الاثنين، 9 يناير 2012

التعامل
التعامل يتم بالتراضي فلا يجوز ترك فرض أو فعل حران فلا بد أن يكون المتراضى عليه حلال ونافع والذي تتعامل معه لا بد أن يكون مكلف، وإن كان المتراضى عليه مالاً فلا بد أن يكون حلالاً نافعاً ومقدور على سليمة ، والغش حرام لأن الغش يخل بالرضى قال صلى الله عليه وسلم ( من غشنا ليس منا ) رواه مسلم .
الإنسان يطلب الأشياء لتشبع حاجاته وعلى الدولة أن تضع في خطتها إشباع الحاجات الضرورية للمواطنين وهذا ما يسمى بقروض الكفاية وطلب إشباع الحجات فرض على كل مسلم قال تعالى : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات وأعملوا صالحاً ) والطيبات ما يشبع حاجات الناس والعمل الصالح هو ما يجعل المجتمع مرقها والعمل الصالح هو الطيب والطيب وهو ما فيه خير الناس وما فيه خير للناس هو النافع وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض . قال صلى الله عليه وسلم ( يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيب ) رواه مسلم .
وعكس الصالح والطيب الخبيث الباطل ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) البقرة 188. والطيب تقاس طيبته بمدى نفعه للإنسان والخبيث والباطل يقاس خبيثه بمدى ضرره للإنسان وخطورته، والله سخر الأشياء للإنسان كي يستعملها فيما ينفعه ولا يجوز استعمالها فيما يضره.
والأشياء الموجودة في الطبيعة كالمعادن والتي هي للناس على المشاع تستثمر للانتفاع على إشباع على حاجات المجتمع ولإقامة مشاريع الرفاهية والإسلام يدعو إلى المدينة التي تشبع حاجات الناس بشكل منظم قال صلى الله عليه وسلم : (من سكن البادية جفا ، ومن تبع الصيد غفل ، ومن أتى السلطان افتتن) حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي والنسائي وأحمد.
والتعامل تحسن يتم بحسن الخلق وحسن الخلق يجلب الإلفة والإلفة يجلها التحابب والتوافق وسوء الخلق يجلب التباغض والتدابر، قال صلى الله عليه وسلم (ما من أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن ) رواه الترمذي بسند صحيح.
(أن أحبكم إلي وأقربكم مني مجالساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً وأن أبغضكم إلي وأبعدكم عني مجلساً يوم القيامة مساويكم أخلاقاً ) وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فقال : (تقوى الله وحسن الخلق) والذي يثمر الحب بين المسلمين الحب في الله ، والذي يثمر البعض بين المسلمين البغض في الله لحديث : (أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله ) والأخلاق الإسلامية تقوم على الحب في الله وهو يفعل الخير لأن الله لا يقبل طيباً والمؤمن غرضه من الحب هو نيل حب الله فهو لا يطلب إلا ما يحبه الله وينتقد عما يكرهه الله لحديث: (حقت محبتي للمحتاجين وحقت محبتي للمتباذلين في ، وحقت محبتي للمتزاورين في) والمحبة تجعل الإنسان يميل إلى قضاء حوائج من يحب من الناس من غير سؤال وتقديم حوائج من تحب على نفسك، فتجدك تسكت عن ذكر عيوبه وعن الرد عليه ومماراته ومناقشته ، عن السؤال عما يكره ظهوره من أحواله، ولا يسأله إذا لقيه إلى أين ؟ فربما لا يريد إعلامه بذلك ، وأن يكتم سره ولو بعد القطيعة ، ولا يقدح في أحبابه وأهله ، ولا يبلغه قدح غيره فيه ، ولا يسكت عن عيوبه الخطرة ، والحبة يدعوك إلى طلب المعاذير والكف عن طلب الزلات، قال صلى الله عليه وسلم (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث) ، وسوء الظن يدعو إلى التجسس ، والحب يدعوك إلى أن تحب لمن تحبه كما تحب نفسك في الخير، ويدعيك الحب أن تستر العيوب، قال تعالى: ﭧ ﭨ ﭽ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﭼ المطففين: ٢ – ٣، نشأ الحقد والحسد كشف العيوب والتفاخر والتكبر والعجب والاحتقار قال صلى الله عليه وسلم (حسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه).
والمحبة تدفع إلى السكوت عن المكروه والنطق بالمحبوب ، والمحب ننتظر من حبيبه الفائدة لا المضرة وينتظر منه التودد وتفقد أحواله والانشغال بأحواله، وإبداء السرور بما يسره وفي الصحيح من رواية الترمذي (إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه) والمحب تجده يسلم عليه إذا لقيه ويوسع له في المجلس، ويدعوه بأحب الأسماء إليه، وتمدحه بالصدق، وتدخل السرور عليه وتبلغه ثناء من أثنى عليه، وتشكره على صبغة في حقك، وانتدب عنه في غيبته إذا قصد بسوء لحديث : (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه) وحبك لأخيك يدعوك أن ندعو له دائماً قال صلى الله عليه وسلم (دعوة المرء المسلم لأخيه يظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك ، موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به آمين ، ولك بمثل؟ والحب يدعو إلى الوفاء والوفاء اعتبار الصداقة عهد في زيادة المودة لا العمل إلا انقاصها بتغير المعاملة إلى أسوأ مما كانت عليه من قبل، والوفاء يعتمد على تحسين الصورة لا تقبيحه عن المحبوب، ومن الوفاء أن لا تسمع بلاغات الناس على صديقك ولا تصادق عدو صديقك، والوفاء يدعوك أن لا تتكلف لأنه من سقطت كلفته دامت إلفته، وذلك يقتضي أن ترى محبوبك عليك لا لنفسك عليه فتقول نفسك معه منزلة الخادم المحبة تدعو أن تسلم عليه إذا لقيته ، وتجيبه إذا دعاك، وتشمته إذا عطس وتعوده إذا مرض وتشهد جنازته إذا مات ، وتبر قسمة ، وتتضح له إذا استنصحك ، وأن لا تؤذيه بقول أو فعل ، وإن تتواضع له، وتحفظه يظهر الغيب إذا غاب ، وتحب له ما تحب لنفسك ، وتكره له ما تكره ، لنفسك والحب يدعو إذ كف الأذى واحتمال الأذى والمرفق وابتداء الخير، ويبدأ بالسلام ولا يطيل معه الكلام ، ويعوده في المرض ، ويعزه في المصيبة ويهنئه في الفرح ، ويصفح من زلاته ، ولا يتجسد عليه ولا يضايقه، ويستر ما انكشف من عيوبه ولا يتسع عليه كلامه ، ويتفقد حوائجه ويلاحظ حوائج أهله.
والحب يدعو المواصلة عند القطيعة لحديث: (ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل إذا قطعت رحمه وصلها) رواه البخاري.
قال رجل يا رسول الله أن قرابة أصلهم ويقطعوا لي وأحسن إليهم، وأحسن إليهم ويسؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، قال الئن كنت كما قلت ، فكأنما تسفهم المل ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك) والمعنى أنك منصور عليهم ، وقد انقطع احتجاجهم عليه بحق القرابة ، كما ينقطع من سفهم بالملل، وهو الرماد الحار أما الولد فيجب أن يحسن اسمه ويعق عنه، فإذا بلغ سبع سنين، أمره بالصلاة، فإذا بلغ زوجه، أما الخادم فيطعمه مما يعظم ويكسوه، ولا يكلف ما لا يطيق ولا ينظر إليه بعين الازدراء، وأن يعفو عن زلله، وليذكر الله عن زلل نفسه ، فيعفو رجاء أن يعفو الله تعالى عنه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق