الاثنين، 9 يناير 2012

المعرفة
هل المعرفة الإنسانية ممكنة؟ أم ممتنعة.
إذا قلنا أن المعرفة الإنسانية ممتنعة لأن الأشياء في تغير تغيراً دائماً حيث التغير التام يجعل الأشياء شيء آخر غير نفسها ،وهذا مستحيل لاستحالة أن تكون الأشياء معدومة ،وموجودة في نفس الوقت ،فالعدم ليس محلاً للمعرفة ما دامت الأشياء معدومة ،والعارف معدوم والمعرفة معدومة والتصور معدوم ،واللغة معدومة وطرح هذا السؤال الآنف الذكر يستحيل أن يصدر من معدوم.
الحقيقة مطلقة ،فلو كانت نسبية أصبحت متناقضة مع نفسها حيث يصبح الوهم هو الحقيقة إذا تغيرت أصبحت وهماً ،فإذا اختلفت الحقيقة أصبحت وهماً، فهي لا تتغير بتغير العارف ،فلو تغيرت أصبحت الحقيقة غير الحقيقة ،فهي لا تختلف باختلاف الحواس فإذا اختلف أصبحت وهم ،فالخطأ في المعرفة الحقيقة اكتشاف أن ما كنا نظنه حقيقة إنما هو وهم.
وما دامت الحقيقة ليست وهماً ،فهمي ممكنة فعلاً لأن حقائق الأشياء ثابتة ،ومعرفتها جائزة وممكنة ،فاليقين التأكد من مطابقة التصور للواقع الموضوعي والذاتي ،والحقيقة يجب أن تكون صائبة عقلاً أي لم يدخلها التناقض ،وصادقه لأن خبرها مطابق للواقع أو أن ثقالها عن ضابط وثقة.
المعارف العقلية مصدرها العقل الذي فيه مبادئ فطرية، الله تعالى فطر العقل عليها ،ولم يكن مصدرها من خارجه كمبدأ الذاتية الذي مفاده أن (الشيء عين ذاته ويستحيل أن يكون شيء آخر) ومبدأ عدم التناقض الذي مفاده أن (الشيء لا يكون موجود ومعدوم في نفس الوقت، مبدأ العلية ومفاده وأن الأشياء تترابط بحيث تؤدي العلة إلى معلولها الخاص).
والأوليات الرياضية مثل : المتساويان لثالث متساويان والبديهيات المنطقية مثل : الكل أكبر من الجزء وهذه المبادئ فطرية أولية قبلية ليس مصدرها الملاحظة ،ولا التجربة وهي ثابتة غير متغيرة ،وعامة ومطلقة وصادقة وضرورية.
أما المعارف تحسين ،فمصدرها الحس وهي تجربة بعدية مصدرها الملاحظة التجربة ،ولاحقة على التجربة أو الملاحظة والمعرفة الحسية عبارة عن إدراكات وانطباعات حسية تنقلها الحواس من عالم الظواهر ،والوقائع المتغيرة باستمرار إلى العقل ومن ثم تولد في العقل ، والعقل بالنسبة للمعلومات الحسية صفحة بيضاء يقوم العقل بكتابتها بطريقته الخاصة على العقل، والمعلومات الحسية توجد أولاً في عالم العيان ثم تدخل في عالم الأذهان.
لكي تصبح المعلومات الحسية صائبة في العقل، فلا بد أن لا تتناقض مع بديهيات العقل الفطرية.
ومعيار الصواب هو الاتساق أي عدم التناقض بين المعلومات الفطرية والمكتسبة بالملاحظة أو التجربة ،ومعيار الصدق تطابق المعلومات الحسية مع الواقع ،والمعلومات الحسية يستدل عليها بالملاحظة والتجربة أو بها معاً.
والمعلومات الشعورية الوجدانية الباطنية تدرك مباشرة بالبصيرة والاستبطاق بالذوق، وإدراك البصيرة للأحوال الوجدانية إدراكاً مباشراً ،ودفعياً وفجائياً يتميز إدراك البصيرة بالوضوح التام ،والصدق والإطلاق بحيث يختلف كل شعور عن الذي قبله اختلافاً تاماً لا مشابهة فيه ولا مقارنة ، الإدراك العقلي للمحسوسات إدراكاً عاماً ،ومطرداً ومجرداً أما الإدراك الحسي ،فهو انعكاس صورة الشيء في مرآة الذهن ،فتقوم الذاكرة بالتقاط صورة وتخزنها فيها فإذا ما رأى العقل الشيء تارة أخرى تعرف على الشيء ،فالعقل يصنف الأشياء في فئات تشترك في نفس الصفات ،ويميزها بالصفة الخاصة بكل فئة على حده والذي يميز الأنواع هي الصفات غير المشترك ،فالعقل يقارن بالصفات المتشابهة ،وغير الصفات المختلفة أما الصفات الجوهرية فهي الصفة التي لا تتكرر في شيء آخر بل توجد في شيء واحد فقط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق