة الثالثة عشرة غز الهكوس مصر قادمون من الشمال الشرقي وأسسوا السلالة الخامسة عشرة (حوالي1674-1570ق.م) ولم يشرفوا مباشرة على طيبة والجنوب واعترفت طيبة سلطة الحاكم الهكوسي في عاصمته الجديدة أواريس في الدلتا.
ولقد تبنى الهكوس الألقاب المصرية والحضارة المصرية ولما ضعفت سلطتهم تجرأ أمراء طيبة المنتمون إلى السلالة السابعة عشرة على رفض حكمهم وبعد عدة حملات نجح كاموس وخليفت وأخوه أحمس في الاستيلاء على عاصمتهم أواريس وطردهم من البلاد.
الهند القديمة
(حتى 500ق.م)
خرجت حضارة نهر الهندوس من عصور ما قبل التاريخ ودخلت عندما ظهرت كتابة تقود إلى حوالي عام (2300ق.م) وكانت المراكز الرئيسة للحضارة الهندوسية في وادي الهندوس، وامتدت هذه الحضارة غرباً حتى الحدود الإيرانية ، وشرقاً إلى ما وراء دلهي ، وجنوباً إلى خليج بروتش في البنجاب ومومنجو داروا في السند ، ولكن لها مدن صغرى كميناء لوتال مثلاً، وقد أستمرت هذه الحضارة لمدة ستة قرون (2300-750ق.م) خضعت الدرافيدية الهندية حتى اجتاحها رحل في القرن الثامن عشر قبل الميلاد وهم من شعوب هندوآرية.
ومع حلول القرن الثالث عشر قبل الميلاد احتل الهندوآريون البنجاب بعد أن انقسموا إلى قبائل تحاربت فيما بينها بنفس الشراسة التي قابلت بها السكان الاصليين.
لقد حل محل القبائل ممالك إقطاعية تسيطر عليها، والمحاربون يرأسها ملك ويعاونهم طبقة الكهنة الوراثية(البراهمة) وتسيطر طبقة المحاربين والكهنة على الأحرار والفلاحين والتجار والصناع الذين كانوا يكونون الطبقة الثالثة (فيشيا) بالإضافة إلى شبه العبيد من العمال والصيادين والقناصين والمنحدرين من قبائل الغابات والذين كان يؤلفون الطبقة الدنيا(السنودرا).
والثقافة الهندية القديمة تقوم على مفهوم الطبقة والإيمان بتناسخ الأرواح والسلم وبقدسية البقر.
الحضارة الميوية
وتسمى ميوية نسبة إلى مينوس ملك كنوسوس ، ولقد كان هؤلاء القوم على اتصال بالعالم الخارجي، وكانوا تجار عبر شرق المتوسط ، وكانوا متقدمين اقتصادياً واجتماعياً ، وعرفوا العمارة، واستخدموا الكتابة المنقوشة القصيرة ، كما عرفوا الصناعة الخزفية والتصريف الصحي.
ولقد استعادت كنوسوس بعد أن دمرت بركانياً نشاطها وأصبح حكامها واستعملوا الكتلة الخطية.
بلاد اليونانن
بين (2800-1100ق.م)
بدأ العصر البرونزي اليوناني ومركزه البر اليوناني باستعمال المعدن، ولقد عرف اليونان القدامى الحبوب والزيتون والكرم ، ثم عرفوا دولاب الخزاف السريع ، وتأثروا بحضارة كريث المينوية ، ثم نشأت مدن قوية ، وكان اليونان القدامى ملاحين.
ولقد مارس الصناع في مدن اليونان حرفهم المختلفة وانتجوا المصنوعات المعدنية والفخار وبنو بيوتاً ذات جدران عالية وقصور ذات قاعة كبرى وزخرف جصية ، واستنبطوا كتابة مقطعين (الكتابة السطرية)، ولقد غزا اليونان القديمة قوم دمروا مدنها إلا أثينا ، وحلت محل المدن قرى فقيرة، وفي هذا العمر عرف اليونان الحديد.
الصين
حتى سنة(1000ق.م)
لقد وجدت في الصين القديمة سلالة شانج ، وكانت لها سلطة مركزية في العامة شانج ، وكان الشانج شعباً زراعياً بالدرجة الأولى واشتهروا بصناعة سكب البرونز ، وكان الشانج شعباً متقدماص ، فلقد وضع علماء الفلك عندهم تقويماً دقيقاً مبنياً على الشهر القمري ويجري تصحيحه بزيادة سبعة أشهر قمرية في 19 سنة شمسية.
وانتشرت حضارة الشانج في أنحاء الصين الوسطى ، وبسبب ظلم آخر الحكام تشوهين ثار العبيد عليه وحرقوه ، ثم بدأ عهد سلالة تشو حوالي(1030ق.م).
أمريكا قبل العصر الكلاسيكي
حتى(300م)
ظهرت أولى الحضارات في المكسيك والبيرو وفي (1500ق.م)، ظهرت القرى الزراعية في أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية ، وظهرت صناعة الخزف، وأول مجتمع معقد هو مجتمع حضارة الأولمك في المنخفضات الاستوائية لساحل خليج المكسيك وانتشرت تجارتهم إلى مسافات بعيدة وصلت على مرتفعات المكسيك ، وقد عرف هؤلاء التدوين العددي ، وصناعة الفخار ، والصياغة الذهبية.
وشهد وادي المكسيك ظهور وحدات سياسية مستقلة على ضفاف بحيراته العريضة الضحلة.
وظهرت حضارة المايا واكتسبت معظم مقومات التحضر أبان العصر ما قبل الكلاسيكي المتأخر ، وتبدأ الحقيبة الكلاسيكية (300) ولقد بنى شعب المايا الأنصاب، وعرفوا التقويم.
مصر
من سنة (1570) إلى الإسكندر
يبدأ تاريخ المملكة الحديثة في مصر(1570-1085ق.م) بانتصار قوات طيبة على حكام مصر الهكوس، وامتدت إمبراطورية مصر الحديثة من السودان الشمالي إلى سوريا مشكلة إحدى القوى الرئيسة في العالم القديم.
حرص الملوك الأسرة الثامنة عشرة في الدرجة الأولى على حماية مصر من هجمات البدو في الشرق والنوبيين في الجنوب ، وبعد تأمين التخوم الشرقية سيطروا على مملكة النوبة في الجنوب ، والاستيلاء على مناجم الذهب فيها.
وتحوتمس أخضع الممالك الصغرى في فلسطين ومعظم أنحاء سوريا، وأتم فتح بلاد النوبة حتى بلدة نباتا، وأمخوتب الثالث تلقى الجزية والسلع التجارية من سوريا والعراق والأناضول وكريت واليونان.
وكان هدف الحكام في هذه الحقبة إعادة توصيد سيطرة مصر على فلسطين وذلك لمواجهة تزايد قوة الإمبراطورية الحيثية ، أدى إلى تنافس هاتين الدولتين إلى صدام كبير بينهما وقع في السنة الخامسة حكم رعميس الثاني(حكم 1304-1237ق.م).
في عهد خلفاء رعميس الثالث الذين كانوا يدعون رعميس رأى أولاد رع ، وفقد مصر ممتلكاتها الأجنبية في فلسطين وبلاد النوبة على يد الغزوات اللبية، وأعاد وحدتها القائد الليبي سيشنق الأول مؤسسة الأسرة الثامنة والعشرين ، وتصدعت بسبب الحروب الأهلية ، وانقسمت مصر إلى مدن ودويلات تحت سيطرة حكام مستقلين معظمهم من أصل ليبي ، ونشأت أخيراً مملكة مستقلة في بلاد النوبة جنوباً، وفتح ملك النوبة مصر حوالي(712ق.م) وأسسوا الأسرة الخامسة والعشرين.
وقضى على الحكم النوبي الغزوات الأشورية التي أدت إلى تنصيب أميرسايس حاكماً اسمياً على مصر وبمساعدة المرتزقة اليونان واستطاع بسامتيك الأول حكم(664-610ق.م) من الأسرة السادسة والعشرين أن يفرض سلطته على البلاد بأسرها، ويحررها من السلطة الآشورية ، وتميز عهد الأسرة والعشرين(670-525ق.م) بفترة من الرخاء إلا أن آمال مصر باستفادة مكانتها كدولة عظمى منيت بالفشل على يد البابليين في معركة قرقميش عام(605ق.م) وفي آخر الأمر استولى الفرس عام(525ق.م) على مصر ، ومع أن الثورات اللاحقة أعادت لمصر استقلالها فترة وجيزة بين (404-343ق.م) فقد بسط الفرس سيطرتهم عليها من جديد حتى مجيء الاسكندر الكبير عام(332ق.م).
أفريقيا
كوش واكسوم
غزت جويش الفراعنة أفريقيا الاستوائية السوداء ، وفي عهد المملكة الحديثة(1500ق.م) فتحت بلاد النوبة التي كانت تسمى كوش، وفي حوالي(1000ق.م) انهارت المملكة الحديثة وبرزت كوش كدولة مستقلة عن مصر ، وفي عام (725ق.م) احتلت مصر بكاملها وتؤسس الأسرة الخامسة والعشرين من الفراعنة ، وبين (676-66ق.م) غزت الجيوش الآشورية مصر ودمرتها ، ومع حلول القرن السادس قبل الميلاد كانت حدود كوش قد بلغت جنوب مدينة الخرطوم الحديثة ، حيث كانت الأرض مكسوة بالغابات الكثيفة.
وانتقل مركز السلطة في الامبراطورية جنوباً من نباتا العاصمة القديمة بالقرب من الشلال الرابع إلى مروى في الجنوب من نقطة التقاء نهر عطبرة مع النيل ، وازدهرت التجارة مع مصر البطلمنة ومع جزيرة العرب ومع الهند عن طريق البحر الأحمر.
وأخذت حضارة مروى في التقهقر في ملطع الحقبة المسيحية نتيجة في جداب داخلي ولاسيما جفاف الأراضي الزراعية التي كانت غنية بالكلأ.
دامت حضارة مروى أكثر من الف سنة وهذه الحضارة أخذت من الحضارة المصرية ومن حضارات شعوب البحر المتوسط، ومن الآشوريين والبابليين ومن العالم الهيلينستي والهند،وقد عرفت حضارة مروى نمط خاص من الكتابة وهو خط نسخي.
ونشأت أكسوم الإمبراطورية المناوئة لمروى في جزيرة العرب ، فقد قام في عدد من الدول الغصيرة الفنية في أوسائل الألف الأول من قبل الميلاد كانت أ؛دها مملكة سبأ ومع حلول القرن السابع قبل الميلاد عبر أقوام من الناطقين بالسامية من اليمن الكثيفة السكان إلى قرن أفريقيا عبر البحر الأحمر وحلوا كمزارعين على الطرق الشمالي الشرقي من هضبة أثيوبيا العالية وحققوا هناك ازدهاراً ، وسيطروا على السكان الأصليين الناطقين بالكوشية وتقبلوا ثقاففتهم ولغتهم السامية، ثم أسس فريق منهم يدعم من الأحباش مملكة لهم في القرن الثالث قبل الميلاد ، مركزها اكسوم.
كان لليونان الهيلينستيين نفوذ خاص في بلاط ملوك اكسوم فمهدوا الطريق أمام قدوم المسيحية واستولى حكام أكسوم المسيحيون على بعض أجزاء جزيرة بالعرب الجنوبية في القرن السادس الميلادي ثم طردتهم الجيوش الفارسية منها ، ثم أخذت أكسوم في التدهور حتى جاءها الفتح الإسلامي.
الخيشيون
(1700-1200ق.م)
قدم الخيشيون إلى آسيا الصغرى قبل (2000ق.م) من أوربا أو روسيا الجنوبية وقد وحد الملك شيلا الأول في أواسط القرن السابع عشر قبل الميلاد عدد من الدويلات واختار بلده حاثوشا مركزاً إدارياً له ، وقد استطاع مورشيلي الأول في أوائل القرن السادس عشر قبل الميلاد أني حتل سوريا وأن يزحف على بابل ويكتسح المدينة ويقضي على السلالة التي كان حمورابي أعظم ممثليها.
ظهرت الأمبراطورية الحثيثة في حوالي (1460ق.م) ودولة يمتاني وهي دولة أسسها الحوريون في شمال ما بين النهرين وهي التي أوقفت الحيثيين.
قررت آشور في عهد تيفلات الثالث أن تضم المملك السورية إلى إمبراطوريتها ، وما أن اكتمل القرن الثامن قبل الميلاد حتى بانت الأمبراطورية الحثية في ذمة التاريخ.
الفينيقيون
(1500-332ق.م)
منذ حوالي القرن (25ق.م) وما بعده هاجر من جزيرة العرب الكنعانيون إلى وسط سوريا وفلسطين ، وهاجر الفينيقيون إلى الساحل السوري وأسسوا المدن المستقلة على شواطئ البحر المتوسط ، وعبروا جبل طارق متجهين شمالاً حتى انجلترا وجنوباً حول (قارة أفريقيا).
بدأ عصر التوسع والاستيطان في تاريخ فينقية في القرن الثاني عشر وكانت قد أقامت مستوطنات لها في قبرص وفي البحر الأيجي ، وكانت لها مستوطنات في رودس وفي كريت ، وكانت لها علاقات تجارية مع إيطاليا ، وقد أسست مدن في الحوض الأوسط والغربي للبحر المتوسط، وكان منها عدة مستوطنات على ساحل أفريقيا الشمالي.
أهم ما قدمه الفينيقيون الأبجدية الفينقية التي كانت أساس الأبجديات اليونانية والسامية ، وكانوا يتكلمون لغة سامية كتبوها بأبجدية مكونة من (22) حرفاً ساكناً لا حروف صوتية فيها.
حافظت المدن الفينيقية على غرار الدول ـ المدن اليونانية القديمة على استقلالها الواحدة عن الأخرى ، وفي أوائل القرن السادس عشر قبل الميلاد أخذت مصر الجزيرة من تلك المدن ثم خصصتها لسيطرتها وبقي النفوذ المصري قوياً في فينيقية لمدة طويلة إلا أن الوجود الثقافي للعراق أخذ في التزايد ، وبعد حقبة من السيطرة الحيثية أخذ الملك الآشوري تفلات فلسر الأول ملك(1115-1077ق.م) الجزية من المدن الفينيقية ، استعادت فينيقية حربها ، وعقب ذلك فترة رخاء وامتداد واسع في أرجاء حوض المتوسط وما وراءه.
ثم تحولت فينيقية إلى محكومة بآشور، ثم استسلمت للبابليين ، ثم أصبحت جزءاً من إمبراطورية قورس الكبير الفارسية ، ثم ضم الاسكندر الكبير(356-323ق.م) فينيقية إلى إمبراطورته أعقاب انتصاره وفتحه لمدية صور عام(332ق.م).
الآشوريون
الآشوريون هاجروا من جزيرة العرب مع الأكاديون والهجرات الأولى حوالي (3000ق.م) ونزلت في الشمال من سهول دجلة حيث أنشأت الدولة الأشورية وعاصمتها آشور التي خضعت أول الأمر للسيطرة البابلية وأكسب الآشوريون ثقافة جيرانهم السومريين والحيثين.
وبرزت الدولة الآشورية كقوة مسيطرة في عهد شمس محدد الثالث(1532-1507) وقد أصبحت آشور قوة عسكرية منذ منتصف الألف الثاني قبل الميلاد بين التغلب على دولة ميتالي والتوسع حتى جبال القفقاس شمالاً والخليج الغربي وجزيرة العرب جنوباً ، وضمت سوريا ومصر إلى الإمبراطورية الآشورية ، وبحلول منتصف القرن السابق قبل الميلاد أصبحت آشور أكبر وأقوى دولة في العالم المتحضر.
لم تستطع آشور الصمود في وجه حلف نابو بولاصر ملك بابل عام(125ق.م) مع الميديين، فلم تلبث إن أنهارت ودمرت نبنوى تدميراً كاملاً عام (612ق.م) واحترق ملكها في قصره.
الآرميون
تحول الآشوريون في شمال العراق على قوة كبيرة وسيطر العبرانيون على فلسطين مختلطين بالكنعانيين وغيرهم وخرجت جماعات أخلاموا من بادية الشام وتكاثروا منذ (14ق.م) في أطراف الشام وفي وادي الفرات.
هذه الجماعات في القرنين (11) و(10) ق.م سميت بالآراميين ، وأسست ما بين تيماء ودمشق وحماة إلى شمالي وأعالي الجزيرة الشامية ، ثم إلى بابل مجموعة من الدويلات والممالك الصغرى التي لعبت دورها السياسي في المنطقة ، وزاحمت الحيثيين والآشوريين والبابليين والعبرانيين وحاربتهم طويلاً لتوطد استيطانها، وبسبب عدم توحد المملك الأرمينية لم تستطع البقاء السياسي أكثر من أربعة قرون أو خمسة قرون ، ثم أضمحلت واحدة تلو الأخرى أمام الغزو الآشوري الساحق ، والباقي منهم ذابوا مع الكلدينين ، وبقيت الثقافة الآرامية واللغة الآرامية والكتابة الآرامية حتى حلت اللغة العربية بسبب انتشار الإسلام ، وإن بقيت اليوم في سوريا والعراق.
اللغة الآرامية والكتابة الآرامية مأخوذدة عن أحرف أوغاريت الفينيقية، وصارت لغة دولية من ضفاف النيل إلى نهر السند في السياسة والتجارة حتى أصبحت اللغة الرسمية للأمبراطورية الأخمينية الغازية ثم اصبحت لغة الحياة في سوريا والعراق بعد ذلك في العهدين الهلينستي ثم الروماني ـ البيزنطي، وظهرت فيها لهجات شرقية وغربية وخطوط كتابية كان منها الخط النبطي التدمري ، ثم العربي.
كانت الآرامية لغة عيسى عليه السلام لأنها لغة الفلسطينيين في عهده وبها كتب الترجوم اليهودي والتلمود ، ثم حمل الآراميون اسم السريان.
العبرانيون
العبرانيون هم جاعات من الرحل ومن خلائط الأقوام كانت تقطع الطرق على التخوم الشمالية للصحراء العربية ، وقد عرفت جماعة من العبرانيين هاجمت عبر وادي الأردن المدن الكنعانية في القسم الجنوبي من سورية بين (1400)و(1200)ق.م واستقرت فيها.
وقد هاجر خليل الرحمن عليه السلام إبراهيم أبو الأنبياء من العراق إلى جزيرة العرب ، حيث بنى الكعبة بمساعدة ابنه اسماعيل عليه السلام ، ثم رحل إلى أرك كنعان (فلسطين)، وكان يوسف عليه السلام هو الابن الحادي عشر ليعقوب عليه السلام حفيد إبراهيم عليه السلام، وقصة يوسف مذكورة في سورة يوسف ، وأقام يوسف عليه السلام ورثته من بعده في مصر لعدة أجيال ، ثم قاد موسى عليه السلام إحدى قبائل العبرانيين إلى فلسطين في أواخر القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وقد هرب بهم عبر الطرف الشمالي للبحر الأحمر إلى الصحراء ووقفوا عن جبل سيناء ، والدين الذي نزل على موسى وغيره من الرسل هو الإسلام.
والكتاب الذي نزل على موسى عليه السلام هو التوراة ، وقد نقشت على الحجر وحفظت فيما بعد في (تابوت) المصريين ، وإن من اشهر ملوك إسرائيل واسمه عمري(885-874ق.م) كان من أصل عربي نبطي وهو الذي بنى السامرة عاصمة له.
بعد زوال مملكة إسرائيل استمرت مملكة يهوذا في الوجود (125) سنة خضعت فيه لنفوذ الممالك المجاورة مثل فراعنة مصر وملوك آشور حتى سقطت أخيراً تحت ضربات ملك بابل (نبوخد ناصر) الذي سبى معظم زعمائهم وساقهم إلى بابل(586ق.م) وشتت سكانها.
لم تمارس هاتان المملكتان استقلالاً حقيقياً إلا لفترات قصيرة ومنقطعة.
رافقت هذه السياسة نشاطات الأنبياء والرسل الذين يدعون إلى دين الله (الإسلام).
العرب الأقدمون
الوجود العربي قديم إذ نرى ملامحه خلال الألف الثاني قبل الميلاد في قصة إبراهيم وإسماعيل وبناء الكعبة وبناء البيت وفي قصة موسى وزواجه في مدين وفي الألف الأول قبل الميلاد، نجد في شمال غرب جزيرة العرب بين الحجاز والشام والمجموعات البشرية الآتية:
1- المملكة العربية الأولى(أدوماتو):
هناك جماعة عربية اسمها أدومتو كان في (الجوف) في القرن التاسع قبل الميلاد ، وهناك جماعات عربية تدعى( سبأ ، ودتيما، ودتمور وعبادير ومارسمعانو والأنباط، وقيدار)، والعرب كانوا أسياد منطقة الجوف(دومة الجندل) ويقيمون مملكة لها نظامها وملوكها وجيوشها وقصورها ، وتعقد معاهدات السلم والتحالف مع جيرانها ، ولها ثرواتها الضخمة من الإبل، وكانت عاصمتها (آدومو) دومة الجندل محطة قوافل مليئة بالبضائع التجارية الهامة ، وكان هؤلاء العرب متصلين بأحداث الساسة حولهم، وقد تحالفوا مع القوى الأخرى ضد القوة الآشورية التي كانت تسيطر على عقدة الطرق التجارية شمال الشمال ، وترفض الضرائب ، والنهب على الشعوب الأخرى.
كان اشتراك جندب في حلف دمشق وموقعة قرقر(قرب حماة) ضد شلما نصر الثالث سنة(854) أحد التحالفات للدفاع عن طريق التجارة نحو الأناضول وقد تلته تحالفات أخرى وكان أخطرها اشتراك هؤلاء العرب في ثورة بابل حوالي سنة(775) ضد آشور بانيبال.
كان للمرأة دور سياسي عند العرب إذا كان منهن ملكات مثل شمس زبيبة وسمور أمات (سميراميس) وبائعة , وكن يحكمن مع وجود أخوة ذكور لهن ، كن يحضرن الحروب ، وكانت منهن كاهنات .
كان قوام تجارة هؤلاء العرب الذهب والفضة والقصدير والحديد وجلود الفيلة والعاج وأنواع التوابل والملابس الصوفية الملونة والكتانية، والصوف الأزرق والإرجواني والخيول والبغال والنعاج والحمير والإبل.
2- الثموديون:
هذا الشعب العربي كان موجوداً يحارب سرجون الثاني ملك الآشوريين في القرن الثامن قبل الميلاد كما كان لدى الروم البيزنطيين فرقة حربية منه في أواسط القرن الخامس الميلادي وكان هذا الشعب شعب تجارة يسيرط على طرفها من الخليج ومن اليمن إلى الشمال.
وكانوا يتكلمون العربية ولهم أبجديتهم الخاصة كتبوا بها ودخل في القرن السادس في المجتمعات اليدوية والحضرية التي خلفته في مناطقه.
3- اللحيانيون:
هم شعب عربي قديم من فروع ثمود عمل بالتجارة مثلها ، كانت قاعدته مدينة ديدان (عند مدائن صالح)، التي كانت في الأصل مستعمرة معينية على الخط التجاري الأعظم بين اليمن والشامل وبعد سقوط البتراء، في القرن الثاني الميلادي استولى اللحيانيون عليها ورثوا مركزها التجاري ، وكان للشعب اللحياني كتابته (بين المسند والأرامية) ، وكانت له صلاته التجارية القوية مع جنوب العراق.
إمبراطورية الأحمينيين الفارسية
فارس هي الجسر الطبيعي بين أوربا وآسيا ويعود تاريخها(6000ق.م).
في حوالي(1500ق.م) جاء الأريون فسميت المنطقة إيران (أي بلاد الآريين) وفي عام (549ق.م) اتحد أحفادهم الميديون مع الفرس في الجنوب على يد فورش الكبير الذي أسس الإمبراطورية الفارسية داعياً إياها الإمبراطورية الأخمينية نسبة إلى أحد أجداده.
بعد انتصاره على بابل عام (539ق.م) ضم بقوة جيشه ممالك آشور وليديا وآسيا الصغرى السابقة إلى الأمبراطورية الفارسية ، فأصبحت أكبر كيان سياسي قام في العالم القديم قبل الرومان وامتدت انتصارات قورش إلى المتوسط غرب والكوش الهندي شرقاً حيث لاقى حتفه أثناء القتال عام(529ق.م) وخلفه ولده فممبنير الثاني حكم(529-522ق.م) واستهل حكمه بقتل أخيه سمرديس ثم سار إلى مصر ، وفقد في غزوته لمصر (50000) من جنوده لم يستطع القضاء على الديانة المصرية ، وفي سورة غضب جنونية قتل أخته وزوجته روكانا وذبح ابنه بريكاس ودفن؟ من نبلائه أحياء ثم هلك في طريق العودة إلى بلاد فارس.
ولما استتب الأمن والاستقرار لدارا في الداخل عبر البوسفور والدانوب إلى نهر الفولفا ثم إلى وادي الهندوس فبلغت الإمبراطورية الفارسية أوسع اتساعها ونفوذها ورأى دارا في دول المدن اليونانية مستعمراتها خطراً عليها، وعندما ثارت أيونيا وتلقت الدعم من أسيرطة وأثينا عبر دارا البحر الأيجي ، فهاجمته قوة يونانية في ماراثون ، وفي غضون الاستعدادات لحملة جديدة على اليونان توفى عام (486ق.م) بعد حكم (36) سنة.
عبر أحشويرش (519-465ق.م) ابن دار مضيق الهليبسونت على رأس جيش عرمرم وهجم الإسبرطيين في ترموبيلي ، ولكنه أخرج من أوربا عام (479) ق.م بعد أن صب عليه اليونانيون جام غضبهم لإحراقه الأكروبويس في أثينا بعد ذلك تداعت الأمبراطورية الأخمينية حتى هزم الإسكندر المقدوني(356-323ق.م) آخر ملوك تلك السلالة وهو دار الثالث في معركة أربيلا عام (331ق.م) وأصبحت بلاد فارس جزءاً من إمبراطور ، كانت الإمبراطورية الفارسية أثناء فترة ازدهارها بين عامي(550ق.م) و(480ق.م). أعظم أمبراطورية عرفها العالم حتى ذلك التاريخ من حيث المساحة والإنجازات ، وكانت منطقتها المركزية مساحة تضم جزءاً كبيراص مما يعرف اليوم بإيران وأفغانستان وبلغ عدد سكانها(40) مليون نسمة ، وكانوا يحكمهم قانون واحد وأنظمة واحدة للعملة و البريد والري ، ويتمتعون بشبكة جيدة من الطرق.
وكل شعوب الأرض مر بهم الإسلام وإن كان يحرف ثم يأتي بني لعبده ، وهذه الأديان الباقية إنما هي أديان محرفة عن الإسلام دين الله الواحد.
رغم أن الإسكندر الكبير قضى على سلطة السلالة الأحمينية عام (330ق.م) فقد عاد النفوذ الفارسي في عهد الإمبراطوريتين الاشكانية والساسانية حتى تداعى أمام الإمبراطورية العربية الإسلامية في القرن السابع الميلادي.
الهند
من(500ق.م إلى 300م)
في الحقل السياسي نشأت دولة توسعية سيطرت منها على مسرح الأحداث ومع حلول عام (500ق.م) كانت أقوى في الجزء الجنوبي من بهار وكانت عاصمتها أولاً في راجير ثم انتقلت إلى باتا ليبوترا(بتنة).
وبعد اجتياح الإمبراطورية الفارسية زحف الاسكندر على مقاطعاتها الهندسية لاحتلالها وتوغل إلى البنجاب ، لكنه أكره على التراجع ولم يلبث الحكام الذين عينهم على حكم المقاطعات بعد رحيله أن اقتفوا أثره بعد تراجع الاسكندر قام المحارب الشاب تشاندر أجوبتا (321-297ق.م) بتحرير المقاطعات الغربية وأسس السللة الموريانية عام (320ق.م) وكان العهد المورياني(320-185ق.م) أحسن العهود وكانت المملكة تتصف بالمركزية بصورة عامة وبلغت الإمبراطورية الموريانية أوجهاً في عهد أشوكا (274-236ق.م) وهو أقوى ملوك الهند القديمة ، وكان يتوسع بالقوة ، ثم بالحسن وقد اعتنق البودية.
واصلت السلالة المرويانية التوسع حتى بعد انقضاء (50) سنة على وفاة أشوكا.
في حوالي عام (85ق.م) قائد الجيش بوشيامترا بانقلاب عسكري فعزل آخر ملوك المويانيين وأسس سلالة السونجا ونقل مركز الدولة من بيهار إلى أواسط الهند وجاء في أعقاب اليونان الهنود غزاة من أواسط الهند وسيطرة السلالة الكوشانية البوذية التي طردت بعد قرن وتطورت السكريتية ، وأصبحت لغة الأدب.
مع حلول القرن السادس قبل الميلاد ، تحولت قبائل شمال الهند شبه الرحل إلى مجتمعات زراعية تحكمها سلالات ملكية.
البوذية
كان سيدها رناجوتا ما (563-483ق.م) الذي أصبح فميا بعد البوذا (أي المستنير) ابناً لودودانا ملك الساكياس ـ والمملكة مايا ، وقد ولد في لومبيني على الأطراف الشمالية لوادي الفالج بالقرب من كابيلا فاستو ، حيث قضى طفولته ، ولما شعر ببؤس الإنسان غادر منزله خفية واعتكف تحت شجرة البوذي في بوذجايا بالقرب من جليا جنوب بهار حتى جاءه الوحي فنشر دعوة الإسلام في حديقة الغزلان في سارناث بالقرب من فارناس، وبوذا اعتقد أنه نبي ورسول حرفت ديانته إذ أدخلت عليها أفكار من الهندوسية كالتناسخ وقانون الثواب (كارما) القائل بأن أفعال الإنسان التي هي التي تقرر مصيره ، لكنها ركزت على الأخلاق كسبيل للخلاص وكان بوذا يعتقد أن الألم ينجم عن الرغبة وأن التخلص من الرغبة يأتي من التخلق بالأخلاق وبانتهاج الأخلاق نسعد، ونشر بوذا دعوته في جميع أنحاء شرق الهند ، وآمن به الحكام والتجار ، ومنذ بداية التاريخ الميلادي انتشرت البوذية خارج جنوب آسيا ، قد خلت إلى الصين في القرن الأول إلى كوريا واليابان ، وإلى اثبتت في القرن الثامن وتحولت إلى ديانة اللاما وانتقلت أخيراً إلى بلدان الهند الصينية وإلى بعض الجزر البولينئرية ، وامتد إلى سريلانكا وإلى جنوب شرق آسيا.
أوربا
(بين 1200-500ق.م)
أصل الأوربيين هندو أوربي ، وقد استمر تاريخهم وأزداد ثراء وقوة بفضل اكتشاف الحديد، وقد كان المجتمع يستمد الكثير من ثروته من مناجم الملح الضخمة ، كما اكتشفوا قدرات الملح في حفظ الطعام واستعملوه سلطة تجارية تصدر إلى اليونان.
اليونان
تقوم الحضارة اليونانية على استعمال الحديد في صنع الآلات والأسلحة واقتباسها أبجدية صوتية عن الفينيقيين والأخذ بالدستور والقانون والاعتماد على الزراعة في الريف والصناعة التجارية في المدن ونشأت طبقة التجار والصناع.
وتمتاز اليونان بظهور الديمقراطية فيها لأول مرة في التاريخ وقام مفهوم الديمقراطية في جميع دول المدن اليونانية على المشاركة المباشرة في الحكم لا على التمثيل ، وكانت لجميع المواطنين فرص متكافئة لبلوغ المناصب ، وكان عماد الديمقراطية جمهور المواطنين أو الشعب وكانت المواطنة حقاً، ولم تعطى للنساء والعبيد ولا تعطى للأجانب إلا قليلاً.
وكانت السلطة بكاملها منوطة بالشعب الذي كان يجتمع في جمعية عامة كل عشرة أيام تقريباً ويحق لكل مواطن أن يتقدم بمقترحات تتعلق بالقوانين وبالإجراءات فتناقش ويجري عليها الاقتراع في الجمعية ينتقي الموظفين المدنيين والدينيين وكانت هيئات القضاء تنتخب من بين المتطوعين.
كان كل مواطن أثيني يتمتع بحق وواجب خدمة الدولة ، ولما كان عدد المناصب التي يجب إشغالها(1000) منصب ، فكان على الدولة توفيرها ، وكانت الثروة يستحصل عليها من الأرض، والحرف والتجارة ، ففي مطلع القرن الخامس كانت أثينا مصدرة للفخار والزيت والنبيذ ، ومستوردة للسمك والخشب والقمح ويمول الاقتصاد الرأسماليون العمل ، وكان الأغنياء يمولون الخدمة العسكرية.
وتعد اسبرطة دولة عسكرية إذ تحولت بكاملها إلى معسكر.
الأدب والمسرح اليوناني
اشتهر الأدب اليوناني بالشعر الغنائي الذي نشأ من أغاني تنشد على لحن القيثارة ، وبلغ أوج تطوره في القرنين السابع والسادس قبل الميلاد.
كما اشتهر الأدب اليوناني بالدرامي التي انبثقت من أناشيد الجوفة التي كانت ترنم في الاحتفالات الدينية.
ويشتهر الأدب اليوناني أيضاً بالملهاة (الكومديا) والفرعان الآخران للأدب اليوناني هما: الخطابة والفلسفة.
الفن اليوناني
ولد الفن اليوناني في القرن التاسع والثامن قبل الميلاد ، وكانت خطوته الأولى الفن الروائي ، وفن العمارة والنحت.
والنموذج المفضل في الفن اليوناني الرجل البطل والفتى العاري ، والأنثى الملتفة بثوبها والرسم على الجدران والآنية.
العلم اليوناني
ظهرت بواكير العلم اليوناني في القرن الثامن قبل الميلاد ، وذلك في القصائد الهوميرية التي تصف الكواكب وتورد فكرة غربية عن الكون مؤداها أن كروي.
إن أوائل العلماء اليونانيين الذين وصلت أسماءهم وهم طاليس وانكسيمندر وانكيمنيس قدموا من الشاطئ الشرقي للبحر الإيجي وعاشوا في القرن السادس قبل الميلاد، سلم طاليس بمفهوم الكون الكروي، وذهب انكسميذر على أن المادة الأساسية هي جوهر لا يمكن تحديده.
وأهم عالم في القرن السادس قبل الميلاد هو فيثاغورس الذي برهن على العلاقة بين أضلاع المثلث قائم الزاوية.
وفي القرن الرابع قبل الميلاد أسس أفلاطون(427-347ق.م) أكاديميته في أثنينا ، ثم أسس تلميذه أرسطو طاليس (384-322 ق.م) وهو أعظم فيلسوف علمي في العصور القديمة أكاديميته الخاصة في أثينا وأراء أرسطو في العالم الطبيعي أثرت على العالم طيلة الألفين سنة التالية.
قرطاجة واليونان في شمال أفريقيا
بين القرنين الثالث عشر والثامن قبل الميلاد عرف العالم القديم انسياجاً لعدد من الشعوب شمل مناطق واسعة منه ونقل جماعات متعددة من مواطنها الأصلية إلى مواطن جديدة ، وكان من ذلك وصول شعوب البحر إلى سواحل مصر والشام(فلسطين) وبعضها وصل سواحل تونس والجزائر، وانتشر في حوض البحر المتوسط الأغريقية والإيطالية ، كما في جزر المتوسط والسواحل الأفريقية والأسبانية تتاجر بالمصنوعات الزجاجية والعاجية والأقمشة والحلى والمواد الغذائية والذهب والفضة والجلود والأصبغة ، ومن هذه المستوطنات لبدة وصبراته سوسة وعنابة ومليلة ثم لكسوس (قرب العرائس الحالية) في المغرب، وتبع القرطاجيون شواطئ الأطلسي حتى انجلترا وجنوباً حول أفريقيا بالإضافة إلى مدنهم على الساحل الأسباني مثل (قرطاجنة) وفي غرب صلية وسردينيا ناقلين إلى كل مكان مع البضائع حضارتهم وعقائدهم.
وكانت قرطاجة رأس هذه الأمبراطورية التجارية(قرت حدث= القرية الحديثة) اليت أسست سنة (813ق.م) وتروي الحكايات عن سبب هجرة السارامكة صور التي أسستها ونقل إليها الفينيقيون حضارتهم، وسرعان ما أصبحت مدينة ـ دولة أفريقيا ـ وصارت أم المستعمرات الأخرى في حوض المتوسط الغربي ومركزها التنظيمي والدفاع الاقتصادي، وكانت تمد تجارتها إلى أعماق أفريقيا عن طريق دولة الجرمنت ، وعاصمتهم جرما عند مشارف الصحراء وحمادة مرزوق.
وقرطاجة كانت ارستقراطية النظم أو في آخر عهدها تكونت طبقة شعبية لا تستطيع الحكومة السيطرة عليها.
وكانت نشاط قرطاجة الأساسي يعتمد على أسطولها البحري وعلى علاقتها بالمستعمرات الأخرى، وكان جيشها من المرتزقة ودخلت في صراع سبعة قرون مع القوى المنافسة أو النامية على شواطئ المتوسط مما أضعفها في القرن الذي سبق سقوطها.
الأغريق في شمال أفريقيا
خرج أعداد كثيرة من الإغريق فأنشأوا مستعمرات يونانية في حوض البحر الأسود وفي شواطئ المتوسط، بلغ هذا التوسع ذروته بين سنتين(750-550ق.م).
ولحق الأغريق بالفينيقيين في معظم الشواطئ فاختاروا السواحل المواجهة لبلادهم فأنشأو نوقراطيس غربي دلتا النيل سنة (640) ثم أنشأوا مدينة قوريني (شحات) سنة (630) وانتقل سكان قوريني من الشاطئ إلى أطراف هضبة برقة الخصبة (الجبل الأخضر) وبعد ذلك بقليل أسست مدينة (بني غازي) التي كانت ترتبط سياسياً ببرقة.
صراع قرطاجة والأغريق
الانتشار الأغريقي شمل خاصة برقة وصلية وبدأ الصراع منذ أواخر القرن السادس رخاماً على التوسع كما جرى في المستعمرة التي أنشأها الأغريق قرب لبدة القرطاجية ، فأسرعت قرطاجة لتدميرها وبعد فترة اقتسموا النفوذ فانصرفت قرطاجة إلى مكافحة القرصنة الإغريقية في الحوض الغربي للمتوسط وطردهم لكنها هزمت سنة (480ق.م) فاكتفت بتركيز نشاطها على السواحل الأفريقية ، وجنوب أسبانيا، وعاد الصراع مع الأغريق في برقة وصقلية منذ أواخر القرن الخامس قبل الميلاد واستمر قبل الميلاد ، واستمر في القرن الرابع ، واستقر كثير من اليونانيين في قرطاجة ، ثم اندثر الوجود الإغريقي في شمال أفريقيا واندمجت بقاياه مع الغزو الروماني، وبقي أثر قرطاجة الثقافي طويلاً بعد زوالها سنة (146ق.م).
الإسكندر المقدوني
ولد الإسكندر وهو ابن فيليب المقدوني وأولمبيا أميرة إبيروس. في بيلا في مقدونيا عام (356ق.م) وتوفى في بابل عام (323ق.م) ، وتتلمذ على يد أرسطو طاليس الفيلسوف بين سن الثالثة عشر والسادسة عشرة واعتلى عرش مقدوميا عام (326ق.م) قعد حادث اغتيال (أبيه ، وكان فيليب قد قاد فرقة فرسانه قبل ذلك بسنتين في معركة خايروينا التي قضت على الأمل في استعادة أثينا زعامتها على بلاد اليونان وأعطت الزعامة للمقدونيين ، وبعد اعتلاء الاسكندر على العرش زحف جنوباً على اليونان وعبر الإسكندر البوستور عام (324ق.م) وزار طروادة وفتح آسيا الصغرى ، وواصل زحف على صور وسقطت في يده في يوليو عام (332ق.م) وبعد تدمير صور توجه نحو مصر وأسس الإسكندرية وزحف شرقاً إلى الفرات ، وفي عام (330ق.م) أحتل عاصمة فارس بيرسبوليس وأعاد اليسساليين واليونانيين إلى بلادهم ، وقرر إقامة إمبراطورية فارسية مقدونية ، وزحف على أفغانستان وبلاد ما وراء النهر ليطارد قائد تمرد عليه ومن ثم إلى سمرقند ، وفي عام (327ق.م) زحف إلى الهند ، وبعد إنهزام الأمير الهندي بورس رفض رجال الإسكندر التقدم أكثر من ذلك وفي (13) يونيو عام (323ق.م) قضى نحبه، ولم يكن قد بلغ الثالثة والثلاثين من العمر وبدأت إمبراطورية في الحال تقريباً وأخذ القادة الإقليميون يطلقون على أنفسهم ألقاب الملوك.
وكان قد أراد أن يغزو بلاد العرب لولا أن الحمى قد باغتته.
خلفاء الإسكندر
البطالمة
حين توفى الاسكندر المقدوني فجأة بالملاريا سنة (323ق.م) كان الفراغ الذي تركه أكبر من أن يملأه أحد من قواده ، وعاد الانسياح الإغريقي الواسع على العالم القديم ، فتحول بعد الاسكندر إلى زحام بين قادته على حكم الإمبراطورية ابنه الطفل الذي ولد بعد موته ، ولم يكترث له حلفائه الذين استمرت حروبهم من أربعين سنة(322-281) وظهرت التمردات الإقليمية وانقسمت الإمبراطورية المملكة المقدونية والمملكة السلوقية والمملكة البطلمية.
البطالمة:
كانت مصر حصة القائد بطليموس أحد حرس الإسكندر الخاص السبعة ، وتولى على العرش البطلمي ملوك يسمون بالبطالمة من الأول حتى الخامس عشر ، وكانوا أحياناً يحكمون بالاشتراك مع زوجاتهم أو أخواتهم أو أبنائهم، من هؤلاء المشتركين سبع من الملكات يحملن اسم كليوباترا وكانت الأخيرة هي المشهورة التي عاصرت الفتح الروماني لمصر ، وامتدت إمبراطورية البطالمة إلى برمة وقبرص وجنوب سوريا وشطر من ساحلها أحياناً ، وبعض المدن الإغريقية ، وبعض المدن الإغريقية ، وبعض سواحل آسيا الصغرى ، وبعض جزر بحر إيجه بالإضافة إلى أراضي مصر حتى النوبة ، وكانت الإسكندرية هي العاصمة ، وكان الأهالي يميزونها عن البلاد كلها بتسميتها بالمدينة.
وسقطت دولة البطالمة نتيجة اصطدامها بقوى الإمبراطورية الرومانية التي طمعت بثروتها وتجارتها ، وجاءت النهاية في عهد كيلوباترا (وهي كيلوباترا السابعة) وانهزمت في معركة اكتيوم سنة(31ق.م) وانتحرت بينما كانت مصر تتحول إلى ولاية رومانية.
السلوقيون
برز اسم سلوقوس الأول(312-280ق.م) الملقب نيكاتور(المنتصر) حين استولى على أكبر أجزاء الأمبراطورية من حوض السند ، وحيحون إلى شواطئ الشام الشمالية ، وإن فشل في ضم آسيا الصغرى ومقدونيا، وما لبثت هذه المملكة أن فقد أجزاءها الشرقية كلها بالتدريج حتى انتهت دولة لسوريا فقط.
حاول أنطيو خوس الثالث الكبير(223-187) أحد أحفاد سلوقوس أن يعيد المجد لهذه الدولة فتوغل بالحروب إلى وادي السند ، واهتم بتجارة الجزيرة العربية يريد السيطرة عليها فرده الشواطئ الصعبة البعيدة(204ق.م) وحارب البطالمة عشرين سنة حروباً طويلة ناجحة استعمل فيها الفيلة ، وكان موضوع الخصومة الدائم بين السلوقيين والبطالمة هو السيطرة على جنوب سوريا ، وانتهت بسيطرة البطالمة عليها بعض الوقت، لكن السلوقيين عادوا في عهد إنطيوخوس الرابع(175-164) فحاربهم ودخل بلادهم حتى الإسكندرية سنة(119ق.م).
وبدأت فترة الضعف السلوقي قبل أواسط القرن الثاني قبل الميلاد، في تلك الفترة كان الأنباط يستقلون الظروف ليقيموا دولتهم على هامش الدولة جنوب سورية ، وكانت مجموعات عربية أخرى تتوغل في الأراضي السلوقية وتنشئ دولاً محلية (مثل بني الأبجر في الرها واليطورين في عنجر وبني شمس الكرام في حمس).
وضعفت الدولة السلوقية بعد توسع الفرس(130ق.م) على حسابها ثم الأرمن الذين اكتسحوا سوريا (69ق.م) ثم جاءتها الضربة القاضية على يد القائد الروماني بومبي الذي احتل سوريا سنة (64ق.م) وجعلها ولاية رومانية.
الإسكندرية في العصر الهلينتي
أدت فتوحات الإسكندر (333-323ق.م) إلى منح الشرق صبغة هلينية في الثقافة والدين والعادات والتزاوج ، وقد بنى عدداً من المدن منها الإسكندرية سنة(333) التي سرعان ما أصبحت مركزاً للعلم والفكر اليوناني ومركزاً تجاري على البحر المتوسط ، والالتقاء بالثقافات المصرية والفينيقية والعبرية ، وهذا المزج سمي الهلينية ، وكانت الإسكندرية في العهد البطلمي قائدة هذه الثقافة ، وكان أكثر علماءهم إغريق.
الكتين
تطلق لفظة (لاتين) على هذه الحقبة من حضارة الكتين حوالي(500ق.م)، وجاء اسم لاتين من اسم موقع أثري هام، وكان الكلتيون ارتسقراطيين جداً في نظامهم الاجتماعي وكان النظام الملكي شائعاً بين قبائلهم ، تأتي أولاً الطبقة المالكة المحاربة ، ثم طبقة المزارعين الأحرار، وقد اجتاح الكتيون أوربا الوسطى في القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد ، والتغلب على جيرانهم الأترسكيين في حوالي (400ق.م) وتدمير روما عام (390ق.م) ونهب معبد دلفي عام(279ق.م)، وتمكنت روما عام (225ق.م) من قهر الكلتيين في تيلامون بإيطاليا بعد قتال مرير أخضع الكلتيين نهائياً، ولم تسلم من السيطرة الرومانية في الجزر البريطانية سوى إيرلندا، وجزء كبير من اسكتلندا.
ودامت الإمبراطورية الرومانية إلى القرن الخامس الميلادي ، لكنها منذ القرن الثالث أخذت تتعرض لغزو البرابرة ، القادمين من الشمال، من شرقي نهر الراين والسهوب الشرقية لأوربا ، وقد حظم البرابر الإمبراطورية الرومانية.
الأترسكيون
الحضارة الأترسكية حضارة قائمة بذاتها ، واللغة هي التي وحدت بينهم ، فليس لهم وحدة حضارية تامة ، وكانت مدنهم متطورة عمرانياً ، وكذا الهندسة المدنية ، وعرفوا بتحويل الجداول التحري تحت الأرض منعاً لتعرية التربة وطريقة حفر الأنفاق للأنهار لتمر تحت الطرق عوضاً عن بناء الجسور فوقها، كل ذلك يبرهن على هذه المهارات ، وقد ساهم الأترسكيون في الحضارة الرومانية.
وانتهى العهد الأثر سكي والنظام الملكي في الوقت نفسه في أعقاب تاركينيوسن سوبربوس في عام (509ق.م) فأخذ يشرف على شؤون روما قنصلان منتخبان ومجلس شيوخ يكون من أغنياء يعرفون بالنبلاء.
وتعتبر روما الجمهورية ( 509-27ق.م) دولة ديمقراطية ، إذا كان مجلس الشيوخ ومجلس الشعب يكونان السلطة التشريعية في الجمهورية، والحكام يستكملون السلطة التنفيذية ، وكان مجلس الشيوخ هيئة استشارية ويراقب المال العام ، ويقترح القوانين ، ويتخذ القرارات المتعلقة بالحرب والسلم والسياسة الخارجية بصورة عامة ، ومجلس الشعب يوافق على التشريع المقترح أو يرده.
كان مصدر سلطة مستبدة إذ حشد قيصر أنصاره في مجلس الشيوخ وعين بنفسه بعض القضاة وقيل منصب المستبد الطاغية مدحاً الحياة، وقد تولى قيصر منصب الطاغية مرتين أن بتقلده لمدة عشر سنوات في عام (47ق.م) ، ودبر بروتوس(85-42ق.م) وكاسبوس توفى(42ق.م) مؤامرة واغتيال قيصر في أحد اجتماعات مجلس الشيوخ في (15) مارس عام (44ق.م) أملاً في انقاذ الجمهورية ، لكن هذه كانت ضد ضعفت إلى درجة اليأس ، وكان من أكثر نقاط الضعف في النظام الإمبراطوري في عهد أغسطس عدم وضع ضيفة ثابتة لمبدأ الخلافة، لذلك ، وفي عام(68م) ، عندما قتل آخر حاكم من سلالته المباشرة وهو نيرون المعروف بعدم اتزانه. وقدمت الفئات العسكرية المختلفة أربعة مرشحين لمنصب الإمبراطور في وفي أعقاب حرب أهلية رهيبة فاز فيسباسيان حكم (69-79م) بالمنصب فأدخل نظاماً يقضي بأن (يتبنى) كل إمبراطور خليفته مما أعطى للإمبراطورية بعض الاستقرار.
وفي عهد تراجان حكم(98-117) أشع حدود الإمبراطورية ثامنة وأضيفت إليها دارسيا وأرمينيا ، وبلاد ما بين النهرين ، إلا أن هادريان حكم(117-138) يحكي عن المقاطعتين الأخيرتين.
وفي عهد الأباطرة الأنطونينين بلغة الإمبراطورية قمة السلام وانتشرت فيها اللغة اللاتينية والثقافة اليونانية إذا أصبحتا عامل واحد وتعاظمت ثروة روما من الغنائم.
وفي عهد مرقس أوريليوس حكم(161-180) انتهت فترة السلام، ففي الشرق رد الرومان هجوماً ، وقد رجع الجنود مصابين بالطاعون الذي اجتاح الإمبراطورية بأسرها وحط من طاقتها البشرية، وعلى حدود الرايين، والدانوب كانت أمواج هجرات القوط إلى أواسط أوربا تدفع أمامها البرابرة نحو المقاطعات الرومانية، وفي عام (97) اجتازت عدة قبائل نهر الدانوب وجبال الألب وزحفت على إيطاليا ، كما اجتاحت داسيا، وهكذا قضى مرقس أوريليوس بقية سي ملكه يحارب من أجل إعادة ترسيخ الحدود.
قرطاجة وروما
حولت أفريقيا ولاية رومانية وسط الحماية على مملكات نوميديا التي أصبحت مفتوحة لتجارة الرومان مع البربر، ومنيت نوميديا بالتقسيم أكثر من مرة بين ورثة الملك.
لكنها توحدت مرة تحت حكم يوغرتا (150-104ق.م) الذي اراد أن يوحد المغرب كله، واحتل سرت، وأرسلت عليه روما حملتين تأديبيتين لم تستطع الانتصار عليه إلى أن قاد ماريوس ومالي حملة سنة (107ق.م) هزمه فيها وأسره، وعند ذلك ضمت نومديا إلى الإمبراطورية المتوسعة.
شمال أفريقيا والاستعمار الروماني
بعد تدمير قرطاجة سنة (146ق.م) صارت أفريقيا طعمة لروما قسمتها أربعة أقسام ولاية أفريقية (قرطاجة) تحت حكمها المباشر، مملكة نوميديا الحليفة وعاصمتها قرطة (قسطينية) موريتانيا القيصرية في غرب الجزائر وعاصمتها أيول (شرشال) وولاية المغرب (موريتانيا) الطنجية، ولقد كثرت الثورات خلال معظم عصر الإمبراطورية الرومانية ، ولم تستطع روما قمع هذه إلا بالتأمر الذي انتهى بانتحار زعيمها وخلال عصر المقاومة العنيدة الطويلة استطاع شمال أفريقيا أن يبعث إلى روما الإمبراطور هو سيبتميوس سيفروس من أهل لبدة كان قائداً للجيش في سوريا ، واختير إمبراطوراً فمنح شعوب المستعمرات حق المواطنة، ومنع احتكار الرومان للمناصب القيادية ، وأقام على عرش روما أسرة ليبية ـ سورية كان منها ثلاثة أباطرة(193-235).
وعندما انتشرت المسيحية في القرن الثالث أخذت المقاومة لروما الشكل الديني ، وتفاقمت الثورات بعد ذلك واتخذت منحى آخر.
المشرق وروما
بعد 32 سنة أخرى واكتمال تطويق الإمبراطورية الرومانية لشواطئ البحر المتوسط باحتلال مصر سنة(31ق.م) وإنهاء المملكة البطلمية ، وصار المتوسط بحيرة رومانية ، وسيطرت روما على مصبات تجارة الشرق مما أعطى سوريا ومصر شأنهما الهام ضمن إطار الإمبراطورية، وكانت مع أفريقيا عنابر الغلال الثلاثة الملونة لروما بالقمح، كما كانتا الثغور لتلقي التوابل والبخور الأفاوية والخمور والعطور والزجاج والأقمشة والبلدان القريبة الأخرى تحمل كل ذلك إلى موانئ سورية ومصر ، كما كانت دولة جرمة تحمل منتجات ما وراء الصحراء الكبرى إلى شواطئ ليبيا وأفريقيا.
دور عرب الجنوب
يرجع سكن الشعوب اليمنية إلى حوالي سنة (1500ق.م) وانتهت دولة أوسان في النصف الأخير من القرن الخامس قبل الميلاد على يد كرب إل ملك سبأ، وكان نفوذها يمتد على السواحل المواجهة لأفريقيا ما بين حضرموت إلى عدن، وكانت تنافس سبا منافسة قوية ، ولملوكها صفة دينية، وظلت قبائل أوسان واضحة الوجود والذكر ، بعد زوال نفوذها السياسي إلى القرن الثاني للميلاد، حين دمرت مدنها وحصونها في بعض الحروب بين سبأ وقتبان .
ودولة معين قامت في منطقة الجوف وهي من أخصب بقاع اليمن، واستمرت من القرن (8ق.م) إلى أن زالت حوالي نهاية القرن الأولى قبل الميلاد، وعاصمتها قرناو ، ومن مدنها يتيل التي كانت المركز الديني الرئيس لسكان المنطقة، وامتد نشاط معين التجاري أوسع بكثير من نفوذها السياسي،وكانت معين متحالفة سياسياً وتجارياً مع حضرموت.
وترجع دولة قتبان إلى القرن العاشر وحكمها ملوك بلقب مكرب منذ القرن السابق قبل الميلاد وفي القرن الرابع كانت قتبان تسيطر على الشريط الساحلي ما بين المندب إلى ما وراء عدن ، وبلغت ذروة قوتها في القرن الأولى قبل الميلاد، ثم انطفأت أواخر القرن الأول الميلادي تحت ضغط دولة حمير وأحرقت عاصمتها، وأقام القتبانيون عاصمة جديدة لهم بعد ذلك، ولكنهم سرعان ما انضموا تحت لواء سبأ.
وأما دولة حضرموت ترجع إلى القرن الخامس قبل الميلاد، وبدأت في وادي حضرموت ، وامتدت نحو الساحل وضمت مهرة وظفار، وعاصمتها شبوة ، وكانت على علاقة تحالف مع معين في قرون ما قبل الميلاد، واستفادت من سقوط قتبان للسيطرة على بعض أراضيها ، إلى أن ضمها ملك حمير إلى مملكته في القرن الرابع للميلاد.
وجاء السبئيون إلى اليمن من الشمال حوالي سنة(1200ق.م) وتشكلت دولتهم في صرواح حوالي القرن الثامن قبل الميلاد ، واتسعت تدريجياً بعد أن انتقلت العاصمة إلى مأرب حوالي سنة (610ق.م) وقبل القرن الخامس كان السبيون قد اجتازوا البحر الأحمر إلى البر الأفريقي ، وكانت لهم علاقات مع الأشوريين في أعالي الشام ، وما بين النهرين توسعت مملكة سبأ على حساب الدول المجاورة ، وقامت من أجل ذلك بحروب عديدة مدمرة، أدت في النهاية إلى ضعفها، ثم انهيارها بإنهيار سد مأرب وانتقال عاصمة الملك سنة (115ق.م) إلى ريدان.
وبدأت دولة حمير التي تفرعت عن سبأ وامتد عهدها الأولى إلى عهد ملكها شمر يرعش(275-300م) وعهدها الثاني إلى سنة (525م) وهو عهد التبابعة، حين سيطرت على اليمن وحضرموت وتهامة ، وحلت عاصمتها ظفار محل مأرب ، وقرناو في أوج ازدهارهما ، وحاول الرومان بعد سيطرتهم على الحوض الشرقي للمتوسط في القرن الأول قبل الميلاد، والاستيلاء على اليمن حملة إيليوس غالوس سنة( 25ق.م) ، وقد حاولوا السيطرة على طريق التجارة العالمية عبر مكة إلى الشام في حملة أصحاب الفيل لكنهم فشلوا ، ثم استطاعت اليمن التحرر منهم على يد سيف بن ذي يزن الذي أعانه الفرس على ذلك بسبب مصلحتهم التجارية والسياسية.
حضارة عرب الجنوب
التقدم الحضاري الذي عرفه الجنوب منذ مطلع الألف الأولى قبل الميلاد إلى القرن السادس بعده يضع اليمن في مصاف الحضارات الأولى في العصور القديمة.
والتكوينات البشرية في اليمن هجرات قديمة من الشمال أو الغرب وذلك لمناسبة المناخ ولتوفر الأمطار والخصب في الوديان والسفوح ونشوء الزراعة والقرى وحضارة اليمن زراعية ، وقد تطورت لديهم تقنيات الزراعة والري تطوراً كبيراً، وكانوا يزرعون السفوح على شكل مدرجات ويحرفون الآبار والصهاريج في الصخر ، ويقيمون السدود على مجاري السيول ، ويمدون منها القنوات المنظمة إلى مسافات بعيدة وينشئون الجنات وحضارة اليمن تقوم على الزراعة والتجارة وهي تتاجر بالبخور واللبان والعود والمر والصمغ تنتجه الصومال ، وتتاجر بالتوابل والعسل والشمع والبهارات والأحجار الكريمة، والتي عرفان والأنسجة الإرجوانية والموشاة بالذهب والقطنية والحريرية ، وهذه التجارة تعبر الطرق البحرية البرية ، وكانت اليمن تتاجر بالسيوف اليمانية ، وصياغة الحلى مع الحجارة الكريمة والنسيج (البرود المخططة) والتعدين) واستخراج الذهب.
واشتهرت اليمن بالقصور ذات الطواب وبالمعابد الضخمة وأسوار المدن والقلاع والمنحوتات المختلفة.
الكتابة
كان لأهل اليمن لغتهم العربية المختلفة عن اللغة الحالية، وكانت تحوي عدداً من اللهجات ، وكانت لليمن كتابة المسند المأخوذ من الفينيقية ، وتتكون من (29) حرفاً ، وتكتب منفصلة عن بعضها البعض، ومعظمها له شكل الخطوط العمودية ، وظل هذا الخط معروفاً إلى ما بعد الإسلام بأربعة قرون ، وقد ظهر في القرن التاسع قبل الميلاد.
الدين
عرفت اليمن اليهودية والنصرانية ، ولقد اعتنق الملك الحميري ذو نواس اليهودية كيداً بالأحباش وأجبر المسيحيين على اعتناقها بالتقل والتحريق في الأخدود، وكان من نتائج ذلك حملة الأحباش بتحريض من الروم على اليمن واحتلالها، وبناء كنيسة القليس في نجران ، ولقد حاولوا احتلال مكة في حملة الفيل سنة (565).
وكانت أشهر المعبودات في اليمن الزهرة والشمس والقمر وإل وذي سماوي(إله السماء) وكانت طبقة الكهنوت هي التي تشرف على العبادة.
امتدت حضارة عرب الجنوب عبر البحر الأحمر ، وقامت عليه حضارة أكسوم ، وهاجرت من اليمن قبائل الأزد إلى عمان وعسير والغسانة ولحم المتاذرة وكندة وطي هاجرت إلى الشمال.
دول عرب الشمال
العلاقة بين جزيرة العرب والهلال الخصيب علاقة قديمة جداً عبر طرفية الشرقي(جنوب العراق) والغربي(جنوب الشام) فكانت في الألف قبل الميلاد عن علاقة الثمود واللحيانيين وعرب الجوف وتراجعت الجماعات العربية تتراجع في التجارة والقوة خلال العهد الهليني (في القرون الثلاثة السابقة للميلاد) وحلت محلهم شعوب عربية أخرى ، وتكون دولاً ومنها بنين الأبجر في الرها وشمس الكرام في حمص والبطوريون في عنجر على أن أهمها:
1- الأنباط:
والأنباط من عرب جنوب الجزيرة ، وقد استوطنوا الجزء الجنوبي من الأردن ، وقويت شوكتهم هناك بالتدريج منذ القرن الخامس قبل الميلاد إذ أصبحت بلادهم وعاصمتهم البتراء مركزاً هاماً لقوافل التجار بين الجنوب وشعور البحر المتوسط وبلغت مملكة الأنباط أوج غرها في القرن الذي سبق الميلاد والقرن الذي لحقه ووصلت سلطتها إلى دمشق ، وحافظوا على منعتهم ، واستقلالهم تجاه السلوقيين ثم أيام الرومان الذين احتلوا سوريا ، ثم مصر سنة(65) ، ثم سنة (31ق.م) وتعاونوا مع الطرفين لكنهم في النهاية ما لبثوا أن اصطدموا بالجشع الروماني أكثر من مرة حتى احتل تراجان عاصمتهم(106) ، ثم أضحت بلادهم مقاطعة رومانية سنة(160م) باسم الولاية العربية الصخرية ، وشملت بلدة بصرى التي جعلت عاصمة لها وربطت مع خليج إيله (العقبة) بطريق روماني مع أن سلطان الأنباط السياسي قد زال فإن نشاطهم التجاري استمر عدة قرون بعد ذلك، وكانت قوافل النبط في أوائل الدعوة الإسلامية تسير بين الجوف والشام ومكة.
2- تدمر:
تدمر واحة في بادية الشام فقد وجد فيها ناس منذ العصر الحجري القديم ، وقد عرفت الزراعة والحيوانات في العصر الحجري الحديث.
وأول إشارة إلى تدمر تاريخية تعود إلى مطلع الألف الثاني قبل الميلاد، وسكانها في ذلك العهد العموريون ، ثم صارت في أواخر الألف الثاني قبل الميلاد، للأراميينين الذين اختلطت بهم القبائل العربية بالتدريج ، وكانت تدمر تشارك في العمل التجاري في القرون التي سبقت اليملاد، فلما ضعفت البتراء بعد احتلال الرومان لها وتكاثفت الطرق التجارية القادمة من الخليج العربي عبر بادية الشام ازدهرت تدمر وبلغت أوج قوتها التجارية والسياسية في القرنين الثاني والثالث للميلاد معظم آثارها الرائعة الباقية تعود إلى هذه الفترة.
استفادت تدمر من موقعها في البادية على الحدود الشرقية للإمبراطورية الرومانية ، وكان ارتباطها بها إسمياً وحظيت من الرومان بالكثير من التقدير بسبب مكانتها الحربية والاقتصادية ، ولكنها أخذت سمعتها السياسية الحسنة أيام أميرها أذينه(260-268م) الذي هزم شابور الأول ملك الساسانيين حين أراد غزو الشام سنة(265م) ، ولمارده إلى عاصمته المدائن ومنحته الإمبراطورية الرومانية لقب(دوق الشرق)، وصارت سيادته الأسمية تشمل مصر وسورية والأناضول وأرمينية ، ولكنه قتل سنة (268) وتولت الوصاية بعده على عرش تدمر زوجته زنوبيا(الزباء) وتسمت (بملكة الشرق) وقررت الاستقلال عن رومة فطرد جويشها إلى أنقرة ، وصارت سيدة الشرق كله من مصر إلى الأناضول ، ولكن الرومان حشدوا لها قواتهم في البحر والبر في الوقت الذي كانت تخشى هجوم الساسانيين من الشرق وهزمت جويشها في حمص وحاضرها الإمبراطور أورليان في تدمر سنة (273) تم فتح المدينة وسارت زنوبيا لتقضي أيامها الأخيرة في روما ، لما ثارت تدمر بعد ذلك عاد عليها أورليان فدمرها وخسرت مكانها التجاري بسرعة أثر ذلك.
3- مملكة عربايا(الحضر مدينة الشمس):
الحضر واحدة قديمة جنوب غرب الموصل أخذت في الإزدهار الواسع مثل تدمر منذ القرن الأول للميلاد ، كمركز عسكري على حدود الفرس والرومان ، وكمركز ديني لقبائل المنطقة وزادت قيمتها مع تكاتف التجارية عبرها، وحكمت فيها سلالة عربية أكثر من ثلاثة قرون، وبدأت بأمير عربي اسمه سنطروق(لدى العرب الساطرون) وكان يلقب بملك العرب، وعرفت المملكة باسم عربايا.
وكانت ضمن النفوذ الفارسي عديلة تدمر بالنسبة لروما واشتهرت بالقوة الحربية وصدت هجوم الإمبراطور تراجان عليها سنة (117م)، كما فشل الإمبراطور ستميوس سيفروس في اقتحامها سنة(198-199م) ، بعد أن قذفته بقذائف نارية عرفت بالنار الحضرية ، وبأقواس مبتكرة .
بعد هذه المعركة استعلت الحضر عن النفوذ الفارسي، ولكن ظهور الأسرة الساسانية واستيلاءها على العراق سنة(220) جعل أهل الحضر يواجهون الساسانيين ويحالفون الرومان ، ولم يستطيعوا المقاومة طويلاً لأن شابور الأول حاصرها سنة كاملة(240-241) فلما دخلها تركها بعد النهب والتخريب ، ولم تترد الحضر مكانتها بعد ذلك بسبب تغير الحدود الساسانية الرومانية ، وتحويلها الديني مع الساسانيين إلى الزرادشتية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق