الاثنين، 9 يناير 2012

المنطق
المدركات
مصادر المعرفة:
1. الحواس الخمس التي تدرك العالم الخارجي (حكم موضوعي).
2. البصيرة تدرك الأفكار العلمية (حكم عقلي).
3. الحدس يدرك المعاشر (حكم ذاتي).
4. الأخبار: نقل الأفكار للغير.
الفكرة في العقل تصور، والتصور إدراك الأشياء خارج الإنسان ، وإثبات هذه الأشياء أو نفيها يسمى تصديق.
والفكرة هي الجملة المفيدة ، والجملة هي الكلام المفيد الذي يحسن عليه، وأقل ما تتألف منه الجملة مفردان، مبتدأ وخبر ، فعل وفاعل، أو ما يقوم مقام كل منهما.
أنواع الإدراك:
1. الإدراك الضروري ، وهو الذي لا يحتاج فيه العقل إلى طلب بالدليل، وإنما يلتقطه بالبداهة، كإدراكنا وجود أنفسنا، وكإدراكنا صورة الحرارة والبرودة، ومعنى الوجود والعدم، والكبر والصغر، والزمان والمكان، والإدراك الضروري يتناول قسمي التصور والتصديق.
2. الإدراك النظري، وهو الإدراك المكتسب بالتأمل والنظر في الأدلة، مثل : التعرف على المجرم بالأدلة والإمارات ، وهو عملية استدلال فكري.
والتعرف على الأشياء إما يتم بطريقة ذاتية، أو بطرقة الأخبار بواسطة تعليم الآخرين، وإثبات صحة الفكرة يسمى حجة ودليل.
الدلالة
أنواع الدلالة:
1. الدلالة العقلية: كدلالة الأثر على المؤثر.
2. الدلالة الطبيعية: هي الترابط بين الظواهر بحسب القانون الذي يحكمها، كدلالة ارتفاع درجة حرارة الجسم على المرض.
3. الدلالة الوضعية: وهي الدلالة الاصطلاحية، كدلالة إشارة المرور، ودلالة الرسوم لإرشاد سائقي السيارات ، ودلالة رنين الجرس على بداية الحصة.
أقسام الدلالة الوضعية اللفظية
تنقسم الدلالة الوضعية اللغوية إلى ثلاثة أقسام:
1 – دلالة المطابقة:
وهي دلالة اللفظ على معناه الحقيقي أو المجازي، مثل: لفظ إنسان يدل على الحيوان الناطق، ودلالة اسم الجنس، واسم العلم، ودلالة الأفعال، ودلالة الجمل (الكلام).
2 – دلالة التضمن:
وهي الدلالة التي تفهم ضمن الكلام.
3 – دلالة الالتزام:
هي دلالة اللفظ عقلاً أو عرفاً وهو المعني غير المباشر للفظ ، مثل : الإنسان كاتب ومتعلم.
الجزئي والكلي
الجزئي: مفهوم لا ينطبق إلا على فرد فقط، مثل: اسم العلم محمد، أما الكلي فينطبق على أكثر من واحد، مثل: كلمة إنسان ينطبق على كل حيوان ناطق.
والكليات خمس:
1. الجنس: وهو أعمها مثل: حيوان يشمل الإنسان الحيوان الناطق، والحيوان غير الناطق.
2. النوع: هو فرع من فروع الجنس، فالكائن الحي فرع منه الإنسان، وهو الحيوان الناطق، والحيوان الأعجم والنبات.
3. الفصل: هو الصفة التي يتميز بها نوع عن سائر الأنواع، كصفة ناطق يتصف بها النوع الإنساني.
4. الخاصة: صفة توجد في النوع، ولكنها لا تشمل النوع، كالتعلم.
5. العرض العام: صفة عارضة يشترك فيها النوع، كالمشي، فهي في الإنسان والحيوان، ولكن المشي صفة عارضة لا يتصف بها الإنسان والحيوان دائماً إذ قد يمر به وقت لا يكون فيها ماشياً بل قائماً أحياناً.
المفهوم والمصادق
المفهوم: هو المعني الذهني الذي يثيره اللفظ في الأذهان، واللفظ دلالة كلامية عليه.
المصادق: هو الشيء الذي يشير إليه اللفظ، فالحمار ، والحمار بذاته هو مفهوم لفظة الحمار، والحمار نفسه هو المصادق.
النسب
أنواع النسب:
1. التبيان ، مثل : كلمة إنسان تختلف عن كلمة حمار.
2. التساوي ، مثل: المسلم والمؤمن ، كل مؤمن مسلم ، وليس كل مسلم مؤمن، فبين المسلم والمؤمن صفة يشتركون فيها الإسلام لله تعالى.
3. العموم والخصوص والمطلق، مثل: الحيوان يشمل الإنسان، ولكن في الإنسان صفة النطق توجد في الإنسان، ولا توجد في الحيوان.
4. العموم والخصوص من وجه، مثل: كلمة حيوان وأبيض، كل أبيض من الحيوانات حيوان، وليس كل حيوان أبيض، فهي صفة تجعل النوع يتعدد بحسب صفاته.
5. التواطؤ ، مثل : كلمة (نقطة) تشمل كل ما ليس له طول ولا عرض ولا عمق (ارتفاع).
6. التشكيك ، مثل : كلمة نور، فيها معنى الضعف والاشتداد ، فليست الأنوار كلها في درجة واحدة.
7. الترادف، مثل : كلمة إنسان وبشر، كل لفظ ينوب عن الآخر، وفيه نفس المعني.
8. الاشتراك ، مثل : عين ، عين الرؤية، وعين الماء ، والعين الجاسوس.
9. التخالف ، مثل : الطول والبياض متخالفان ، لأنهما قد يجتمعان معاً في شيء واحد في زمان واحد، كشخص طويل أبيض، وقد يرتفعان معاً مع اتحاد المكان والزمان، وذلك في نحو جسم قصير أسود، ومثل: عالم وفصيح ، فهما متخالفان ، لأنهما قد يجتمعان معاً في نحو شخص عالم وفصيح، وقد يرتفعان معاً، وذلك مثل: شخص جاهل غير فصيح.
10. التضاد ، مثل : البياض ،والسواد ، فهما معنيان متضادان، لأنهما لا يجتمعان معاً في مكان واحد، فلا يكون المكان الواحد بعينه في وقت واحد أبيض ،وأسود معاً، حينما نجد شيئاً بعضه أبيض، وبعضه أسود، فإنا نقول: قد اختلف المكان، فلم يجتمع البياض ،والسواد في مكان واحد، ولكن البياض والسواد يمكن ارتفاعهما، أي : انتفاؤهما معاً مع اتحاد المكان والزمان، فقد يكون المكان الواحد بعينه لا أبيض ولا أسود ، كان يكون أحمر أو أصفر مثلاً.
11. التناقض ، مثل: الوجود، والعدم، فهذان المعنيان متناقضان، لأنهما لا يجتمعان معاً في شيء واحد، ولا يرتفعان معاً عن ذلك الشيء، فالشيء الواحد إما أن يكون موجوداً أو معدوماً، ولا يمكن أن يجتمع الوجود ،والعدم في شيء واحد في نفس الشيء ، ولا ينفي الشيء، ويثبت في نفس الوقت.
12. التماثل، هي نسبة بين معني وآخر مساوي له في النتيجة ، كالنسبة بين خمسة مضروبة في خمسة، وبين العدد خمسة وعشرين.
13. الكلية والجزئية: وهي نسبة بين معنى ومعنى آخر من جهة كون أحدهما كلياً ،والآخر جزئياً، كالنسبة بين (إنسان وخالد).
14. الكل والجزء: وهي نسبة بين معنى ،ومعنى آخر من جهة كون أحدهما كلاً والآخر جزءاً من أجزائه، فحيث وجد الكل فلا بد أن يكون الجزء موجوداً أيضاً ضمن الكل.
15. الإضافة : هي نسبة بين معنيين ، إدراك كل واحد منهما مرتبط بإدراك الآخر، كإدراك البنوة والأبوة ، فإن أحدهما لا يدرك إلا مع إدراك الآخر، وكإدراك الصغير والكبير، وكإدراك القليل والكثير، وكإدراك الأعلى والأسفل، والسريع ،والبطئ، والمتقدم، والمتأخر، وهكذا فإن أحد المتضايفين منهما لا يدرك إلا مقترناً بإدراك صاحبه.
المعرفات (القول الشارح)
الطريق الكلامي الموصل التي تصور شيء من الأشياء أو معنى من المعاني يسمى معرفاً، ويسمى قولاً شارحاً أي قولاً شارحاً للمفرد المطلوب حصول صورته في الذهن أو تميزه عن غيره، وللمعرف (القول الشارح) ضوابط لا بد من التزامها فيه حتى يكون سليماً موصلاً إلى تصور صحيح أو تمييز واضح.
الجاهل مفرده تصورية نقوم بتعريفها حتى يتصور هذه المفردة ويميزه عن غيره بصفات هي من خصائصه، وذلك يكون بشرح المفرد ليتصوره المخاطب تصوراً صحيحاً يميزه عما سواه، ويتم ذلك بشرطين:
1. أن يكون مساوياً تماماً للمفرد الذي نشرحه.
2. أن يكون أوضح من المفرد التصوري الذي نشرحه.
أنواع المعرفات أو الأقوال الشارحة الصحيحة:
تنقسم إلى نوعين:
1. الحدود: وهي تشمل الذاتيات، فالمفرد يشرح بالصفات الذاتية، والتعريف بالصفة الذاتية ويسمى الحد التام.
2. الرسم: هو التعريف (التمييز ) بالصفات العارضة.
أقسام المعرفات:
1. الحد التام : وهو ما كان تعريفاً للشيء بذكر تماما ذاتياته، كتعريف الإنسان بأنه حيوان ناطق.
2. الحد الناقص: هو تعريف الشيء بذكر بعض صفاته الجوهرية، مثل القول بأن الإنسان ناطق.
3. الرسم التام: وهو ما كان تعريفاً للشيء بصفة للجنس القريب، مثل القول بأن الحيوان (نام وأكل).
4. الرسم الناقص: هو تعريف للشيء بصفة عرضية، كتعريف الإنسان بأنه ضاحك.
5. التعريف اللفظي: هو تعريف اللفظ بلفظ آخر مرادف له معلوم عند المخاطب، ومرادف للشيء وهو في الحقيقة خاصة من خواصه، مثل تعريف البر بأنه قمح.
6. التعريف بالمثال: وهو تعريف الشيء بذكر مثال من أمثلته، كتعريف الاسم بأنه ما أشبه لفظ زيد ،ورجل، وكتعريف الفعل بأنه ما أشبه لفظ سمع ويقول ويأخذ.
7. التعريف بالتقسيم: وهو تعريف الشيء بذكر الأقسام التي ينقسم إليها، كتعريف الكلمة بأنها اسم وفعل وحرف، وكتعريف العدد بأنه زوج وفرد.
القضايا وأقسامها
القضية: هي الجملة التامة الخبرية، أما الجملة القائمة على الأمر أو النهي أو إنشاء العقود أو حلها ،ونحو ذلك فلا تسمى قضية، لأنها لا تحتمل الصدق أو الكذب أصلاً، فلا تحتاج إلى أدلة تثبت صدقها أو كذبها، والجملة الخبرية تتضمن أحكامها موجبة (إثبات) أو سالبة (نفي).
والقضية مشتقة من القضاء ،والقضاء هو الحكم ، والحكم إما إثبات أو نفي ، والإثبات والنفي حكم كيفي، أما الحكم الكمي فهو مقدار الأفراد التي ينطبق عليها الحكم الذي تشتمل عليه.
والحكم يتعلق بمقدار ما من الأفراد واحداً فما فوق معيناً أو غير معين، ولا بد أيضاً أن تكون النسبة فيها موجبة أو سلبية.
أقسام القضايا باعتبار الكم:
القضايا باعتبار الكم أربع:
1. الشخصية (المخصوصة) : وهي التي يكون المحكوم عليه فيها معيناً مخصوصاً غير قابل للشراكة.
2. الكلية: وهي التي يكون المحكوم عليه فيها كلياً غير معيناً قابل للشراكة المفتوحة دون تحديد.
3. الجزئية: وهي التي يكون فيها المحكوم عليه فيها جزئياً.
4. المهملة: وهي التي يكون فيها المحكوم عليه فيها لا يشمل كل الأفراد من غير تعيين.
أقسام القضايا باعتبار الكيفية:
الكيف هو نفي أو إثبات ، والنفي له أدواته.
أقسام القضايا باعتبار الكم الكيف:
يتعين المحكوم عليه في القضية المخصوصة (الشخصية) بأمور متعددة ، منها ما يلي:
1. أن يكون اسماً علماً، مثل (خالد ـ سعيد ـ إلخ).
2. أن يكون علماً كنية، مثل (أبو بكر ـ أبو حفص).
3. أن يكون علماً لقباً ، مثل (بدر الدين، إمام الحرمين، زين العابدين).
4. أن يكون معرفاً بـ (أل) التي للعهد، سواءً أكان المعهود المعين فرداً إلى أفراداً مخصوصين.
أقسام القضايا
1. القضية الحملية: وهي حمل شيء على شيء آخر أو نفيه، وهو المسند والمسند إليه، أو وصف شيء بشيء آخر.
2. القضية الشرطية: وهي ارتباط حكم بحكم آخر، أو نفي ارتباط حكم بحكم آخر.
ضوابط الحمل في القضايا الحملية:
1 – الأخص نجعله موضوعاً، والأعم نجعله محمولاً، مثل (كل إنسان حيوان) (كل تفاح فاكهة) (كل لبن أبيض) ، الأخص إنسان والأعم حيوان، الأخص تفاح، والأعم فاكهة ، الأخص لبن والأعم أبيض.
نلاحظ أن الأخص متفرقاً، أي لم يبق فرد منه لم يتناوله حكم القضية، وحين نعكس الأمر لم يسغ لنا التزاماً بمبدأ الصدق في القضية، مثل (بعض الحيوان إنسان) (بعض الفاكهة تفاح) (بعض الأبيض لبن).
حين يكون المحمول متفرقاً يتضح لنا أن أفراده محكوم بها على الموضوع، فحين نقول (بعض الحيوان كل إنسان) فقد قطعنا من الحيوان قسماً مكافئاً لكل الناس وحكمنا عليه بأنه كل إنسان.
في حال السلب (النفي) في القضية نلاحظ أن المحمول لا بد أن يكون مستغرقاً جميع أفراده، وإلا لم تصدق القضية، فحين نقول (بعض الحيوان ليس بإنسان) فمعناه: هذا البعض المراد من الحيوان ليس أي فرد من أفراد الإنسان.
نلاحظ أنه لا يصح في قضايا موضوعها ،ومحمولها بينهما عموم وخصوص من وجه أن يكون أي منهما مستغرقاً لجميع أفراده، والمقال فيها يتناول بعض أفراده فقط ، ولا يصح.
القضايا الشرطية:
كل قضية بينها، وبين صاحبتها تلازم برباط شرطي، فنقول:
- إذا كانت الشمس طالعة في الأفق فالنهار موجود.
- إذا كان النهار موجوداً فالشمس طالعة في الأفق.
- إذا كانت الشمس غاربة فالنهار غير موجود.
- إذا كانت الشمس غاربة فالليل موجود.
- إذا كان الليل موجوداً فالشمس غاربة.
كل هذه القضايا تلازم في الواقع بين طلوع الشمس والنهار وغروبها والليل.
وجود كل منهما يستلزم وجود الآخر، وانعدام كل منهما يستلزم وجود الآخر.
1. التلازم بالتنافي: مثل التنافي بين كون الشيء ذا حياة وكونه حجراً الآتي عن طريق طرح احتمال الوجود، فوجود الحياة لشيء يستلزم انعدام كونه حجراً، وكون الشيء حجراً يستلزم انعدامه عنه.
ولكن حين نأتي عن طريق طرح احتمال العدم نلاحظ أن انعدام الحياة عنه لا يستلزم كونه حجراً.
وانعدام كونه حجراً يستلزم وجود الحياة فيه لاحتمال أن يكون كلا الانعدامين لا حجراً ولا حياً، كالخشب المسندة.
2. التلازم بالتنافي بين انعدام وانعدام : مثل التلازم بين انعدام هداية الشرع ،وانعدام هداية العقل، ويظهر هذا التلازم عن طريق طرح احتمال العدم، فلو انعدمت الحياة عن طريق الشرع، لوجب أن توجد عن طريق العقل، ولو انعدمت عن طريق العقل، لوجب أن توجد عن طريق الشرع، لكن وجود الهداية عن طريق الشرع لا يستلزم انعدام الهداية عن طريق العقل، ووجود الهداية عن طريق العقل لا يستلزم انعدام الهداية عن طريق الشرع، بل قد يجتمعان كما هو الواقع.
الجهة في القضية:
نسبة المحمول إلى الموضوع في القضية سواء كانت موجبة أو سالبة لا بد أن تكون على جهة الوجوب العقلي هي التي يحكم فيها العقل بضرورة كون النسبة في القضية موجبة أو بضرورة كونها سالبة، فإيجاب النسبة أو سلبها أمر حتمي.
القضية الحملية الموجبة مثل (الله حي) ، القضية الحملية السالبة مثل (لا إله إلا الله).
وجهة الإمكان العقلي هي التي يحكم فيها العقل بأن النسبة فيها واجبة عقلاً، فالحكم فيها ضروري لاستحالة وجود إله حق غير الله جل جلالة.
المعرفة:
المعرفة إدراك، والإدراك إذا كان مطابق للواقع فهو حق أو حقيقة، وإذا لم يطابق للواقع فهو وهم، فالمعروف إما أن يكون الأشياء في العيان، فإدراكه بالحسن هو عين اليقين، وإما أن يكون المعروف هو الفكر، فإذا كان الفكر بديهي فهو يقيني مثل: الواحد نصف الاثنين، ومثل: لكل حادث من محدث،ومثل: علاقة السببية، ومبدأ عدم التناقض.
وأما أن يكون المعروف هو مشاعرنا الوجدانية، والمعرفة تتحول إلى علم إذا كان عليها دليل، فإذا كان دليل النفي أقوى الإثبات فهو وهم، وإذا كان دليل الإثبات أقوى من النفي فهو ظن، وإذا تساوى دليل الإثبات ،والنفي فهو شك، وإذا لم يوجد دليل نفي أو إثبات انعدمت القضية من أساسها، وإذا لم يوجد دليل النفي ووجد دليل إثبات فهو يقين.
واليقين : هو الإثبات بالدليل المؤكد مئة بالمئة.
مصادر المعرفة:
1. الحس والتجربة.
2. البديهيات العقلية.
3. الخبر الصحيح.
4. الإثباتات العلمية.
هدف العلم:
يستهدف العلم الوصول إلى القواعد والقوانين ، ويتوصل العلم بالتحليل والتركيب. والتحليل هو تقسيم الشيء إلى عناصره التي يتألف منها.
ويقوم العلم بدراسة خصائص كل عنصر على حده، وبالخصائص تتميز الأشياء والخصائص هي الصفات، والصفات هي التي تتميز بها الأشياء، والخصائص إما صفات أو وظائف.
أقسام التحليل:
1. التحليل العقلي: وهو عملية يقوم بها العقل لعزل صفات الشيء الموضوع للتحليل، أو عزل لخواصه، أو عزل لأجزائه بعضها عن بعض بقصد معرفة حقيقته.
2. التحليل المادي التجريبي: هو عملية مادية تقوم على عزل أجزاء المركب المادي عن ارتباطها التركيبي لمعرفة صفاتها وآثارها وارتباطها بالشيء الذي عزلت عنه، وإمكان ارتباطها بأي جزء آخر.
أقسام التركيب:
1. التركيب العقلي: هو عملية عقلية ينتقل فيها العقل من العناصر إلى الكل (المركب).
2. التركيب المادي التجريبي: هو عملية مادية تؤلف بين العناصر المادية الجاهزة في الطبيعية التي انتهت إليها أعمال التحليل المادي.
وحين يقوم الباحث بإعادة تركيب مادة ما كان قد حللها سابقاً إلى عناصرها هو أو غيره، فإنه يمتحن بعمليته التركيبية دقة العملية التحليلية وصوابها، أو يكتشف عدم الدقة فيها أو عدم صوابها.
أما حين يقوم الباحث باختبار مركبات جديدة، فإنه يحاول اكتشافاً جديداً ذا ظواهر وآثار وشروط وخصائص لا تعرف على وجهها الصحيح إلا بعد التجربة والامتحان.
والمركبات الجديدة لم تكن معروفة من قبل، وكانت الوسيلة إليها عمليات التركيب التي قام بها الفكر العلمي.
القسم الثالث
الاستدلال
إذا بطل أن يكون العدم هو الأصل المطلق وجب أن يكون نقيضه هو واجب الوجود، والشيء لا يكون موجود ومعدوم في نفس الوقت.
إن صدق إحدى القضيتين ينقض احتمال كذب الأخرى، ويجعلها صادقة حتماً.
مثال: الله ليس له شريك يقابلها الله له شريك.
الأولى سالبة، ويقابلها موجبة.
إذا كانت القضية الأولى صادقة حتماً، فالقضية الثانية كاذبة حتماً، فلا يمكن أن تكون صادقتين معاً، ولا يمكن أن تكون كاذبتان معاً، فيهما تناقض إذا صدق إحداهما حتماً صدقت الأخرى ويجعلها كاذبة، إذ لا يمكن أن تكونا صادقتين معاً، ولا يمكن أن تكونا كاذبتين معاً للتناقض الذي بينهما. أي : إن صدقت إحداهما ينقض حتماً صدق الأخرى ويجعلها كاذبة.
التضاد يقتضي أن تكذب إحدى القضيتين، إحدى القضيتين المتقابلتين إذا صدقت الأخرى، ولكن لا يقتضي أن تصدق إحداهما إذا كذبت الأخرى.
أمثلة:
القضية مقابلتها
كل إنسان حيوان (صادقة كلية موجبة) لا شيء من الإنسان بحيوان (كاذبة كلية سالبة)
لا شيء من الإنسان بحجر (صادقة) كل إنسان حجر (كاذبة)
كل تفاح حامض (كاذبة كلية موجبة) لا شيء من التفاح بحامض (كاذبة كلية سالبة)
لا شيء من اللون بأسود (كاذبة كلية سالبة) كل لون أسود (كاذبة كلية موجبة)
التقابل بين الجزئية الموجبة ،والجزئية السالبة هو من قبيل الدخول تحت التضاد. والدخول تحت التضاد يقتضي أن تصدق إحدى القضيتين المتقابلتين إذا كذبت الأخرى ، لكن لا يقتضي أن تكذب إحداهما إذا صدقت الأخرى ، بل قد تصدقان معاً.
العكس في القضايا:
لا شيء من الإنسان بطائر، وعكسها لا شيء من الطائر بإنسان. والعكس هو أن نضع المحمول بدل الموضوع، والموضوع بدل المحمول في القضايا الحملية.
ذلك أنه لو وجد الطير ما هو إنسان، لوجد من الإنسان ما هو طير، وما دام ليس الإنسان بطير، لا الطير إنسان، فالإنسان ليس طير، وليس الطير إنسان.
الاستدلال غير المباشر:
1 – الاستقرار : وهو انتقال العقل من الحكم على الجزئي إلى الحكم على الكلي الذي يدخل الجزئي تحته.
الاستقرار هو استخراج القواعد العامة. الاستقراء هو دراسة نماذج متنوعة يستنبط منها قواعد عامة، ويقيس ما لم يدرسه على ما درسه، وهو تشبيه ما علم على ما لم يعلم.
أنواع الاستقراء:
1. الاستقراء التام : وهو الذي يتم فيه استيعاب جميع جزئيات أو أجزاء الشيء الذي هو موضوع البحث.
2. الاستقراء الناقص: وهو الذي تدرس فيه بعض جزئيات أو أجزاء الشيء الذي هو موضوع البحث، وتعتبر فيه النماذج المدروسة أساساً تقاس عليه بقية الأجزاء أو الجزئيات ، مثل: الحكم على جميع الدم بشريحة من الدم قليلة جداً، ومثل: الحكم على المجتمع بعينه.
أنواع الاستقراء:
1. الاستقراء الرياضي : هو الاستقراء الذي يكفي فيه الاعتماد على مثال واحد أو عدة أمثلة لاستخراج قاعدة كلية أو قانون عام، لأن العقل يستطيع الحكم بسرعة على كل ما يتصفحه من جزئيات حين يصل إلى قاعدة رياضية من خلال مثال واحد أو عدة أمثلة.
2. الاستقراء العلمي : يعتمد الاستقراء العلمي على الأطراد الاتفاقي ، مثل : كل حيوان ذي ثدي له أذن، كل حيوان ذي قرن مشقوق الظلف.
اطراد اجتماع الصفتين هو الذي يجعلنا أن نصدر تعميماً بالأطراد بناء على الاستقراء الناقص ، وهذا النوع يسمى بالاستقراء الإحصائي ، ويستعمل في الإحصاءات والتصنيفات.
وإذا كان إحدى الصفتين علة للأخرى أو سبباً لها تكون العلاقة علاقة علية أو علاقة سببية أو قانون العلية وقانون فطري موجود في ذاكرة الإنسان الفطرية.
مراحل الاستقراء:
المرحلة الأولى: مرحلة التجربة والملاحظة.
المرحلة الثانية : مرحلة الفروض.
المرحلة الثالثة : مرحلة ترجيح الفروض بالأدلة.
المرحلة الأولى: مرحلة الملاحظة والتجربة.
ويقصد بالملاحظة التأمل الدقيق في الجزئيات للتعرف على ظواهرها ،وصفاتها ،وخصائصها، ومميزاتها، فإن كانت الملاحظة للأشياء على ما هي عليه في واقعها الطبيعي دون استخدام آلات ،وأجهزة في البحث ، ودون تهيئة الظروف فهي الملاحظة المجردة.
شروط الملاحظة والتجربة:
1. الدقة، وتكون الدقة بتحديد الشيء الملاحظ ،وحصره ،وتحديد مكان الظاهرة ،وزمانها ،والتأكد التام من سلامة أجهزة ،وأدوات البحث ،والمواد المستعملة في التجربة ،والملاحظة.
2. تحديد الظاهرة قيد البحث وعزلها عزلاً تاماً عن كل ما سواها من الظواهر المشابهة كلما أمكن ذك ، وحصر الانتباه في ناحية من نواحيها كلما أمكن.
3. تكرار التجربة في حالات الظاهرة المختلفة.
4. تبسيط الظاهرة ، وذلك بتحديد جزء بسيط غير مركب من صفات الشيء الموضوع للبحث.
5. تسجيل الظاهرة للملاحظة في البحث حتى لا تنسى.
6. التوقي من كل مظان الخطأ في كل مراحل التجربة، والملاحظة.
7. البناء على النتائج التي توصل إليها العلم الذي يختص بدراسة الظاهرة.
المرحلة الثانية: مرحلة الفروض:
والفرض هو القاعدة أو القانون قيد البحث ، ويقوم الباحث بإثبات صحته بالدليل.
شروط الفرض:
1. أن يكون مسبوقاً بملاحظة أو تجربة ،وملاحظة.
2. يجب ألا يتعارض الفرض المطروح مع أي قانون طبيعي أو عقلي معترف بصحته نهائياً في الذي يدرس الفرض.
3. يجب أن يكون الفرض قابلاً للتطبيق على جميع الحالات المشاهدة، وشامل لجميع حالات الظاهرة قيد البحث.
4. يجب أن يكون الفرض قابل للبرهنة عليه.
المرحلة الثالثة: إثبات الفرض.
طرق الإثبات:
1. القياس (المنهج غير المباشر).
2. التجربة (المنهج المباشر).
قواعد الاستقراء:
1. قاعدة الاتفاق (التلازم في الوقوع) : (إذا وجد وجد) الاتفاق في ظرف واحد يعد هذا الظرف سبباً مثل: يتفق من أصيبوا بإسهال أنهم أكلوا طعاماً ملوثاً.
2. قاعدة الاختلاف (التلازم في التخلف) : (إذا لم يوجد لم يوجد) مثل: انطفاء عود الثقاب المشتعل إذا أدخل في إنهاء مفرغ من الهواء ، مما يدل على أن اختفاء الهواء يمنع الاشتعال ، إذن الهواء سبب الاشتعال بما فيه من الأكسجين.
3. قاعدة الاتفاق والاختلاف معاً، أي في التلازم في الوقوع والتخلف : (إذا وجد وجد إذا لم يوجد لم يوجد) أي: وجود الظاهرة عند وجود السبب وانعدامها عند انعدامه، مثل : وجود أن سبب ضعف إنتاج المصنع هو تناول بعض عماله المخدرات.
4. قاعدة التغير النسبي ، أي : في التلازم في نسبة التغير، تزايداً في جانب الوجود وتناقصاً في جانب العدم ، مثل : ازدياد الاشتعال بزيادة الغاز.
5. قاعدة البواقي : إذا كانت الظاهرة مجزأة إلى عدة أجزاء ، وكانت لهذه الأجزاء أسباب يعددها، وعرف الباحث علاقة بعض أجزاء الظاهرة بأسبابها، فإذا علق كل جزء بسببه المعروف لديه ، ولم يبق أخيراً إلا جزء واحد، فإنه يستطيع أن يعلقه بالسبب الباقي ، فيكون الجزء الباقي من الظاهرة معللاً بالفرد الباقي من الأسباب، مثال : لو كان لدينا ثلاثة أزواج من الأسلاك الكهربية، ولها ثلاثة مفاتيح، فإذا عرفنا مفتاح الزوج الأول منها، ثم عرفنا مفتاح الزوج الثاني منها، وضح لنا أن الزوج الثالث هو المفتاح الثالث.
القياس
القضية الأولى
الشمس كتلة من النار وكل نار محرقة
المشترك هو النار ، وصفة النار الإحراق.
الصفة المشتركة بين الشمس والنار الإحراق ، فالقياس هو الاشتراك في الصفة بين الشمس والنار، وكذلك أن كلاهما نار، وما دام كلاهما نار ، فإن لهما صفة النار، وهي الاحتراق.
القياس : يعتمد على بديهيتين عقليتين، الأولى: أن الحكم على جميع أفراد الكلي بشيء هو حكم بهذا الشيء على كل فرد منه ، فالنارية موجودة في النار وفي الشمس إذن النارية صفتها الاحتراق.
الإنسان ناطق ، وعمر إنسان ، إذن عمر ناطق لا فرق بين عمر والإنسان، فالحكم واحد ،وهو النطق ، إثبات نفس الصفة ما دام الموصوف واحد فهذا القياس اقتراني لاقتران الموصوفان بصفة واحدة عمر إنسان ، إذن هو ناطق،والقياس حملي، وهو حمل الصفة على موصوف واحد وهو الإنسانية التي تتصف حتماً بالنطقية ، واقتران شرطي، مثل : كلما كانت الشمس طالعة، كان النهار موجوداً.
القياس الاستثنائي
مقدم شرطية ثم قضية حملية مقرونة بلفظة (لكن) " فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون " أي : لكنه لم يلبث في بطنه ، " ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين" ، أي : لكننا لم نأخذ منه باليمين، ولم نقطع منه الوتين، أي رفع المقدم : ما تقول علينا بعض الأقاويل، وإذن : لم تأخذ منه باليمين ، ولم تقطع منه الوتين (النتيجة).
القواعد:
1. وضع المقدم ينتج رفع التالي.
2. وضع التالي ينتج رفع المقدم.
3. رفع المقدم ينتج وضع التالي.
4. رفع التالي ينتج وضع المقدم.
العنقاء إما موجودة وإما معدومة لكنها غير موجودة، فهي معدومة، أو لكنها معدومة، فهي غير موجودة.
بين الوجود والعدم تعاند تام، وضع كل واحد منهما يستلزم رفع الآخر، ورفع كل منهما يستلزم وضع الآخر.
ما نحتاج إليه لدى إقامة الأدلة:
كل راغب في إقامة دليل توفر ثلاثة أركان:
الركن الأول: مبادئ وهي:
1. أوليات يقينية عقلية.
2. مدركات حسية أو باطنية وجدانية.
3. المجربات.
4. خبرات يقينية.
الركن الثاني: موضوع الاستدلال ، فموضوع الحساب العدد ، وموضوع الهندسة مقادير الأشياء ذوات الأبعاد ،وموضوع الفقه أفعال المكلفين ، وموضوع العقائد أركان الإيمان.
الركن الثالث: مسألة أو قضية من قضايا الموضوع إذا يراد إقامة الدليل على إثباتها أو نفيها.
التمثيل
هو قول مؤلف من قضايا تشتمل على بيان مشاركة جزئي لآخر في علة الحكم فيثبت الحكم له.
أركان التمثيل:
الركن الأول: الأصل، وهو الممثل به ، أو المشبه به ، أو المقيس عليه.
الركن الثاني : الفرع ، وهو الممثل ، أو المشبه ، أو المقيس.
الركن الثالث : العلة الجامعة التي هي سبب التمثيل ، وهي السبب في الظاهر، أو الحكم بالنسبة إلى الأصل الممثل به.
الركن الرابع: الظاهرة أو الحكم الذي في الأصل ونعممه على الفرع بدليل التمثيل، وبجماع اشتراك الأصل والفرع في سبب الظاهرة أو في علة الحكم.
التمثيل: يسمى عند علماء أصول الفقه (القياس) ، ويسمى عند المتكلمين ـ (علماء العقيدة الإسلامية ) ـ (الاستدلال بالشاهد على الغائب) أو رد الغائب إلى الشاهد والتمثيل هو أن يوجد حكم في جزئي معين، فينتقل حكمه إلى جزئي آخر يشابهه بوجه ما.
أمثلة:
الحصان كالثور ، له القدرة على الجر ، إذن الحصان والثور يحرثان الأرض. القدرة على الجر هي سبب القدرة على الحرث.
معرفتنا لعناصر المركب الطبيعي تجعلنا نستطيع صنع مركب صناعي.
البرهان:
البرهان هو الحجة التي تفيد اليقين ، والحجة اليقينية هي التي تعتمد على مقدمات يقينية كقولنا (هذا العدد منقسم بمتساويين ، وكل عدد منقسم بمتساويين زوج) إذن هذا العدد زوج.
بدء الخلق وإعادته متساويان بحكم البديهة، وكل متساويين حالهما بالنسبة إلى القدرة متماثل تماماً، إذن بدء الخلق وإعادته حالهما بالنسبة إلى القدرة متماثل تماماً.
الله قد بدأ الخلق بقدرته (قضية مسلم بها) ، وكل من قدر على بدء الخلق قادر على إعادته بدليل تماثلهما، إذن الله قادر على إعادة الخلق (وهذا المطلوب بالدليل).
الحجة الجدلية:
هي الحجة المؤلفة من مقدمات مشهورة تعتقد الجماهير أنها مسلمات ، أو يعتقد المخاطب أنها مسلمات.
الحجة الخطابية:
هي الحجة التي تعتمد على مقدمات ظنية.
الحجة الشعرية:
هي الحجة التي تعتمد على مقدمات وهمية ، والوهم هو التصور الكاذب الذي لا يطابق الواقع.
الغلط والمغالطة:
الغلط هو الوقوع في الخطأ من غير قصد ،وإن قصد الكذب فهو مغالطة.
القواعد العقلية:
الأحكام العقلية:
كل ما يتصوره العقل لا يخلو أن يكون واحد من الأقسام الثلاثة:
1. إما أن يكون ممكن الوجود والعدم.
2. إما أن يكون مستحيل الوجود.
3. إما أن يكون واجب الوجود.
الممكن هو الجائز عقلاً، وهو الذي ليس بواجب ولا مستحيل ، والمستحيل هو ما يوجب العقل عدمه ولا يجيز إمكان وجوده ، وواجب الوجود هو ما يوجب العقل وجوده ولا يجيز إمكان انعدامه.
المستحيلات
الدور: هو توقف الشيء على نفسه ، أي ليكون هو نفسه علة نفسه بواسطة أو بدون واسطة ، والدور مستحيل بالبداهة العقلية.
قولنا : الكون أوجد نفسه من العدم المطلق، وفي هذا دور مرفوض عقلاً إذ يقتضي أن يكون الكون علة لنفسه، وأن يكون معلولاً لها بآن واحد.
والعلة تقتضي سبق المعلول ، وبما أن العلة بحسب الدعوى هي المعلول نفسه، فإن هذا الكلام يقتضي أن يكون وجود الشيء سابقاً على وجوده نفسه، وفي هذا تناقض ظاهر، وهو أن الكون بوصفه علة هو موجود ، وبوصفه معلولاً هو غير موجود، مع أنه شيء واحد لا شيئان ، فهو إذن بحسب الدعوى (موجود غير موجود) في آن واحد ، والتناقض مستحيل مرفوض بالبداهة العقلية.
التسلسل:
وهو أن يستند وجود الممكن إلى علة مؤثرة فيه، وتستند هذه العلة إلى علة مؤثرة فيها وهي إلى علة ثالثة مؤثرة فيها ، وهكذا تسلسلاً مع العلل دون نهاية، وهذا التسلسل دون نهاية فيما وجد من الممكنات أو فيما هو موجود منها فعلاً، مستحيل عقلاً ولو أجزنا هذا التسلسل للزم أن نجيز عقلاً مساواة الأقل للأكثر لكن هذا محال ، ومتى بطل اللازم بطل الملزوم.
المقولات العشر
المقولات: هي المعاني التي يعبر عنها بالقول إيجاباً أو سلباً، وسميت بالمقولات لأنها يعبر عنها بالقول.
تنقسم الموجودات إلى جواهر وأعراض ، فالجواهر تدخل تحت المقولة الأولى (مقولة الجوهر)، والأعراض : تنقسم إلى المقولات التسع الباقية.
أما الجوهر فهو ما يقوم بذاته ، أي لا يحتاج في وجوده إلى شيء آخر يقوم فيه ، وينقسم الجوهر إلى قسمين:
القسم الأول: (الجوهر الفرد) وهو الوجود الذي لا يقبل التجزئة، لا في الواقع ولا في التصور ، وهو في الحوادث الجزء الذي لا يتجزأ.
القسم الثاني: (الجسم) وهو الموجود المركب ويقبل التجزئة.
أما العرض : فهو ما يقوم بغيره ، أي لا يوجد إلا صفة من صفات الجوهر وتابعاً وجوده لوجوده ، كالصور والأشكال والأوضاع والحركة والسكون ونحو ذلك.
ومن العرض ما هو مختص بالحي كالمشاعر، وما هو عرض مادي كالألوان ،والأصوات، والروائح.
2 – مقولة الكم (العدد) (المقدار):
(الكم) هو عرض ، وهو ما يقبل التقدير، والتجزئة ،والتقدير ، إما بوحدات متماثلة كالطول، وكالمدة من الزمن ،وبالتجزئة بالأصغر والأكبر، والقسم ينقسم إلى قسمين:
الأول: الكم المتصل ، وهو ما كانت أجزاؤه الوسطى حدود مشتركة، كل منها بالنسبة إلى ما دونه نهاية، وبالنسبة لما فوقه بداية.
والحد المشترك يكون في الخط، والسطح، والجسم، وفي الزمان فالآن مثلاً إلى ما قبله نهاية، وبالنسبة إلى ما بعده بداية.
الثاني: الكم المنفصل، وهو ما ليس بين أجزائه حدود مشتركة، وهو العدد ، فإذا قسمنا العشرة مثلاً إلى نصفين، كان عدد الخمسة نهاية القسم الأول، وعدد الستة بداية القسم الثاني، وليس بين القسمين بعد مشترك.
وقد يكون لا داعي إلى تقسيم الكم إلى متصل ومنفصل.
3 – مقولة الكيف (الحال):
والحال هو الهيئة القارة (أي المستقرة الثابتة) التي لا تقبل القسمة، فمتى تحولت إلى هيئتين مخالفتين لها بطل استقرارها.
والحال إما أن تتناول أحوال حسية أو نفسية (مشاعر) أو عددية أو استعدادية كقابلية التأثير وقابلية التأثر.
4 – مقولة المكان:
والمكان هو الصفة التي تعرض للشيء باعتبار وجوده في الحيز الذي هو فيه.
5 – مقولة الزمان:
الزمان هو الصفة التي تعرض للشيء باعتبار وجوده للزمن، والزمن هو كون الحدث يسبقه حدث أو يلحقه أو أنه انقضى أو أنه لا زال أو منتظر حدوثه.
6 – مقولة الوضع:
الوضع هو حال الجسم بسبب نسبة أجزائه بعضها إلى بعض الجهات.
7 – مقولة الملك (العلاقة):
الملك هو هيئة تعرض للجسم بسبب جسم آخر يحيط به أو بجزء منه وينتقل بانتقاله كإهاب الحيوان وكالثواب للابسه، وكغطاء الرأس والسوار ، والخاتم والنعل، فهي تحيط بالجسم كله أو بعضه وتنتقل بانتقاله.
8 – مقولة الإضافة:
الإضافة هي عرض يرتبط فهمه بفهم معنى آخر كالقرابة ،وأفعال التفضيل ،وأفعال المشاركة ،والعبودية ،والسيادية ،والجوار ،والصداقة ،والمالكية ،والمملوكية ،والعالمية، والمعلومية ،والزواج ،والتلاقي ،والمفارقة ،والصراع ،والعقود ،وأوصاف المشاركة ،وكل ما يكون معناه مفهوماً بالقياس إلى غيره.
9 – مقولة الفاعلية:
الفاعلية هو تأثير الجوهر في غيره.
10 – مقولة الانفعال:
الانفعال هو تأثر الشيء بغيره.
تطبيقات على المقولات العشرة
الماء:
ذاته هو جوهر، وكونه لتراً قدره ، وكونه سائل حاله، وكونه مخلوق متضايف، وكونه في القنينة مكان ، وكونه في زمان، وكونه في القنينة مسوية غير مائلة وضع،وكونه مغطى ملك، وكونه روى صاحبه فاعلية، وكون شاربه قد ارتوى انفعالية.
الماهية والهوية
هي الصفة التي تميز الكلي كجنس الإنسان تميزه الحيوانية ،والناطقية ، وهي لا تفاق كل إنسان ، أما الصفة التي تميز إنسان عن آخر مثل كونه كاتب أو فيلسوف، فليس كل الناس كتاب وفلاسفة تسمى (هوية).
المعلوم
المعلومات من عالم الأذهان وحقيقتها مطابقتها لعالم العيان ، وعالم الأذهان عالم المعاني والتصور ، ويطلق عليه المجرد.
أنواع المجودات:
1. وجود في العيان، وهو ما خارج الذهن.
2. وجود في الأذهان، وهو وجود في الذهن.
3. وجود في الوجدان ، وهي المشاعر.
الموجود في العيان يدرك بالحواس ، والوجود في الأذهان يدرك بالبصيرة، والوجود في الوجدان يدرك بالحدس (الاستبطان) التأمل الداخلي.
الأحكام الوجودية
1. جائز الوجود ، وهو الممكن ، وهو المخلوق.
2. غير جائز الوجود ، والذي لم يقدر الله وجوده.
3. واجب الوجود ، وهو الله تعالى.
الواجب الوجود وهو الأول الذي لم يسبقه العدم، وكل ما سواه فهو خلقه الله من العدم ، فالله هو الأول الذي ليس قبله شيء ، وهو الأخير الذي ليس بعده شيء، والعدم لم يسبق الله ولكن كان عندما كان الله ولم يكن شيء معه، وكل شيء قبل أن يخلقه عدم ، وخلق الله شيئاً لا يفنى وهي الروح ، وخلق أشياء تفنى.
الوجود
الوجود جواهر له أعراض ، فإذا تحرك حركة جوهرية ، والجوهر هو أصغر شيء في الوجود ، لا ينفصل عن نفسه ولا يتجزأ ، فإذا تجزأ عن نفسه أصبح شيئاً غير نفسه ، ولا يدخل في شيء ، ولا يدخل فيه شيء.
الجواهر مفصولة عن بعضها البعض ، ولكن بينها قرب ،وبعد في المكان وتتابع في الأحداث أو عدمها.
والجوهر هو الموصوف ، وأوصافه أعراضه ، والأعراض منها ما هو مشترك بين الأحياء وغيرهم ، وغيرهم ما يلي:
1 – وهي الصفات الأربعة ، وهي الحركة ،والسكون ،والاجتماع ،والافتراق ، والجوهر له حالتان:
الحركة والسكون:
إن مر جزء من الزمان لم ينتقل عن المكان الذي هو فيه ، كان ذلك سكون، وإن انتقل عنه إلى مكان آخر، وكان ذلك حركة.
الاجتماع والافتراق:
الجواهر لا تتداخل ، وإنما يقترب بعضها من بعض ، ويبتعد بعضها عن بعض.
الأعراض الخاصة بالأحياء:
الكائن الحي يمتاز بالحياة والحياة تمتاز بالحس والحركات الذاتية، ويمتاز الكائن الحي العقال بالإرادة ، والإرادة هي قدرة عقلية يرجح بها العقل بين فعل أو ترك ما هو قادر على فعله أو تركه ، والقدرة هي إمكانية التأثير فيما هو قابل لهذا التأثير، والعقل هو القدرة على الحكم على التصور من حيث مطابقة التصور للواقع من عدمه ، فالإنسان لديه عقل كما لديه ،وجدان ، والوجدان هو المشاعر من صحة ومرض وفرح وحزن ،وحب ،وكره ،ورضا، وسخط، وغضب ،وخوف ،ورجاء ولذة ،وألم ، واللذة هي إدراك ما يلائم الطبع، والألم ما ينفر منه الطبع.
والحب هو الشعور الناتج من إدراك النافع، والكره هو الشعور الناتج من إدراك الضار.
المطالب
عندما نطلب المعرفة نسأل عما نريد أن نعرفه من عدة وجوه:
1. نسأل بـ (هل) عن أصل وجود الشيء أو نسأل عن وصفه فنقول مثلاً عن أصل وجود الشيء : هل الجن موجودون؟
2. نسأل عن تعريف الشيء بـ (ما) فنقول مثلاً في السؤال عن الحقيقة ما الحقيقة؟، والجواب : هو القول المطابق للواقع.
3. نسأل عن العلة وعن الهدف بـ (لم) ونقول للسؤال عن العلة: لما انكسر؟ الكوب؟ الجواب : لسقوطه ، ونقول للسؤال عن الغاية: لما خلق الله الجن والإنس؟ والجواب: لعبادته.
4. نسأل للتمييز بـ(أي) فنقول مثلاً: أي صفة تتميز الإنسان عن الحيوان؟ والجواب: النطق.
العلة:
كل حادث لم يكن ثم كان ، لا بد له من سبب.
الغاية:
الغاية هي اختيار العقل لهدف ينفذه.
الوسيلة:
هي الإمكانية التي ينفذ فيها الإنسان الهدف ، والإمكانية لا بد من تصورها في العقل كي تنفذ عملياً.
الحوار:
الحوار: هو النقاش من أجل الوصول إلى الحقيقة ، والحوار هو مناقشة يتفهم فيها كل طرف وجهة نظر الآخر مع عرض الأدلة وانتقادها من أجل الوصول إلى الحقيقة ، وهدف الحوار هو تعاون على معرفة الحقيقة.
القواعد العامة للحوار:
القاعدة الأولى: اجتناب التعصب لرأي.
القاعدة الثانية: اجتناب السخرية بالرأي الآخر.
القاعدة الثالثة: تقديم الأدلة المثبتة للرأي ،وإثبات صحة النقل للأمور المنقولة المروية.
القاعدة الرابعة : ألا يلتزم المحاور في أمر من أموره بضد الدعوى التي يحاول أن يثبتها ، فإذا كان ملتزماً بشيء من ذلك ، كان حاكماً على نفسه بأن دعواه مرفوضة من وجهة نظره.
القاعدة الخامسة: ألا يكون يناقض كلام المحاور بعضه بعضاً في الدعوى ،والأدلة.
القاعدة السادسة: ألا يكون الدليل الذي يقدمه المحاور ترديداً لأصل الدعوى، فإذا كان كذلك لم يكن دليلاً، وإنما هو إعادة للدعوى بصيغة ثانية.
القاعدة السابعة: عدم الطعن بأدلة المحاور إلا ضمن الأصول المنطقية أو القواعد المسلم بها لدى المتحاورين.
القاعدة الثامنة: إعلان التسليم بالمسلمات ،والقضايا المتفق عليها.
القاعدة التاسعة: قبول النتائج التي توصلت إليها المحاورة بالأدلة القاطعة.
القاعدة العاشرة : عدم جعل المسائل الخلافية سبب في إفساد المودة.
تعريف الحوار
هو المناقشة بين فريقين حول موضوع لكل منهما وجهة نظر فيه تخالف وجهة نظر الفريق الآخر فهو يحاول إثبات وجهة نظره وإبطال وجهة نظر خصمه مع رغبته الصادقة بظهور الحقيقة والاعتراف بها لدى ظهورها.
آداب الحوار :
1. ألا يكون هناك خوف من المحاور الآخر.
2. عدم احتقار المحاور الآخر.
3. توفر أدلة قاطعة لإثبات وجهة النظر.
4. ألا يكون المحاور مضطرباً نفسياً.
5. أن يكون المحاور عالم في الموضوع الذي يحاور فيه.
6. ألا يكون المحاور معانداً.
7. أن يرجو المحاور أن تظهر الحقيقة على لسان خصمه.
8. اجتناب التجريح بالشخص ، بل يجب أن يقتصر النقد على الآراء والأفكار دون المساس بالشخص.
9. تفهم وجهة النظر الأخرى جيداً.
أركان الحوار:
1. موضوع الحوار.
2. فريق الحوار.
شروط الحوار:
1. العلم بموضوع الحوار.
2. مقارعة الحجة بالحجة.
3. التمسك بالحقائق.
4. الوصول إلى نتائج متفق عليها.
التصديق من المحاور للمحاور الآخر بناء على الاقتناع بالدليل، و الدليل إما مسلمة عقلية أو دليل واقعي أو خبر صحيح.
انتهاء المحاورة :
لا بد في المحاورة أن تنتهي بعجز أحد المحاورين عن دفع دليل المحاور الآخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق