الاثنين، 9 يناير 2012

المصدر الأساسي للمعرفة
كيف نشأت المعرفة عند الإنسان:
ينقسم الإدراك إلى نوعين : التصور وهو الإدراك الساذج والاخزال تصديق وهو الإدراك المنطوي على حكم ، فالتصور ، تصورنا لمعنى الحرارة أو النور أو الصوت أو التصديق كتصديقنا بأن الحرارة طاقة مستوردة من الشمس، وأن الشمس أنور من القمر وأن الذرة قابلة للانفجار.
الذهن ينطوي على قسمين من التصورات أحدهما المعاني التصورية البسيطة كمعاني الوجود والوحدة والقسم الآخر المعاني الركبة التي هي نتاج الجميع بين التصورات البسيطة، فقد نتصور (جيلاً من تراب) وتتصور (قطعة من ذهب) ثم تركب بين هذين التصورين فيحصل بالتركيب تصور ثالث وهو (تصور جبل من الذهب) فهذا التصور في الحقيقة مركب من التصورين الأولين، وهكذا ترجع جميع التصورات المركبة إلى مفردات تصورية بسيطة والمسألة التي نعالجها هي محاولة معرفة المصدر الحقيقي بهذه المفردات وسبب انبثاق هذه التصورات البسيطة في الإدراك الإنساني.
1 – نظريات الاستذكار الأفلاطونية:
وهي النظرية القائلة بأن الإدراك عملية استذكار للمعلومات السابقة، وأن المعاني المحسوسة هي نفسها المعاني العامة التي يدركها العقل بعد تجريدها عن الخصائص المميزة للأفراد واستيفاء المعنى المشترك، والمعنى المشترك نتاج عملية التجريد العقلية واستخلاص المعنى العام منها.
2 – النظريات العقلية:
وتتلخص هذه النظرية في الاعتقاد بوجود مصدرين للتصورات أحدهما الإحساس فنحن نتصور الحرارة والنور والطعم والصوت لاجل إحساسنا بذلك كله، والآخر الفطرة بمعنى أن الذهن البشري يملك معانٍ وتصور لم يكن مصدرها لاحس وإنما هي ثابتة في صهيم الفطرة فالنفس تستنبط من ذاتها مثل الإيمان بالله والمعاني غير المحسوسة.
إن الإنسان لحظة وجوده على وجه الأرض لا توجد لديه أية فكرة مهما كانت واضحة وعامة في الذهن ، ولكن الأفكار الفطرية موجودة في النفس بالقوة وتكتسب صفة العقلية بتطور النفس وتكاملها الذهني ، فليس التصور الفطري نابعاً من الحسن وإنما يحتويه وجود النفس لا شعورياً، وبتكامل النفس يصبح إدراكاً شعورياً واضحاً ، كما هو شأن الإدراكات والمعلومات التي تستذكرها وتثيرها من جديد بعد أن كانت كامنة وموجودة بالقوة.
قال تعالى: (والله الذي أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون).
والنظرية العقلية على ضوء هذا التفسير لا يمكن أن ترد بالبرهان الفلسفي أو الدليل العلمي السابقة.
3 – النظرية الحسية:
وهي النظرية القائلة أن الإحساس هو الممون الوحيد للذهن البشري بالتصورات والمعاني ، والقوة الذهنية هي القوة العاكسة للإحساسات المختلفة في الذهن ، فنحن وحين نحس بالشيء نستطيع أن نتصوره ــ أي نأخذ صورة عنه في ذهننا وأما المعاني التي لا يمتد إليها الحس فلا يمكن للنفس ابتداعها وابتكارها ذاتياً وبصورة مستقلة.
وليس للذهن إلا التصرف في صور المعاني المحسوسة بالتركيب والتجزئة أو بالتجريد والتعميم.
4 – نظرية الانتزاع:
تنقسم التصورات الذهنية إلى قسمين تصورات أولية وتصورات ثانوية ، فالتصورات الأولية هي الأساس التصوري للذهن البشري ، وتتولد هذه التصورات من الإحساس بمحتوياتها بصورة مباشرة ، مثل تصور الحرارة بإدراكها باللمس وتصور اللون بإدراكه بالبصر، وتصور الحلاوة بإدراكها بالذوق ، ونتصور الرائحة بإدراكها بالشم وهكذا جميع المعاني المدركة بالحواس ووجود فكرة عن الأشياء هو الإحساس، والذهن ينشئ التصورات الثانوية بناءً على التصورات الأولية والمفاهيم الثانوية انتزاعية يبتكرها الذهن على ضوء المعاني المحسوسة.
التصديق:
ينطوي التصديق على حكم ويحصل به الإنسان على معرفة موضوعية.
إن المعارف الأولية إن كانت تحصل للإنسان بالتدريج والتدريج باعتبار الحركة الجوهرية والتطور في النفس الإنسانية وبذلك نزداد كمالاً ووعداً للمعلومات الأولية والمبادئ الأساسية فيفتح ما كمن فيها من طاقات وقوى.
النفس تنطوي بالقوى على المعارف الأولية وبالحركة الجوهرية يزداد وجودها شدة حتى تصبح تلك المدركات بالقوة مدركات بالفعل التصور عبارة عن وجود صورة لمعنى من المعاني في مداركنا الخاصة، فقد توجد الصورة في حواسنا فيكون وجودها كذلك يكون للإحساس بها، وقد تكون في مخيلتنا التخيل ، وقد توجد الصورة بمعناها التجريدي العام في الذهن تسمى تعقلاً.
والإحساس والتخيل والتعقل ألوان من التصور وأنحاء لوجود صور الأشياء في المدارك البشرية.
فنحن نتصور التفاحة على الشجرة بالإحساس بها عن طريق الرؤية ، ومعنى إحساسنا بها وجود صورتها في حواسنا ، ونحتفظ بعد ذلك بهذه الصورة بعد انصرافنا عن الشجرة في ذهننا وهذا الوجود هو التخيل ، ويمكننا بعد ذلك أن نسقط من هذه الخصائص التي تمتاز بها عند التفاحة الأخرى ، ونستبقى المعنى العام منها ، أي معنى التفاحة بصفة كلية وهذه الصورة الكلية هي التعقل ، فهذه مراحل ثلاثة من التصور يجتازها الإدراك البشري وهو لا يعبر في كل مرحلة إلا عن وجود صورة في بعض مداركنا ، فالتصور بصفة عامة لا يعدو أن يكون وجود لصورة ما في مداركنا ، سواء أكان تصوراً واضحاً كالإحساس أم باهتاً كالتخيل والتعقل، وهو لذلك لا يمكن أن يشق لنا الطريق إلى ما وراء هذه الصورة التي نتصورها في مداركنا ، ولا يكفي للانتقال من المجال الذاتي إلى المجال الموضوعي، لأن وجود صورة للمعنى في مداركنا شيء ، ووجود ذلك المعنى بصورة موضوعية ومستقلة عنا في الخارج شيء آخر، ولذا قد يجعلنا الإحساس نتصور أموراً عديدة لا نؤمن بأن لها واقعاً موضوعياً مستقلاً، فنحن فنتصور العصا المغموسة في الماء وهي مكسورة ، ولكننا نعلم بأن العصا لم تنكسر حقاً في الماء ، وإنما نحسها كذلك بسبب انكسار أشعة الضوء في الماء ، ونتصور الماء الدافئ حار جداً حين نضع يدنا فيه وهي شديدة البرودة ، مع يقينا بأن الحرارة التي أحسنا بها ليس لها واقع موضوعي.
وأما التصديق فهو نقطة الانطلاق من التصورية إلى الموضوعية ، والمعرفة التصديقية فهي عبارة عن حكم النفس بوجود حقيقة من الحقائق وراء المقصود مثل قولنا : إن الخط المستقيم أقصر مسافة بين نقطتين ، إن معنى هذا الحكم هو جزمنا بحقيقة وراء تصورنا للحظوظ المستقيمة والنقاط والمسافات والتصديق نتاج فعاليات النفس الباطنية المدركة.
العالم له واقع موضوعي مستقل عن وعينا وذلك اعتقاد فطري ضروري يشترك فيه الجميع، إن انعكاسات المبادئ الرياضية في الذهن البشري لما كانت فطرية وضرورية فهي مضمونة الصحة بصورة ذاتية ، فالحقائق الرياضية ممكنة المعرفة لا لأننا نخلقها بل لأننا نعكسها في علوم فطرية ضرورية.
نظرية المعرفة
ينقسم الإدراك البشري إلى قسمين أحدهما التصور ، والآخر التصديق والتصديق هو الذي يكشف عن وجود واقع موضوعي للتصور، والمعارف الأساسية يشعر بضروريتها العقل لأن متقين بصحتها مثل مبدأ عدم التناقض ومبدأ العلية والمبادئ الرياضية الأولية وعلى هذه المبادئ تقام سائر المعارف والتصديقات فالتجارب تعتمد عليها، فالقانون يعتمد على مبدأ السببية.
إن الصورة الذهنية التي نكونها عن واقع موضوعي معين فيها ناحيتان فهي من ناحية صورة الشيء ووجوده الخاص في ذهننا ، فالفكرة موضوعية باعتبار تمثل الشيء فبها لدى الذهن، والشيء الذي يمثل لدى الذهن في تلك الصورة يفقد كل فعالية ونشاط ما كان يتمتع به في المجال الخارجي ، بسبب التصرف الذاتي والفارق بين الفكرة والواقع هو في اللغة الفلسفية الفارق بين الماهية والوجود إن الحقيقة مطلقة وغير متطورة وإن كان الواقع الموضوعي للطبيعة متطوراً ومتحركاً على الدوام .
وإن الحقيقة تتعارض تعارضاً مطلقاً مع الخطأ فالقضية البسيطة الواحدة لا يمكن أن تكون حقيقة وخطأ.
هناك وجودان وجود ذات للإحساس أو الفكر ووجود موضوعي للشيء المحسوس، إنه واقع وصورة منعكسة عنه، إذن الفكرة نتيجة الشيء الموضوعي أي علاقة سببية.
العالم (الوجود)
التطور العلمي لا يعني أن الحقيقة تنمو وتندرج وإنما معناه تكامل العلم باعتباره كلاً، أي باعتباره مجموعة نظريات وقوانين ، ومعنى تكامله زيادة حقائقه وقلة أخطائه كمياً.
فالعلم إنكشافات جديدة لحقائق لم تكن معلومة، وتصحيحات لأخطأ سابقة، وكل خطأ يصحح هو خطأ مطلق ، وكل حقيقة تستكشف هي حقيقة مطلقة.
إن النظريات التجريبية لا تكتسب صفة علمية ما لم تعمم لمجالات أوسع من حدود التجربة الخاصة وتقدم كحقيقة عامة، وذلك يكون على ضوء مبدأ العلية وقوانينها فلا بد للعلوم عامة أن تعتبر مبدأ العلية وما إليها من قانوني الحتمية والتناسب، مسلمات أساسية، وتسلم بها بصورة سابقة، على جميع نظرياتها وقوانينها التجريبية.
من الخطأ القول بأن العلة تستلزم علة قبلها ولكن القلة تستلزم معلولاً فالعلم معلول للعلة وهو الدليل والبرهان العلة والمعلول معاصران فلا يمكن أن يوجد بعد زوال العلة أو أن يبقى بعد ارتفاعها فعملية البناء هي العلة وليس الباني إذ ينفصل عن البناء.
الوجود
إن النقائض موجودة بالقوة أي الوجود فيه استعداد لتقبل التطورات المتدرجة ، وإمكانية التكامل الصاعد بالحركة، وهذا يعني أن الوجود فارغ في محتواه الداخلي عن كل شيء سوى القابلية والاستعداد والحركة خروج تدريجي من القابلية إلى الفعلية في مجال التطور المستمر.
وليست المادة هي العلة الدافعة لها لأنها غالية من درجات التكامل التي تحققها أشواط التطور والحركة ، ولا تحل إلا إمكانها واستعدادها ، فلا بد ــ إذن ــ من التفتيش عن سبب الحركة الجوهرية للمادة ، وحمومها الأساسي خارج حدوده ولا بد أن الله جل جلاله الكامل.
الإدراك
الإدراك ليس بذاته مادة ، ولا هو ظاهرة بعضو مادي كالدماغ ، أو منعكسة عليه لأنه يختلف في القوانين التي تسيطر عليه ، عن الصورة المادية المنعكسة على العضو المادي فهو يملك من الخصائص الهندسية ــ أولاً ــ ومن الثبات ــ ثانياً ــ ما لا تملكه أي صورة مادية منعكسة على الدماغ ، إن الصور والإدراكات ، تجتمع أو تتابع كلها على صعيد واحد، هو صعيد الإنسانية المفكرة، وليس هذه الإنسانية المفكرة شيئاً من المادة كالدماغ أو المخ، بل هي درجة من الوجود مجردة عن المادة (الروح).
إن الإدراكات والصور العقلية، ليست مستقلة في وجودها عن الإنسان وليست حالة أو منعكسة في المخ، وإنما هي طواهر مجردة عن المادة بالجانب اللامادي من الإنسان (الروح) وهي التي تفكر وتدرك لا المخ ، وإن كل المخ يهئ شروط الإدراك للصلة بين الجانب المادي والروحي من الإنسان.
المبادئ المنطقية والرياضية وغيرها من الأفكار التأملية تنبع من العقل ، ولا تتكيف بمقتضيات البيئة الاجتماعية وإلا كان مصير ذلك إلى الشك الفلسفي المطلق في كل حقيقة، إذ لو كانت الأفكار التأملية جميعاً، وتتكيف بعوامل المحيط ، وتتغير تبعاً لها، لم يؤمن على أي فكرة أو حقيقة من التغير والتبدل.
إن تكتيف الأفكار العملية ، بمقتضيات البيئة وظروفها ، ليس آلياً بل هو تكيف اختياري ينشأ من دوافع إرادية في الإنسان تسوقه إلى جعل النظام المنسجم محيطه وبيئته، بذلك يزول التعارض ــ تماماً ــ بين المدرسة الوظيفية والمدرسة الفرضية في علم النفس، الحياة الاجتماعية والظروف المادية لا تحدد أفكارنا ومشاعرنا آلياً عن طريق المنبهات ، والإنسان يكيف أفكاره تكيفاً اختيارياً بالبيئة والمحيط والإدراك هو السبب في إثارة المنبه الشرطي للاستجابة المنعكسة.
الروح
الله واجب الوجود وواجب الوجود غير مسبوق بزمن لأنه هو سبحانه خالق والخالق غير مخلوق والله خلق من العدم والوجود صفته اللازمة سلبية وهي سلب العدم عنه والله خلق الروح غير مركبة أما الجسم فهو مركب من عناصر، والروح غير قابلة للقسمة ولو كانت قابلة للقسمة لتعدد في ذاتها وأصبح كل عنصر منفك عن الآخر بحيث يصبح كل عنصر مختلف عن غيره لأنه منفصل ومتعدد داخل الكل.
والوجود يتميز بصفاته التي تجعله مختلف عن غيره، والروح تتميز بالحياة والحياة صفة تستتبع العلم والإرادة وحياة الروح حياة الممكنات فالروح فيها حياة وهذه الحياة خلق الله داخلها مكان العلم والإرادة فالروح وحياتها وقدرتها على العلم ، والإرادة من مخلوقات الله فحياة الله وعلمه وإرادته غير مخلوقة وأما الحياة في الروح فهي مخلوقة والمخلوق بحاجة إلى الخالق في وجودها.
والعلم صفة والصفة إمكان والعلم إمكان انكشاف شيء في الذهن، الوعي من لوازم الروح فالروح عن تتلبس بجسم الدنيوي يصبح العلم محدود بحدود قدرات المخ الذي هو أدات للوعي الروحي في حدود الإمكانيات التي أرادها الله له في الحياة الدنيا أما الحياة الأخرى فيصبح للروح جسم خاص بفتح الله فيه إمكانيات لا محدودة لحديث (فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر).
والروح خلق الله فيها إمكان الوعي بالاتصافة إلى إمكان الإرادة والإرادة هي ما به يصبح المزيد أن ينفذ ما قصده ، وأن يرجع عنه وإرادة الله يخلق الإمكان من العدم أما إرادة الإنسان فهي محدودة بالسنن الكونية تسخرها بعدما تعلمها وتخسرها تتخذ الأدوات طبيعية كانت أو مصنوعة أما الله فليس له حاجة إلى الأدوات إنما أمره أن يقول للشيء كن فيكون والقدرة سلطة على الفعل وهي سلطة يخلقها الله في الروح.
والعلم والإرادة والقدرة يستلزم بالضرورة ثبوت الاختيار.
فالإنسان يعلم ويقصد ما يريد فعله ولكي ينفذ لا بد له من سلطة على الفعل فهو حين يقصد يقرر أي الطرق لتنفيذ القصد والوعي يقتضي أدوات والأدوات هي الأذن للسمع والعين للبصر، والسمع صفة تنكشف به المسموعات والبصر صفة تنكشف به البصرات.
فالروح ترى بالإبصار في عالم الأرواح وستمع أيضاً بلا سمع.
فالروح جوهر لا عرض وهي قبل الجسم وبعده والروح مجردة عن الجسم ، والروح هي الموجودة هي له شعور وإرادة الروح كائن له بصمة ليس أزلي بل أبدي حي جعل الله له القدرة على العلم والإرادة وخلقه ذو بصمة وجودية وجعل متكلم وسميع وبصير، والصفات ليس زائدة على الروح بل هي من إمكانيات الروح التي خلقها في الروح وما السمع إلا العلم بالمسموعات وما البصر إلا العلم بالمبصرات والشعور إلا العلم بأحوال الذات ، فاللغة تسجيل للمشترك أما الحدث فهو الإدراك بالمختلف وهي حالات الروح والأرواح وأفعال الإنسان تصدر عن علم وإرادة وكل ما يصدر عن علم وإرادة فهو عن اختيار والإنسان الصالح التقي هو من تصدر اختياراته فيما يوافق الشرع فالله وحده الذي لا واجب على اختياره.
فالمسلم يجب أن يتنزه عن العبث في الأفعال والكذب في الأقوال ، والحكمة من الأفعال تحقيق مصلحة للإنسان ودفع مضرة عنه فأفعال العاقل تصان عن العبث.
قال تعالى : (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين، لو أردنا أن نتخذ لهواً لاتخذنا من لدنا إن كنا فاعلين، بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، ولكم الويل مما تصنعون) الأنبياء 16-18، والشرك اعتقاد أن لغير الله أثراً فوق ما وهبه الله من الأسباب الظاهرة ، وأن لشيء من الأشياء سلطاناً على ما خرج عن قدرة المخلوقين.
وهو اعتقاد من يعظم سوى الله مستعيناً به فيما لا يقدر العبد عليه كالاستنصار بغير ما أعدوا من قوة ، والاستشفاء من الأمراض بغير الأدوية التي هدانا الله إليها، والاستعانة على سعادة الدارين بغير الطرق والسنن التي شرعها الله لنا.
التوحيد : رد الأمر فيما فوق القدرة البشرية والأسباب الكونية إلى الله وحده، فالله وحده هو الذي يعين العبد فيما عجز عن الوصول إليه من الأهداف فالله وحده الحي القيوم والمهيمن على كل شيء ، فالله وحده الذي يمنع والذي يعطي العبد فالإنسان يمتاز على غيره بأن مفكر مختار في عمله على مقتضى فكره فهو يثاب ويعاقب على ما اختاره عن علم ونية.
الرسالة العامة
الله هو وحده الذي يعلم ما الذي ينبغي لنا فعله وما الذي ينبغي لنا تركه وما الذي يجب أن نعتقده تجاه ذاته سبحانه وأسمائه وصفاته وهذا يكون بإرسال رسل يكونون قدوة فيما أوحى الله إليه من أمر ونهي.
فالله يجري على أيدي الرسل معجزات تثبت أن الله على كل شيء قدير.
وتتضمن رسالة الإسلام الاعتقاد ببقاء الروح بعد مفارقة بقاء تحيا به، وهذه الحياة خافية على أهل الدنيا ، وحياه الروح في عالم البرزخ في منازل بحسب العمل في الدنيا ، والروح في حياة البرزخ لها جسد برزخي ووجود الروح في حياة برزخية إيمان فطري جاء به الإسلام على أيد الرسل عليهم السلام ويدل على ذلك بقائه في كل الأمم، وإنك لتجد الناس بعامتهم.
الدنيا
التثليث الذي تقوم عليه نصرانية بولس وبطريرك الإسكندرية إنما هو إرث وثني ضارب في القدم.
تقول صاحب كتاب (الآثار الهندية القديمة): (كان لدى أكثر الأمم البائدة تعاليم دينية تقول باللاهوت الثلاثي) ويقول النصراني دوان في كتابه (خرافات التوراة والإنجيل) ، إذا رجعنا البصر نحو الهند نرى أشهر عباداتهم التثليث ، ويعبرون عنه بالأقاليم الثلاثة : (برهما وفشنو وسيفا) ويؤمنون بأن هذه الثلاثة تشكل ثلاث هيئات لشيء واحد كما يقول النصارى (أب وابن وروح قدس إله واحد ... ) ويقول فابر في كتابه (أصل الوثنية) إن بوذيي الصين يعبدون إلهاً مثلث الأقاليم يسموه (فاو)وعن هذه العقيدة يقول دوان (إن شيعة فاو يزعمون أنه وهج العقل الأبدي عندهم ) ، انبثق منه واحد ، ومن هذا انبثق تان ، ومن هذا انبثق ثالث ومن الثلاثة صدر كل شيء ، (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهون قول الذين كفروا من قبل)، وهذا القول بالأفواه لا قول بالعقول بل هو ترديد وتقليد.
وفي كتاب (سقوط الحضارة) المترجم إلى العربية تأليف (كولن ولن) يقول كولن ونلسن: (إن المسيحية لم ترتكز على تعاليم المسيح بل ارتكزت على عقيدة وهمية اخترعها بولس وينقل عن ++ قوله : (لقد كانت دعوة المسيح في جوهرها دعوة إلى النظام والقوة أما بولر فقد حولها إلى دين صار ملاذاً للخائفين والمذعورين، إن يمس عليه السلام لم يدعو إلا إلى الإسلام دين جميع الأنبياء أما مسيحية بولس المتعلم في الإسكندرية إنما أخذ آلهة قدماء المصريين (إيزجس وهو رس وسيزابيس ) وحولها إلى الأب والابن والروح والقدس.
يجمع المؤرخون ومفكروا الغرب على تأثير بولس الكلي في مسيحية عيسى عليه السلام وفي ذلك اتهام صريح بأن التأثير وقع من الوثنية على الإسلام الذي جاء به المسيح.
بعد أن فرغنا من تقصي الأصل الوثني لمبادئ التثليث الأفلاطوني بأن لزاماً علينا أن ننقل إلى الأصل الثاني لنصرانية بولس ونعني به مبدأ الغداء ويلخص في النقاط التالية:
خطيئة آدم يتحملها أبناؤه ولكن عيسى عليه السلام صلب ليكفر عن هذه الخطيئة والأمر الذي لا ريب فيه هو أن عقيدة الغداء هذه تراث وثني عريق شأنها شأن التثليث فالوثنيون القدامى يكادون يجمعون على تقديم الذريعة البشرية استرضاء لآلهتهم يشترك في ذلك الرومان واليونان المصريون والهنود وغيرهم.
يقول دوان : (يعتقد الهود بأن كرثنا قدم نفسه ذبيحة ليخلص أهل الأرض من أوزار الخطيئة، وهو مصور في كتبهم مثقوب اليدين والرجلين ومعلقاً على الصليب). وفي أغاني البوذيين الدينية لبوذا يقولون : (عانيت الاضطهاد وبالامتهان والسجن والموت والقتل يصبر وحب عظيم لجلب السعادة للناس ) ويدعونه الطيب العظيم مخلص العالم، والمسيح المولود الوحيد ، وأنه قدم نفسه ذبيحة ليكفر آثام البشر) ويروي المؤرخ موري في كتابه (الخرفات) أن المصريين يعدون أو سير يسر أعظم مثال لتقديم النفس ذبيحة لينال الناس الحياة والسوريون القدامى يزعمون أن معبودهم تموز المولود من عذراء تألم من أجل الناس وفداهم بتقديم نفسه للصليب. إن قول النصارى بصلب عيسى عليه السلام فداء للجنس البشري ليس إلا صدى لما يجري عليه عباد الأوثان من أقدم الأزمان.
هناك كتاب بعنوان (اسطورة تجسيد الإله) كتبه سبعة من أبرز علماء اللاهوت في إنجلترا ويقيم هذا الكتاب البراهين على أن عيسى عليه السلام ليس ابن الله وإنما هو بشر مثلنا وأنه لم يقل حياته إطلاقاً أنه رب أو ابن الله وهذه الافتراءات اقتبست من اليهود واليونانيين والرومانيين، والتصور الوثني يصور الرب على شكل إنسان إذ كان يعتقد الوثنيون أن الأباطرة ينحدرون من سلالة الآلهة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق