الاثنين، 9 يناير 2012

المنظور الاجتماعي
يقوم علم الاجتماع بدراسة المجتمع دراسة منهجية قائمة على المنهج العلمي والهدف من الدراسة العلمية هو الوصول إلى العموميات والعموميات تعني دراسة المطرد والمطرد في علم الاجتماع هو السلوك النمطي في المجتمع .
الفرد لا يعيش بمعزل عن المجتمع إذ يؤثر عليه لأن ثقافته سابقة على وجوده فالثقافة هي التي تصيغ سلوكه والسلوك الفردي هو سلوك اجتماعي إذا كان يشبه السلوك النمطي في المجتمع فهو يتصرف على شاكلة النمط حتى يتوقع الناس ردة فعله عندما يتعاملون معه والسلوك النمطي هو المقياس الذي يقيس الناس سلوكهم عليه، والمجتمع يميز في تعامله مع الفئات بأساليب مختلفة متعاملة مع الطفل ليس كتعامله مع الشخص الكبير ويتعامل مع الأطفال بحسب سنهم.
كما يفرق بين التعامل مع المرأة والتعامل مع الرجل وذلك يختلف من ثقافة إلى أخرى. والمجتمع يشكل بثقافته أفكارنا واتجاهاتنا فنحن نتعارف على أشياء وننكر أشياء والثقافة تقول لنا أفعل ولا تفعل والدليل على صدق ما نقول أن الانتحار يختلف من ثقافة إلى أخرى واخترنا الانتحار كمثال على تأثير الثقافة لأنها أخطر عملاً حيث ينهي المنتحر حياته.
في المجتمع الإسلامي يقل الانتحار نتيجة الوازع الديني الذي هو الخوف من الله فالمسلم يخاف يوماً عبوساً قمطريراً فالذي يؤمن بأنه يعيش حياة واحدة ينتحر فلا يخشى عقاباً في الآخرة.
الثقافات تتلاقح بحيث يقل الاختلاف ويزيد التشابه والدليل على ذلك أن سرعة الاتصالات والمواصلات أدت إلى وجود ثقافة عالمية يحكمها العلم الطبيعي والتقنية والثقافة العالمية التي صنعها تطور علم الاجتماع حيث أصبح علم الاجتماع يهندس المجتمعات فالبناء الاجتماعي الحديث أصبح يصنعه علماء الاجتماع وخاصة بين جماعات المثقفين وخاصة أننا أصبحنا نعيش في غرفة شبكية يدار من خلالها العالم.
صار المجتمع الحديث مجتمع مؤسسات مدنية تديرها مؤسسات خاصة وعامة، وبعد دخولنا في العولمة في شتى المجالات صار المجتمع يسرع في إزالة الفوارق بين ثقافات المجتمعات المختلفة، والدليل على ذلك توحد العادات والتقاليد والأعراف إذ ترى وحدة اللبس وحدة الموسيقى ووجود كل الثقافات في المجتمع مثل وجود كل الطعام في المجتمعات وتجد كل بضائع العالم وتجد الناس في كل العالم يربون أولادهم على الطريقة الحديثة وتجد المجتمعات تضبطها القوانين التي صارت عالمية فأنت عندما تذهب إلى أي بلد تجد النمط الثقافي العالمي في كل بلد من بلاد العالم.
الفئات صارت عالمية فالعمال في العالم يتعاطفون مع العمال في العالم وكذا الفلاحين والتكنوقراط والتجار والخدماتين فالإنسان أصبح يطالب بحقوقه وواجباته كإنسان يركب سفينة فضائية اسمها الكرة الأرضية فترى كل قضية في العالم لها أنصارها ومعارضيها فأنت إما مع حقوق الإنسان أو ضدها.
التغيير الذي حصل في العالم إنما حصل بسبب وحدة المشكلات في العالم فلذا تجد الناس في العالم يتعلمون مع بعضهم البعض من خلال الإطلاع على بحوث التغير فالمجتمع العالمي الحديث يوجه من قبل علماء الاجتماع ولم يكن المجتمع العالمي الحديث كالمجتمع التقليدي يتبع الأعراف والعادات والتقاليد دون وعي والدليل على ذلك تغيير الثقافة العالمية لثقافتنا التقليدية.
الثقافة تنشأ من التطبيع الاجتماعي فالتطبيع الحديث يقوم على الثقافة المكتوبة بينما تقوم الثقافة التقليدية على الثقافة الشفوية وحل الإعلام في المجتمع الحديث محل التنشئة القديمة فأصبح الأطفال يتأثرون بثقافة الصورة فأصبح الطفل يتأثر بما يراه في البرامج التلفازية وهذا التأثر يقلل من تأثير الأسرة على أطفالها ثم يأت دور المدرسة في تغيير نمط السلوك السائد في المجتمع والدليل على ذلك تأثير التقاليع الجديدة على الشباب فنرى الناس اليوم قد تغير عندهم النمط السلوكي في كل مجالات الحياة نتيجة العولمة الثقافية.
لقد قام علم الاجتماع الحديث بتفسير أنماط السلوك الاجتماعي في كل أقطار العالم كما قام علم النفس بدور كبير في معالجة المشاكل النفسية والعقلية والوجدانية التي طرأت بسبب الصراع بين العادات السائدة والثقافة العالمية ولما قام علم الاقتصاد بتغيير اقتصاديات العالم ، ولقد عمل علم السياسة على توحيد الفكر السياسي والفكر السياسي يقوم بدوره بتغيير السلوك السياسي داخل الدولة الحديثة فأصبحت الدولة الحديثة ذات نمط موحد تنسج على منواله بقية الدول، وقام علم التربية بجعل التربية الحديثة نمط عالمي لا يختلف من مجتمع إلى آخر إلا من أي من المجتمعات أن يسير على نمطها.
أما المجتمع الإسلامي فإنه ما زال يصر على جعل الثقافة الاجتماعية هي الإسلام والثقافة الإسلامية ثقافة توجهها الأخلاق والأخلاق عالمية في كل زمان ومكان فالعالم توحده الأخلاق والعلوم الطبيعية والتقنية.
علم الاجتماع صار يدرس كل المجتمعات في العالم للوصول إلى المشترك (النمط العالمي للسلوك) ومن خلال ذلك المشترك يضع تصور لمجتمعات العالم ويجعل هذا المشترك قاعدة والسلوكيات المختلفة يعتبرها علم الاجتماع الحديث اختلاف تنوع في الثقافة العالمية ويحاول أن يقرب فيما بينها حتى تقل ، الاختلافات والمجتمع العالمي سائر إلى تلافي الاختلافات حتى يصير الاختلاف اتفاق والمتفق عليه ثقافياً ثقافة عالمية.
والثقافة هو المعروف أخلاقياً والمنكر أخلاقياً هو ما يضر الناس ولا ينفعهم والمباح هو لا يضر ولا ينفع والضار محرم وما هو ضروري لإشباع حاجاتهم فرض اجتماعي يجب على مؤسسات المجتمع القيام به كفرض كفاية بحيث تقوم المؤسسات بأدوار متكاملة لا متعارضة ولا مضادة ولا متناقضة فالمعروف اجتماعياً هي الثقافة فالمعروف هو الفكر المشترك الذي يوجه السلوك النمطي في المجتمع.
والمنكر هو كل ما يضر المجتمع من الفقر والبطالة والجهل والجريمة والعنصرية بكل أشكالها، يقوم المجتمع اقتصادياً على قطاع الإنتاج والخدمات والتجارة والإدارة العامة هي التي تسق بين مؤسسات المجتمع والأفراد في كل مؤسسة على حده والقانون الدستوري والإداري هو الذي يضبط السلوك الإداري كما ينظمه القانون المدني تصرفاتهم مع بعضهم البعض وينظم قانون الأحوال الشخصية شئون الأسرة ويردع القانون الجنائي المجرمين عن إجرامهم.
ويضع علم الاجتماع القواعد التي تنظم علاقات الناس مع بعضهم البعض وكل مشكلة اجتماعية تدرس أسبابها وطرق علاجها، علم الاجتماع يقوم بالقياس بمسح عالمي للعادات والتقاليد والأعراف وذلك بأن يقوم علماء اجتماع كل بلد يمسح مجتمعه ثم نقارنها مع الثقافات الأخرى فيستفيد من تجارب الثقافات في كل العالم والمجتمع الإنساني مؤسس قواعده على المشترك المتكرر المطرد العام فالحكم على الغالب والنادر لا حكم له.
العلم وعلم الاجتماع
المعرفة قسمان: علم وثقافة موضوع العلم هو الطبيعة والكون أما الثقافة فهي تدرس السلوك البشري الذي توجه النية والنية توجهها الأخلاق الإيجابية أو الأخلاق السلبية، العلم يدرس قوانين الطبيعة والثقافة تدرس قواعد تنظيم العلاقات بين البشر فالرأي العام هو الذي يوجه النمط السلوكي في المجتمع.
الاقتناع العام هو الذي يوجه السلوك العام والرأي العام الحديث يشكله علم الاجتماع الحديث، المجتمع القديم كان يوجهه الآباء كبار السن أما الآن فيوجه علم الاجتماع والرأي العام (العقل الجمعي)، والرأي العام يوجه السلوك النمطي والسلوك الاجتماعي السليم يستهدف أمن ورخاء أفراد المجتمع وعلم الاجتماع كأي علم له مفاهيمه وحقائقه ويتقيد بالمنهج العلمي والمنهج العلمي هو التفكير العلمي والتفكير العلمي عبارة عن الاقتراض وإثبات الغرض بالملاحظة والتجربة ومنهج الاجتماع هو المقارنة حيث ترصد المقارنة التشابه والاتفاق والاطراد والتكرار والعموم هو القاعدة فالأفكار المتشابهة التي توجه السلوك الاجتماعي ولا يسمى السلوك بالسلوك الاجتماعي حتى يكون عاماً ومطرداً ومتكرر بين الناس وهذا المطرد والعام والمتكرر هو القاعدة التي يطبقها أفراد المجتمع على سلوكهم والقاعدة لا تسمى قاعدة حتى يفرض المجتمع تطبيقها وينكر عدم تطبيقها فالاستقراء هو استخراج القاعدة من الأمثلة العامة المطردة والمتكررة ، والاستنباط هو تطبيق القاعدة العامة المجردة على سلوك كل فرد على حده.
التغير الاجتماعي
التغير الاجتماعي ينتج من عدم اقتناع جمهور الناس بقاعدة من القواعد أو نمط من أنماط السلوك العام وهو توقف الجمهور عن تطبيق القاعدة الاجتماعية أو ترك سلوك اجتماعي والتغيير حديثاً ينتج من اقتناع الناس بضرر القاعدة والسلوك الاجتماعي أو الاقتناع بعدم جدواهما.
والتغيير يتم عن طريق اتفاق إرادات المجتمع على تغيير قاعدة اجتماعية وما يتبعها من سلوك اجتماعي.
فالتغيير الاجتماعي هو الذي يسبب التغير الاجتماعي والتغيير يتم حديثاً بدراسة اجتماعية للسلوك الاجتماعي المراد تغييره، والتغيير إما إزالة سلوك اجتماعي أو إنشاء سلوك اجتماعي جديد يتم عن طريق الدعوة والدعوة تنفذ عن طريق إقناع الناس والآن تسخر وسائل الإعلام لإقناع الناس بعدم فائدة السلوك الاجتماعي المراد تغييره وإقناع الناس بفائدة السلوك الاجتماعي المراد إنشائه.
التغيير إما شامل يشمل النواحي الاقتصادية والتقنية والسياسية والتربوية والاجتماعية وإما تغيير جزئي بتناول عنصر من عناصر الثقافة والتعبير الشامل يحتاج إلى خطة اجتماعية شاملة، تحدد الأهداف والإمكانيات كما تحتاج الخطة إلى تعديل بحسب العوائق والأسباب والقناعات المتغيرة التي تتغير بحسب المستجدات الطارئة التي تطرأ أثناء تطبيق الخطة وحسب التجربة.
النظرية الاجتماعية
النظرية الاجتماعية البنيوية تنظر إلى المجتمع من حيث أنه يقوم على الأنظمة والقواعد التي تنظم سلوك الأفراد داخل المجتمع حيث يؤدي كل واحد دوره المطلوب منه حتى يستقر ويستقر السلوك الاجتماعي، أما النظرية الصراعية فننظر إلى التغير أنه ينتج من تعارض المصالح بين فئات المجتمع فتحاول الفئة المطلوبة أن الثورة على الفئة الظالمة فتأخذ حقها المسلوب إما بالحوار أو بالقوة واستعمال العنف من الفئة الظالمة يجعل الفئة المظلومة تستعمل العنف المضاد فالعنف تفاقم العنف حتى ينتصر أحدهم على الآخر فالظالم إما أن يكون اقتصادي وهو عدم توفير الحاجات الضرورية للفئة المستضعفة، والظلم السياسي هو الاستبداد الذي يمنع الناس أن يكون أمرهم شورى بينهم ، والظلم الاجتماعي هو عدم تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص والظلم القانوني ينتج من عدم مساواة الناس أمام القانون وعدم وجود دولة قانونية.
أما النظرية التفسيرية فهي التي تقول بأن المجتمع لا يصبح مجتمعاً حتى يتفاهم فيما بينهم على الأهداف المشتركة والوسائل المتفق عليها لتحقيق المصلحة العامة وهي الأهداف العامة.
فالناس يتكلمون ويتحاورون يتفقوا على ما يريدون ويتعاون على تحقيق المصلحة لهم جميعاً والإسلام (مثلاً) خطاب موجه إلى عموم المسلمين فيقول لهم الإسلام افعلوا أما ينفعكم جميعاً واتركوا ما يضركم جميعاً، أو لا نتفق على ما نريد ونوزع الأدوار فيما بيننا حتى يصبح الكل يخدم الكل والفرد يخدم الكل من خلال خدمته للفرد.
علم الاجتماع يتحول علم اجتماع تطبيقي حيث يؤلف خطاب يوجهنا إلى السلوك الاجتماعي وهو السلوك الشائع فنحن نصنع المجتمع بالوصول إلى الاتفاق العام على ثقافة عامة تجعل الناس يتشابهون ولا يختلفون لأن الاختلاف إذا صار خلافاً أدى إلى التنازع الاجتماعي علم الاجتماع يطبق الأفكار المتفق عليها ويعذر بعضهم بعضاً فيما يختلفون.
النية العامة هي التي تسبب السلوك العام هي السبب الذي ينتج السلوك العام فالنية استهداف مصالح عامة تحققها مؤسسات المجتمع حيث تحتل مؤسسة لها وظيفية تقوم بها عن طريق تقسيم الأدوار وتقسيم العمل كي تؤدي وظيفتها المناطة بها فالمؤسسات تتخصص في المهام التي تخدم بها المجتمع بشكل متكامل ومتعاون وتحدث المشكلة عن طريق تضارب المصالح ، بحيث تطغى فئة على فئة أو فرد على فئة ، والسياسة العادلة تعمل على تحقيق مصالح المجتمع بإشباع حاجات المجتمع الضرورية التي تحقق الأمن والرخاء.
طرق البحث
البحث هدفه وصف السلوك الاجتماعي عن طريق الملاحظة أما إذا أردنا أن نعرف سبب السلوك الاجتماعي فعلينا طرح أسئلة أما كتابية أو شفوية للتعرف على النية الغالبة والفكرة العامة الموجهة حيث أن الثقافة الاجتماعية هي التي توجه السلوك العام فالنية المشتركة هي التي توجه السلوك العام أما إذا أردنا أن يفرق العامل المؤثر فعلينا أن ندخل هذا العامل على العينة التجريبية ولا تدخل العامل على العينة الضابطة، ووسائل جمع البيانات تتم عن طريق المقابلة أو الاستفتاء أو عن طريق الملاحظة أو عن طريق التجربة بإدخال العامل على العينة التجريبية فالمنهج العلمي في البحث يقوم على طرح فرض وإثباته عن طريق المقابلة أو الاستبيان (الاستفتاء) أو عن طريق الملاحظة أو التجربة.
وهدف البحث هو اكتشاف القانون والقانون قبل أن يثبت ما يسمى فرضاً وإذا أثبت سمي قانوناً والقانون عبارة عن متغير مستقل بسبب المتغير التابع والمتغير المستقل هو العامل الذي يدخل على العينة التجريبية فتقارن بين التأثير الواقع على العينة عن طريق المتغير المستقل على العينة التجريبية فنجده يؤثر على العينة التجريبية ولا يؤثر على العينة الضابطة فالمتغير المستقل هو الاختلاف الذي يؤدي إلى اختلاف.
مجتمع المعلوماتية
في النصف الأخير من القرن العشرين ظهر عصر المعلوماتية عصر الحاسوب والتقنية الإلكترونية والشبكة العنكبوتية والنت والناسوخ والجوال والاتصال عبر الأقمار.
تعامل الناس مع بعضهم البعض يقوم على الكلام فيما بينهم فهم يتخذون القرار بعد الاتفاق عليه فيما يتعلق بمصلحتهم العامة.
قبل عصر الشبكة كانت الاتصالات صعبة جداً أما في عصر الشبكة أصبح الإنسان يستطيع أن يدير وهو في مكانه دون أن ينتقل منه لذا قيل العالم غرفة إلكترونية فلا تحتاج إلى الانتقال حتى تبلغ ما تريده المعلوماتية سوف تفيد تشكيل الثقافة وتجعلها ثقافة عالمية توجه السلوكيات العامة في كل العالم.
الاتصال الفضائي سيجعل الناس يتواصلون عن بعد ويطبقون نفس الخطط التي يتفقون عليها عالمياً ويستطيع الناس في بيوتهم أن يحققوا ما يريدون فيتعاونون عن بعد فتصبح الأفكار المشتركة هي التي توجه جميع الناس بثقافة واحدة ، هذه الثقافة تنقل بواسطة العلوم الإنسانية وعلى رأسها علم الاجتماع بحيث تقوم الهندسة الاجتماعية ببناء بنيان اجتماعي واحد للعالم عن طريق التعليم الرسمي والتعليم المستمر المجتمع الحديث يخطط له علماء الاجتماع وأصبحت الدول تصنع ثقافة مجتمعها عن طريق خطة اجتماعية توضع لهذا الخصوص وأصبحت البحوث تجري عن طريق الشبكة التي يوزع الاستبيان فيها عن طريق البريد الإلكتروني أو الاتصال الهاتفي وأصبحت الملاحظة تنقل فضائياً فيشهد الناس الحدث حياً وبإمكان أي باحث أن يلجأ إلى بنوك المعلومات الاجتماعية ليحصل على أي معلومة موثقة ومحققة علمياً حيث يجد ما يريده عن أعراف وتقاليد وعادات العالم عن طريق الأقراص المعلوماتية فما عليك أيها الباحث إلا أن تقارن بين ثقافات العالم فتعرف ما تشابه منها وما اختلف فتقارن بين الثقافات بالتشابه وتميز بالمختلف ونحن نرى التشابه آخذ في الاتساع والمختلف آخذ في الإقلال نتيجة المعلوماتية التي وسعت الاتصال العالمي فالعالم الآن توجهه المعلومات المتفق عليها والمختلف فيها سائرة في طريق التقلص والمسلمون يعتبرون الاختلاف والعقيدة هي التي تتحكم في سلوكهم الاجتماعي لأنهم يرون ثقافة الإسلام ليست تاريخية كتبدلها الأحداث بل هي تبدل الأحداث والعالم حسب الرصد العام سائر إلى الأخلاق التي هي ثقافة البشرية على مدى التاريخ فالوسائل تتطور ولكن غاية إسعاد الإنسان تظل هي غاية الإنسان في التطور الحضاري فالحضارة هي الاجتهاد في جعل البشرية أكثر أمناً ورخاءً، والباحث المسلم يهمه أن يجعل ثقافة الإسلام الأخلاقية ثقافة عالمية.
المجتمع المسلم لا يعترف بالأعراف والعادات والتقاليد التي تخالف الأخلاق فالسلوك الاجتماعي الأخلاقي هو موضوع علم الاجتماع الإسلامي فالأصل في السلوك الإباحة فالإنسان في نظر الإسلام حرم ما لم يضر ولم يفرط فرض كفاية وهو الأدوار التي يتطلبها أمن ورخاء المجتمع فالإسلام يدعو إلى التخطيط من أجل رخاء المجتمع كما خطط لذلك يوسف عليه السلام المسلمون عليهم أن يضعوا خططاً اجتماعية تزيل المشاكل الاجتماعية وتوسع في مجال المصالح العامة بعمل المصالح العامة فالأخلاق في المجتمع مشروع يشمل جميع أفراد المجتمع ويحقق لهم فرص متكافئة ودولة شرعية يحكمها القانون العادل والتوزيع العادل للخدمات العامة والمناصب ما هي إلا وظائف اجتماعية تقوم عليها مرافق هامة تخدم الجميع وما الحكومة إدارة بإدارة المرافق العامة أو مكاتب للتنسيق بين الخدمات العامة والمجتمع في المحصلة النهائية مجرد تكامل أدوار لإيجاد الرخاء العام الذي يؤدي إلى الأمن العام والرخاء العام ويتحقق الرخاء عن طريق وضع خطة رخاء تقدم لحل المشاكل قبل أن تبدأ في وضع خطة مشروع الرخاء العام حتى لا تشكل المشاكل الاجتماعية عائق يمنع مرور أسباب الرخاء ولا بد للمجتمع أن يقسم العمل الاجتماعي في شكل مؤسسات اجتماعية تعمل على تحقيق الهدف المناط بها لأن الخدمات التي يحتاجها المجتمع متنوعة وهذه الأهداف هي المصالح العامة التي يحتاج المجتمع وهذا يستلزم تنسيق فيما بينها عن طريق المؤسسات العامة والخاصة والمصالح العامة تعد وسائل لخدمة الهدف الأسمى الرخاء.
الإسلام ثقافة المجتمع المسلم
العادات والتقاليد هي السلوك النمطي الذي يحافظ عليه ابن المجتمع ، وأول ما يطبع المجتمع المسلم عليه الطهارة وهي إزالة النجاسة والاستنجاء والاستجمار وإذا دخل الحمام قال اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث وإذا خرج من الحمام قال غفرانك ويعود الطفل الصغير على قص أظافره وغسل يده قبل الأكل وبعد والتناول باليمين ويعود الطفل إزالة معاطف ويزيل ما يجتمع في قعر الصماخ وما اجتماع في داخل الأنف بالاستنشاق والاستنثار وما يجتمع على الأسنان والمساس بالشوك أو بفرشه الأسنان مستعملاً المعجون ، ويزيل ما يجتمع في اللحية من الوسخ، وكذلك إزالة الدرن الذي يجتمع على جميع البدن بالماء والصابون.
ومن النظافة تنظيف الرأس كلما اتسخ وقص الشارب وشعر العانة والختان.
عادات الأكل
المسلم لا يأكل طعاماً إلا إذا كان حلالاً وقبل أن يأكل يغسل يده جيداً وكذا بعد الأكل وإذا أكل سم الله فلا يجلس متكئاً وهو يأكل ولا يعيب طعاماً قدم إليه ابتداءً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقوم ونفسه في الطعام وإذا أكل لا ينظر إلى الآكلين وهم يأكلون حتى لا يحرجهم فلا ينفض يده من الطعام فلا يتنجم ولا ينف وأن يأكل وهو مغلق الفم.
وإذا قدم الطعام قدمه دون يسأله حتى لا يخرجه وأن يأكل مع الضيف متى ينتهي وإذا أقام من الطعام قال له أكرمك ،ويكره أن يزورهم وقت الفجر ولا وقت الظهيرة لأنه وقت القيلولة، ومن عادات الضيافة الدعوة أولاً ثم الحضور ثم تقديم الطعام دون تكلف ثم الأكل ثم حمد الله ثم غسل اليد ثم الانصراف إذا قدم الشاي أو القهوة أو التبخير ولا يخرج حتى يقول للمصيف عن إذنك.
عادات الزواج
اعتاد المسلمون في المجتمع المسلم التعرف على من يخطبها ثم الخطبة عقد القران ثم شراء جهاز للعروس ثم تحديد وقت لوليمة العرس وفي ليلتها يقام حفل في قصر الأفراح أو في صالة أفراح أو صالة في فندق وكانت حفلة الزفاف تطول أياماً أما في أيام الناس هذه فالناس يقتصرون على ليلة واحدة ثم تزف العروس إلى زوجها في بيته.
عادات الاحتفال:
يحتفل المسلمون بالعيدين واليوم السابع من ولادة المولود ويتصدق بالعقيقة ويحتفل بيوم الختان وبشفاء المريض وبسكن البيت الجديد وبالفوز وبعودة الغائب وزيارة صديق عزيز.
عادات الكلام
يكره المسلمون التحدث فيما لا يعني والثرثره والخوض في الباطل والمراء والجدال والخصومة والتعقر في الكلام والسب واللعن والكفر والشرك والنفاق والسخرية والاستهزاء وإفشاء السر والوعد الكاذب، والكذب في القول والحلف والغيبة والنميمة والمدح في وجهه وذمه إذا غاب ، والمدح الكاذب، والافتخار ، ويكره المسلمون الغضب إلا من أجل الحق والحقد والحسد ، ويستحبون كظلم الغيظ والحلم والعفو والرفق والإحسان ويكرهون البخل والطمع ويحبون القناعة والبأس مما في أيدي الناس ويذمون الجاه والرياء والكبر والعجب والغرور ويعالج المسلمون العادات السيئة بالتوبة أي الاعتراف بالذنب والندم على فعله والإقلاع والمداومة على الإقلاع عنه وإذا ما أصابتهم مصيبة لم يستطيعوا التخلص منها صبروا حتى يأتيهم الله بفرجه ، وإذا قدم لهم أحد معروفاً شكروه وإذا أصابتهم نعمة حمدوا الله عليها وهم راضين بقدر الله لأنه ما أصابهم لم يكن يخطئهم وما أخطأهم ليصبهم جفت الأقلام وطويت الصحف، وإذا عزموا واتخذوا الأسباب ثم يتوكلون على الله داعين أن سعيهم بالنجاح.
الذي يدفعهم إلى عمل الصالحات (العادات الحسنة) هوراء وهم في ثواب الله ويتركون فعل السيئات خوفاً من عقابه وغضبه طلب رضا هو الدافع إلى فعل الخير عند المسلم وترك السيئات يدفعهم إليه اتقاء غضب الله ، الهدف من التعاون بين المسلمين هو التعاون الخير ومخاربة المشاكل الاجتماعية بشكل علمي ومنظم والتشاور فيما بينهم بألا يتفقون عليها مما هداهم إليه اجتهادهم.
الوظيفة
كل سلوك اجتماعي وتنظيم إنما الذي يدفع إليه اتفاق نيات أبناء المجتمع، فالوظيفة (الغاية) التي تتوجه إلى المصلحة العامة هي فرض كفاية إذا قام بها البعض سقط عن الباقين والمشاكل الاجتماعية دفعها مقدم على جلب المنافع فعلى المجتمع أن يهتم أولاً بإزالة المشاكل الاجتماعية التي تشكل مانعاً لتحقيق المصالح فالواجب الاجتماعي إما إيجابي وهو تحقيق المصالح العامة أو سلبي وهو حل مشاكل المجتمع العامة والمصالح يتفق عليها بالشورى ويأخذ فيها برأي الأغلبية فالرأي العام هو الموجه ومحدد للوظيفة لأنه أقوى قوة في المجتمع والرأي العام الإسلامي هو تعاليم الإسلام التي توجه المسلمون رغبة في رضا الله الذي يدفعهم إلى الإخلاص لله والعمل على إسعاد الناس رغبة سعادة الآخرة.
ويجب على المسلمين أن يراقبوا الله في ذلك فالفعل الحضاري فرض على المسلمين والفعل الحضاري هو العمل على تنمية الرخاء في المجتمع وعلم الاجتماع التنمية هو اتخاذ كل الوسائل لإيجاد أقصى ما يمكن من الرخاء فكلما زادت المشاكل الاجتماعية زاد تخلف المجتمع عن ركب التنمية الحضاري فالحضارة ليست أكثر من الرخاء وأعدا أعداء الرخاء الفقر والجهل والمرض ووسيلة الرخاء هو العلم والتقنية والإنتاج والخدمات وتوجيه كل ذلك لخير البشرية.
الوظائف القديمة قد تظل كما هي ولكن تقوم بها مؤسسات كل الوظائف كانت في الأسرة ثم توزعت بين مؤسسات أخرى فالطبخ أخذه المطعم والغسل أخذته المغسلة وتربية الأطفال أخذته مدارس رياض الأطفال أو المربية ثم أخذت المدارس دور التربية بالإضافة إلى التعليم وأخذ أيضاً دور التثقيف الإعلام والفضائيات والشبكة والنوادي والكتب فالوظائف الآن تخصصت فيها مؤسسات بحيث تقوم بكل وظيفة مؤسسة خاصة بها.
الحق الاجتماعي والواجب الاجتماعي
الحق للفرد والواجب للمجتمع فكل عضو في المجتمع له لكونه عضو فيه فعليه أن يقوم بالواجب إذا استطاع أن يؤدي وظيفة والوظائف تختلف بحسب الكفاءة والكفاءة التي ينالها بالتعليم والتدريب والخبرة، ففي العصر الحديث أصبحت التخصصات دقيقة جداً لتفرعات التخصص وبحسب التخصص يقسم العمل بين الناس ضمن الخطة الوظيفية.
ومقابل الحق الواجب الكفائي فإن للعفو حتى المجتمع بأن يعيله وغياله في توفير حد أولى للعيش ويعتبر هذا الحد متوسط المعيشة بحسب الدخل العام والأطفال والشباب يعدون وهم موظفي المجتمع مستقبلاً فيتفق عليهم ويدربون بحسب قدراتهم الفردية والجيل الجديد هم تلامذة الجيل القديم فالجيل الجديد هم الذين يحلون محل الجيل القديم يجب أن يرصد لهم احتياطي لإعدادهم والإنفاق عليهم الأعضاء يتغيرون ولكن تبقى أدوارهم والدور هو الوظيفة التي يقوم بها العضو لخدمة المصلحة العامة والأدوار متكاملة مثل الأدوار في المسرحية تبقى وأن تغير الممثلين ، والكفاءة هي تعطي للكفوء المكانة الاجتماعية وعلى قدر أهمية الدور في خدمة المصلحة تكون درجة المكانة والسيناريو للمسرحية الاجتماعية تكتبه الثقافة التي تشكل العقل الجماعي الذي يسمى أحياناً بالرأي العام وأحياناً تسمى بالذاكرة الاجتماعية أو اللاوعي الجمعي، أو التراث فكل جيل سابق ينقله للجيل اللاحق وكل جيل يعدل أو يضيف، والتغير الجذري هو التغير الثوري والتغيير الإصلاحي تغيير تدريجي التغيير إما يتم عن طريق التقليد أو الإقناع وهدف الثقافة هو إيجاد التشابه الفكري فيما يوجه السلوك العام والسلوك العام الثابت هو السلوك الأخلاقي والأخلاق مطلقة عامة في العالمين فالصدق من المستحيل أن يتساوى مع الكذب وكذا الأمانة والخيانة والخير والشر فالإنسان هو الهدف وما سواه الوسيلة.
السلوك العام عمل يراد به خير المجتمع، فالواجب الاجتماعي يأمر بفعل الخير العام، وترك للشر العام فيثاب الإنسان الخير ويعاقب الإنسان السيء.
الواجب الاجتماعي مقدم على الحق الفردي لأن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة أول الوظائف الاجتماعية تقوم بها مؤسسة الأسرة والمؤسسات التربوية والتربية وظيفتها تطبيع الإنسان السلوك الأخلاقي والمجتمع يقوم على التعاون على الخير والتعاون على مكافحة الشر بالوقاية منه بحل مشاكل المجتمع بشكل منظم.
والهدف الثاني (الوظيفة الثانية) التعليم تقوم به المؤسسات التعليمية والوظيفة الثالثة (إعالة أعضاء المجتمع بتوفير الأرزاق لهم وهذا يقوم على الاقتصاد الذي يشبع حاجات المجتمع الضرورية بتوفير حد أدنى للمعيشة والحد الأدنى هو متوسط مستوى المعيشي في الشهر ولذلك يجب صرف راتب كحد أدنى للمعيشة بالإضافة إلى توفير الخدمات الضرورية للمجتمع وتقوم بذلك المرافق العامة ، والوظيفة الرابعة (توفير الخدمات الصحية) ويقوم بهذا الشأن مرفق الصحة العامة، الوظيفة الخامسة (الإنتاج) والإنتاج الزراعي والصناعي وتقوم بالإنتاج مؤسسات متخصصة بهذا الشأن، الوظيفة السادسة (التبادل) وهو قطاع التجارة التي تديره مؤسسات تجارية متخصصة بهذا الشأن، الوظيفة السادسة (الخدمات) وتقوم بها مؤسسات متخصصة، الوظيفة السابقة (الأمن) ويقوم به الشرطة والجيش، الوظيفة الثامنة (الإدارة العامة) وتقوم بها الدولة. الوظيفة التاسعة (الترويح) وتقوم به النوادي العامة، الوظيفة العاشرة (السياحة) وتقوم به المؤسسات السياحية.
المجتمع عموماً وظيفته الكبرى هي توفير الرخاء لأعضاء المجتمع ويتحقق الرخاء ببذل قصارى الجهد لتوفيره بالعلم والثقافة والجد والاجتهاد والجهاد الحضاري هدفه توفير أقصى درجات الرخاء والرخاء مقياس التحضر والعلاقة طردية وعكسية فكلما زاد الرخاء زادت الحضارة وكلما قل الرخاء زادت الهمجية والتخلف والحضارة ترتبط بالوعي بضرورة الرخاء والنشاطات المتكاملة التي تقسم العمل الاجتماعي هي التي تصنع المجتمع المتحضر والتحضر يقاس بدرجة حل المشاكل الاجتماعية ودرجة تحقيق المصلحة العامة وأينما تتم المصالح فثم شرع الله تعالى.
السلوك الاجتماعي الأساسي في المجتمع التعاون الاجتماعي في كل المجالات التي تستهدف المصلحة العامة وضد التعاون الصراع وما المؤسسة الاجتماعية بتعاون أفرادها فتحقيق مصلحة عامة معينة ومحددة وينشق المجتمع إدارياً عن طريق تكامل المصالح لتحقيق المصلحة العليا وهي تحقيق الرخاء بحسب الإمكانيات المتوفرة بشرياً ومادياً والرخاء يحتاج إلى إعداد كوادر مؤهلة علمياً عن طريق نيل إجازات علمية في كل التخصصات التي يتطلبها رخاء المجتمع، والرخاء يتطلب تعليم وتربية وتقسيم عمل يتطلبه مشروع الرخاء والعناية الصحية وكفالة الأرزاق الضرورية الممثل في توفير حد أدنى للحياة الكريمة لكل فرد والإنفاق على الأطفال والشباب حتى التخرج التعليمي ثم التوظيف الذي يضمن التشغيل العام لجميع كوادر الرخاء الاجتماعي حتى يخدم الكل وعلى المجتمع أن يعول الأطفال والعاطلين عن العمل وربات البيوت والعجزة والمقعدين والمتقاعدين.
الشخصية الاجتماعية
علم الاجتماع هو علم نفس مكبر فإذا كان علم النفس يدرس سلوك الفرد فإن علم الاجتماع يدرس السلوك الفردي إذا نمطي يطرد في جمهور الناس إذ يتكرر فيما بينهم فالسلوك عبارة عن إدراك ووجدان ونزوع والنزوع إما إقدام أو أحجام.
الرأي العام بمثابة الإدراك العقلي عند الفرد والاتجاهات السائدة بين أفراد المجتمع بمثابة الوجدان عند الفرد والإقدام الاجتماعي هو السلوك العام الذي ينزع إلى فعل كل ما فيه خير للمجتمع والإحجام الاجتماعي هو السلوك السلبي العام وهو ترك ما فيه ضرر للناس أو حل مشاكل كل المجتمع.
هدف علم الاجتماع الوصول إلى القواعد التي توجه سلوك الجمهور ، يدرك السلوك العام النمطي عن طريق الملاحظة والمقارنة التي ندرك عن طريقها سلوك الناس المشبه في ظروف محددة ترتبط بسلوك آخر يؤدي إليه فالسلوك السابق هو المتغير المستقل والسلوك التابع هو المتغير التابع وإنفاق إرادات الناس السلوك النمطي هو السبب والسلوك العام النمطي هو الطبع الاجتماعي الناتج من التطبيع الاجتماعي والاتجاهات النمطية هي التي توجه السلوك النمطي.
فالإقدام هو السلوك الواجب اجتماعياً والإحجام هو السلوك المحرم في ثقافة المجتمع فالذي يوجه الناس إلى السلوك العام هو حبهم للخير العام وإحجامهم عن سلوك ما إنما يحجمون عنه لأنه محرم عندهم في ثقافتهم والإسلام هو ثقافة المسلمين فهو الذي يحرم عليهم الإضرار ويفرض عليهم السلوك العام الذي يحتاجه الناس في المجتمع من أجل رخائهم فالثقافة الاجتماعية تحرم الإقدام العام إلى الإضرار وترك المشكلات الاجتماعية بدون حل.
بعض المجتمعات يشتهر أهلها بالنزق والعنف والصلف وبعضها يمتاز بالحلم والحلم مرتبط بالصبر على المكاره وترك الشهوات المضرة بالأفراد والصبر والحلم مرتبطان بالعفو والتسامح.
والثقافة تحدد قدوة للمجتمع كما حدد المجتمع المسلم النبي صلى الله عليه كشخصية نموذجية والشخصية النموذجية هي الشخصية المعيار التي يقاس بها السلوك العام والشخصية الاجتماعية تزداد بالعمل الصالح وتنقص بالعمل الضار.
الشخصية المسلمة تقابل الغضب بالحلم وتقابل الضجر بالصبر والكبر بالتواضع وتقابل الاهتمام بالمصلحة العامة بعدم الاكتراث وعدم المسئولية التي تأمر بالخير العام وتأمر بحل لمشكلات المجتمع.
والاتجاه العام الأساسي في المجتمع الحب في الله والبغض في حب الله يلزمنا بتطبيق شرع الله في تعامل المسلمين بالناس وتأمر الثقافة بالرضا بقدر الله وعدم السخط مع التخطيط لإزالة المضار وجلب المنافع وإزالة المضار مقدم على جلب المنافع.
الشخصية المسلمة تقابل الجبن بالشاجعة في الحق وتقابل الحقيقة بالباطل والخير بالشر والجمال بالقبح وتقابل النشاط بالخمول، وتقابل العزم بالتردد وتقابل البخل بالكرم ، والرفق بالعنف، والاستيراد بالشورى، والاتحاد بالتفرق والتعاون على الخير بالركون إلى الباطل، والمستقل بالتابع ، والاتفاق بالاختلاف، والتعاون بالاختلاف والحق بالباطل، والاختلاط بالعزلة ، والسلبية بالإيجابية والشدد بالتسير، والطاعة للحق والخنوع للباطل والإقناع بالإكراه والاجتهاد بالتقليد، والحب بالكره والمرضى بالسخط وبالغضب بالحلم ، والسخط بالصبر والعلم بالجهل والصحة بالمرض والرخاء بالمشاكل الاجتماعية، والرخاء بالبؤس ... إلخ.
الشخصية الاجتماعية تصنعها الثقافة والثقافة بصنعها قادة الرأي الذي يدعون إلى ثقافتهم بكل الوسائل والدليل على ذلك أن المجتمعات التي دخلت الإسلام بالدعوة أخذت الثقافة الإسلامية من أفواه الرجال وتعلموا السلوك الاجتماعي بالاقتداء بالدعاة في سلوكهم والدعاة يقيسون سلوكهم على سلوك النبي لأنهم يعتبرون شخصية هي الشخصية النموذجية أي اتخاذ شخصية النبي صلى الله عليه وسلم هو الأسوة الحسنة والمجتمع الإسلامي يضبط فيه السلوك الجماعي على الشريعة فلو نظر إلى مجتمعنا نجد أن ثقافته غيرها الدعاة إلى الثقافة الإسلامية فغيروا البدع وأضافوا إليها الثقافة الإسلامية التي خرجت من بطون الكتب إلى واقع ملموس نراه يمشي على الأرض ورأينا كيف غير المفكرون عادات الناس ألم ترى كيف غير قاسم أمين وضع المرأة في مصر.
أصبحت الثقافة الحديثة كتابية وهذه الثقافة الكتابية صارت المهندس للثقافة الحديثة بينما كانت الثقافة القديمة ثقافة، ثقافة شفوية وثقافة الناس أصبح مهندسها الشبكة والفضائيات حيث نرى الشباب اليوم قد تأثروا بثقافة الصورة فبما أن يرى الشباب تقليعة جديدة إلا ويحولها إلى واقع في حياتهم الاجتماعية فنرى قصاة الشعر الجديدة وتسمع منهم الأغاني الجديدة والرقصات الجديدة ونرى الناس يناقشون القضايا الاجتماعية التي تطرح في وسائل الإعلام فما أن يستقر الرأي العام على رأي حتى تجده عرفاً ثم يكرر هذا العرف حتى يصبح سلوكاً نمطياً في المجتمع وهذا النمط يتحول إلى ثقافة واتجاهات يوجه السلوك العام في المجتمع ولقد شهدت تغيراً سريعاً في الثقافة فلقد رأيت الجيل الجديد يختلف كثير عن الجيل القديم.
فلو تأملنا قصة التيه أربعين الذي تاهه بني إسرائيل لوجدت أن الجيل جاء من بعد التيه قد تغيرت ثقافته ولو تأملت تاريخ الثقافة الإسلامية لوجدت أن ثقافة الإسلام قد غيرت ثقافة الشعوب التي دخلت في الإسلام فتوحد المسلمون بثقافة واحدة ألا وهي ثقافة الإسلام والفقهاء قد غيروا الثقافات بالمذاهب فأصبح المجتمع الأندونسي يخضع للمذهب الشافعي فالحجاز تحول من الثقافة الشافعية إلى ثقافة حنبلية فتأثرت الثقافة هنا بالمذهب الذي وجد إمكانيات نشر حتى الفقه نفسه متأثر مذهبه بثقافة المجتمع فالشافعي رحمه غير مذهبه عندما ذهب إلى مصر والمستجدات تصنع فقه النوازل وفقه الأوليات بأثر بأوليات المجتمع فالشريعة ولا سيما فقه المعاملات يتأثر بظروف المجتمع إذ تصدر الفتاوى بناء المستجدات في السلوك العام.
فقه المعاملات هو الثقافة الإسلامية والفقه يتغير أما ثوابت فقه المعاملات وقطعياته لا تتغير لأنها ليست مجال خلاف لأنها واضحة وضوح الشمس في رابعة لكنها فلا يستطيع أحد أن يقول للمسلم أن الخمر حلال حتى وإن تفشى في الناس فالله تعالى لا يحب أن تشيع الفاحشة بين المؤمنين حتى لا تصبح نمطاً سلوكياً في المجتمع فالرأي العام الإسلامي ينكر المحرمات فلذلك تجد المسلمين لا يتجاهرون بالمعاصي حياءً فالحياء شعبة من الإيمان لأن الحياء هو الضابط الذي يضبط سلوك الناس فيجعلهم لا يجاهرون بالمعاصي لأن المجتمع يضبط سلوكيات الأفراد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمعروف هو الثقافة الإسلامية بتبناها الرأي العام فيفكر مخالفتها فإذا أراد قادة الرأي تغيير مجتمع عملوا على تغير ثقافتهم عن طريق وسائل الإعلام .. لذلك يجب على المهندسين الاجتماعين أن يواسوا البنيان الاجتماعي على خارطة الثقافة الإسلامية والبنيان إذا بني على خارطة جديدة فإنه يغير تغييراً جدرياً وهناك من يهدم البنيان وبنيه من جديد حتى البناء يقوم في يوم وليلة وإنما غير بالتدريج فيهدم الفاسد ويبقى الصالح منه لأنه لا يجوز أن يهدم البنيان رؤوس الناس، فالرسول صلى الله عليه وسلم شبه المجتمع بالسفينة التي نركبها جميعاً غلو أن أحدنا أراد أن يغرق غرقاً أغرقها فلذلك الجماعة تتعاون على منع من يضر بالمصلحة العامة فوظيفة المجتمع أن يوصل السفينة إلى بر الأمان فلا نسمح لأحد بغرق السفينة فإن السفينة إذا غرق ركابها فإنهم عرضوا أنفسهم للانتحار الجماعي فمن هنا نستنبط أن أفراد الجماعة مسؤولون مسؤولية تضامنية سلباً إيجاباً فالمجتمع مسؤول عن وجود مشاكل اجتماعية مسؤولية تضامنية فالساكت عن الحق شيطان أخرس فنحن ننصر المجتمع بأن نحل مشاكله بشكل منظم فالسفينة إذا قادها من لا يعرف قيادتها يغرقها ليغرق أهلها فلو تركوا مفرق السفينة فلم يأخذوا على يده فهم شركاء بالترك في إغراق السفينة لذا نهانا الإسلام أن نركن إلى الذين ظلموا في تركهم السفينة من غير إصلاح ، المجتمع ليس حشد أفراد فحسب بل هو ثقافة تكون شخصية اجتماعية مسؤولة مسؤولية تضامنية وتنظيم لأدوار متكاملة وتقسيم للعمل هدفه رخاء المجتمع والرخاء هو مقياس تقدم المجتمع وهو مسؤولية الأولى والأخيرة فالمواطنة أخذ وعطاء أنها مشاركة في القرار العام والمال العام فهو يعطي المجتمع عملاً فيعيله في الصحة والمرض والعجز والاستطاعة.
المجتمع هو أسرة إنسانية تعاقد الناس فيها أن ينفع فيها بعضهم بعضاً بتقسيم العمل فيما بينهم وكلما تقاربت عطاءات المجتمع لهم جميعاً كلما تقدم المجتمع نحو الأمن والرخاء فكلما زادت نسبة الفقر كلما اقترب المجتمع من الانهيار فالمجتمع يتقدم بقدر تساوي الأخذ والعطاء المجتمع المتقدم يرفض الفصل الاجتماعي الذي ينتج من تفاوت الفرص، والصراع الاجتماعي ينتج من علو فئة على فئة والفساد ، قال تعالى : ﭽ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﭼ القصص: ٨٣.
العلو في الأرض والتكبر الاجتماعي والعلو يسبب الفساد فالذين يعلون في المجتمع هم الفئة الباغية التي تطغى على الناس وتجعلهم سبقاً فتصبح فئة متكبرة تجعل المال دولاً فيما بينها وأفراد المجتمع خولاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق