الاثنين، 9 يناير 2012

نظرية المعرفة
الإدراك:
يجب أن نعرف أولاً أن الإدراك ينقسم إلى قسمين : إدراك حسي وإدراك عقلي ، فالإدراك الحسي هو تصور لما هو خارج ذهننا وإذا تبعه حكم أي تصديق فيصبح إدراك عقلي لذا الحقيقة تطابق التصور للواقع الموضوعي أو الذاتي، فالتصور الذاتي هو إدراك العقل لأفكاره أو إدراك المشاعر، وهي أعراض الباطن أي أحوال الإنسان الداخلية إما بالألم أو اللذة أو الحب أو الكره أو الرضى أو السخط أو الخوف أو الرجاء.
العقل يتذكر الأفكار الفطرية كما في الوجود ،وأساس الأفكار الفطرية أن الروح كانت موجودة في عالم الدار، ثم دخلت في الجسد كما أنها تبقى في عالم البرزخ، ثم عالم الآخرة ،والذي يتغير هو ثوبها الجسدي الذي يتغير بتغير العالم.
الأفكار العقلية مصدرها العقل والأفكار الحسية مصدرها الحس إذ العقل يجرد المعاني المحسوسة عن الخصائص المميزة للأفراد واستيفاء المعنى المشترك، الأفكار العقلية أفكار يتذكرها العقل أي يستخرجها من شريحة الروح مثل (فكرة الله والروح والامتداد والحركة وما إليها من أفكار تتميز بالوضوح الكامل في العقل البشري) ، اكتشفت الفلسفة هذه الأفكار حين وجدتها غير حسية.
الإحساس
الإحساس: هو أخذ صورة عن طريق الحواس تم وضعها في الذاكرة فإذا مر بنا الشيء مرة أخرى تعرفنا عليه ،ولكي نعرف بعضنا بعضا به نطلق عليه مفهوم لغوي.
والمفهوم لا يتكون بتجريد الشيء من صفاته الخاصة ليصوغ منه معنى كلي (عام) والمعنى العام هو تصنيف الأشياء بحسب صفاتها المشتركة ،فالتجريد والتعميم عملية عقلية ،والانعكاس عملية حسية.
العقل توجد فيه أفكار فطرية كالعلة ،والمعلول والجوهر والعرض، والإمكان والوجوب والوحدة والكثرة والوجود والعدم والنفي والإثبات والتشابه والاختلاف...إلخ.
التصورات
التصورات: تصورات حسية، وتصورات عقلية التصورات الحسية مصدرها الحس ،والتصورات العقلية موجودة في شريحة العقل يتذكرها ،وذلك أن الحقيقة اكتشاف ،وليست اختراع والاختراع شيء لا يعكس إلا صورة نفسه.
والتصديق: ينتج من تطابق التصور للواقع أو تطابق فكره مع فكرة أي تشابها والتذكر تطابق ما يمر بنا مع ما قدم مر بنا أو وجد في ذاكرتنا الفطرية .
الاستنباط تطبيق قاعدة موجودة في العقل نتذكرها حين ما يجد ما يطابقها أما الاستقراء ،فهو استخراج القاعدة التي تنطبق على فئات من الأفراد والقانون هو مصادق القاعدة فالقانون موضوعي خارجي والقاعدة موجودة في الذهن.
إن فكرة التصور دليل على الوجود الذاتي ،والمصادق دليل على الوجود الموضوعي، القواعد الرياضية قواعد عقلية صرفة ،وبدل وجودها على الوجود العقلي الصرف.
وأضرب لهم مثل العلة إذا إثباتها تذكر من العقل دون وجود مصادق لها ، في العقل كما هي حقائق العقل الفطرية كما أوحي ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً كما هو البرنامج الفطري لصيرورة وسيرة الأشياء الحاسوب يبرمجه الإنسان ولله المثل الأعلى الله يبرمج الأشياء أي يهديها أو يوحي إليها بطريقة لا نعملها العالم الموضوعي يدرك حسياً، والأفكار العقلية هي كرؤية الإنسان نفسه في المرأة ،فالعقل يرى أحوال نفسه على شاسة ستمائة (خيالته) وكما يرى الإنسان بالبصيرة أحواله الباطنية.
فالقول بأن العالم ذاتي فقط كما تقول المثالية، فهذا خطأ وكذا قول المادية بأن العالم موضوعي فقط بل العالم موضوعي وذاتي والذاتي أفكار والأفكار أفكار عقلية ،وأفكار حسية والذات أيضاً تحوي المشار الإضافة إلى الأفكار المشاعر يعبر عنها الفن كما يعبر عن الأفكار الحسية العلوم ويعبر عن الأفكار العقلية الفلسفية.
الإدراك
نحن نرى التفاحة بالعين ،والعقل يلتقط صورة للتفاحة وبضعها في الذاكرة وإذا أعدنا صورتها من الذاكرة يسمى ذلك تصوراً، ويمكن إسقاط مدة الصورة الخصائص التي تمتاز بها عن التفاحات الأخرى ونستبقي المعنى العام منها، وهذا يسمى التعقل والتعقل هو تحرير خصائص الصورة ،والإبقاء على المشترك بين كل التفاحات. والتصور والتعقل عملية ذاتية تختلف عن الشيء الذي التقط العقل له صورة كما أن الخبرة في المرآة تدل على المرآة ولكننا لا نأكلها.
عملية التعقل تكشف لنا عن وجود عالم موضوعي وعالم عقلي يحتوي على صورة وحكم.
العقل مفطور على التعين من وجود عالم معروف خارج العقل العارف ،ووجود أفكار في العقل ،ومشاعر في الوجدان.
الحقيقة
الحقيقة : هي تطابق التصور للواقع فالشيء لا يصبح هو وليس هو وإن تغيرت أعراضه فلن تتغير ذاته فإن تغير ذاته يعني الانعدام من الوجود لأن الشيء لا يكون معدوم وموجودة في نفس الوقت أما تغير شكل الشيء تغير في الصفات ،وليس تغير في الذات فتغير شكل الصلصال لا يجعله غير الصلصال.
فنحن عندما نكشف إما نكتشف الحقيقة أو نكتشف الوهم ونحن عندما نكتشف أننا أخطأ الحقيقة إنما نكتشف إننا لم ندرك الحقيقة.
الحقيقة مطلقة لأنها إما أن تكون حقيقة أو، وهم فالشيء لا يثبت وينفي في نفس الوقت حتى الصفة لا تثبت وتنفي في نفس الوقت بالشيء لا يكون معدوم وموجود في نفس الوقت ،والحقيقة لا تكون وهماً.
العلية
العلية مبدأ عقلي يتذكر العقل بالفطرة ،والعلية أعم قانون بعد فكرة الوجود والعدم.
قانون العلية قانون عقلي ليس من الضروري أن نخضع للتجربة لأنه ليس شيئاً مادياً ليس الفكر من عالم الروح عالم الباطن على اكتشاف الذات لنفسها عالم معرفة الجوهر لنفسه.
السؤال الذي يجب أن نطرح: هل مرد خضوع الشيء إلى ناحية ذاتية في الشيء نفسه لا يمكن التخلص منها مطلقاً، أو إلى سبب خارجي جعله بحاجة إلى العلة؟!
والسؤال الثاني : هل العلة قانون عام يعم كل موجود؟ العلة احتياج ذاتي في الشيء نفسه خلقه الله في صميم الشيء، والذي على ذلك التجارب العلمية إذ أثبت التجارب أن العلة مغامرة للمعلول ولا ينفك منه، ومبدأ العلة ينفي وجود الصدفة، والذي لا ينطبق عليه قانون العلة هو الله جل في علاه لأن الله جل في علاه هو الذي خلق العلية في سائر أصناف الوجود ،فالله جل في علاه ليس هو السبب الأول بل هو حالف كل شيء ومن ضمنها السبب ،والحدوث بعد العدم هو الخالق والعدم لا يسبق الخلق ،والخالق واجب الوجود والحكم العقلي ينقسم إلى ثلاث أقسام واجب ومستحيل وجائز ،والواجب العقلي هو ما لا يتصور العقل عدمه العلم والقدرة ،والإرادة لله عز وجل وكالتحيز للجسم ،وأخذه قدراً من الفراغ.
والمستحيل هو ما لا يتصور العقل ثبوته كالشريك ،والنظير لله عز وجل وكخلق الجسم من الحركة والسكون معاً.
والجائز هو ما يتصور العقل ثبوته وعدمه على التناوب كالحركة والسكون للجسم ،وكتناوب الصفات على الموصوف الجوهر.
والحكم هو إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه بواسطة التجربة أو الملاحظة أو بقاعدة عقلية ضرورية فطرية والتناقض أن تثبت وتنفي لنفس الأمر في نفس الوقت في نفس الجهة، هذه الأحكام وضعها الله في الذاكرة الفطرية كما وضع العلة ،والحركة في الموجودات وكما وضع القوانين في الأشياء.
الارتباط
هناك ارتباط بعد وجود أصحاب العلاقة كارتباط الرسام باللوحة، وهناك ارتباط معاصر فلا يوجد صاحبي العلاقة إلا بوجود الآخر فلا يمكن لأحدهما أن يوجد بعد زوال الآخر فالعمارة تبقى بعد انتهاء عملية البناء ، والسيارة التي صنعت تبقى بعد انتهاء عملية التصنيع، والكتاب يبقى بعد انتهاء التأليف.
علة البناء هي عملية البناء.
العلة لا تستلزم علة قبلها وإنما تتطلب معلولاً ، والله هو الذي جعل للأشياء علة ومعلول.
الكرسي من خشب ،فالخشب مادة الكرسي والكرسي صنعه النجار.
الكرسي غير صانعه النجار، إذن الكرسي لم يصنع نفسه والنجار إنسان والكرسي جماد فليس النجار مثل الكرسي، الكرسي صنعه النجار من الخشب والوجود له بداية وله نهاية.
في البدء لم يكن عدماً تاماً بل لا بد من خالق لا يسبقه العدم لأنه هو الأول ،ولا يلحقه العدم لأنه إذا لحقه العدم ،فلا يجوز أن يسمى المعيد ،وهو الأول لأنه هو خالق أول موجود، فلم يساعده أحد لأن الكامل لا يتعدد ،فيحتاج إلى أحد غيره فيساعده.
المادة
مادة الشيء الأصل الذي يتكون منه الشيء ، وتوصل العلم إلى أن أعمق مادة توصل إليها العلم هي الذرة بأجزائها من النوى والكهارب ، التي هي اكتشاف خاص للطاقة ،فمادة الكرسي هي الخشب ، ومادة الخشب هي العناصر البسيطة التي تتألف منها ، وهي الأوكسجين، والكربون، والهيدروجين، ومادة هذه العناصر هي الذرات ، ومادة الذرة هي أجزاؤها الخاصة من البروتونات والإلكترونات وغيرهما، وهذه المجموعة الذرية، أو الشحنات الكهربية المتكاتفة، هي المادة العلمية العميقة، التي أثبتها العلم بالوسائل التجريبية، الكرسي مركب من مادة وهي الخشب، وصورة هي شكله الخاص (هيئته الخاصة) ، والماء مركب من مادة وهي ذرات الأوكسجين والهيدروجين، وصورة هي خاصية السيلان، التي تحصل عند التركيب الكيماوي بين الغازين المادة الفلسفية أعمق من المادة العلمية لأنها مركبة من مادة أبسط منها وصورة، وتلك المادة الأبسط لا يمكن إثباتها بالتجربة وإنما يبرهن على وجودها بطريقة فلسفية.
الكرسي مركب من صورة ،ومادة خشبية نصلح لأن تكون منضدة ، كما صلحت لأن تكون كرسي ، وقلنا في كل مجال، وقد لوحظ أن الشيء قابل للإنصاف بتفيض صفته الخاصة ،والمادة تفعيل ذلك لما فيها من الاستعداد الفطري الذي أودى الله فيها.
الجسم ليس شيئاً واحداً بل هو مركب من وحدات أساسية ،والشيء القابل للاتصال والانفعال والتجزئة هو المادة التي هي أبسط شيء في الوجود ،والتي تسميها الفلسفة الجوهر.
الجزء
لو افترضنا أن هناك تتداخل في بعضها، فقد تصل إلى دائرة لا تدخل فيها دائرة، فالجوهر لا يدخل في غيره نولا يدخل غيره لأن الحلول والاتحاد مستحيل في الجواهر لأن دخله في غيره يجعله هو غيره شيء واحد أو يجعل غير مثله ،وهذا مستحيل لأن الشيء لا يكون ،وليس هو فالشيء يصغر إلى درجة ليس هناك أصغر منها لأن أصغر منها العدم ،والجوهر فارغ من كل شيء إلا القابلية والاستعداد والإمكان، وهذا الإمكان في الشيء برمجة الله في الشيء ،فهو لا ينفك عنه.
الإدراك
الشيء الذي ندركه خارجنا تحتوي على الخصائص الهندسية من الطول والعرض والعمق، وتبدو بمختلف الأشكال والحجوم أما الصورة التي تلتقطها الذهن عن الشيء خارجنا ،فهي صورة مجردة عن المادة تماثل الواقع الموضوعي ،وتعكسه الصورة الذهنية نوع من الوجود اسميه الوجود العقلي لأن الصورة الذهنية ليست كالشيء الموضوعي لأنها ليس طول ولأعرض ولا عمق يمكن أن توجد في عضو مادي صغير في الجهاز العصبي.
الأشعة الضوئية تنعكس على الشبكة ،وتتصور في صورة خاصة ثم تنتقل في أعصاب الحس إلى المخ ،فتنشأ في موضع محدد منه، صورة مماثلة للصورة التي حدثت على الشبكة، ولكن هذه الصورة المادية المدركة من خصائص مادية ،فالشيء الذي أدركناه في نظرة واحدة لا يمكن أن تأخذ عنه صورة فتوغرافية، وموازية له في السعة والشكل ،والامتداد على ورقة مسطحة صغيرة، كذلك لا يمكن أن نأخذ عنه صورة عقلية، أو إدراكية ، مماثلة في سعيه وشكله، وخصائصه الهندسية على جزء ضئيل من المخ لأن انطباع الكبير في الصغير مستحيل الصورة العقلية المدركة ثابتة ،ولا تتغير طبقاً لتغيرات الصورة المنعكسة على الجهاز العصبي ،وهذا يبرهن بوضوح على أن العقل والإدراك روحي ،وليس مادي الأفكار ليست قائمة في المخ بل تجتمع في الروح، فالفكر والمفكر من عالم الروح ،وما المادة إلا الثوب الذي تلبسه ليوائم الحياة الدنيوية.
الإدراكات والصور ظواهر روحية تقوم في الروح ،فالروح هي التي تدرك ،وتفكر لا المخ وما للمخ إلا الوسيلة المادية الملائمة لإدراك الظواهر الدنيوية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق