الاثنين، 9 يناير 2012

النفس الإنسانية
النفس هي الروح ،وهي الذات ،وهي مبدأ الحياة في الكائن الحي ،وهي جوهر الفرد الكامل الذي ليس من شأنه إلا التذكر ،والتفكير، والتمييز. الروح هي المبدأ الذي به نحيا وننمو والروح جوهر، والمادة هي الأعراض ، والأرواح خلقها الله من النور لطيفة الجوهر لا تقبل التحلل، والتبدل ،ولا التفرق.
الإنسان جوهر لأنه موصوف بالعلم والقدرة والتدبير والتصرف ومن كان كذلك كان جوهرا والجوهر لا يكون عرضا والجوهر هي الروح والروح منفصلة عن البدن ومتمايز عنه في وجودها.
براهين الوجود المستقل للنفس عن البدن:
إن وجود الله ووجود النفس من البراهين الفطرية ،وهي من اعتقادات العقل الفطرية التي فطر الله الناس عليها وذلك أن كل إنسان مسلم موجود شعوره، ويرى أن كل حالة من حالات التفكير تقتضي مقدما حتى عندما ينكر وجود العقل ،فإن إنكاره موقف عقلي يدل على وجود العقل : فقول أحدنا أنا يدل على وجود الروح، فأنا تعني أنني شيء مختلف كل الاختلاف عن أي شيء آخر، فلو شرب العالم بالنيابة عني ما رويت ولو أكلوا بالنيابة عني ما شبعت هذا الجوهر الفرد هو الأنا الذات الروح النفس.
المعاد الأخروي:
الخلاف في مسألة المعاد ليس في وجوده ،وإنما الخلاف في صفة المعاد الأخروي تقتضيه تحقيق الإنصاف بين الناس في الحياة الدنيا ،وهذا يجرنا إلى موضوع الصفات.
الصفات:
الصفات هي أعراض تطرأ على الذات لأن الصفة تقتضي الموصوف، والصفة هي حالة من حالات الذات التي تتبدى بها وفق فطرتها.
الصفات تختزل إلى صفتين رئيستين هما : العلم، والقدرة ،وهما صفتان ذاتيتان ،وهما اعتباران عقليان للذات القديمة ،والصفات لها وجود خارج الذهن ، والصفة عرض يعتري الموصوف ،فالعلم غير العالم ،وذلك أن الذات واحدة والصفات متعددة ،والذات لا تتعدد بتعدد الصفات ، الصفات إمكانيات تملكها الذات والصفات زائدة على الذات ،فإذا توقفت لا تخدم الذات ،والصفات مغايرة للذات ، والصفات مختلفة عن بعضها البعض ، والصفات لا توجد منفصلة عن الذات ، والصفة تقتضي موصوف لها ،فالذات قائمة بذاتها ،والصفات قائمة بها.
اختلاف الصفة عن الذات لا يعني اختلاف الذات لأن الذات إذا تغيرت أصبحت غير نفسها، والذات غاية في البساطة كوحدة مطلقة غير منقسمة ، وغير مادة فهي روح خالصة ، ولها القدرة على انكشاف الأشياء.
واجب الوجود:
هو الوجود الذي لا علة لوجوده ،والممكن ما لوجوده علة زائدة على ذاته. كل ممكن زائد على ذاته والكل بس ، ممكن على معنى أنه ليس له علة زائدة على ذاته خارجة عنه ، الله ذاته لا تتغير بمكان وزمان فهو يعلم كل شيء في لحظة واحدة دفعة واحدة ،فالله لا يقاس بمخلوقاته، وعلم الله يسبق المعلوم فهو علة له أما علم الإنسان، فهو متأخر عن المعلوم ومعلول عنه ، علم الله تام، وعلم الإنسان ناقص، وعلم الله شامل ،وعلم الإنسان جزئي.
إن ثمة إرادة قديمة جازمة أرادت بقاء العالم معدوما إلى حد بعيد فإذا وصل العالم إلى هذه النقطة انتقل من العدم إلى الوجود الحقيقي بمقتضى الإرادة القديمة الجازمة، ثم اختارت الإرادة وقت دون وقت لأن التخصص من شأن الإرادة دائما والفعل يأتي يحقق الإرادة فقد يتراخى الفعل عن المشيئة والفعل قدرة على تحويل الممكن إلى الفعل والعالم لم يزل ممكن الحدوث ولكن لا يلزم ذلك أنه موجود أبدا ، والقديم ليس ممكن الوجود بل واجبه والعالم ممكن لا واجب ولا ممتع ومعنى كونه ممكن أي لا يتصور وقت إلا ويمكن إحداثه فيه.
الذات والصفات:
الصفات الثبوتية معاني إضافية على الذات ،والصفات بعضها صفات ذاتية، وهي الحياة وصفات عالمية كالإدراك، والسمع، والبصر، والاستيطان، وصفات وجدانية كالحب ،والكره، والغضب، والحزن، والفزع ،والخوف ، والصفات ليست عين الذات بل هي إمكانيات في الذات تتشكل بها الذات كالإرادة ،والكلام. لا تكون الذات بغير صفات تتميز بها ،والذات جوهر، والصفات هي الأعراض.
والذات كجوهر خلقها ،فألهمها فجورها، وتقواها أي أعطاها الاستعداد للفجور ،والتقوى أي مخيرة ،وهي مخيرة لأن لديها عقل ،والعقل القدرة على الاختيار بين البديلات والذات من العالم، والعالم كل ما سوى الله ،وذات الله أزلية كانت ولم يكن معها شيء ثم ما زال يخلق، وهو كل يوم في شأن ،فخلق خلق أبدي لا يفنى هو الروح ،وما سواها يفنى ،وإذا فنيت الروح ثم أعادها فلم تكن نفسها فكل ما سوى الروح أعراض ،والأعراض تتعدل ،والروح لا تتبدل ،والله يوم القيامة يبدل الأشياء،فتصبح في كون جديد.
الله خلق العالم من العدم، فالله ليس سبب العالم بل خالقه لأنه خالق الأسباب ،ولا زال يخلقها ،ويبدلها ،ويغيرها بمشيئته ،والدليل على وجود الله مبدأ الحدوث الذي يقول أن العالم حادث لأن كل حادث له من محدث ،والمحدث هو الله تعالى ، والله خلق الكون من العدم والعدم ليس ذاتا ، والعدم معناه والعدم ليس شيئا لأن القول بقدم العالم إنكار لمبدأ أن الله خالق كل شيء من العدم وهذا يقتضي نفي أزلية الكون كما تقتضي القول بأن العالم حادث خلقه الله من العدم خلقا مباشرا دون واسطة.
الزمان حادث ،والأسباب حوادث ،والحوادث خلقها الله ،ولا يمكنها أن تخلق شيئا إنما هي أمور يرتبها الله على بعضها بعضا من أجل توقع الحوادث نتيجة بعضها بعضا. ليس قبل الزمان ،وليس قبل المكان، والزمان والمكان خلق من خلق الله يمده أو يقلصه لأنه خالقه والقوانين تختلف كما يريدها الله، فكل شيء عند الله ممكن، والإمكان ينافي الامتناع. فالله لا يتصف بالعجز بكل من الأحوال.
إن العالم لم يزل ممكن الحدوث ،وهذا يقتضي أن الحادث لم يكن قديما لأن القديم لا يحدثه شيء ،وهو الله وحده هو القديم الأزلي الأبدي ،وهو الذي خلق الزمان ،ويوقف الزمان الدنيوي يوم القيامة.

المادة:
يحول العلم المادة إلى طاقة مما جعل المادة لا تتصف بالصفة المادية كصفة جوهرية ذاتية بل هي صفة عرضية يكتسب فيها الجسم هذه الصفة في ظرف خاص، ويمكن أن يفقدها في ظرف آخر.
المادية ليست صفة جوهرية الأشياء لا يمكن أن تنتزع من الشيء على الإطلاق يبقى ببقائها ،ويفنى بفنائها، وبناء على ذلك ،فالمادية ليست صفة يتصف بها الموجود بل هي صفة عرضية.
أثبت العلم أن المركبات حالات عرضية للمادة لأنها تتحلل إلى عناصر بسيطة ،وكذلك العناصر حالات عرضية للمادة لأنه يمكن تحويل العنصر إلى عنصر آخر، وكذلك الطاقة حالة عرضية من حالات المادة العرضية ،وذلك لأن المادة تتحول من عنصر إلى آخر، فالفوتون الضوئي يمكن أن يتحول إلى إلكترون ،وبوزيترون عندما تكون عنده على الأقل طاقة مساوية 1.02 ميغا إلكترون فولت وهي تمثل كتلة الإلكتروني ،والبوزيترون في حالة السكون.

الجزء:
الأشياء مكونة من مادة وصورة ،فالمادة قابلة لأن تتعاقب عليها الصور بالترتيب ،والمادة هي محض الاستعداد ،والقابلية لتلقي صورة ما ،ولها القابلية بأن تتصف بصفة ما في المستقبل أي لها القابلية بأن تتشكل بصورة أخرى ،والمادة تتعاقب عليها صورة محددة ،فتناهي الصور يستلزم فناء هذا العالم المادي الناقص، وعودته إلى الله جل في علاه حيث يوجد العالم الروحي.
تعريف المادة:
المادة: جوهر قابل للصور (الأعراض).
كالعجينة التي تقبل فالعجينة عندما تتشكل وتتغير أشكالها تظل عجينة ، فالعجينة لا ينقطع وجودها فيصبح وجودها السابق غير وجودها الحاضر والفترة التي تظل فيها الصورة تسمى حاضر وإذا تغيرت الصورة والحالة تسمى الحالة السابقة ماضي والصفة المنتظرة هي المستقبل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق