الاثنين، 9 يناير 2012

الغاية
الغاية من الأشياء خدمة الإنسان ،والغاية من الإنسان عبادة الله لأن الله تعالى سخر له كل شيء ،فالأشياء قيمتها بهذه الغاية، فالأشياء يكتشفها الإنسان يسخرها بحسب نظامها التي هداها إليه فالله أعطى كل شيء خلقه ،ثم هدى وأعطى الله تعالى الإنسان القدرة على أن يصنع نماذج كاملة ،فهو يستمتع بقدر ما يقترب نموذج الكمال في الأشياء بحسب تصوره.
غاية العقل التوصل إلى الحقيقة ،وغاية السلوك الخير وغاية الوجدان الاستمتاع بالنماذج الكاملة من الأشياء ،وهذا الاستمتاع هو الشعور بالجمال، فالجميل هو الشيء الذي بلغ كماله النسبي فالكمال المطلق لله فقط.
الخير والحق والجمال في العقل مبادئ عامة ،ومجردة غير مشخصنة تتجاوز الزمان والمكان ،وهي أبدية غير ثابتة غير متغيرة مستقلة قائمة واضحة لذاتها وصادقة بالضرورة ،وتدرك بالبداهة المباشرة وبالحدس وتبدو في صورة أوامر مطلقة تفرضها علينا الفطرة ،فهي غير مشروطة يمنعه أو هدف ،فهي هدف محض يستجيب له الإنسان ولا يجد له تقليلاً ، الخير يقاس بها العادات والتقاليد والاجتماعية والجمال يقاس به الانفعالات والمشاعر والعواطف والحقيقة والخير والجمال كلها مطلقة وثابتة غير متغيرة ،فالناس لهم قواعد أخلاقية واحدة ،فهي لا تزال بأسباب نفعية خالصة وغير تاريخية ،فالقيم تفرض على الناس بالفطرة الالتزام بها، والمجتمع أفراد مجتمعين فلذا لهم على بعضهم ،واجب التعاون لتحقيق الرخاء العام ، ولا بد من سلطة سياسية تحافظ عليها ،وتضبط سلوك الناس بها والإسلام ما هو إلا عقيدة وشريعة أخلاقية ،فالنبي صلى الله عليه وسلم جاء ليتم مكارم الأخلاق ، فالناس حقيقة جوهرية وواقعية كما أن الفرد من الناس حقيقة جوهرية موجودة جوهري ،وحقيقي وواقعي والمجتمع مكون من أفراد ،فكما أن الفرد موجود ،والأفراد يتبادلون المنافع من أجل تحقيق المصلحة لهم جميعاً فعدم الاعتراف بكرامة الناس يؤدي إلى الاستبداد بهم ونسبان حقوقهم العامة والخاصة.
الاستبداد ناتج من فرد من الناس يجعل نفسه هو الغاية والناس الآخرين أدوات في يده يحققون له أغراضه الخاصة.
الإنسان بطبيعيته يستهدف من عمله شيء يريد أن يحققه حتى الدافع ما هو إلا استهداف شيء من عمله ،والعمل تدفعه النية والنية عبارة عن مشروع يبتغي منه مصلحة لنفسه أو لغيره ،فالمشكلة تثار إذا تعارضت المصلحة الخاصة مع المصلحة العامة ،والعمل إرادة إرادة حرة ،فهي تصبح غير حرة إذا لم تجد إمكانيات تسخرها لتحقيق الغرض والذي يدفعنا إلى فعل الخير هو الالتزام بالقانون الأخلاقي الذي فطرنا الله تعالى عليه ،وأمرنا به بالوحي ونحن إذا آمنا بهذا القانون تحمسنا له وإذا تحمسنا تقدمنا إلى ما نريد رغبة في فعل الخير ،فالأخلاق قائمة على النية والنية الخيرة تقاس بمدى النتائج الخيرة التي تعود آثارها على الإنسان أينما كان.
حبنا للإنسان هو الذي يدفعنا أن نعمل على سعادته ، الأخلاق مجرد تعليمات تأمرنا بأن نفعل الخير للإنسان حباً له.
الأخلاق قواعد فطرية يأمرنا بها الوحي ،والأخلاق هي الإحسان إلى الناس.
القوانين الأخلاقية تقرر علاقة الصلاحية صلاحية السلوك لتحقيق الخير بينما القوانين الطبيعية تقرر علاقة العلية فنحن نكتشف القانون الطبيعي بالملاحظة، والتجربة أما القانون الطبيعي فهو قانون منطقي فطري مثل قانون عدم التناقض نكتشفه بالحدس. لا يوجد في العالم أو خارجه يمكن أن يكون خيراً سوى الإرادة الصالحة وقانون الأخلاق قانون يأمرنا بفعل الخير، فهو لا يتحقق في الواقع إلا إذا اتفق عليه الناس جميعاً فالمجرم هو الذي يخالف قانون فعل الخير، فإذا لم نتفق عليه تناقضنا مع.
الأخلاق هي معاملة الناس باعتبارهم غايات في أنفسهم لا مجرد وسائل والعمل الخير مفروض علينا من داخلنا بالطفرة وبالوحي وفاعل الخير لا بد أن يكون بالغ عاقل مختار قادر على فعل الخير، وعمومية القانون الأخلاقي تجعلنا لا نبني سعادتنا على شقاء الآخرين ومن هنا نشأت فكرة المجتمع ذلك أن الأفعال لا تكون صالحة أو طالحة بحد ذاتها بل في نتائجها المنعكسة على الناس فإذا استفاد منها الناس حكم عليها أنها خير ، وما الأشياء إلا وسائل تساعده على إسعاد بعضنا بعضاً، وذلك يقتضي توزيع الرخاء بحيث يأخذ كل واحد نصيبه مما يشبع حاجاته وهو تحقيق حد الكفاية للجميع، وهذا ما يسمى بالعدالة التوزيعية وبذلك نفضل المصلحة العامة على المصلحة الخاصة لأنه من الظلم أن نبني سعادتنا على شقاء الآخرين أو نشبع حاجاتنا بحرمان الناس منها.
الخير هو الحكم على استعمال الأشياء من أجل المصلحة العامة والذي يقوم بالعمل الصالح هو الإنسان الصالح ،والهدف من التبرية تربية الإنسان على الصلاح.
إن الخير في التنظيم الاجتماعي وسيلة يستخدم من أجل الرخاء العام، وصلاح المجتمع من صلاح أعضائه والخير ينبع من مسئولية الجميع لتحقيق الرخاء كفاية بحد ذاتها فلذا كان من الضروري أن يكون أمرهم شورى بينهم وهذا يقتضي بدوره أن يؤثروا الناس على نفسهم لو كان بهم خصاصة، وهذه بدوره يؤدي إلى توفير حد الكفاية لكل مواطن، والمسئولة تقتضي الثواب والعقاب والثواب على فعل الخير، والعقاب على فعل الشر والمسئولية مقتضى البلوغ والوعي والاختيار والاستطاعة والعلم بالقانون والتعمد فالمكلف الذي يرتكب جريمة لابد أن يعاقب والذي يفعل الخير لا بد أن يشجع على فعل الخير بمكافأته وما دمت الحياة الدنيا لا يحقق فيها العدل الدقيق ،فإنه لا بد من يوم الحساب ولابد أن يراقب الإنسان ربه في السر والعلن ويفعل الخير رغبة في الجنة وخوفاً من النار ،وقاعدة العدالة تقول الجزاء من جنس العمل فإن كان خيراً فخيراً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق