الاثنين، 9 يناير 2012

الفلسفة:
هي الحكمة والفيلسوف هو الحكيم ، الفيلسوف يندهش فيبدأ يشك في معارفه النمطية حتى يثبتها إثباتا يقنعه فهو يستعمل حواسه استعمالا جيدا ويستعين بالمسلمات العقلية ،والحقائق العلمية كمنطلقات للاستنتاج ،وموضوعات تفكيره الحقيقة وهي البحث عن الحقيقة والبحث عن الحقيقة عمل العقل والحقيقة مطابقة التصور للواقع الخارجي بواسطة الملاحظة والتجربة، ومطابقة التصور للواقع الذاتي وهو وصف أحوال النفس الوجدانية وهو من اختصاص فلسفة الجمال ،ومطابقة العقل لأفكاره من جهة أنه عدم تناقض أفكاره والحقيقة نظر العقل إلى ما
هو كائن من جهة وصفه فالبحث في الحقيقة من اختصاص نظرية المعرفة، وهو ما يسمى بالعقل النظري.
والموضوع الثاني للفلسفة هو البحث في الناحية العملية من الإنسان ونظر العقل إلى ما ينبغي أن يعمله الإنسان والذي ينبغي أن نعمله الإنسان هو الخير وهو نفع الإنسان لأخيه الإنسان وهذا ما يسمى العقل العملي والعقل العملي ينظر إلى كل شيء على أنه وسيلة لنفع الإنسان هو الغاية من استعمال الأشياء.
والموضوع الثالث هو نظر العقل إلى ما ينبغي أن يعمله الإنسان والذي ينبغي أن يعمله الإنسان هو الخير، وهو نفع الإنسان لأخيه الإنسان ،وهو تسخير الفكر والأشياء لمنفعة الإنسان وهذا ما يسمى العقل العملي والعقل العملي ينظر إلى كل شيء على أنه وسيلة لنفع الإنسان والإنسان هو الغاية من استعمال الأشياء.
والموضوع الثالث هو نظر العقل إلى ما ينبغي أن يكون وما ينبغي أن يكون هو بلوغ الشيء إلى كماله ،وبلوغ الشيء إلى كماله يجعل الإنسان يشعر بالجمال وهو الشعور بالبهجة ،فذلك شعور مفطور عليه الإنسان بطبعه.


تبحث الفلسفة في القيم الثلاثة :
قيمة الحق وهي مجال علم المنطق.
قيمة الخير : وهي مجال علم الأخلاق.
قيمة الجمال : وهي مجال علم الجمال.
علم المنطق:
المنطق علم معياري، وهو العلم الذي يستقصي المبادئ العامة للفكر الصحيح ،فالمنطق يعلمنا القوانين التي تمكننا من أن نفكر تفكيرا سليما.
إن التفكير الصحيح يقوم على قوانين ثلاثة عرفت باسم قوانين الفكر وهي:
1- قانون الذاتية ويعبر عنه بأن (أ) هي (أ) أي حقيقة الشيء لا تتبدل ولا تتغير وبناء على هذا المبدأ قالت الفلسفة بفكرة الجوهر الذي لا يتغير وأعراضه تتغير.
2- قانون عدم التناقض ويعبر عنه بأن (أ) لا تكون (أ) ولا (أ) في نفس الوقت ونفس الجهة أي يستحيل حمل الجوهر صفة وعدم حملها في نفس الوقت وبنفس المعنى فالعرض لا يمكن أن يكون ولا يكون في نفس الوقت.
3- قانون الثالث المرفوع : ويعبر عنه بأن (أ) إما أن تكون (أ) أو لا (أ) النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان معا.

فروع الفلسفة:
الفلسفة موضوعها الإنسان ، فالإنسان فيه ناحية عقلية يختص بها المنطق وناحية عملية يختص بها الأخلاق، وناحية وجدانية شعورية يختص بها الفن. فالعلوم تختص بالوجود،فكل علم يختص بجانب خاص من الوجود أما الفلسفة فتختص بالجانب العام من الوجود ،والوجود العقلي من اختصاص علم المنطق ،والوجود النفسي من اختصاص علم النفس وعلاقات الإنسان بأخيه الإنسان من اختصاص علم الاجتماع ،وعلاقة الإنسان بالكون من حيث تسخيره للخير والشر من اختصاص علم الأخلاق ،وعلاقة الأشياء من حيث استمتاعه بها ،فهو من اختصاص علم الجمال. أما الوجود الغيبي ،فهو من اختصاص الوحي ، العلوم الإنسانية هدفها سعادة الإنسان أينما كان.

التحليل:
التحليل يعني بصفة عامة تجزي وتفتيت إلى مكوناته إلى عناصره ،ووحداته الأولية التي يتألف منها أو هو النفاذ إلى الوحدات النهائية التي محل الموضوع قيد البحث ، والتحليل عملية عقلية نريد بها الوصول إلى عناصر ووحدات أي موضوع ، تلك العناصر والوحدات التي تكون أولية ،والتي تقبل التحليل إلى أبسط منها وبواسطة التحليل اكتشفنا فكرة الجوهر (الفرد) العيني الشيء وبالتحليل نرد الأشياء إلى فئات ورد المعنى إلى ألفاظ. العالم خارجنا جواهر مترابطة ،والعالم من داخلنا روح تربط الأفكار ربطا منطقيا يكشف عن الترابط الخارجي للأشياء.
يحلل العالم إلى جواهر منفصلة ومستقلة بعضها عن بعض، ولكنها مترابطة بعلاقة السببية . الجوهر لا ينحل إلى ما هو أبسط منه، وهو متصل لا ينفصل عن نفسه ولا يضاف إلى غيره، ولكنه يتبادل التأثير مع غيره ،فيصبح متغير مستقل ومرة متغير تابع.
الجوهر يطلق عليه لفظ التعريف به، وهذا اللفظ يدل على عين يتعرف عليها من خلال صفاتها المحددة لها والموصوف (الجوهر) ثابت لا يتغير لأنه لا يكون غير نفسه.
كل موجود جوهر وكل جوهر شيء ،وكل شيء إذا عرفناه سميناه والله تعالى علم آدم الأشياء ، والشيء مفرد والمفرد يشار إليه بكلمة مفردة واحدة والأشياء ثابتة وصفاتها متغيرة وغير ثابتة، والأرواح باقية للأبد وخالدة إلا أن الله يبدل صفاتها يوم القيامة ،ويجعلها في الجنة طائعة لرغبة أهل الجنة.




المذاهب الفلسفية:
يقول المذهب المادي: إن الروح صورة من صور المادة التي تتميز بالقوة والتنوع والحركة ،والحياة والتفكير ليست المشاعر إلا وظائف الأعضاء ،والتفكير وظيفة المخ كما أن الذوق وظيفة اللسان ،فالمخ يفرز التفكير كما تفرز الكبد الصفراء وتهضم المعدة الغذاء ،وعلم النفس هو علم وظائف الأعضاء إذ أن الإنسان ليس إلا مجموعة أعصاب ، وما العقل إلا الجسم منظورا إليه من ناحية بعض وظائفه حيث كل شيء في الوجود يمكن تفسيره بالمادة، والحركة فهما أوليتان أبديتان تتحكم فيهما قوانين ضرورية ،وليس للطبيعة غاية أو هدف تعمل على تحقيقه والدليل على ذلك أن التجربة لا تكشف إلا عن وجود الجسم وأعضائه، ووظائف أعضائه.
الإنسان يدرس دراسة معملية خاضعة للملاحظة ،والتجربة والإنسان مؤلف من جملة مواد جمعت وخلطت بعضها بالبعض الآخر بنسب صحيحة وطريقة دقيقة ،ويرد المذهب الروح على المذهب المادي أن شخصية الإنسان تتجاوز الوصف المادي لمختلف أجزائه ،والإنسان كل يضم جميع أجزائه ويبدو شيئا مستقلا عنها وأسمى منها.
المسائل الفلسفية:
تنتزع المسائل الفلسفية من مسائل العلوم أي يقوم العقل بتكوين مفهوم كلي لمجموعة من الأشياء بعد أن يميز بين صفاتها المشتركة،ثم تنشيء من هذه الصفات المشتركة مفهوما ذهنيا كليا يصدق على جميع هذه المجموعة ،فالإنسانية مفهوم منتزع من الصفات المشتركة التي تجمع بين أفراد البشر.
الفلسفة تحاول أن تنتقل من الأثر إلى المؤثر ، فالفلسفة تمثل البعد الأعمق للحقيقة العلمية وبالتالي تكون الفلسفة البعد المكمل للحقائق العلمية، فالعلم والفلسفة يكونان صورة واحدة للعالم منسجمة متدرجة الحقيقة من المادي المحسوس إلى الباطن المجرد ،فالفلسفة تنتقل من الظاهر العلمي إلى الباطن الفلسفي.
الرؤية التكاملية بين العلم والفلسفة:
الفلسفة تبدأ من حيث انتهى العلم ، فالفلسفة تكشف استقلالية الواقع استقلالا تاما عن الفكر، فليس الفكر جزءا من الواقعية المادية لهذا العالم ، والفكر ليس له تأثير في الواقع الطبيعي، والفكر محاولة محايدة للوصول إلى الواقع كما هو وقد يصعب التخلص من تأثيرات الواقع على المفكر ،والفكر مستقل عن الواقع وليس جزءا منه، والفكر ينطلق من المسلمات العقلية الضرورية للفكر
الإيمان:
الإيمان هو التصديق الجازم ،والإيمان هو معرفة شيء غير محسوس. والمعرفة هي أفكار في عقلي الخاص ،والمفكر فيه خارج العقل أو داخل العقل هو التفات العقل إلى أفكاره أو التفاته إلى المشاعر الذاتية أو يلتفت العقل إلى السلوك الإنساني، والمعرفة إشارة إلى واقعية الشيء إزاء العقل ، والواقع هو المعروف المستقبل عن العارف والمعرفة ،ولغة المعرفة والمعروف لا يتغير إذا تغير أصبح غير نفسه ولكن صفاته تتغير بالأسباب الواقعة عليه، وعملية المعرفة لا تؤدي إلى تغير يطرأ على المعروف، والمعرفة مباشرة بلا وسيط وفوريا. المعروف له وجود مستقل عن الذات ،وله كيان ليس مقيدا بأي قيد مع الذات ،فهناك نظام للأشياء والعلاقات يوجد مستقلا سواء أدركه العقل أو لم يدركه.
إن المعارف موجودة خارجنا على شكل كيانات مستقل بعضها عن بعض كما أنها مستقلة عن العارفين ،وإن وجدت علاقات سببية ،فيما بينها وتقلل المعارف خارجنا صور ذهنية على شكل كليات ،والكليات لها وجود في العيان ومثال في الأذهان، والفئات لها وجود خارجي كما لها وجود ذهني يشير إليها.
إن الأفكار مجردة مستقلة عن الأعيان الشبيهة بها. والحقائق الأخلاقية والجمال حقائق مطلقة نهائية، والحقائق مطلقة والخير مطلق والجمال مطلق. والعالم أصله محايد. والذات هي العارفة وهي تعرف الموضوع.

العقل:
يعرف العقل الأشياء بواسطة المقارنة وعلى أساس المشابهات يمكنه أن يكون المفاهيم بحيث يقارن بين المعلوم والمجهول.
كل شيء يشبه أي شيء بأنه موجود ،وكلما ازداد الشبه اتسعت المعرفة ،فبقدر ما يتسع محيط الدائرة بقدر ما يصبح الخط المنحني مشابها للخط المستقيم وصولا إلى النهاية حيث يتماثل الخطان يشبه العقل واضع لصورة العالم ،فبهذا يقدم خريطة للعالم استنادا إلى معلومات (إدراكات) فهو يتعرف على العالم بواسطة هذه الخريطة. والعلم والتقنية ،وسيلتا الحضارة لخلق الرفاهية الإنسانية أي تسخير العلم والتقنية لخير البشرية ،وذلك جعل الأخلاق هي الموجه للعلم والتقنية.
الفلسفة تنظر إلى الإنسان كمواطن عالمي يسكن وطنا واحدا هو الكرة الأرضية ،ويحمل جنسية واحدة هي الإنسانية . افتراض وجود العقل يستلزم وجود وعي الذات ،والذات كي تعي لابد أن تكون موجودة ،وقد يكون الشيء موجود ولا يعي وجود وكي يعي وجوده لابد له من عقل يعي الذي في خارجه والذي في داخله ، والوعي ينصب على ما نعيه، والذي نعيه الأشياء خارجنا والمشاعر داخلنا ولابد من نقل المعلومات باللغة، فالاسم يدل على ذات عينية أو فكرة عن شيء أو قوانين تنظم علاقة الأشياء ببعضها بعض.
يجب التعبير عن الأفكار باللغة ،والاسم بحد ذاته يشير إلى الجوهر والجوهر لا يخضع للامتداد وإلا كان خاضعا للتجزئة، والجواهر هي عناصر الأشياء وهي إذن ذرات الطبيعة الحقة ،وهي لا شكل لها وإلا كان ذلك مما يفترض القابلية للقسمة، ولا يمكن للجواهر أن تخضع للتوالد ولا للفناء وهي فردية ،فلا تتماهى مع أخرى باعتبارها ماهية قائمة بذاتها ،فإنه لا منفذ لها فلا يمكن لأي جوهر أو لأي تحديد أن يخرج منها أو أن يجد له تأثيرا فيها.
الجوهر يتحرك حركة جوهرية مما يجعله يغير صورته ( صفته) وهذه الصفات والحالات هي معلومات (برامج برمجها الله في الجوهر). وهذه البرامج تشير إلى علاقة الجوهر الأخرى في العالم تماما كالنقطة التي نجد فيها عدد لا حصر له من الزوايا، فالله جعل الجواهر تعمل بالتوافق بعضها مع بعض ،فالله هو الذي برمج الجواهر ، فالله هو الذي خلق التناسق بين الجواهر، والله أوحى إلى الرسل بالإسلام كي يجعلوا غاية السياسة الرفاهية العامة.

المذهب الروحي:
المذهب الروحي يفسر الموجود بالروح وحدها ،وذلك المادة لا تفكر ولا تشعر والروح هي مصدر الظواهر المادية والبدنية ،ونحن ندرك طبيعة الأشياء بالحواس وإنما ندركها بالتفكير المجرد وحده، فالإنسان يسلم فطريا بوجود شعوره وعقله ،والإنسان يسلم فطريا بوجود عالم معنوي سواء كان فكرا أو شعورا.
إن وحدة الظواهر النفسية تستلزم أن مصدرها الروح ، والروح مخلوقة كانت تتمتع بوجود سابق على وجودها في عالم الذر قال تعالى : ( وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم : ألست بركم ، قالوا : بلى شهدنا : أن تقولوا : يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ) [الأعراف: 172] ، (ولقد خلقناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا ) [الأعراف: 11].



الموضوع الفلسفي:
تبحث الفلسفة في الموضوعات ذات الطابع الكلي والشمولي، فموضوعها الأساس مطلق الوجود وأحكامه ، ويدور البحث الفسلفي في واقعية الوجود من عدمه أي هل الأشياء لها مصاديق حقيقية في الخارج ـ الحقائق ـ أم لا ـ أما العلم ،فيرصد الظواهر الطبيعية ويدرس أسبابها والعلاقات التي تربط مختلف أجزائها ، فتربطها بالظواهر الأخرى.
الفيلسوف يتساءل هل للأشياء وجود واقعي في الخارج أم لا ؟ وهل وراء الأشياء وجود أعمق ؟ الفلسفة تدرس الوجود الأعم : أعم من أن يكون ماديا هل هو وجود واجبا أم ممكنا أم قديما؟.
المنهج العلمي:
يقوم المنهج العلمي على المنهج التجريبي، ويقوم المنهج التجريبي على الخطوات التالية: الملاحظة ، الفرضية ، التجربة ، القانون ، أو النظرية ويعتمد المنهج التجريبي على الاستقراء ،والاستقراء قائم على قاعدة عقلية : تتشابه النتائج عند تشابه الأسباب. أي النتائج المقدمات في صدقها ،وكذلك لأن النتائج مستوعبة في المقدمات مثال المقدمة التي تقول: (كل إنسان عاقل تنطبق على كل الناس وذلك أن كل إنسان فرد يصدق عليه وصف العاقل).
هدف الفلسفة:
هدف العلوم الطبيعية هو معرفة القوانين الغيبية، وتسخيرها لخدمة الإنسان ورفاهيته ، والهدف من الفلسفة الوصول للحقيقة الكلية للوجود. وذلك أن العلوم الطبيعية موضوعها البعد المادي من الإنسان ، أما الفلسفة ،فموضوعها البعد الروحي من الإنسان، فلذلك تبحث في عالم الذر وعالم البرزخ والعالم الأخروي. وليس في خلق الرحمن من تفاوت لأن خالقه الله وحده.

الإدراك :
الإدراك ليس بذاته مادة ، ولا هو ظاهرة بعضو مادي كالدماغ ، أو منعكسة عليه لأنه يختلف في القوانين التي تسيطر عليه ، عن الصورة المادية المنعكسة على العضو المادي ،فهو يملك من الخصائص الهندسية ـ أولا ـ من الثبات ـ ثانيا ـ ما لا تملكه أي صورة مادية منعكسة على الدماغ ، إن الصورة، والإدراكات تجتمع أو تتابع كلها على صعيد الإنسانية المفكرة، وليست هذه الإنسانية المفكرة شيئا من المادة كالدماغ أو المخ ، بل هي درجة من الوجود مجردة عن المادة (الروح).
إن الإدراكات والصور العقلية ، ليست مستقلة في وجودها عن الإنسان وليست حالة أو منعكسة في المخ ، وإنما هي ظواهر مجردة عن المادة بالجانب اللامادي من الإنسان (الروح) ،وهي التي تفكر وتدرك لا المخ ، وإن كان المخ يهيئ شروط الإدراك للصلة بين الجانب المادي والروحي من الإنسان ، المبادئ المنطقية والرياضية وغيرها من الأفكار التأملية تنبع من العقل ، ولا تتكيف بمقتضيات البيئة الاجتماعية ،وإلا كان مصير ذلك إلى الشك الفلسفي المطلق في كل حقيقة ، إذ لو كانت الأفكار التأملية جميعا ، تتكيف بعوامل المحيط ، وتتغير تبعا لها ، لم يؤمن على أي فكرة ، أو حقيقة من التغير والتبدل.
إن تكيف الأفكار العملية ، بمقتضيات البيئة وظروفها ، ليس آليا بل هو تكيف اختياري ينشأ من دوافع إرادية في الإنسان تسوقه إلى جعل النظام المنسجم محيطه وبيئته ، بذلك يزول التعارض ـ تماما ـ بين المدرسة الوظيفية ،والمدرسة الفرضية في علم النفس.
الحياة الاجتماعية والظروف المادية ـ لا تحدد أفكارنا ومشاعرنا آليا عن طريق المنبهات ، والإنسان يكيف أفكاره تكيف اختياريا بالبيئة والمحيط ، فالإدراك هو السبب في إثارة المنبه لشرطي الاستجابة المنعكسة.

التصديق:
ينطوي التصديق على حكم ،ويحصل به الإنسان على معرفة موضوعية. إن المعارف الأولية وإن كانت تحصل للإنسان بالتدريج باعتبار الحركة الجوهرية والتطور في النفس الإنسانية وبذلك تزداد كمالا ووعيا للمعلومات الأولية، والمبادئ الأساسية ،فينفتح ما كمن فيها طاقات وقوى.
النفس تنطوي بالقوى على المعارف الأولية ،وبالحركة الجوهرية يزداد وجودها شدة حتى تصبح تلك المدركات بالقوة مدركات بالفعل التصور عبارة عن وجود صورة لمعنى من المعاني في مداركنا الخاصة ، فقد توجد الصورة في حواسنا فيكون وجودها كذلك مكون للإحساس بها ، وقد تكون في مخيلتنا فيحصل التخيل، وقد توجد الصورة بمعناها التجريدي العام في الذهن فتسمى تعقلا. فالإحساس والتخيل والعقل ألوان من التصور وأنحاء لوجود صور الأشياء في المدارك البشرية.
فنحن نتصور التفاحة على الشجرة بالإحساس عن طريق الرؤية ، ومعنى إحساسنا بها وجود صورتها في حواسنا ، ونحتفظ بعد ذلك بهذه الصورة بعد انصرافنا عن الشجرة في ذهننا وهذا الوجود هو التخيل ، ويمكننا بعد ذلك أن نسقط من هذه الخصائص التي تمتاز بها عن التفاحة الأخرى، ونستبقي المعنى العام منها ، أي معنى التفاحة بصفة كلية وهذه الصورة الكلية هي التعقل ، فهذه مراحل ثلاثة من التصور يجتازها الإدراك البشري ،وهو لا يعبر في كل مرحلة إلا عن وجود صورة في بعض مداركنا ، فالتصور بصفة عامة لا يعدو أن يكون وجود لصورة ما في مداركنا ، سواء أكان تصورا واضحا كالإحساس أم باهتا كالتخيل والتعقل ، وهو لذلك لا يمكن أن يشق لنا الطريق إلى ما وراء هذه الصورة التي نتصورها في مداركنا ، ولا يكفي للانتقال من المجال الذاتي إلى المجال الموضوعي ، لأن وجود صورة للمعنى في مداركنا شيء ، ووجود ذلك المعنى بصورة موضوعية ومستقلة عنا في الخارج شيء آخر ، ولذا قد يجعلنا الإحساس نتصور أمورا عديدة نؤمن بأن لها واقعا موضوعيا مستقلا ، فنحن نتصور العصا المغموسة في الماء وهي مكسورة ، لكننا نعلم بأن العصا لم تنكسر حقا من الماء ، وإنما نحسها كذلك بسبب انكسار أشعة الضوء في الماء ، ونتصور الماء الدافئ حار جدا حين نضع أيدينا فيه وهي شديدة البرودة ، مع يقيننا بأن الحرارة التي أحسسنا بها ليس لها واقع موضوعي.
وأما التصديق فهو نقطة الانطلاق من التصورية إلى الموضوعية ، والمعرفة التصديقية عبارة عن حكم النفس بوجود حقيقة من الحقائق وراء المتصور. مثل قولنا: أن الخط المستقيم أقصر مسافة بين نقطتين ، فإن معنى هذا الحكم هو جزمنا بحقيقة وراء تصورنا للخطوط المستقيمة ، والنقاط والمسافات والتصديق نتاج فعاليات النفس الباطنية المدركة.
العالم له واقع موضوعي مستقل عن وعينا وذلك اعتقاد فطري ضروري يشترك فيه الجميع ، إن انعكاسات المبادئ الرياضية في الذهن البشري كلا كانت فطرية وضرورية فهي مضمونة الصحة بصورة ذاتية ، فالحقائق الرياضية ممكنة المعرفة لا لأننا نخلقها ، بل لأننا نعكسها في علوم فطرية ضرورية.

المصدر الأساسي للمعرفة:
كيف نشأت المعرفة عند الإنسان؟
ينقسم الإدراك إلى نوعين : التصور ،وهو الإدراك الساذج والآخر التصديق ،وهو الإدراك المنطوي على حكم ، فالتصور بالمعنى الحرارة أو النور أو الصوت ، والتصديق كتصديقنا بأن الحرارة طاقة مستوردة من الشمس ، وأن الشمس أنوار من القمر، وأن الذرة قابلة للانفجار.
الذهن ينطوي على قسمين من التصورات أحدهما المعاني التصورية البسيطة كمعاني الوجود، والوحدة والقسم الآخر المعاني المركبة التي هي نتاج الجمع بين التصورات البسيطة ، فقد نتصور ( جبلا من تراب ) ونتصور ( قطعة من ذهب ) ثم نركب بين هذين التصورين فيحصل بالتركيب تصور ثالث وهو ( تصور جبل من ذهب ) فهذا التصور في الحقيقة مركب من التصورين الأولين ، وهكذا ترجع جميع التصورات المركبة إلى مفردات تصورية بسيطة ، والمسألة التي نعالجها هي محاولة معرفة المصدر الحقيقي بهذه المفردات ،وسبب انبثاق هذه التصورات البسيطة في الإدراك الإنساني.

نظريات الاستذكار الأفلاطونية :
وهي النظرية القائلة بأن الإدراك عملية استذكار للمعلومات السابعة ، وأن المعاني المحسوسة هي نفسها المعاني العامة التي يدركها العقل بعد تجريدها عن الخصائص المميزة للأفراد واستيفاء المعنى المشترك ، والمعنى المشترك نتاج عملية التجريد العقلية، واستخلاص المعنى العام منها.
النظريات العقلية :
تتلخص هذه النظرية في الاعتقاد بوجود مصدرين للتصورات أحدهما الإحساس فنحن نتصور الحرارة والنور ،والطعم والصوت لأجل إحساسنا بذلك كله ، والآخر الفطرة بمعنى أن الذهن البشري يملك معان ،وتصور لم يكن مصدرها الحس وإنما هي ثابتة في صميم الفطرة، فالنفس تستنبط من ذاتها مثل الإيمان بالله، والمعاني غير المحسوسة.
إن الإنسان لحظة وجوده على وجه الأرض لا توجد لديه أية فكرة مهما كانت ،واضحة وعامة في الذهن ، ولكن الأفكار الفطرية موجودة في النفس بالقوة وتكتسب صفة العقلية بتطور النفس وتكاملها الذهني ، فليس التصور الفطري نابعا من الحسن وإنما يحتويه ،وجود النفس لا شعوريا ، وبتكامل النفس يصبح إدراكا شعوريا واضحا، كما هو شأن الإدراكات ،والمعلومات التي سنتذكرها ،ونثيرها من جديد بعد أن كانت كامنة وموجودة بالقوة.
قال تعالى : ( والله الذي أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ) .
والنظرية العقلية على ضوء هذا التفسير لا يمكن أن ترد بالبرهان الفلسفي أو الدليل العلمي السابق.
النظرية الحسية:
وهي النظرية القائلة أن الإحساس هو الممون الوحيد للذهن البشري بالتصورات والمعاني ، والقوة الذهنية هي القوة العاكسة للاحساسات المختلفة في الذهن ، فنحن حين نحس بالشيء نستطيع أن نتصوره ـ أي نأخذ صورة عنه في ذهننا وأما المعاني التي لا يمتد إليها الحس فلا يمكن للنفس ابتداعها ،وابتكارها ذاتيا وبصورة مستقلة. وليس للذهن إلا التصرف في صور المعاني المحسوسة بالتركيب ،والتجزئة أو بالتجريد والتعميم.
نظرية الانتزاع:
تنقسم التصورات الذهنية إلى قسمين تصورات أولية وتصورات ثانوية ، فالتصورات الأولية هي الأساس التصوري للذهن البشري ، وتتولد هذه التصورات من الإحساس بمحتوياتها بصورة مباشرة. مثل تصور الحرارة بإدراكها باللمس وتصور اللون بإدراكه بالبصر ، وتصور الحلاوة بإدراكها بالذوق ، وتصور الرائحة بإدراكها بالشم ،وهكذا جميع المعاني المدركة بالحواس. وجود فكرة عن الأشياء هو الإحساس ، والذهن ينشيء التصورات الثانوية بناء على التصورات الأولية، والمفاهيم الثانوية انتزاعية يبتكرها الذهن على ضوء المعاني المحسوسة.

ينقسم الإدراك البشري إلى قسمين أ؛دهما التصور ، والآخر التصديق والتصديق هو الذي يكشف عن وجود واقع موضوعي للتصور. والمعارف الأساسية يشعر بضرورتها العقل لأنه متقين بصحتها مثل مبدأ عدم التناقض نومبدأ العلية والمبادئ الرياضية الأولية ،وعلى هذه المبادئ تقام سائر المعارف والتصنيفات فالتجارب تعتمد عليها مثل القانون الذي يعتمد على مبدأ السببية.
إن الصورة الذهنية التي نكونها عن واقع موضوعي معين فيها ناحيتان ، فهي من ناحية صورة الشيء ووجوده الخاص في ذهننا ، فالفكرة موضوعية باعتبار تمثل الشيء فيها لدى الذهن. والشيء الذي يمثل لدى الذهن تلك الصورة يفقد كل فعالية ،ونشاط ما كان يتمتع به في المجال الخارجي ، بسبب التصرف الذاتي.
والفارق بين الفكرة ،والواقع هو في اللغة الفلسفية : الفارق بين الماهية والوجود. إن الحقيقة مطلقة، وغير متطورة وإن كان الواقع الموضوعي للطبيعة متطورا ،ومتحركا على الدوام.
وإن الحقيقة تتعارض تعارضا مطلقا مع الخطأ فالقضية البسيطة الواحدة لا يمكن أن تكون حقيقة وخطأ.
هناك ،وجودان وجود ذاتي للإحساس أو الفكر، ووجود موضوعي للشيء المحسوس، إنه واقع وصورة منعكسة عنه ، إذن الفكرة نتيجة الشيء الموضوعي أي علاقة سببية.
اللغة:
ونحن إذا حللنا اللغة إلى وحداتها الأولية نجد أن، وحدتها الأولى هي القضية ، أي الجملة أو العبارة التي تشير إلى شيء. والقضية تركيب ألفاظ والقضية هي ما يجوز لنا أن نحكم عليه بالصدق أو الكذب أما الألفاظ لا ينطبق عليها حكمنا بالصدق ،والكذب.
إذن القضية وحدها التي لها دلالة : (معنى)، وهي تحتمل الصدق أو الكذب ، والقضية قوامها شيء وصفته فالقضية مكونة من موضوع محمول ،والقضية المركبة تشتمل على (واو) العطف أو كلمة (أو) أو كلمة (إذا) ...الخ.
،والاسم يطلق على شيء بعينه ،والاسم له صفات ، والشيء يطلق على الموجود ،والمعدوم ولا يطلق عليه شيء ،والشيء هو الجوهر ،والصفات هي الأعراض، والمعلوم المرادف للشيء الموجود ،والموجود هو الشيء يدرك بصفاته والإدراك هو انكشاف الشيء عقليا ،ويرادف كلمة الموجود والشيء الكون. الوجود هو الجوهر والجوهر هو المستمر في الوجود ،وغير قابل للتجزئة وهو متصل يحمل الأعراضن، والأعراض هي التغيرات الناتجة عن الحركات ،والجوهر محل الأعراض الدائم البقاء ، والعرض يدوم بعض الوقت، ولكنه سيعودن ويذهب إلى العدم ، والجواهر تلعب دور الحوامل الثابتة للأعراض.

من الخطأ القول بأن العلة تستلزم علة قبلها ، لكن العلة تستلزم معلولا؛ فالعلم معلول للعلة وهو الدليل والبرهان ، العلة والمعلول معاصران فلا يمكن أن يوجد بعد زوال العلة أو أن يبقى بعد ارتفاعها فعملية البناء هي العلة نوليس الباني إذ ينفصل عن البناء.

أنواع الفلسفة:
الفلسفة المثالية:
الفلسفة المثالية ترجع كل وجود إلى الفكر والحقيقة الوحيدة هي (ذواتنا) وهي الروح، والمصدر الحقيقي إلى الحقيقة هو العقل ،والعقل يحتوي على أفكار فطرية عامة وهي صادقة بصرف النظر عن ظروف الزمان والمكان. إن المخ مادة والمادة لا تفكر ،ولا تشعر، والمادة أعراض للروح.
الإنسان كائن روحي يعمل بحرية إرادته، وهو مسؤول عن تصرفاته، الإنسان روح ،والمادة هي الصورة التي تتبدى من خلالها الروح نوالروح خالدة والله خلقها في الدنيا ليبتليها، ويجازيها يوم القيامة. الإنسان يدرك العالم الخارجي بالملاحظة والتجربة، ويدرك باطنه بالحدس. والأخلاق هي أن نعامل كل واحد منا كفاية لا كوسيلة نوهذه القاعدة عامة مجردة.
الفلسفة الواقعية:
الأشياء موجودة خارج الذات والذات تدركها وتسخرها إذا اكتشفت قوانينها. الذات تكشف الواقع بواسطة الحواس والإدراك يقع مباشرة ولا يحتاج إلى، وسيط وهذا الإدراك هو الذي يجعل معرفتنا بالشيء الخارجي صورة مطابقة لما في الخارج والأشياء موجودة قبل المعرفة وعندها وبعدها.
إن ما نراه ،ونسمعه نتذوقه ونشمه ،ونلمسه ليس أفكارا أو انطباعات بل هي الأشياء ذاتها فالعقل يتقبل المعلومات من العالم بدلا من أن يقوم بخلق المعلومات ،فالمعلومات صادقة إذا تطابقت مع الواقع.
القيم موضوعية وتحكمها قوانين فطرية يتذكرها العقل وقوانينها ملزمة للجميع ، ،وقد أنشأها الله تعالى ووهب الإنسان العقل لفهمها والعقل هو الاختيار بين البديلات والاختيار هو الذي يميز الإنسان كإنسان.

الاتجاهات الفلسفية:
1- الماديون : يرى الماديون أن العالم وجد من غير خالق.
2- العقليون : يرون أن عالم الغيب والأخلاق يحل مشاكلها العقل ببراهين عقلية وأقيسة عقلية.
3- الروحانيون : يرون أن عالم الغيب والأخلاق يعرفها الإنسان عن طريق الوحي.
العقل والحس:
للعقل أولوية ،ويقين أكثر مما للحواس حيث يعتمد على المعاني الفطرية التي فطر الله العقل عليها. بينما يقوم الحس على المعاني المكتسبة من التجربة، والمعاني الفطرية هي التي نستمد منها المعرفة العقلية اليقينية وعلى ذلك يرتبط الصدق ،واليقين بالعقل بينما الحس ،والمعرفة مرتبطة بالاعتقاد، والاعتقاد فرض، والفرض لا يرقى إلى مستوى المعرفة اليقينية إلا إذا كان صادقا، والأفكار الصائبة هي غير المتناقضة وعدم التناقض يسمى الاتساق ، والصدق هو انطباق الاعتقاد على الواقعة فالاعتقاد هو القضية التي يعبر بها عن الواقعة، وبالواقعة نتحقق من صدق الاعتقاد، فالاعتقاد الصادق معناه أن الواقعة قد عبر عنها في جملة صادقة.
الاعتقاد الثابت هو اليقين وهو ثلاث مراتب علم اليقين ويحدث بالبرهان والتواتر ،وعين اليقين بالملاحظة والتجربة ، مطابقة الواقع للاعتقاد حق ،ومطابقة الاعتقاد للواقع صدق، والحق مطابقة للحكم.
الاعتقاد والباطل عدم مطابقته للاعتقاد ، الافتراض العلمي قانون طبيعي نعتقد به فإذا ثبت أصبح قانون بينما الفرض الأخلاقي قاعدة تعلل السلوك بالغاية بالنية ،والعقل هو المرجع في التمييز بين الخير ،والشر ،والجميل والقبيح وإثبات وجود الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق