الاثنين، 9 يناير 2012

الوجود
الوجود كلمة تطلق على غير المعدوم نوحري بنا أن نسأل هل كان الوجود في الأصل كله معدوم ،ولو كان الوجود كله معدوم لما وجد الآن.
هل الوجود وجد من نفسه تلقائياً؟ مستحيل فالمعدوم لا يخلق نفسه لأن الخالق لا بد أن يكون سابق على المخلوق، فالخالق فاعل والمخلوق مفعول به ،فالفاعل منفصل عن المفعول به ،فالخالق لا بد أن يكون الأول وليس قبله مخلوق ،فيستحيل أن يكون مع الخالق عندما خلقه ،فالخالق سبحانه ليس له بداية لأنه هو خالق الزمن ولا يعد لأنه هو خالق العدد والمعدودات والعادين، وليس له مكان لأنه خالق المكان وهو الآخر ليس بعده شيء لأنه يعيد المخلوقات التي فناها فالكون له بداية كما له نهاية كما أثبت العلم.
كلمة وجود له معنى مجرد يطلق على كل شيء والوجود منه الحي الذي يدرك بالحواس، ومنه المعنوي المجرد المفارق للمادة والذي يكون موضوعاً، لتأملات العقل.
الوجود وجود جوهري ثابت لا يتغير بتغير أعراضه ،فإنه إذا تغير أصبح غير نفسه ،والوجود الجوهري تلحقه التغيرات (الصفات) فهو يحرك ولا يتحرك لأنه إذا تحرك انتقل من نفسه إلى غيره ،فلا يتعدد ولا يتنوع ولا يختلف باختلاف أعراضه، فهو واحد لا يتعدد ،ولا تكثر بل هو متجانس مع نفسه.
أصل الوجود أن الله قد خلقه بقوله كن فكان (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) يس: ٨٢.
ومصيره الفناء لأن الموجودات سوف تفنى إلا الأرواح ،فإنها خلق خلق الله تعالى للبقاء الروح كالشريحة تبرمج بالمعلومات ،فالروح في عالم الذر روح صرفه ،فإذا لبست الجسد في الرحم دخلت في الجسد وأخذت تتشكل به، وإذا خرجت من رحم الأم خضعت لقوانين المادة حتى تغادر الجسد إلى عالم البرزخ ،فتخضع لقوانين عالم البرزخ ،فالروح في الحياة الدنيا نتغير خلاياها وذراتها كل عشر سنين ،فالروح هي العلاقة التي تعلق عليها الخلايا ،والذرات فلو سقطت العلاقة سقطت الخلايا والذرات والذرات والخلايا قبل أن تغادر الاجسد بعملية الهدم تعطي الخلية القادمة نفس الخارطة حتى تبنى على نفس النمط فالخلايا تتناسق مع بعضها البعض معلوماتياً، والجهاز العصبي يتسقبل المعلومات من أعصاب الحس ليرسلها إلى المخ والمخ يرد عليها بحسب النظام الذي برمجت عليه.
هل الوجود عنصر واحد أن عنصران أم عناصر متعددة ، ما طبيعة هذا العنصر أو العنصران أو العناصر؟ أم هو مادي خالص ،فلا شيء في الوجود غير المادة أم روح خالص.
هل الجوهر قديم أزلي أبدي ،فإذا قلنا بأزلية الأشياء انكرنا وجود الله تعالى ،فإنكار وجود الله تعالى مستحيل لأنه من المستحيل أن تكون الأشياء خلقت من غير شيء ،فبداية الأشياء دليل على أن الله تعالى هو المبدئوما دامت لها نهاية، فذلك دليل على أن الله المعيد ،فتغير الأعراض دليل أن الوجود له نهاية أي الوجود يفي ،والروح تبقى القادر على خلق شيء لا يعني والأعراض وأشياء لا تغني ،وهي الأرواح وذلك لأن الله على شيء قدير لا يعجزه شيء على الإطلاق.
ما دامت الأشياء لها بداية ،فهي مخلوقة خلقها الله تعالى الذي هو على كل شيء قدير ،وبكل شيء عليم لا يسأل عما يفعل ،وخلق الله خلق لا يعصي الله ما أمره ويفعلون ما يؤمرون ،وهم الملائكة الكرام عليهم السلام ،وخلق خلق مفطورون على فعل الشر وهم شياطين الجن والإنس حتى لو دخلوا النار، فعادوا فإنهم يعودون إلى غيهم.
وخلق من الجن والإنس خلق فيهم الاستعداد لفعل الخير وفعل الشر ،فهم مختارون لأن الله تعالى خلق لهم عقول ،والعقل القدرة على الاختيار بين البديلات ،فالمختار يقرر الفعل أو الترك عن قصد لفعل الخير أو الشر ،وهو يعلم أن ذلك شر ،فهو لذلك مسؤول عن فعله ،فهو مكلف إذا بلغ وإذا علم ما يفعله ونتيجته من حيث أنه خير أو شر وأنه محاسب أمام الله يوم القيامة ،ومحاسب في الدنيا أمام القضاء ،فلذلك يجب أن يكون هناك شرع يعلمه المكلفين ،فمن خالفه فقد عصى ومن اتبعه فقد أطاع.
الإنسان لا يشرع للإنسان لأنه مساوٍ له، ولا بد أن يشرع الأكبر والله أكبر ،ويعلم من يصنع الثقلان من العقلاء المختارين العالمين بالشرع والقادرين على فعل الخير والشر، فغير المستطيع والمكره لا يسأل.
هل الموجودات في تغير مستمر حتى يصبح ليس نفسه هذا مستحيل، فلا بد أن يكون هناك جوهر لا يتغير وأعراض تتغير.
إن الشيء كل ثابت ،وهو واحد لا يتعدد وليس له شبيه له على الإطلاق إنما تتشابه الأعراض (الصفات).
فلولا التشابه لاستحالت المقارنة ،ولولا الاختلاف لأصبحت الأشياء شيء واحد لا يتعدد.
الشيء واحد ثابت ،وإنما يحدث التغير بسبب نوعية قابليته للتغير يباشره بالأشياء عندما يدخل معها في علاقات التأثر، والتأثير وهذا يسمى بالقانون (سنة الله) ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلا) الله خلق العالم ،فأوحى إليه قوانينه كما أوحى ربك إلى النحل، والله ليس كمثله شيء.
فالله عندما خلق العالم لم يتركه وشأنه بل هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ولا يؤوده حفظهما ،وهو سبحانوه دائماً في شأن.
فالله تعالى متعالي على خلقه مستوٍ على المرشد استواء يليق بحلاله من غير تمثيل، ولا شبيه ولا تعطيل الله خلق خلقه ،وأوصى إليه نظامه وقوانينه ،وهداه إلى القوانين التي لا تتحول ولا تتبدل إلا عندما يبدل العالم الدنيوي إلى عالم الآخرة، التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ،ولا خطر على قلب بشر ،وفي الجنة ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين.
العالم فيه قصد ونظام ،والله تعالى يدير أمره وقد كتب في اللوح المحفوظ مقادير العباد، وكل ما في العالم إلا أتى الرحمن عبداً إلا الثقلان ،فهم يعبدون الله بمشيئتهم وهذه المشيئة منحهم إياه الله تعالى ،فهم لن يستطيعوا أن يكروه الله بأفعالهم إنما أعطاهم حرية الاختيار حتى يحاسبوا يوم القيام يوم يضع الموازين القسط ،فمن تساوت حسناته مع سيئاته دخل الجنة ،والحسنات يذهبن السيئات والحسنة يضاعفها إلى سبعمائة ضعفاً ،والمفلس من أذهبت حسناته سيئاته بأداء الناس حتى لم يبق من حسناته سيئ، فيأخذ من سيئات من أساء إليهم ،،فيطرح في النار حتى تصفي سيئاته فيدخل الجنة والرسول صلى الله عليه وسلم يشفع في الكبائر والمصائب في الحياة الدنيا ،وتمحو السيئات ومن نقش العمل فقد هلك.
الدليل على أن للكون غاية أنه فيه قوانين تحكم ،وفي ذلك تتجلى حكمة الله تعالى واللطيف الخبير الحكيم ، فلو كان الكون فوضى كان عبثاً لا غاية فيه ،فالكون أحداثه ينتج بعضها عن بعض يحكم قوانين الحركة الذاتية للأشياء التي خلقها الله في الأشياء، والأشياء استعداد كامل بحسب ما يريد الله تعالى أن تكون عليه من المعلومات المودعة فيها بقوله تعالى: (كن فيكون).
ما دام هناك نظام في الكون يستحيل وجود الصدفة، والكون خير حوادثه العلية حيث الأشياء تترابط ، ترابط العلة بالمعلول أو المقدمات ،والنتائج داخل العقل وترابط النيات بالأعمال، ولكن الإرادة الإنسانية تتعرف على القوانين تسخرها ،وتخترع بناء على القوانين آلة جديدة يسخرها الإنسان أيضاً و، يخترع أساليب جديدة للتعبير عن المشاعر الإنسانية، فيصنع بذلك فناً بكل أنواعه بديعاً يزيد في جمالات العالم ، قال تعالى:(حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وزينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس) يونس: ٢٤.
والقيامة لا تقوم حتى يكشف الإنسان كل ما ،فأنواع واحد المكون يجعله يسخر كل ما فيه ،ويتطور الفن إلى درجة تصبح الدنيا جميلة بأجمل ما يمكن الصلة بين العلة والمعلول صلة منطقية ضرورية ،فبناء على مبدأ العلية الفطري يربط العقل كل معلول بعلة ،والإرادة الإنسانية تكشف العلية في الأشياء، فتسخرها فبذلك تلعب الإرادة دوراً في أحداث الكون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق