الاثنين، 9 يناير 2012

المستقبل والعصر المعلوماتي

المستقبل
العلم اليوم يمر بتحولات غير مسبوقة أوقى من تلك التي شهدتها التحولات في عصر الزراعة وفي عصر الصناعة.
إننا الآن في عصر ثورة المعلومات التي تجتاح العالم ويمتاز هذا العصر بزوال العزلة والخصوصية عن أي دولة من الدولة أو مجتمع من المجتمعات. إن أصبحت مشكلة أي إنسان في أي مكان هي مشكلة كل إنسان في كل مكان وهذا يعني أن مستقبل العالم واحد وأصبح من الممكن أن يتجاوز بلاد العالم معاً التخلف وبناء على ذلك يجب على العالم أن يوجد وعياً عالمياً مشتركاً.
يدفع بالعالم إلى غدٍ مشترك واحد للجميع والوعي المشترك تقتضي فهم طبيعة ما يجري في العالم اليوم. الوعي المشترك في العصر الصناعي أفرز الرأسمالية والاشتراكية وهما نبعاً من الثورة الصناعية وظروف الثورة الصناعية هي التي أفرزت هذا الفكر وما الاشتراكية والرأسمالية إلا وجهان لعملة واحدة فكرية واحدة للعصر الصناعي وهذا العصر.
قام على المبادئ التالية:
1. النمطية أو التوحيد القياسي.
2. المركزية.
3. التخصص الدقيق.
4. عشق الفخامة.
العصر الزراعي كانت خامته الزراعة التي ينميها الفلاح أما العصر الصناعي فكانت خاماته خامات صناعية يقوم العامل على إنتاجها أما خامة عصر المعلوماتية فهي المعلومات والمعرفة.
في عصر الصناعة لم نتوقف عن الزراعة ولكن استبعدنا مبادئ العصر الزراعي. يمتاز عصر المعلوماتية بالتنوع الدقيق في الأفكار وأنماط الحياة والتوجيهات.
في العصر الزراعي كانت الأسرة وحدة حياة كاملة تضم الأبناء والإخوة والأخوان والأزواج والزوجات وأبناء العم والخال والأجداد والأحفاد وكان كل هؤلاء يجتمعون في مكان واحد يقومون بكل العمليات الإنتاجية وكافة الخدمات الضرورية.
وفي العصر الصناعي أصبحت الأسرة تحولت، الأسرة من ممتدة إلى أسرة نووية فتكون من الوالدين وأبنائهما وأنسحبت من الأسرة، العمليات الإنتاجية والخدمات الضرورية وحلت المؤسسات محل الأسرة.
عصر الصناعة عصر النمطية وعصر المعلوماتية عصر التعددية يحترم الرأي والرأي الآخر وفي هذا العصر يشعر الناس أنهم أحرار في أنهم يعتقدوا وأن يعبروا عن أنفسهم دون قهر أو قسر أو إكراه ، عصر (لا إكراه في الدين).
يقوم عصر الصناعة على مبدأ النمطية والتوحيد القياسي كي يسير العمل يسير قطعة الغيار بطلبها برفعها ورمزها فأصبحت الحياة كقطعة الغيار نمطية، فالمدرسة نمطية والإدارة نمطية والمؤسسات والمنظمات نمطية والحرف والإنتاج والتجارة والخدمات نمطيات حتى الملابس والعادات والأعراف كل شيء أصبح نمطي، كل من يخرج عن النمط يعد شاءاً مرفوضاً ومتخلفاً.
أما في عصر المعلوماتية بدأت حركات تمرد واسعة ضد النمطية إذ ظهرت الجماعات الصغيرة تدعو إلى أفكار جديدة ، تكفل نظام السير الذاتي في المصانع يما يقوم من العامل حتى أصبح المصنع لا يحتاج إلا إلى عقل مخترع ومبتكر ومبدع.
وأصبح المصنع يعتمد على الإدارة الرقمية الإلكترونية فالمصنع أصبح يشغله عقل العامل لا عضلاته فلذلك شعر العامل بحريته وتميزه فلا يلتزم بالنمطية في عمله أو في تفكيره أو ساعات وجوده.
إنتاج وخدمات حصر المعلوماتية جعلت العامل يشعر بالعزة واستقلاله في الأفكار والعادات والعقائد.
طبيعة العمل والإنتاج في العصر المعلوماتي تجعل العامل يرفض القهر والاستبداد ويرفض الفرعنة القائلة (ما أريكم إلا ما أرى).
العامل المعلوماتي يرفض أن يستخف أحد فيطيعه وذلك لأن المركزية التي قامت عليه الإدارة في العصر الصناعي يرفضها العصر المعلوماتي ، العصر الصناعي كان يعتمد على الإدارة الهرمية ، أما العصر المعلوماتي فيعتمد على الإدارة الشبكية التي تدير التنظيمات الشبكية وذلك لأن الاستبداد يجعل القيادة لقمة الهرم لا قاعدته فلذلك اعتمد العصر الصناعي الديمقراطية النيابية والعصر المعلوماتي تناسب ديمقراطية المشاركة.
في الديمقراطية شبه المباشرة يتحول فيها النائب إلى حلقة من حلقات النخبة الحاكمة، إن انفجار المعلومات خلق تنوع في توجهات الأفراد وجعل الديمقراطية المباشرة تناسب عصر المعلوماتية.
الديمقراطية غير المباشرة تناسب العصر الصناعي وذلك لأن القيادة المركزية والبروتونية تجعل المخطط المركزي يستطيع أن يتوقع ردود أفعال أفراد المجتمع الذي يحكمه وهذا الوضع أصبح صعب بالنسبة لعصر المعلوماتي لما يمتاز به من التنوع والتميز والاختلاف ولذلك أصبح من الصعب التعميم عند اتخاذ القرار وبالتالي التنبؤ بردود أفعال الشعب.
وهذا بدوره حتم الديمقراطية المباشرة التي تعتمد على أن جماعة تقود نفسها فكل مدرسة مثلاً تدير نفسها من خلال السواد الأعظم لحديث : (اتبعوا السواد الأعظم) وكل حي يدير نفسه وكل عمارة تدير نفسها فيما يخص العمارة وكل نقابة محلية تدير مهنتها مثل أن يدير أصحاب الرحلة رحلتهم فكل أصحاب هدف واحد يوزعون الأدوار لتنفيذ هدفهم.
العالم في العصر المعلوماتي يركب سفينة واحدة اسمها الكرة الأرضية يشعر ركاب هذه السفينة أنهم في عصر جديد تغير من النمطية إلى التنوع والخصوصية فقد تحول المجتمع من مجتمع صناعي إلى مجتمع معلوماتي وتحولت الإدارة من إدارة مركزية إلى إدارة لا مركزية تعتمد الديمقراطية المباشرة بدلاً من الديمقراطية النيابية.
والديمقراطية المباشرة هي ديمقراطية المشاركة وأصبح المجتمع يعتمد على المؤسسات الصغيرة بدلاً من المؤسسات الكبيرة.
وتحول الأوصاد من اقتصاد يعتمد على وقود الحفريات إلى اقتصاد يعتمد على الطاقة المتجددة المتنوعة.
وتحول الدوام من دوام الثمان ساعات المحددة إلى الدوام المرن الذي يتبع رغبة العامل فما لا يضر، إذا يمكنه العامل أن يدير عمله بالجوال والفاكس ومن حاسوبه المتنقل.
الإعلام في العصر المعلوماتي
اعتمد الإسلام بادئ ذي بدء على الصحف ثم انتقل إلى الإذاعة ثم إلى السينما ثم إلى التلفاز ثم الإنترنت.
كان هدف الإعلام في العصر الصناعي نفس هدف المصنع إنتاج عقول نمطية خاضعة لنفس التوحيد القياسي للسلع.
والهدف من النماطة التنبؤ بردود أفعال الناس وسهولة توجيههم.
وبذهاب النماطة في المجتمع المعلوماتي أصبح المجتمع مكون من عدة جماهير مختلفة وذلك لأن المشاهد لا يستطيع أن يدير جهاز وسيلة الإعلام إلى ما يريد هو يستمع ويشاهد ما يريد ويسمع لرأي الذي يريد لا معقب لأمره.
في عصر الفضائيات والإنترنت أصبحت حرية التعبير مطلقة وحرية الإطلاع أيضاً مطلقة فلذلك اتسعت حرية الاختيار التعليمي والثقافي فالفضاء مفتوح لكل الآراء والأفكار والإبداعات حتى أصبح العالم يخضع لمنطق الأواني المستطرقة بسبب سقوط الحواجز التي تفصل الناس بعضها عن بعض في كل العالم.
العالم الآن هوية واحدة فمشكلة أي إنسان في أي مكان من الأرض قد أصبحت مشكلة أي إنسان في كل مكان من الأرض، وأصبحت الدول بإمكانها أن يلتحق بغيرها إذا أخذت بأحدث الأجهزة الحديثة والصناعة الحديثة بأن تحرق المراحل جميعها فلا يمر بالبداوة ثم التصنيع فالمعلوماتية.
أهم ما يميز العصر الحديث أنه عصر الفضائيات والإنترنت فإنه بإمكان المشاهد إذا لم يعجب برنامج أو توجيهات سياسية يغير القناة (أ) وهذا أدى إلى التحول في اختيار من البديلين إلى البدائل المختلفة في جميع المجالات وهذا بدوره أدى إلى التحول من فكرة البطل إلى مبدأ الحقيقة لا تخشى البحث ولا مفاضلة في الأذواق.
في عصر المعلوماتية سقطت فكرة الصفوة والنخبة فتحول التعليم من التلقين إلى التعليم الذاتي فأصبحت الحقيقة هي التي تقود لا الشخصية فأصبح العبرة بالحقيقة لا بالذي يقولها، وأصبح الإعلام والتعليم يوصف الحقائق ويعرفها لا أن يعرضها فأصبحت القيادة إقناع لا فرض للطاعة.
التغيير
لا يمكن لدخول إلى العصر المعلوماتي إلا بإعطاء الأولوية للتعليم والتدريب والبحث العلمي والاتفاقات التجارية والعلمية الثقافية والاستيراد للتقنية المتصلة بتخزين المعلومات، ومعالجة وتصنيف وتقديم المعلومات ذلك لأن الموارد الاستراتيجية لمجتمع المعلومات هي المعلومات حيث يعتمد هذا المجتمع على الإلكترونيات والحاسوب وهندسة الجينات والبتروكيماويات المتطورة وأشباه المواصلات ويعتمد مصنع المعلومات على الإنتاج الصغير والتقانة غير المعقدة ويعتمد مجتمع المعلومات على التقانة الإلكترونية في قطاع الخدمات.
ويجب على مجتمع المعلومات أنيدرس العمال ويعيد تدريبهم على فترات لمواجهة الشارع الثقافي تجنباً للبطالة.
يجب على المجتمع أن يلغي المركزية ويجعل بدلاً منها اللامركزية والمركزية لا توائم العصر المعلوماتي وذلك لتدفق المعلومات على العقول بواسطة وسائل حفظ ومعالجة وتوزيع المعلومات، وهذا الوضع أدى إلى تنوع مشارب الناس وجعلهم مما يجعل المركزية لا تنفع في العصر المعلومي فعندما ينتقل المجتمع من مجتمع صناعي إلى معلومي يتحول من المركزية إلى اللامركزية في كل شيء في الحكومة والأجهزة الديمقراطية والبنوك والطاقة والمؤسسات وفي البشر وأوضح ما تكون اللامركزية لا مركزية البشر فيتحول الناس من المدن الكبيرة إلى المدن الصغيرة والجمعيات الصغيرة في المجتمع المعلومي ينهي المدينة الكبيرة وتحل محلها المدينة الصغيرة وفيه أيضاً تنهي المؤسسة المركزية والمصنع الكبير والحكومة المركزية.
في المجتمع المعلومي تحول القلعة الصناعية إلى شبكة من المصانع الصغيرة التي تتبادل التغذية والتي يدار كل منها لا مركزياً مشروع توليد الطاقة المركزي يتحول إلى مشاريع لا مركزية منتشرة جغرافياً ومتنوعة من حيث وسائلها وتوليد الطاقة ، أول مركزية يجب أن تتحول إلى لا مركزية هي مركزية الحكم وذلك بأن يجعل لكل جماعة إدارة نفسها وذلك بأن ينتقل من العاصمة إلى المدن ومن المدن الكبيرة إلى المدن الصغيرة وكل جماعة في المدن الصغيرة وتعود نفسها بخصوص هدف تجمعها.
الحكومة في المجتمع المعلومي عبارة عن مشروع تسهيل تعبير الناس عن أنفسهم وفي القيام بما تقتضيه مصالحهم الحقيقية، المجتمع المعلومي تحول من مجتمع صناعي إلى مجتمع معلومي والمجتمع المعلومي تحول من المركزية إلى اللامركزية ومن النمطية إلى التنوع والتعدد ، ومن الاعتماد على المؤسسات إلى الاعتماد على الذات وذلك أن الناس في المجتمع المعلومي مقتنعين أن الحكومة لا تحل لهم مشاكلهم بل أن يقوم كل واحد يحل مشاكله بنفسه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً وما على الدولة إلا أن تمدهم بالإمكانيات فلذلك على الناس أن تتعاونوا في حل مشاكلهم فمثلاً المدارس يشرف عليها أولياء الأمور وينتقل التعليم من المدرسة إلى البيت عن طريق الحاسوب والجامعة المفتوحة والتعليم الذاتي وأصبحت الصناعة في المجتمع المعلومي فتعتمد نظام صغار المستمرين أو المقاولين أو المتعهدين الذين يعملون لحساب أنفسهم والمشاريع الشخصية أكثر إنتاجية وابتكاراً والمجتمع المعلومي يأبى الإدارة المركزية ويقوم على المقاولات الصغيرة وهذه المقاولات تشجع الطموح وتدر أرباحاً أكثر.
الحكومة في المجتمع المعلومي مجرد مكاتب تسهيلات حتى الأمن سوف يعتمد كل فرد على حماية نفسه فكل حي يشكل مستوطنة التي تحميه ولجان لحل مشاكل الحي.
الصناعة في المستقبل سوف تأخذ بتوصية (اصنعها بنفسك فتصبح الصناعة هواية بدلاً من أن تكون حرفة فتوجد في كل بيت آلات تصنع لكل ما تريد).
حكومة المستقبل
بعد التحول من المجتمع الصناعي إلى المجتمع المعلوماتي والتحول من المركزية إلى اللامركزية والتحول من الاعتماد على الدولة أو الاعتماد على الذات تصل إلى التحول من ديمقراطية التمثيل إلى ديمقراطية المشاركة وديمقراطية المشاركة هي التعبير عن الرغبة في المشاركة وسبب ظهور ديمقراطية المشاركة تحول الناس في المجتمع المعلوماتي إلى مواطنين مستقلين حيث كل مواطن حزب بذاته.
إن ما ساد الناس من تنوع في المجتمع المعلومي جعل إرادات الناس تتنوع وتختلف وذلك جعل لهم دور قيادة المؤسسة التي يعملون فيها وذلك أن أجهزة التحكم الرقمي تنتج إشكالاً مختلفة من السلع دون زيادة في التكلفة بحيث تصنع الشركة برنامجاً للحاسوب الذي يتحكم في سير الآلات بحيث يتنوع الإنتاج وفقاً لحاجات المستهلكين المتنوعة القائد في المجتمع المعلوماتي ولا الناس المشاركة ولا يأمر.
العالم تحول من مجتمع البديل أو البديلين إلى مجتمع البدائل المتعددة في كل مرافق الحياة.
هناك مدارس فنية ولكن هناك اتجاهات بل هناك اتجاهات متعددة في كل شيء والعربة الإلكترونية تقدم للناس في كل العالم ++ فيرجع الأصناف فما عليك إلا أن تختار بكامل حريتك.
في المجتمع المعلوماتي يوجد كل شيء وما عليك إلا أن تختار حتى الأسرة الخلية الأولى للمجتمع هناك أن يعمل وأمر لا تعمل والعكس صحيح والاثنان يعملان الأولاد مع الأب أو العكس صحيح.
في العصر المعلومي تشترك الدول في إنتاج السلطة الواحدة فأصبحت العالمية ضرورة التنوع وذلك بسبب شيوع الحاسوب المتنقل الذي يتعامل مع الإنترنت فأصبح هذا الحاسوب هو المدرسة والمكتب.
العدالة الاجتماعية
إن العدالة الاجتماعية مطلب حضاري فعلماء الدول الرأسمالية يؤكدون أن زيادة الفوارق بين الدخول تؤدي إلى انهيار النظام فلذا كان الواجب على الدولة كي تحافظ على نفسها القضاء على الفقر وتوزيع الثروة والسلطة وذلك بنقل الحكم من يد المؤسسات الكبرى إلى وحدات محلية.
إن أهم ما جاءت به الثورة الصناعية الإنتاج الواسع والتوزيع الواسع والاستهلاك الواسع، وكان الإنتاج في المجتمع الزراعي على حسب الطلب أما الإنتاج الصناعي كان واسعاً مما جعل المنتج لا يعرف من يستهلك سلعته وهذا ما يسمى بالسوق ، التي ينفصل فيها الإنتاج عن الاستهلاك وفي المجتمع الصناعي تفتت العشيرة إلى أسرة وأصبح العلم علم تخصص دقيق وأصبحت الإدارة وعلى رأسها الحكومة تقوم على تنظيم التخصصات الدقيقة في الأعمال.
إن التنوع يستلزم نقل السلطة من رأس الهرم إلى قاعدته فتتحول السلطة إلى اللامركزية المحلية مما يلغي هيمنة الدولة وتتحول السلطة إلى مشاركة فكل أصحاب مصلحة يبتون في أمر مصلحتهم فيصبح الاستفتاء والاقتراع من قبل أصحاب المصالح فيصبح من حق كل مواطن المشاركة في القرارات المتعلقة به. من حق كل مواطن أن يطلع على الحقائق المتعلقة به كمواطن فيصبح من واجب الإعلام مكاشفة المواطنين بكل شيء وطرح كل البدائل ليختار منها ما يناسبه ويقتنع به والقرار للأغلبية.
وعلى الإعلام أن يوضح للشعب المعوقات بكل صراحة بشارع الناس في اقتراح الحلول لها والهدف الأساسي من الإعلام طرح الحقائق والبدائل والعواقب والخيارات حتى يصبح لدى الشعب وعي سياسي يؤهله للمشاركة في صنع القرار.
الديمقراطية في المجتمع المعلومي لا مركزية وتعتمد على ركيزتين المساهمة المباشرة في اتخاذ القرار في حدود الوحدة المحلية الجغرافية أو الفئوية ثم مساهمته المباشرة في القرارات المركزية عن طرق الاستفتاء العام وهذا يقتضي أن يكون المواطن عالماً بالبدائل الممكنة للمسألة المطروحة ومدركاً لعواقب كل بديل من البدائل قادراً على اختيار الأصلح والأنسب.
وهذا بدوره يقتضي أن يتحول مجلس الشعب إلى مجالس في الأحياء والنقابات وكل جماعة بحيث تناقش الأمور.
وفي هذه الحالة تسحب صلاحيات العاصمة إلى المدن ولا يبقى للعاصمة إلا وزارة الدفاع والخارجية وتوزع المشاريع الإنتاجية والخدماتية على الأقاليم بحيث تتكامل المشاريع عن طريق التنسيق وتوزع الثروة على الأقاليم بالتساوي وينتخب المحافظ بواسطة مجالس الحواري والمدن الصغيرة التابعة للولاية أو المحافظة وينتخب كل مؤسسة إداريها ويكون من كل مؤسسة مجلس من موظفيها يصدر القرار برأي الأغلبية ويكون الانتخاب كل أربع سنوات.
القطاع العام والقطاع الخاص
أبان العصر الصناعي كانت الموارد الأساسية هي رأس المال وكان هدف المؤسسات الربح أما في العصر المعلومي فالموارد الأساسية هي المعلومات والمعرفة والابتكار أي رأس المال في العصر الصناعي هو الرأس المال الاقتصادي أما في العصر المعلومي فرأس المال هو الرأس المال البشري، هدف المؤسسة الجديدة هو البشر والربح معاً لهذا فإن أهم عنصرين في المؤسسة هما العمال والمستهلكين، في العصر المعلومي لا هرم وظيفي ولا إدارة وسطية كنائب المدير والمدير المساعد ورئيس القسم ومراقب القسم إذ تلغى السمسرة والوساطة بين المدير التنفيذي المسئول والفني أو العامل والمنتج يحل محلها الحاسوب.
إن المؤسسات الكبرى تتدرب وتعاون التدريب لتلاحق المعلومات المتدفقة والتقانة المتطورة فتصبح المؤسسة جامعة صغيرة.
حل محل الهرم الوظيفي فريق العمل الصغير فكل فريق عمل له مدير يتصل مباشرة بالقيادة العامة للمؤسسة وكل فريق يتولد عنه فريق أصغر ينفذ هدف واحد فكل المتخصص في تخصصه مع زيادة راتبه وسلطته في تخصصه والموظف يطلق عليه شريك والذي يضع الأهداف الذين ينفذونها على القيادة.
المرأة والمستقبل
الحمل والرضاعة جعل وظيفة المرأة الأولى العناية بالإنسان في بداية حياته والرجل كانت له القوامة كما له من قوة عضلية تفوق قوة المرأة والعمل قبل العصر المعلومي يعتمد على العضلات ، أما في العصر المعلومي تم التحول من العمل العضلي إلى العمل العقلي ، وشاع نمط الإنتاج من أجل الاستهلاك الشخصي وعاد نظام البيت لمركز إنتاج.
1 – العمل العقلي:

الصناعات المعلومية كالإلكترونيات والهندسة الوراثية والبتروكيماويات المتطورة تعتمد على الجهد العقلي، الآلات ذات التسير الذاتي (أوتومشين أو الربوت تحرر الإنسان من العمل العضلي وهذا بدوره يجعل الإنسان يعتمد على عقله فيصبح الإنسان سواء كان رجل أو امرأة لا فرق بينهما على أساس بدني فيصبح الإنسان فيتحرر الإنسان من تسخير الإنسان لأخيه الإنسان ، سخر الإنسان الروبوت بدل الإنسان للإنس بالإنسان.
2 – الإنتاج من أجل الاستهلاك الشخصي:
في المجتمع الزراعي كان البيت الملحق بالمزرعة يشبع حاجات البيت دون اللجوء إلى السوق ولما جاء العصر الصناعي أصبح البيت يعتمد على سوق البضاعة وسوق الخدمة وفي عصر الروبوت يصنع الروبوت للمرأة ما كانت تصنعه في العصر الزراعي وتتخذ بالإضافة إلى ذلك بينها مكتباً تدير فيه كل أعمالها بواسطة الإنترنت.
3 – البيت مركز إنتاج:
الروبوت والإنترنت يجعل المرأة تقر في بيتها وكذلك الرجل فلا يشغلها حملها وعملها عن أن تقوم بعملها من داخل البيت.
العمل العقلي هو الأساس في المجتمع المعلومي فالعقل لا ذكورة فيه ولا أنوثة فيصبح التعامل بين إنسان وإنسان لا ذكر وأنثى.
خصائص العصر المعلومي
تسبب الإنترنت والفضائيات وسرعة وسائل الاتصالات والمواصلات زالت العزلة والخصوصية بين البشر وأصبح العالم قرية إلكترونية عالمية وعلى هذا الأساس أصبحت مشكلة أي إنسان في أي مكان هي مشكلة إنسانية وأصبح الإنسان هي القيمة المطلقة.
الإنترنت جعل هناك وعي عالمي وأصبح الفرد يطلع على ما يريد وكل الأفكار فيبني فكره بنفسه ومنها بدأ التعليم الذاتي والتعليم الذاتي أدى إلى أن يشعر الفرد باستقلاله فانتهت فكرة الفئوية والطبقية إذ أصبح الفرد هو المتحدث الرسمي باسم نفسه فلا طبقة يمثلها إذا حل الروبوت بدل من العامل فأصبح الإنسان بدلاً من أن يسخر أخيه الإنسان أصبح المسخر يدل عنه الروبوت وأصبحت إدارة الحاسوب تحل الإدارة الهرمية المركزية وهذا أدى بدوره إلى انتهاء النمطية إذا أصبح الإنسان مفتوح على الرأي والآراء الأخرى وأصبحت البدائل كثيرة وذلك لأن الصناعة الحديثة تصنع الإنسان حسب ذوقه دون الخضوع إلى الذوق النمطي.
تعدد البدائل أدى إلى التنوع والتعدد بدلاً من النمط إذا كانت السلعة لها رقم ولها رمز أما هذه السلعة ، فأصبحت تصنع حسب الذوق وأصبح المزاج العام يحترم الاختلاف ولا يستنكره إلا إذا كان يخالف الحقيقة أو يسبب ضرر للإنسان.
2 – المصنع القديم كان ينتج سلعة قطعة غيار لها رقم ورمز فأصبح لذلك كل شيء نمطي كقطعة الغيار ظهر إثر ذلك الجماعات الصغيرة بدلاً من المؤسسات الكبيرة والمدن الصغيرة والمصنع الكبير فتحول على إثر ذلك الأمر من الكبير إلى الصغير انتهاءً بالفرد.
المصنع السير ذاتياً الذي يبرمجه العقل المبدع والمخترع يستغنى فيه عن العامل مما يجعل العمل للروبوت يحل محل العامل وتحل الإدارة الرقمية الإلكترونية محل الإدارة وإدارة الإنترنت تلغى الإدارة الهرمية والبيروقراطية والمركزية الإنترنت جعل الفرد مستقل وحر فلا يستطيع أحد أن يقوده إلا بالإقناع بالحقائق أما الرغبات فالفرد حر فلا أحد يستطيع أن يمنعه إلا ضميره فتحم على الفرد أن يبدي برأيه عن بطريق الاستفتاء في الأمور العامة والمشاركة في إدارة الجماعة الصغيرة التي يعمل معها فأصبح المجتمع عبارة عن جماعات متخصصة تدير نفسها بأغلبية آراء أعضائها فكل مؤسسة تدير نفسها باقتراح الأغلبية واستفتائها فأصبح كل حي عبارة عن حكومة صغيرة تدير نفسها فلا يتحكم فيها أحد من خارجها.
السلطة القضائية في كل مدينة صغيرة تفصل في خصومات المدينة فلا دخل لأحد غيرها من المدن وكذا السلطة التنفيذية في البلد يتحكم فيها المجلس البلدي أما السلطة التشريعية فتتحول إلى مجالس المدن التشريعية المنتخب من مجالس الأحياء وما يستفتي عليه الأغلبية في مجالس الدولة يصدر فيه قانون والذي يقوم بهذه العملية الإنترنت المنسق وتتحول الدولة إلى مكاتب تنسيق وتسهيل للخدمات.
3 – الاقتصاد في العصر المعلومي يعتمد على الطاقة المتجددة المتنوعة والزراعة الممكنة والمصنع المسير ذاتياً والروبوت وقطاع الخدمات في العصر المعلومي هو الأغلب.
والعمل لا يحتاج إلى دوام ذو الساعات الثمان بل يعتمد على الدوام المرن إذ يقاس وقت العامل بالمهمة التي يناط به إنجازها والعمل يدار بواسطة الجوال والفاكس والإنترنت فالأعمال تدار عالمياً من كل مكان فالعالم يعتبر مؤسسة واحدة إذ يشارك في الإنتاج العالم أجمع فالمنتج الواحد ينتج في عدة دول ويعتمد الاقتصاد في العصر المعلومي على التقانة المتصلة بتخزين المعلومات وتصنيفها وذلك للاعتماد على الحاسوب والهندسة الوراثية والبتروكيماويات المتطورة والتقانة الإلكترونية والإنتاج الصغير الموجود في المدن الصغيرة إذ يتوزع الإنتاج الصغير وقطاع الخدمات يقوم على خدمة التقانة الإلكترونية.
في العصر المعلوم تحول الناس من الكبير إلى الصغير من مؤسسات إلى جماعات صغيرة متخصصة ومن العاصمة إلى توزيع سلطاتها إلى المدن والأحياء وأصبح الفرد يمثل نفسه إذ أصبح مواطناً في القرية الإلكترونية إذ يتعامل مع العالم بالإنترنت وشاهد العالم بواسطة الفضائيات والعالم يخدمه بواسطة المشاريع المتخصصة المنتشرة في العالم.
العصر المعلومي تحول من الاعتماد على المؤسسات إلى الاعتماد على الذات لاعتماده على الإلكترونيات فأصبح يخدم نفسه بنفسه ويعلم نفسه بنفسه ويعبر عن رأيه بواسطة الإنترنت وأصبح الاقتصاد المعلومي يعتمد على المقاولات الفردية وأصبحت الحكومة عبارة عن مكاتب تسهيلات وخدمات تنسق بين الناس المقاولين وتنسق بين الأفراد بعضهم ببعض وأصبح كل فرد مسئول عن حماية نفسه فعليه أن يجعل في محله أجهزة مراقبة.
في المستقبل القريب إن شاء الله سوف نصنع جهاز يصنع لك كل شيء فلا تحتاج إلى أحد.
أصبح الفرد يستطيع يطلب ما يريد يأتيه بحسب الطلب، في العصر المعلومي أصبح الإنسان هو الهدف هو المنتج وهو ينتج ليشبع حاجاته فحلت الآلة الإلكترونية محل الإنسان في العمل لمادة الإنسان هو العامل كان العمل مبرر الاستحقاق فلما حلت الآلة محلة أصبحت الآلة مبرر الاستحقاق والآلة بحد ذاتها وسيلة وليست غاية فالغاية الإنسان والإنسان في العصر المعلومي يشارك فبسبب هذه المشاركة يصبح عضو في المجتمع الإنساني فلذا الإنسان يتفاعل مع أخيه الإنسان في أي مكان إذ ترى مصطلح بلا حدود ظاهر هذه الأيام مثل صحفيون بلا حدود.
أصبح الإنسان وطنه الكرة الأرضية وجنسيته، إنسان والحدود لم تكن تفصل الناس بل نحن معاً في الفضائيات وأصبح من الصعب الكذب والتزيف والسرية وأصبح الكيل بمكيالين لا تنطلي على أحد على المكابر والجاحد للحقائق.
4 – الإعلام في العصر المعلومي هدفه طرح الآراء وإبراز الحقائق ووصف الأحوال كما هي وما على الإعلام إلا توضيح الحقائق والمشاكل وإظهار الحلول المختلفة والبدائل المختلفة والخيارات المختلفة والعوائق والعواقب.
بما أن المجتمع المعلومي العالمي يهتم بالفرد ويجعله هو الأساس بدلاً من المؤسسات فإنه يستطيع أن يكتب ما يشاء في الإنترنت فلا اعتراض وبإمكان الاتصال والتحاور ويقول رأيه فإن الإعلام في هذا العصر إعلام فردي وكسب إعلام حكومي أو دولي فيصبح كل فرد بما كسبت رهين لا يرده عن الشر إلا ضميره فأصبحت مراقبة الله ضرورية في العصر المعلومي أكثر من أي عصر آخر إذ ازدادت البدائل والآراء والأفكار وانتهى عصر الاحتكار الفكري فأصبح الإقناع هو الذي يوحد أصحاب الإقناع الواحد في محلات في الإنترنت فتبنى أصناف الاتجاهات تتبلور حتى تختزل في تيارات قليلة والأكثر إقناعاً هو الذي فوز والإكراه في الأفكار فمن استعمل العنف فإنه يجابه بالعنف والغلبة لمن يكسب مؤيدين أكثر.
5 – التعليم:
المصنع المسير ذاتياً جعل الإنسان يسأل نفسه هذا المصنع يسير نفسه ذاتياً لماذا لا يسير الإنسان نفسه ذاتياً أسوة بالمصنع؟
الحاسوب يبرمج من خارجه لماذا لا أبرمج نفسي بنفسي ؟ بدلاً من أن يبرمجني آخر فيتخذني أداة في يده فجاءت فكرة التعليم ذاتياً.
بداية الطفل يعلم القراءة والكتابة ومبادئ العلوم ثم يعلم نفسه بنفسه بحسب برنامج يوضع عالمياً للتعليم بالإضافة إلى المعامل والمختبرات والبحوث.
التعليم الحديث يعتمد على فكرة تعليم الإنسان كيف علم ذاته ويعالج ذاته ويربي ذاته ويعتمد على نفسه في كل شيء إلا فيما لا غنى فيه من الاعتماد على التنظيم وتكامل الأدوار المعلوماتية توفر لمن يريدها عن طريق بنوك المعلومات وما على الذي يريد أن يتعلم إلا أن يتدرب على الإبداع والاكتشاف والاختراع.
التعليم الحديث تعليم مستمر لا يتوقف عند مرحلة كل بحسب قدرته وتحمسه فبقدر ما يضيف يترقى هناك تعليم عن طريق الفضائيات والتعليم البرمجي والتعليم التدريبي الذي تقوم به مؤسسات خاصة في أي عمر.
العصر الحديث يخضع لمنطق الأواني المستطرفة إذ الأفكار متوفرة والفرص متوفرة لمن أراد أن يتعلم ويبدع فما على الدول والمجتمعات إلا أن تبدأ من حيث ما اكتشف الإنسان واخترع وأبدع.
6 – الحرية:
العقل: هو القدرة على الاختيار بين البديلات والبدائل تزداد في عصرنا فالفضائيات والإنترنت والحاسوب الشخصي جعل الإنسان حر في الاختيار والتعبير والتطور العلمي وسع من إمكانيات الإنسان مما جعله يسخر الأشياء بدلاً من أن تسخره فأصبحت الوسائل طوع يده.
فالإنسان حر ما لم يضر بأخيه الإنسان أو يعتدي على حرية أخيه في حدود المباح والمباح هو التصرف فيما ليس بواجب أو محرم والأصل في الأمور الإباحة هوية الإنسان هو قدرته على الاختيار فالإنسان يسعد باختياره سعادة أخيه الإنسان فها هو العالم مسرح للتسابق على الخيرات والتسابق على إزالة العوائق في سبيل أمن ورخاء الإنسان وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
الحرية ليست فوضى فالفوضى الحرية فيما يضر الإنسان والحرية فيما يسعد الإنسان ويرفع من قدره وكرامته وعزته وما الحروب والاستغلال والجريمة والعنصرية إلا بقية من بقايا الإنسان المتوحش الذي ينظر إلى الإنسان أداة ليحقق أغراضه على حساب سعادة أخيه الإنسان.
نحن اليوم في عصر الحرية لتعدد الخيارات أما في العصر الصناعي عصر النمطي فالحداثة تعني الاقتداء بالنموذج الغربي.
أما في عصر الناس هذا فالناس يؤمنون بالتعددية وبخصوصية كل شعب.
خصائص العصر الصناعي:
أهم خصائص العصر الصناعي ابتداعه السوق وسيطاً بين الإنتاج على نطاق واسع والاستهلاك على نطاق واسع وتعتمد السوق الصناعية على البورصة والبنك المركزي والحكومة.
ويعاب على العصر الصناعي أنه يستغل الطبيعة بشكل يستنزف موارد الطاقة غير المتجددة ويلوث الجو ويتميز العصر الصناعي بأخذه بالمبادئ الستة:
1. يمتاز العصر الصناعي بالنمطية على نطاق واسع.
2. يمتاز العصر الصناعي بالتخصص الشديد الذي يحصر الإنسان في عملية جزئية جداً.
3. يمتاز العصر الصناعي بالحرص على التزامن أو توافق حدوث الأشياء في زمن واحد في المدرسة وفي المصنع وغيره من المؤسسات.
4. المركزية الكاملة واعتماد الشكل الهرمي في إدارة الحياة.
5. عشق الفخامة والسعي إلى الوصول إلى النهايات العظمى في المؤسسة والمبنى والمصنع ... إلخ.
6. التركيز الشديد في كل شيء.
خصائص العصر المعلومي
يمكننا تلخيص خصائص العصر المعلومي في التالي:
1. الاعتماد على مصادر طاقة متجددة واختيار الأنسب لكل نشاط وبكل موقع.
2. التوسع في الإلكترونيات.
3. الاعتماد على الإنترنت والفضائيات مما أتاح تعدد الرؤى وتنوع التوجهات واحترام الرأي والرأي الآخر مما وسع المجال الذاتي على الجماهيري.
4. تفضيل الصغير على الكبير فأصبح الناس يفضلون المدن الصغيرة لأن المصنع الإلكتروني أصغر من المصنع التقليدي.
5. الاعتماد على الإنترنت جعل العمل يمكن القيام به خارج المكتب.
6. أصبحت المؤسسات صغيرة متوزعة على الأماكن التي تحتاجها.
7. بدأ الناس يشعرون بأن يوم العمل التقليدي المعتمد على الساعة لا يصلح لهم فبدت الرغبة في تصبح العمل حسب رغبة العامل.
8. زيادة للإنتاج للاستهلاك الشخصي والإنتاج حسب الطلب مما يجعل السوق تنحسر عن الحياة.
9. الدولة في العصر المعلومي يجب أن تتحول إلى مكاتب خدمات وتسهيلات لا للتسلط.
الاقتصاد الحديث
بعد الاعتماد على الحاسوب يستطيع المصنع أن ينتج على حسب الطلب نوعاً وعدداً فالأمر لا يقتضي سوى مد الحاسوب بالمعلومات المطلوبة فيصنع لك ما تريد وبذلك يصبح التسليم فردياً وطلب السلع بالمسرة مما جعل السوق صغيرة على شكل قطاعات صغيرة دائمة التغيير.
فأصبحت الوساطة بين المنتج والمستهلك لا تحتاج إليها كثيراً وذلك أن المصنع الإلكتروني الشخصي يخدم الشخص مباشرة فيصنع لنفسه ما يزيد ويقدم الروبوت للإنسان الخدمات التي يقدمها له إنسان آخر.
الآلات الذكية تقدم لك ما تريده حسب الطلب وهذه الآلات الذكية تبرمج المادة الخام نفسها فتجعلها لك كما تريد.
العامل على المصنع الحديث يعتمد على المعلومات والخيال وهذا يستدعي ترك اقتصاد القطاع الخاص أو الحكومي والأخذ بالتعاونيات الإلكترونية أو التعاون على أساس عائلي أو أي أساس فتصبح كل جماعة تدير نفسها بنفسها.
الاقتصاد الحديث يقبل على مزيد من القوى العاملة العقلية وهذا ما يوفره الروبوت والتسيير الذاتي (أوتوماشين Auto Machine) بمثل ما أحللنا الطاقة حل العمل اليدوي ، نحن الآن نبدأ في إحلال المعلومات (بمعناها الواسع) لحلها معاً.
إننا نتحول إلى نظام إنتاج قائم على المعلومات ويتنوع إلى حد كبير جداً وفقاً لطلب المستهلك نفسه الأمر ينسحب على التوزيع ، بالنسبة للبضائع والخدمات أما بالنسبة للعائلة فإنها تتحول من النووية إلى أسرة الأطفال فيها أحد الوالدين فقط.
أما بالنسبة للشركات والمؤسسات الكبرى فإنها تتحول من البيروقراطية إلى وحدات أصغر متنوعة داخل إطارات مترابطة.
أما بالنسبة للاتصالات فإنه يعتمد على الأنثرة والأنثرة تؤدي إلى التحول من عصر الإعلام الجماهيري إلى عصر الإعلام الشخصي.
أن السبب في التغير في الظواهر الاجتماعية هو عمل الناس على حدوثها.
معالم المستقبل القادم
المجتمع القادم يتميز بالتنوع الشديد وعدم الخضوع للتوحيد القياسي ينفرط فيه الجم الغفير من الجماهير إلى جماعات صغيرة والجماعات الصغيرة تنفرط إلى أفراد ويتحول الإنتاج من إنتاج على نطاق واسع إلى إنتاج حسب الطلب لأن المصنع الإلكتروني لديه القدرة على تلبية طلبات المستهلكين في المستقبل بإذن الله سوف تقل فيه المداخن وتختفي منه ظاهرة العمال الذين يؤدون عملاً متكرراً والذين يرتدون زياً واحداً ويذهبون في واحد إلى العمل ويسهل أن يحل بعضهم محل بعض في المستقبل بإذن الله سوف يختفي السوبرماركت ويحل محله التسويق على حسب الطلب الشخصي.
وفي المستقبل سوف تنهار وسائل الإعلام الجماهيري بعد ظهور الأنثرة وسوف تؤدي الأنثرة إلى فشل الإدارة المركزية والتخطيط المركزي ويصبح الحل أن تدخل المشاركة في اتخاذ القرار بحيث كل مجموعة تدير نفسها مع التنسيق بين المجموعات التنوع في النظامين الاجتماعي والاقتصادي يجعل الإدارة المركزية غير صالحة وإنما يصلح لذلك توزيع عبء القرار والذي يملك القرار هو المدير فيمكن أن يشارك الموظفين المدير في القرار.
الملكية:
في العصر الزراعي كانت الملكية التي يعول عليها هي الأرض في العصر الصناعي الملكية التي يعول عليها ملكية وسائل الإنتاج .. خطوط التجمع والمصانع وأخذت الملكية في الدول الصناعية الرأسمالية صورة ملكية المساهمة أو المشاركة والتي تحمل فيها قطعة من الورق ، وتعتبر هذه القطعة تحرير رمزياً للواقع إذ ترمز إلى جزء من مبني أو جانب من آلة.
وفي الدول الاشتراكية انصرفت الملكية إلى الدولة ويعتبر أي مواطن يمتلك نصيباً في اقتصاد الوطن يساوي قدر ثروة الوطن مقسماً على عدد مواطنيه والملكية عبارة عن أشياء ملموسة ، آلات ومعدات ومبانٍ، ما في العصر المعلومي فتعتبر المعلومات الملكية الأساسية والملكية الأساسية لا تلغي الأرض ووسائل الإنتاج.
والمعلومات ليست مادية فالذي يملك المعلومة لا يملك أرضاً ولا آلات داخل المباني والمعلومات رمز لرموز أخرى داخل عقول الناس، وتتميز ملكية المعلومات بأنها لا نهائية أي استخدامها يكاثرها.
السياسة في العصر المعلومي
إن الأنثرة والفضائيات تجعل المعلومات لا تقف حواجز أو موانع ولا تستطيع الرقابة والسيطرة عليها إذ يمكن لأي فرد أن يستعمل الأنثر دون تدخل أجهزة الدولة.
في العصر الصناعي الهم الأول هو كيف نصنع الأشياء وفي العصر المعلومي الهم الأول : كيف ندير الأشياء وكيف نسخرها من أجلنا وهذا يقتضي المزيد من المعرفة عن المعرفة.
إن انتهاء نظام المصنع التقليدي والتحول إلى الإنتاج والتوزيع غير الجماهيري وغير النمطي يقود إلى حركات سياسية غير متوحدة ومتنوعة إلى أقصى حد.
الديمقراطية وظيفة من وظائف المعلومات واتخاذ القرارات في المجتمع وما السياسة إلا مجرد نظام لاتخاذ القرارات أنها نوع من النشاط المسرحي إنها مباراة وهي بشكل من أشكال الاعتقاد والقرار السياسي يخص الكل أو الأغلبية أو الجماعة المتعلق بها القرار وما حك جلدك مثل ظفرك فتولي أمرك بنفسك.
إن الأنثرة ستجعل الناظوم الشخصي يحل محل صندوق الانتخابات مما ينتج لكل الإنتاجين المشاركة في الانتخابات والاقتراح والاستفتاء في كل القرارات ويصبح السواد الأعظم صاحب القرار لحديث : (اتبعوا السواد الأعظم).
العنصر
عندما أصبح الإنسان الآلي يحل محل الإنسان في العمل لا يصبح المفاضلة بين الناس على أساس جسدي مادي بل أصبح الإبداع والاكتشاف والاختراع واستعماله لمصلحة الإنسان هو مقياس التفاضل.
الأنثرة تجعل الشخص يتأمل كل الثقافات والأفكار ولا ينتمي إلا ما يقنعه ويصبح الإنسان أخيه في القرية الإلكترونية فالخير ما ينفع الإنسان بصرف النظر عن أي اعتبار آخر والجمال هو كل ما يدخل السرور والسعادة إلى نفس الإنسان في أي مكان دون أن يكون على حساب أي إنسان والتنوع عند ابن القرية الإلكترونية هو مصدر إثراء وليس مصدر تفاضل إنما الفاضل بالعمل على إسعاد الإنسان وجعل القرية الإلكترونية أكثر أمناً ورخاءً .
سوف يحل حوار الأفكار بواسطة الأنثرة بدلاً من فرضها فلا تفاضل بين الناس بما يبدعون من أجل إنسان أكثر علماً وصحة ورخاء وسعادة.
في القرية الإلكترونية الناس سواسية كلهم لآدم وأدم من تراب لا فرق بين أحد إلا بقدر خدمة الإنسانية.
الاقتصاد الإسلامي
الاقتصاد الإسلامي يؤمن بالملكية الخاصة والملكية العامة وملكية الدولة، أما عن مبدأ الحرية في الإسلام فهو المباح والأصل في الأمور الإباحية.
الظواهر الاجتماعية نابعة من حاجات الإنسان نفسه والإنسان هو القوة المحركة للتاريخ لا شيء آخر.
العمل هو أساس لتملك العامل لعمله وفقاً لقاعدة العمل سبب للملكية والعمل أداة للتوزيع إلى جانب الحاجة والأشياء التي يدخل فيها العمل البشري تدخل فيها الملكية الخاصة أما الأشياء التي لا دخل للعمل البشري فيها كالطاقة الحفرية والخارج من الأرض والمعالم السياحية.
المبادلة:
المبادلة لها شكلان المقايضة والنقد.
الأرض:
المواد الطبيعية منها ما يستعمل دون تدخل من الإنسان ومنها ما يستعمل بتدخل الإنسان فما يستعمل دون تدخل فهو ملكية عامة وما يستعمل يتدخل فهو من اختصاص الملكية الخاصة لحديث (من أحيا أرضاً معينة فهي له).
الثروات الطبيعية تعد ملكاً للأمة فدخلها للصرف.
النظرية العامة لتوزيع ما قبل الإنتاج
العامل الذي يمارس شيئاً من ثروات الطبيعة الخام يملك نتيجة عمله وإذا زالت الفرصة سقط حقه في المال وإذا كانت في حيازته قائمة فإنه لا حق للغير اغتصابها منه أما النظرية الإسلامية العامة للتوزيع ما بعد الإنتاج تعتبر الثروة التي تنتج من الطبيعة الخام ملك للإنسان المنتج وحده ـ العامل ـ أما وسائل الإنتاج المادية التي يستخدمها الإنسان في عملية الإنتاج من أرض ورأس مال وتختلف الأدوات والآلات فلا نصيب لها من الثروة المنتجة نفسها وإنما يكافئ صاحبها.
الإنسان في نظر الإسلام غاية الوسائل وليس وسيلة من الوسائل ، إن النظرية الإسلامية ما بعد الإنتاج إنما تمنح الإنسان العامل كالثروة التي أنتجها إذا كانت المادة الأساسية التي مارسها العامل في عملية الإنتاج ثروة طبيعية لا يملكها فرد آخر كالخشب الذي يقتطعه العامل من أشجار الغابة أما إذا كانت المادة الأساسية التي مارسها الإنسان في عملية الإنتاج ملكاً أو حقاً لفرد، فإن المادة قد تم تمتلكها في توزيع سابق الإسلام يفصل الملكية عن القيمة التبادلية للكسب لا يمسح به في نظرية ما بعد الإنتاج في الإسلام إلا على أساس العمل المنفق، والعمل المنفق نوعان: عمل مباشر يوجد وتنفق في وقت واحد كعمل الأجير وعمل منفصل مختزن يوجد بصورة مسبقة وينفق خلال انتفاع المستأجر به كالعمل المختزن في الدار أو أداة الإنتاج الذي ينفق ويستهلك خلال سكن المستأجر فيها والانتفاع بها، وملكية رأس المال النقدي ليست مصدراً للكسب، ولأجل ذلك كان الفرض بالفائدة محرماً لأن الفائدة لا تقوم على أساس عمل منفق.
إن الربح الذي يحصل عليه المالك نتيجة لإتجار العامل بأمواله مبرره ملكية صاحب المال للسلعة التي أتجر بها العامل، فإن هذه السلعة وإن كانت قيمتها تزداد غالباً بالعمل التجاري الذي يفقه العامل عليها، من نقلها إلى السوق وإعدادها بين أيدي المستهلكين ، ولكنها تبقى مع ذلك ملكاً لصاحب المال لأن كل مادة لا تخرج عن ملكيتها لصاحبها بتطوير شخص آخر لها.
حرم العمار لافتقاد عنصر العمل التجارة نوع من الإنتاج والعمل المثمر ومكاسبها يحتم الإسلام على الإنتاج الاجتماعي أن يوفر إشباع الحاجات الضرورية لجميع أفراد المجتمع باتباع كمية من السلع القادرة على إشباع تلك الحاجات الحياتية، بدرجة من الكفاية التي تسمح لكل فرد بتناول حاجته الضرورية منها، ما لم يتوفر مستوى الكفاية والحد الأدنى من السلع الضرورية ، لا يجوز توجيه الطاقات القادرة على توفير ذلك إلى حقل آخر من حقول الإنتاج، فالحاجة نفسها ذات دور إيجابي في حركة الإنتاج، بقطع النظر عن القدرة الاقتصادية لهذه الحاجة ورصدها النقدي.
ويحرم الإسلام الإنتاج الفائض ويوجب تقديم إنتاج الضروريات وتوفير على الكماليات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق