الاثنين، 9 يناير 2012

بلاد الشام
وصل البشر إلى الشام وتوزعوا جماعات أكبرها في غوطة دمشق وعلى الساحل وبقية الشام.
وكان إبراهيم عليه السلام قد قدم من العراق إلى الشامل وسكن في الخليل وجاءت سنوات عجاف فارتحل إلى مصر وعاد إلى الخليل واستقر فيها وأهدته سارة أمتها هاجر وقالت عسى الله أن يرزقنا منها غلاماً وحملت منه ووضعت ولدها إسماعيل عليه السلام ، فسار بهاجر إلى مكة المكرمة فتركها هناك، ودعا الله:(ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون) [إبراهيم: ٣٧].
وعاد إبراهيم عليه السلام إلى الشام، وهاجر لوط عليه السلام ابن أخ إبراهيم عليه السلام ، وأقام بدوم جنوب البحر الميت، (كما جاء في البداية والنهاية لابن كثير) ، فبعث إليهم وكانوا يأتون الذكران، وأرسل الله إلى لوط عليه السلام ملائكة في هيئة بشر فحاولوا أن يفعلوا الفاحشة بهم فمنعهم لوط عليه السلام قائلاً لهم:(قال ياقوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولبا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد) [هود: ٧٨].
وطمأنته الملائكة ونصحته بمغادرة البلد مع أهله ليلاً ، وبشر الله إبراهيم عليه السلام بولد من سارة بعد إسماعيل عليه السلام بـ 13 سنة ، وكان إبراهيم عليه السلام قد بلغ عتياً (عاش175 عاماً) وزوجه عجوز عقيم ، وقد بشرته الملائكة وهم في طريقهم إلى قوم لوط ليهلكوهم ، وقد ولد له إسحاق ، وقد نشأ في الخليل ورزق بيعقوب (وهو إسرائيل)،وعاش إسحاق 180 عاماً وبعثه الله رسولاً ليدعو إلى الإسلام بعد موت أبيه.
ويعقوب عليه السلام هاجر إلى حران شمال بلاد الشمال وتزوج هناك ورزقه الله باثني عشر ولداً منهم يوسف عليه السلام وشقيقه بنيامين وبعثه الله ليدعو إلى الإسلام بعد أبيه إسحاق عليه السلام ، وعاش إسحاق(147) عاماً.
وكان يعقوب يعطف على يوسف وبنيامين لوفاة أمهما دراحيل، وحسد أخوة يوسف يوسف ، فرموه في غياهب البئر ، وعادوا إلى أبيهم بيكون ، وقالوا لأبيهم أكله الذئب، ومرت قافلة متجهة من الشام إلى مصر فأخرجوه من البئر ، وباعوه في مصر إلى العزيز، ورباه ، فلما كبر رادته امرأة العزيز عن نفسها فامتنع ، وادخل السجن وبقي فيه بضع سنين وأخرجه الحاكم بعدما فسر له الرؤيا التي رآها ، وبعد أن اعترفت امرأة العزيز وعينه العزيز على إدارة المالية والتصدير ، فكان يبيع القمح للبلاد المجاورة ، وجاءت قوافل الشام ، ومعهم أخوه يوسف فعرفهم ، ولم يعرفوه فباعهم ، وطلب منهم إحضار أخيهم المرة القادمة ، ثم عادوا وأخبروا أباهم فرفض ، وألحوا عليها فوافق وذهبوا إلى مصر واشتروا ، وعندما عادوا قبض عليهم متهمين بسرقة صواع الملك الذي وضعه معهم ففتشهوم فوجدوه في رحل بنيامين ، فأخذه يوسف وعادوا ، فأخبروا أباهم فحزن حزناً أعماه ، وأمرهم بالبحث عن يوسف وأخيه ، وذهبوا إلى مصر فعرفوا يوسف عليه السلام ، فعفا عنهم ، وطلب منهم أن يعودوا بأهلهم جميعاً ففعلوا ، فانتقل بني إسرائيل إلى مصر ، وكان عددهم مئة وبقوا في مصر (50) عاماً ، ثم غادروا مع موسى عليه السلام ، وهم أكثر من(1600) عدا الذراري، وقد هاجر كثير من الناس إلى الشام ، والعراق وجزيرة العرب ، فقامت الدولة العمورية في المناطق الشمالية ، وقامت الدولة الفينيقية على سواحل البحر المتوسط والدولة الكنعانية في فلسطين وما حولها وقد عبدوا جميعاً الأصنام ، فأرسل الله إليهم كثيراً من الرسل ، فلم يجدوا إلا التكذيب والتمادي في الكفر فمنهم:
أيوب عليه السلام
أرسله الله إلى بني إسرائيل ، وكان كثير المال والأهل فسلب منه ذلك وابتلى في جده (18) عاماً ثم شفاه الله ، واستمر يتنقل في شمال سوريا يدعو إلى الإسلام.
ومن أنبياء بني إسرائيل اليسع عليه السلام وإلباس عليه السلام بعث إلى بعلبك ولبنان ، وقاد يوشع بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام ، وهو فتى موسى ، وكان هارون عليه السلام توفى وبنو إسرائيل مازالوا في التبه في صحراء سيناء ، وتوفى موسى عليه السلام في هذه الفترة ، وقد استمرت (40) عاماً. ومن بقى منهم خرج مع يوشع ، فذهبوا إلى البيت المقدس ، ونظم يوشع جيشاً من بني إسرائيل ، وقسم إلى 12 قسم حسب الأسباط ، أبناء يعقوب (إسرائيل) واستطاع أن يفتح بهم أريحا بيت المقدس ثم لبث فيهم 27 عاماً يحكم بالتوراة ، وبعد موته انحرفوا عن الإسلام ، وفي هذه الفترة جاء الأراميون وأسسوا ممالك قوية في دمشق وحماة و غيرها، وقد عبدوا الأصنام؛ وأشهر أصنامهم عشتار وأدونيس.
وتولى أمر بن إسرائيل بعد يوشع بن نون ، ولم يطل عهده ، وتفرقت بعده بني إسرائيل ، وضعف أمرهم ، فكانوا يفسرون في الأرض ويقتلون أنبياؤهم ، فسلط عليهم الأعداء وبدل الأنبياء بملوكً جبارين طغاة فسفكوا دمائهم ظلماً وعدواناً، وعذبوهم وتغلب عليهم أهل غزة وعسقلان ، وسلبوا منهم التابوت الذي كان يحتوي على رفات يوسف عليه السلام ، ثم انقطعت النبوة في بني إسرائيل ، وانقسمت دولتهم ، واستمروا على ذلك(40)سنة تقريباً ، إلى أن بعث الله إليهم بعد ذلك شمويل رسولاً.
وشمويل عليه السلام ، وطالبه بنو إسرائيل بالقتال وأن يعين عليهم ملكاً ليقاتلوا معه فاختار لهم طالوت ، فماطلوا في البداية لفقر طالوت ، فلم تحققت تلك المعجزة انضموا تحت قيادته ، وحدث القتال بين بني إسرائيل وبين العمالقة بقيادة جالوت في مرج الصفر (جنوب دمشق) وقاتل داوود عليه السلام جالوت الجبار بحجارة ومقلاع فقط، وكان داوود غلاماً حدثاً في جيتس طالوت ، واشتهر داوود بين قومه ، وكان طالوت قد وعد أن من يقتل جالوت بعطية نصف ملك ويزوجه ابنته فتنازل عن الملك لداوود ويزوجه ابنته ، فأتاه النبوة والملك وأنزل عليه الزبور ، وكان يعمل حداداً وخلفه في الرسالة ابن سليمان عليه السلام واتاه الله ملكاً عظيما، وتابع جهاد والده ووصل إلى دمشق وأخضع اليمن من السبئيين وتزوج ملكتهم بلقيس وأبقاها على اليمن خاضعة له، وآمنت مع سليمان هي وقومها ، وقد جدد بناء المسجد الأقصى الذي شيده يعقوب عليه السلام بعد بناء الكعبة بأربعين عاماً.
واستمر سليمان عليه السلام في ملكه 20 عاماً يحكم بالإسلام ، وبعد أن لحق بالرفيق الأعلى خلفه ابنه رحبعام وضعف بنو إسرائيل من بعده وزاد فسادهم.
وقد حاول الكلدان دخول بيت المقدس بقيادة ملكهم سنحاريب فأهلكهم بدعاء هذا النبي عليه السلام ، فلم يزداد اليهود إلا شراً فقتلوا نبيهم شعياً ، كما ورد ابن كثير(ص447) ، وبعث الله بعده النبي أرميا بن حلقيا عليه السلام وغيره من الأنبياء ، فاستمر اليهود في تكذيب أنبيائهم وقتلهم.
ملاحظة ما كتبته عن الأنبياء إنما أخذته عن كتاب: (موجز التاريخ الإسلامي ـ تأليف أحمد معمور العسير) والأخ أحمد معمور عسيري أخذها من القرآن الكريم والحديث النبوي والإسرائيليات المدنونة في قصص الأنبياء ، وتفسير القرآن الكريم لابن كثير.
وقال الني × : (ما حدثكم به أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم)[رواه أبو داوود في سننه ج3، ص285].
ولقد سلط الله على اليهود الملك الكلداني البابلي بختنصر فهدم بيت المقدس وقتلهم وشردهم في الأرض ، وسكنوا الحجاز ومصر وغيرها، وقضى الفرس على الكلدانيين ، واستولوا على الشام ومصر.
وتنقل الناس من الشام باتجاه الأناضول وجنوب أوربا (المشرفة على البحر المتوسط) ثم امتدت الهجرات إلى أوربا الشمالية ، وكانت أكثر الجهات عمراناً منطقة البلقان وإيطاليا، وقد أسسوا حكومات قوية هناك وكان أبرزها مدينة الأغريق ثم الرومان.
ولما ضعف الكلدان بعد بختنصر عاد بنو إسرائيل إلى بيت المقدس وعمروه ، ولكن بقوا ضعفاء ، فخضعوا للفرس ثم للأغريق ثم للرومان.
وكان من أواخر أنبياء بني إسرائيل زكريا وابنه يحيى عليهم السلام واستمروا في الدعوة إلى الإسلام حتى قتلوهما ، وكان آخر بني إسرائيل عيسى عليه السلام ، وقد ولد في بيت لحم في فلسطين، وكانت والدته مريم العذراء عليه السلام ، وكانت أمه قد تربت في بيت النبي زكريا عليه السلام ، وكان زوج خالتها ، وأقام عيسى بن مريم عليه السلام في الناصرة في فلسطين وأخذ يدعو إلى الإسلام وأنزل الله عليه الإنجيل ، وكان عليه السلام يعظ كل من يلتقي به ، ومن معجزاته شفاء المرضى وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله تعالى، ولازمه الحواريون في الدعوة إلى الإسلام، وقد أرسل بعض منهم إلى باقي بلاد الشام للدعوة إلى الإسلام، وتآمر بنو إسرائيل على قتله فسلموه إلى حاكم فلسطين الروماني (بيلاطس) فأراد القضاء عليه صلباً، ولكن الله نجاه حين شبه لهم بغيره ورفعه الله إليه ، ونكل قياصرة الروم ومعهم بنو إسرائيل بإتباع عيسى بن مريم عليه السلام فضعف أمرهم كثيراً وزاد الأذى في عهد نيرون الذي اتهمهم بإحراق روما حوالي(558ق.م/800م) . وهاجر بعضهم إلى الحجاز وما حولها ، ثم أخذت النصرانية المحرفة عن الإسلام تنتشر حتى أصبحت ديانة الدولة الرومانية.
مصر
بعد الطوفان تفرق أبناء نوح عليه السلام فمنهم من ذهب إلى العراق ومنهم ذهب إلى جزيرة العرب واليمن وغيرها، أما حام وأبناؤه ذهبوا إلى الهند وبعضهم إلى أفريقية ، فاستقر البوشمن في جنوب غرب أفريقية وكانوا وثنين؛ فسلط الله عليهم الهنتوت ، ثم سيطر زنوج البانتو على الأوضاع ، ومنهم من ذهب إلى مجاهل وغابات إفريقية، وسكن البربر الشمال الغربي، وسكن المصريين القدماء شمالاً البربر الشمال الغربي وسكن المصريين القدماء شمالاً حول نهر النيل ، وكانوا جميعاً على عبادة الأوثان ، وكانت مصر أرض خصبة مما ساعد على قيام دولة الفراعنة التي أدعى حكامها الإلوهية ، من دون الله وسخروا شعب مصر لبناء الأهرامات ، ونحت تماثيل لهم وفي هذه الفترة قدم إبراهيم وزوجته سارة مصر داعياً إلى الإسلام وسلط الله على الفراعنة رعاة من الشامل عرفوا بالهكسوس، وأصبح الهكسوس ملوكاً وفي فترة الهكسوس أقام يوسف وأهله في مصر ولما كان الهكسوس ظلمة سلط الله عليهم الفراعنة على يد أحمس ، فسيطر على مصر وأمد نفوذ الفراعنة إلى حدود العراق في زمن تحمس الثالث ورمسيس الثاني اللذين حاربا الدولة الجشية في الشام ، وقضوا عليها ، وزادت الخبرات فزاد كفرهم.
وبدأ الفراعنة في هذه الفترة بقتل ذكور بني إسرائيل لأنهم شاعوا أنه سيأتي لهم ابن يقضي على فرعون وقومه ، وأرسل الله إلى هؤلاء جميعاً موسى عليه السلام، وكان موسى من بني إسرائيل ، وأنجاه الله من القتل ، حيث ألته أمه بعد ولادته في البحر داخل التابوت (الصندوق) إذا أوحى الله على أم موسى بذلك ، فوصل التابوت إلى قصر فرعون فرأته آسيا امرأة فرعون فأخذته واتخذته ولداً ، إذ كانت عاقراً فربته حتى صار شاباً، ولما كان رضيعاً حرم عليه المراضع ، حتى دلتهم أخته على أمه لترضعه دون أن تعلمهم أنه أمه الحقيقية.
ولما كبر رأى موسى قتال بين قبطي وإسرائيلي فاستغاث القبطي بموسى ، فاستغاث القبطي بموسى فوكز موسى القبطي فقضى عليه ، وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال: يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين ، ففر موسى عليه السلام إلى مدين فوجد في الطريق إلى مدين بنتا النبي شعيب عليه السلام يوردن الماء فساعدهما ، فسار موسى خلفهما حتى أوصلهم إلى أبيهم فأخبرتا الفتاتان أباهما بمساعدته لهما ، فقالت إحداهما أستأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ، فاقترح عليه شعيب عليه السلام أن يزوجه إحدى ابنتيه بمهر، وهو أن يعمل عنده (8-10) سنوات ، فتم ذلك وعاد موسى عليه السلام بأهله إلى مصر ولما وصل سيناء أوحى الله إليه ، وبعثه بالإسلام إلى فرعون وملئه، وطلب من الله تعالى أن يدعمه بأخيه هارون لأنه أفصح منه لساناً ، وأمدهم الله بالمعجزات ، فدعا موسى فرعون فكفر بالإسلام الذي جاء به، وقال للمصرين أنا ربكم الأعلى وما أريكم إلا ما أرى ولأهديكم إلى سبيل الرشاد، وأتهم موسى بالسحر ، وتحداه بسحرته ، فحدد له موعداً وفي اليوم الموعود تغلب موسى على السحرة ، فأسلم السحرة فصلبهم فرعون فعاقبه وقومه بالقحط والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ، فاستكبروا وكانوا قوماً مجرمين ، فأحوى الله إلى موسى عليه السلام أن يهاجر بقومه إلى الشام ، فلحقهم فرعون وجنوده ، فألجأهم إلى البحر ، فضرب موسى البحر بعصاه فأصبح له طريقاً سهلاً ، فساروا فيه ، ولما لحقهم فرعون جنوده أطبق الله عليهم البحر فغرقوا، وأما موسى وقومه فقد وصلوا إلى الضفة الأخرى ، ثم طلب قوم موسى من موسى عليه السلام طعاماً فأنزل الله لهم المن والسلوى ، وواصل المسير بهم حتى وصلوا إلى جبل الطور في سيناء ، فصعده وأقام عليه(40) يوماً ، حيث كلمه الله وأنزل الله عليه التوراة مكتوبة في ألواح حجر ، ثم عاد إلى قومه فوجدهم يعبدون صنعة السامري من حليهم الذهبية، فغضب غضباً شديداً، وتخلص منه وأمرهم أن يقتل بعضهم بعضاً بأمر من الله ، وأخبرهم أن كتب عليهم التيه في صحراء سيناء (40) عاماً ، وتوفى هارون ، ثم موسى عليهما السلام أبان هذه الفترة.
وبعد غرق فرعون وجنوده ضعفت دولة الفراعنة فاحتل الفرس مصر سنة(305ق.م) ثم أخضعها الإغريق بقيادة الإسكندر المقدوني ، ثم حكمها البطالمة وبعدهم الرومان ، وانتشر فيها النصرانية وعرف سكانها بالأقباط ، واستمروا كذلك حتى جاءهم الفتح الإسلامي ، فدخلوا في دائرة الإسلام.
جزيرة العرب
العرب هم فرع من الساميين، وهم الذين يتحدثون اللغة العربية.
أقسام العرب:
أولاً: العرب البائدة
وهم عاد وثمود وطسم وجهيس وأصحاب الرس وأهل مدين وأنبياؤهم ، وقد أرسل الله إلى قوم عاد في الأحقاف (حضرموت) وهي أول قبيلة عبدت الأصنام بعد الطوفان ، وكانوا أغنياء وأولو قوة ، واشتهروا بالعمران والزراعة ، فأرسل الله إليهم هود فكذبوه ، وقد كثروا وانتشروا حتى أن قحطان بن عاد وذريته انتشروا في اليمن ، وعرفوا بعاد الثانية ، واستمروا في كفرهم ، فأهلكهم الله بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيام حسوما، فلم يبقى منهم أحد.
وأرسل إلى قبيلة ثمود الذين سكنوا منطقة العلا بين (المدينة وتبوك) وقوم ثمود قوم كانوا بعد هلاك عاد، وقد عبدوا الأصنام , وأرسل الله إليهم صالح عليه السلام فدعاهم إلى الإسلام ، فكفروا به ، ثم طلبوا منه سخرية أن يخرج لهم ناقة من صخرة صماء ، فأعطاهم الله ما أرادوا، واستمروا في كفرهم بالإسلام، وابتعث أشقاهم فعقر الناقة ، وقعد ثلاثة أيام جاءتهم الصيحة من السماء مع رجفة من أسفلهم ، فأهلكتهم .
وأرسل الله إلى أهل مدين (أصحاب الأيكة) ، وقد سكنوا شمال جزيرة العرب(تبوك وجنوب الأردن) ، وقد اشتهروا بقطع الطريق وإنقاص الكيل والميزان ، وقد عبدوا شجرة ضخمة وسط الأيكة، فعرفوا بأصحاب الأيكة ، فاستمروا بالكفر بالإسلام ، فأباد الله بعضهم بالصيحة وبعضهم أبادهم الله بعذاب يوم الظلة ، وأهلك الله أهل حضور ، وكانوا يسكنون اليمامة وهم أصحاب الرس.
ثانياً: العرب البائدة
وهم العرب الباقون حتى الآن وهم بنو قحطان ، وبنو عدنان ، وبنو قحطان هم العرب العاربة، (العرب الأصليين) وموطنهم الأصلي جزيرة العرب، وهم اليمنيون والمناذرة والغساسنة وكندة والأزد الذين تفرع منهم الأوس والخزرج سكان يثرب.
أما بنو عدنان: فهم العرب المستعربة(الذين تعلموا اللغة العربية) وهم عرب الشمال ومواطنهم الأصلي مكة المكرمة ، وهم ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ، ومن أسماء جاء عدنان؛ ومنه انحدرت القبائل التالية معد ونزار، ومن نزار انحدر ربيع ومعز؛ ومن معز انحدر عبد قيس وبكر وتغلب وحنيفة، وانحدر منه أيضاً مضر ، وانحدر من مضر هوزان وغطفان ، وتميم وقريش.
وكان العرب إما بدواً أو حضر ، والبدو عبارة عن قبائل متفرقة في الصحراء يقوم اقتصادهم على رعي الإبل والأغنام يسكنون الصحراء والمجتمع البدوي مجتمع رعوي، والحضر عرفوا نظام الملك ، ومملكة كندة هي المملكة الوحيدة التي قامت في أواسط جزيرة العرب ، وكانت قصيرة العمر ، وأول ملوكها(حجراً كل المرار) وكان تابعاً لملوك حمير في اليمن ، واستطاع حفيده الحارث بن عمرو أن يمد نفوذه إلى الحيرة، ثم أنهارت مملكة كندة ، وعادت الحياة القبلية ، وكان امرؤ القيس أحد ملوك كندة ، وقد حاول إعادة مملكة كندة ففشل، وامرؤ القيس أحد شعراء المعلقات الجاهلية.
ممالك الحضر
تركز في ثلاث مناط: اليمن : اليمن ـ اليمن ـ الشمال ـ الحجاز
أولاً: ممالك اليمن
1- مملكة معين: مملكة قتبان(11200ق.م-700ق.م) وهما متعاصرتان، وهما أقدم ممالك اليمن.
2- مملكة سبأ (1955-115ق.م) : قامت سبأ على أنقاض معين وقتبان ، وانضمت لها حضرموت وكانت عاصمتها مأرب ، وترجع شهرة سبأ إلى سببين هامين هما:
‌أ. مملكة سبأ (بلقيس) وقد ضم سليمان عليه السلام اليمن إلى إمبراطورية الإسلامية.
‌ب. سد مأرب الذي ساعد على خصوبة اليمن ، وانهدم هذا السد بسيل العرم ، وأدى انهدام السد إلى هجرة كثير من اليمنيين إلى الشمال ، وسقطت مملكة سبأ وحلت محلها مملكة حمير.
3- مملكة حمير (115ق.م-500م): قامت بعد انهيار مملكة سبأ وكانت عاصمتها ظفار ويلقب ملوكها بالتبابعة ، وضعفت في أواخر عهدها عما أدى إلى احتلال اليمن من قبل الروم ثم الفرس.
سيطرة الروم على اليمن
أجبر ذو نواس ملك حمير اليمنيين على اعتناق اليهودية ، فحفر لمن يعتنق النصرانية أخدوداً ، وأخرقهم فيه، وفر بعضهم واستغاثوا بالنجاشي حاكم الحبشة الذي طلب مساعدة قيصر حامي المسيحية، فأرسل الفن والسلام فاخضع اليمن بقيادة أرياط صار حاكم اليمن ، وكان ذلك في زمن عبدالمطلب بن هاشم (جد الرسول ×).
سيطرة الفرس
ثم فر سيف بن ذي يزن إلى فارس وطلب نجدتهم لإخراج الأحباش من بلاده ، فأرسل قيصر جيشاً انتصر على الروم وتوج سيف ملكاً على اليمن ، ولما قتل أرسل كسرى وهرز حاكماً على اليمن ، وتوارث أبنائه الملك على اليمن حتى باذان الذي دعاه النبي× إلى الإسلام فأسلم.
ثانياً ممالك شمال جزيرة العرب:
1- مملكة الأنباط(400ق.م-105م): امتدت مملكة الأنباط من غزة شمالاً إلى العقبة جنوباً وعاصمتها مدينة البتراء ، وكانت تأخذ إتاوة على القوافل التجارية العابرة، بين الشمال والجنوب، وامتدت هذه المملكة إلى دمشق وجنوباً إلى مدائن صالح في القرن الأول الميلادي ، واستولى عليها الرومان سنة(105م).
والأنباط في الأصل قبائل بدوية استقرت جنوب سوريا.
2- مملكة تدمر: كانت هذه الدولة مرتبطة بالرومان وخاضت حروباً ضد الفرس وانتصرت فيها ، وذلك في عهد الملك أذينة الذي بسط نفوذه على سوريا كلها، ثم تولت بعد زنوبيا (الزباء) التي تحدث الروم ، وخاضت معهم صراعات إلى أن هزمت ودمرت ملكتها.
وقد عبد الأنباط والتدمريون الأوتان وقوى الطبيعة.
3- مملكة الحيرة: قامت مملكة الحيرة في شمال جزيرة العرب(جنوب العراق) وكانت تابعة للفرس وفي سنة(12هـ/633م) فتح خالد بن الوليد الحيرة، فصالحهم على الجزية ثم دخلوا في الإسلام بعد ذلك وأهلبة عرب من اليمن هاجروا بعد انهيار سد مأرب.
4- مملكة غسان: غسان عرب هاجروا بعد انهيار سد مأرب من اليمن استقروا ببادية الشام وصاروا تابعين للروم يحمونهم من هجمات العرب ، وكان الحكم لقبيلة الفجاعمة ، ثم حكمت قبيلة بني جفته ، واتخذوا دمشق عاصمة لهم ، آخر ملوكهم جبلة بن الأيهم ، وقد أسلم وارتد وهرب في عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ثالثاً: الحجاز:
قد إبراهيم عليه السلام ومعه زوجته هاجر وابنه إسماعيل إلى مكة وبنى الكعبة، وبعث الله إسماعيل رسولاً إلى قبيلة جرهم ومن حول مكة، وبعد إسماعيل عليه السلام حكمت جرهم مكة ، ثم حكمها قبيلة جزاعة ودخلت عبادة الأصنام أيام خزاعة أدخلها زعيمها عمرو بن لحي ، حيث جلبت من الشام.
وطرد قصي بن كلاب خزاعة من مكة فأصبحت السيادة لقريش ، وحكمها بعده ابنه عبد مناف وتقاسم الزعامة من بعده أبناؤه هاشم و المطلب وعبدشمس ، ونوفل وعبدالمطلب سيد كان سيد مكة يوم حاول إبرهة غزو مكة عام الفيل (750م/52ق.هـ)، وسبب ذلك هدم الكعبة لا ألا تتنافس كنيسة القليس التي بناها إبرهة الأشرم حاكم اليمن الحبشي.
الثقافة
الثقافة العالمية قديماً هي الإسلام ، وهي ثقافة آدم عليه السلام والأنبياء من بعده، فكلما اندثرت الثقافة جاء رسول ليحيها ، فكان كل رسول يبعث في قومه إلا النبي × بعث للناس كافة وهو الإسلام، وهو مصدر العقيدة والشريعة والأخلاق ، والخروج عن ثقافة الإسلام هو الذي كان على يد المجرمين الذين لا يسمح لهم الإسلام بجرائمهم ضد الإنسانية، وبعد أن رفع عيسى عليه السلام حوالي عام (610ق هـ/33م)، وسميت المدة التي انقطع فيها الوحي إلى بعثة النبي زمن الفترة وزمن الفترة ضاعت فيها ثقافة الإسلام وحلت بدلاً منها الجاهلية والثقافة المخالفة للإسلام.
السيرة النبوية
نسبه×:
هو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهرد قريش بن مالك بن النضر بن كنانة من ولد نزار بن معد بن عدنان من ذرية إسماعيل بن إبراهيم. وأمه آمنة بنت وهب الزهرية القرشية.
مولده ×:
ولد في مكة عام الفيل(12) ربيع الأول عام الفيل(52ق.هـ) ، ولقد توفى أبوه وهو جنين ، ولما ولد سماه جده عبدالمطلب محمداً ، وأرضعته حليمة السعدية في بني سعد ، وتوفيت أمه قبل أن يكمل الست سنوات.
نشأته×:
تلوى جده رعايته منذ الثامنة من عمره إلى العاشرة من عمره ، وكان يرعى الغنم ، ولما بلغ الثانية عشرة من عمره خرج إلى الشام في تجارة فرآه الراهب بحيرا ، وأمر عمه أن لا يقدم به إلى الشام خوفاً عليه من اليهود، حيث يكون له شأن عظيم ، فأعاده وأزداد حرصاً عليه ، واستمر في رعي الغنم ، ولما بلغ العشرين من عمره شارك في حرب الفجار، وكانت بين قريش وقيس في الأشهر الحرم، واشترك مع عمومته في حلف الفضول الذي تعاهدت فيه قريش بمكة مظلوما إلا نصروه ، ولما بلغ الخامسة والعشرين خرج إلى الشام في تجارة لخديجة رضي الله عنها ، وبعد عودته طلبته للزواج منها فتزوجها × ، فهي أول أمهات المؤمنين وأول المسلمين، وأم البنين الأولى ، ولم يتزوج عليها، ولقد أمره جبريل: (أن يقرأ عليها السلام من ربها ويبشرها ببيت في الجنة من قصب لا تعب فيه ولا نصب).
و قد حبب إليه التعبد في غار حراء حتى نزل عليه الوحي.
ولما بلغ الخامسة والثلاثين قامت قريش بتجديد بناء الكعبة لما تضعضعت فتجزأتها قريش بينها ، فبنوا حتى بلغوا موضع الحجر الأسود، فاختصموا أيهم يضعه، فحكموا أول قادم إلى المسجد الحرام ، فكان محمد× ، فأمر كل ممل لقبيلة أن يأخذ بطرف الثوب حتى يضعه × في مكانه ، فقد وضعه في مكانه، وبنى عليه ، وكان ينقل معهم الحجارة.
البعثة
أول ما بدأ الوحي برسول الله × : الرؤيا الصادقة فلا يرى رؤية إلا جاءت كفلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء ، فكان يخلوا بغار حراء يعبد فيه الله ، فجاءه جبريل عليه السلام ، فقال : اقرأ ، قال : ما أنا بقارئ ، اقرأ قال: ما أنا بقارئ قال: اقرأ قال: ما أنا بقارئ ، فقرأ سورة الفلق ، فرجع إلى خديجة رضي الله عنها ، وكان يقول زملوني، وطمأنته وأخذته إلى ابن عمها ورقة وكان نصرانياً، وقصت عليه القصة ، فقال: هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك وكان ذلك في رمضان(13ق.هـ).
وانقطع الوحي(40)يوماً، فحزن الرسول × ، ثم عاد إليه جبريل عليه السلام جالساً على كرسي بين السماء والأرض في هيئة الأصلة ، فارتعب وعاد إلى خديجة رضي الله عنها ، وهو يقول: دثروني دثروني ، فأنزل الله سورة المدثر فتتابع الوحي بعدها.
وكان الوحي يأتيه × على شكل رؤيا ، أو النفث في الروع أو يأتيه جبريل عليه على شكل رجل فيخاطبه ، أو يكون الوحي كصلصلة الجرس، وهو الأشد عليه × ، أو يأتي جبريل عليه السلام على صورته الأصلية ، وهذا مرتين عندما أوح الله إليه ليلة المعراج ، وقد أصبح × نبياً بإقرا ، وصار رسولاً بالمدثر ، فأمره أن ينذر أقاربه ثم قومه ، ثم العرب العالمين.
الكتابة
كان لأهل اليمن لغتهم العربية المختلفة عن اللغة الحالية، وكانت تحوي عدداً من اللهجات ، وكانت لليمن كتابة المسند المأخوذ من الفينيقية ، وتتكون من (29) حرفاً ، وتكتب منفصلة عن بعضها البعض، ومعظمها له شكل الخطوط العمودية ، وظل هذا الخط معروفاً إلى ما بعد الإسلام بأربعة قرون ، وقد ظهر في القرن التاسع قبل الميلاد.
الدين
عرفت اليمن اليهودية والنصرانية ، ولقد اعتنق الملك الحميري ذو نواس اليهودية كيداً بالأحباش وأجبر المسيحيين على اعتناقها بالتقل والتحريق في الأخدود، وكان من نتائج ذلك حملة الأحباش بتحريض من الروم على اليمن واحتلالها، وبناء كنيسة القليس في نجران ، ولقد حاولوا احتلال مكة في حملة الفيل سنة (565).
وكانت أشهر المعبودات في اليمن الزهرة والشمس والقمر وإل وذي سماوي(إله السماء) وكانت طبقة الكهنوت هي التي تشرف على العبادة.
امتدت حضارة عرب الجنوب عبر البحر الأحمر ، وقامت عليه حضارة أكسوم ، وهاجرت من اليمن قبائل الأزد إلى عمان وعسير والغسانة ولحم المتاذرة وكندة وطي هاجرت إلى الشمال.
دول عرب الشمال
العلاقة بين جزيرة العرب والهلال الخصيب علاقة قديمة جداً عبر طرفية الشرقي(جنوب العراق) والغربي(جنوب الشام) فكانت في الألف قبل الميلاد عن علاقة الثمود واللحيانيين وعرب الجوف وتراجعت الجماعات العربية تتراجع في التجارة والقوة خلال العهد الهليني (في القرون الثلاثة السابقة للميلاد) وحلت محلهم شعوب عربية أخرى ، وتكون دولاً ومنها بنين الأبجر في الرها وشمس الكرام في حمص والبطوريون في عنجر على أن أهمها:
1- الأنباط:
والأنباط من عرب جنوب الجزيرة ، وقد استوطنوا الجزء الجنوبي من الأردن ، وقويت شوكتهم هناك بالتدريج منذ القرن الخامس قبل الميلاد إذ أصبحت بلادهم وعاصمتهم البتراء مركزاً هاماً لقوافل التجار بين الجنوب وشعور البحر المتوسط وبلغت مملكة الأنباط أوج غرها في القرن الذي سبق الميلاد والقرن الذي لحقه ووصلت سلطتها إلى دمشق ، وحافظوا على منعتهم ، واستقلالهم تجاه السلوقيين ثم أيام الرومان الذين احتلوا سوريا ، ثم مصر سنة(65) ، ثم سنة (31ق.م) وتعاونوا مع الطرفين لكنهم في النهاية ما لبثوا أن اصطدموا بالجشع الروماني أكثر من مرة حتى احتل تراجان عاصمتهم(106) ، ثم أضحت بلادهم مقاطعة رومانية سنة(160م) باسم الولاية العربية الصخرية ، وشملت بلدة بصرى التي جعلت عاصمة لها وربطت مع خليج إيله (العقبة) بطريق روماني مع أن سلطان الأنباط السياسي قد زال فإن نشاطهم التجاري استمر عدة قرون بعد ذلك، وكانت قوافل النبط في أوائل الدعوة الإسلامية تسير بين الجوف والشام ومكة.
2- تدمر:
تدمر واحة في بادية الشام فقد وجد فيها ناس منذ العصر الحجري القديم ، وقد عرفت الزراعة والحيوانات في العصر الحجري الحديث.
وأول إشارة إلى تدمر تاريخية تعود إلى مطلع الألف الثاني قبل الميلاد، وسكانها في ذلك العهد العموريون ، ثم صارت في أواخر الألف الثاني قبل الميلاد، للأراميينين الذين اختلطت بهم القبائل العربية بالتدريج ، وكانت تدمر تشارك في العمل التجاري في القرون التي سبقت اليملاد، فلما ضعفت البتراء بعد احتلال الرومان لها وتكاثفت الطرق التجارية القادمة من الخليج العربي عبر بادية الشام ازدهرت تدمر وبلغت أوج قوتها التجارية والسياسية في القرنين الثاني والثالث للميلاد معظم آثارها الرائعة الباقية تعود إلى هذه الفترة.
استفادت تدمر من موقعها في البادية على الحدود الشرقية للإمبراطورية الرومانية ، وكان ارتباطها بها إسمياً وحظيت من الرومان بالكثير من التقدير بسبب مكانتها الحربية والاقتصادية ، ولكنها أخذت سمعتها السياسية الحسنة أيام أميرها أذينه(260-268م) الذي هزم شابور الأول ملك الساسانيين حين أراد غزو الشام سنة(265م) ، ولمارده إلى عاصمته المدائن ومنحته الإمبراطورية الرومانية لقب(دوق الشرق)، وصارت سيادته الأسمية تشمل مصر وسورية والأناضول وأرمينية ، ولكنه قتل سنة (268) وتولت الوصاية بعده على عرش تدمر زوجته زنوبيا(الزباء) وتسمت (بملكة الشرق) وقررت الاستقلال عن رومة فطرد جويشها إلى أنقرة ، وصارت سيدة الشرق كله من مصر إلى الأناضول ، ولكن الرومان حشدوا لها قواتهم في البحر والبر في الوقت الذي كانت تخشى هجوم الساسانيين من الشرق وهزمت جويشها في حمص وحاضرها الإمبراطور أورليان في تدمر سنة (273) تم فتح المدينة وسارت زنوبيا لتقضي أيامها الأخيرة في روما ، لما ثارت تدمر بعد ذلك عاد عليها أورليان فدمرها وخسرت مكانها التجاري بسرعة أثر ذلك.
3- مملكة عربايا(الحضر مدينة الشمس):
الحضر واحدة قديمة جنوب غرب الموصل أخذت في الإزدهار الواسع مثل تدمر منذ القرن الأول للميلاد ، كمركز عسكري على حدود الفرس والرومان ، وكمركز ديني لقبائل المنطقة وزادت قيمتها مع تكاتف التجارية عبرها، وحكمت فيها سلالة عربية أكثر من ثلاثة قرون، وبدأت بأمير عربي اسمه سنطروق(لدى العرب الساطرون) وكان يلقب بملك العرب، وعرفت المملكة باسم عربايا.
وكانت ضمن النفوذ الفارسي عديلة تدمر بالنسبة لروما واشتهرت بالقوة الحربية وصدت هجوم الإمبراطور تراجان عليها سنة (117م)، كما فشل الإمبراطور ستميوس سيفروس في اقتحامها سنة(198-199م) ، بعد أن قذفته بقذائف نارية عرفت بالنار الحضرية ، وبأقواس مبتكرة .
بعد هذه المعركة استعلت الحضر عن النفوذ الفارسي، ولكن ظهور الأسرة الساسانية واستيلاءها على العراق سنة(220) جعل أهل الحضر يواجهون الساسانيين ويحالفون الرومان ، ولم يستطيعوا المقاومة طويلاً لأن شابور الأول حاصرها سنة كاملة(240-241) فلما دخلها تركها بعد النهب والتخريب ، ولم تترد الحضر مكانتها بعد ذلك بسبب تغير الحدود الساسانية الرومانية ، وتحويلها الديني مع الساسانيين إلى الزرادشتية.


حضارة عرب الشمال
المدن الثلاثة البتراء وتدمر والحضر تمثل مرحلة واحدة من حضارة عرب الشمال في القرون الأولى بعد الميلاد ، وتمتد المدن الثلاثة في خط قو منحن واحد يخترق الصحراء بين العقبة وأعالي العراق، وسكان هذه المناطق قبل الميلاد وبعده كانوا جموعاً متكاثرة من أهل البادية العربية،وتوغل بعضها في أراضي الهلال الخصيب، وبقي بعضها الآخر على أطراف البادية، خلال العهد السلوقي ، ثم الروماني ليشكل الممالك، ولعب الموقع الجغرافي دوره العسكري والتجاري ليقفز إلى واجهة الأحداث السياسية ، ولكنه في الوقت نفسه سمح لها بالوصول جميعاً إلى المستوى الحضاري الجيد، وقد تأثرت بالإغريق والرومان في العمران والسياسية وتأثر بالأراميين في الثقافة واللغة والكتابة وتأثرت دينياً بالباليين بدوياً وعربياً ودينياً..
العمران
تتميز البتراء (أو الرقيم) بأنها المدينة الحجرية، ومنازلها منحوتة كلها في أعالي وادي من الصخر الأحمر يدعى وادي موسى ، ونشأت المدينة محطة تجارية، لكن مدت نفوذها إلى المناطق المجاورة فحصنت المدن، وحمت القوافل واستغلت المناجم وحفرت الآبار ونقت الخزانات وأجرت الأقنية تداخل الصخور لإرواء بطرا.
ويعتمد الاقتصاد على التجارة والرعي والحرف وصناعة الخزف الرقيق المزخرف ، وسك النقود الفضية، وكانت لغتهم قريبة من لغة قريش وأبجديتهم بنطية مشتقة من الآرامية وكانت مكاتباتهم الرسمية بالآرامية.
أم تدمر فتحمل طابع المدن الأغريقية والرومانية بأبنيتها العامة والخاصة ، وتوجد بالمدينة معبد ضخم وشارع كبير محفوف بالأعمدة والمسرح والميدان السوق والبوابة الكبرى والمنحوتات والتماثيل والمدائن ذات التماثيل النصفية الجنائزية والحمامات وسور المدينة البيضاوي الشكل ذو الأبراج ، ويتكون المجتمع التدمري من أحرار وعبيد وأجانب، والأحرار من العشائر المتحالفة.
وتوجد في تدمر زراعة في الواحات ذات القنية والسدود والآبار والأحواض وثروة تدمر تجارية ، وكانت مكاتبة التدمريين التجارية بالأرامية والرسمية باللاتينية أيام الرومان الأغريق ولهم لغتهم التدمرية وكتابتهم المشتقة من الآرامية.
أما الحضر فهي تدمر الثانية في طابعها العمراني ، لو لا أن جو الزراعة والري كان أوضح في تدمر منه في الحضر، سور الحضر المزدوج دائري وفي وسط المدينة كمعبد الكبير للشمس(438×323م) وله سبعة أبواب ، وثمة (11) معبداً آخر في المدينة على الطراز المعماري الهلمني ـ الروماني، والمدافن على هيئة الأبراج، وبركة المدينة والآبار الكثيرة ومئات التماثيل المتنوعة.
واستعمل في عمارة الحضر الحجر النحيت والجص والإيوان ، وكان عنصراً أساسياً في البناء ، وكذلك تزين واجهة الأواوين بالتماثيل والزخارف ، وأنصاف الأعمدة.
وكانت تجارة الحضر مثلها مثل تدمر والبتراء، وتقوم على نقل الحرير والعطور والزيت والتوابل والأخشاب والبخور والأحجار الكريمة والمعادن والأنسجة المختلفة والخمور على أن طابع الحضر التجاري كان أقل وضوحاً منه في المدينتين الأخرى لأن نظامها الاقتصادي كان يعتمد على المساحات الزراعية الواسعة حولها في السهول والسهوب الممتدة إلى سنجار وتلعفر ، ولغة الحضر الأرامية المعتمدة على الأنجدية الأرامية.
الدين
يتشابه الدين لهذه الجماعات العربية جميعها ، إذ تعبد الشمس بأسماء مختلفة (ذو الشرى ـ شمس شماش) ووجود تواليث مصورة يتمثل فيها الشمس والقمر والزهرة ، وبعل وسمين (السماء) واللات ، وكان لدى الأنباط كعبة لدى الشرى يمتله فيها حجر أسود مستطيل ، وفي الحضر لعبة ملأى بالأصنام (هي معبد شمس) يوامها الناس من الأقاصي بالنذور والحج والطواف، وكانت هذه الكعبة مركز النشاط الديني والاجتماعي ، وتقام فيها الأعياد وتجمع التبرعات ، ونيزل الزوار.
الهند
(من 300إلى 1200)
بعد قرون من التصدع السياسي والسيطرة الأجنبية توحدت الهند الشمالية ثانية في عهد أسرة جوبتا الملكية (325-550).
وهي الحقبة التقليدية في الهند وفي الهند الجنوبية أنشأت تدريجياً دولة عظيمة أخرى في ظل أسرة بالافا، وأسس ملوك جوبتا إمبراطورية عظيمة سيطرت على جميع أنحاء الهند الشمالية تقريباً، ومحافظين عليها أحياناً بالقوة وأحياناً بالحنكة، وأوجدت المواصلات الحسنة والأمن والرخاء، ثقافة جيدة ، وتجلت العبقرية الهندية في الفن والهندسة، وفي مطلع القرن السادس غزت شعوب الهون الهند من الشمال الغربي، وتغلغلت إلى أواسط الهند(وكانت قد غزت قبل ذلك أوربا إلى غربها) وأدى هذا الغزو إلى انهيار الجوبتا وطرد الهون من الهند بعد 30 سنة و تقاسمت الهند الشمالية دول متنافسة ، وتوحدت معظم الهند على يد هارتا الكارنجي(606-647) وبعد انتهاء حكم هارشا عانت الهند الشمالية من التجزئة السياسية ، إذ أخذت الدول الكبيرة تنقسم إلى وحدات صغرى وكانت تعلن ولاءها في البدء للسلطة المركزية ، ثم أصبحت مستقلة تدريجياً ، وفي غمرة هذه الإنقسامات غز الفاتح المسلم محمود القرنوي (من غزنة في أفغانستان) (971-1030) الهند الشمالية عدة مرات بين عامي (1000-1026) واستطاع محمود أن يحقق هدفه الأساسي وهو نشر الدين الإسلامي في أجزاء كثيرة من الهند، وتعرضت الهند إلى غزوات إسلامية جديدة ، ومع أواخر القرن الثاني عشر دخلت الهند الشمالية تحت سيطرة السلطنة الإسلامية في دلهي.
الصين
حوالي(1030ق.م) قدمت الغربية مجموعة من القبائل تدعى تشو وخلقت أسرة شانج (1600-1030ق.م) عن عرشها وهي الأسرة الحاكمة الأولى في تاريخ الصين للدون.
وعلى عهد أسرة تشو (1030-221ق.م) امتدت المملكة نحو البحر شرقاً، ونهر اليانجتسي جنوباً، وحدود شتوان إلى الجنوب الغربي، ومع استمرار التوسع قامت دولة نسبة مستقلة تهتم بالثقافة والدين أكثر من اهتمامها بالسلطة والسياسة، وكانت تدفع الجزية للإمبراطور وبلاطه ، ثم دخلت الدول الخاضعة للإمبراطور في تناحر(475-221ق.م) وأبان هذا التناحر ازدهرت الأفكار الفلسفية والأخلاقية ، ونشأت فئة مثقفة جديدة على رأسها كونوفوشيوس (551-479ق.م) الذي ألح في تعاليمه على الواجبات العائلية والاجتماعية وبتأثير من أفكاره إنهاء الإقطاع القديم ، ونشأ تقليد من التعاون الوثيق بين الفكر الفلسفي والعمل السياسي في الصين.
وفي هذا العهد حل الجديد محل البرونز لاسيما في صناعة الأسلحة ، واندمجت الدول الصغيرة في الدول القوية وأصبح في آخر الأمر أفرادا أسرة تشين حكاماً مطلقين موحدين للصين، فشهد عام (221ق.م) توحيد للصين للمرة الأولى في عهد أول إمبراطور يحكمها وهو شبه هوانج تي(259-210ق.م) فقد أعاد النظام الإقطاعي القديم وقسم البلاد إلى (26) مقاطعة وأقام عليها موظفين مسؤولين تجاهه مباشرة، وكذلك أكمل بناء السور العظيم وهو يمتد اليوم مسافة (2400)كلم من مقاطعة كانوا الجنوبية إلى ساحل بكين الشرقي.
وشبه هوانج تي إمبراطور مستبد أحرق جميع الكتب ما عدا الكتب الزراعية والطبية وكتب الصيدلة ، وبعد وفاة الإمبراطور الأول أنهار الكيان السياسي بسرعة وفي ظل حكم الإمبراطور الثاني الضعيف الذي قتل عام(207) انتهى عهد أسرة تشين.
وحاولت أسرة هان عام (206ق.م) أن تحكم على أسس نظام حكم تشين ، وبعد قرن تقلص الحكم المحلي الوراثي ، وأصبح المرشحين للحكومة المحلية ينتخبون على أساس امتحانات عامة ، وفي عام (124ق.م) أنشئت جامعة إمبراطورية لدراسة الكونغوسية ، وكان تلاميذ هذه الجامعة يتلقون ثقافة تهيؤهم للحكم وزاد عددهم بسرعة حتى بلغ في نهاية حكم تلك الأسرة (30000) تقريباً، وكذلك تأسست مدارس إقليمية ، وقد ساعد اختراع الورق على تطور الجهاز الإداري وتعزيز التربية ، كما حل الحبر والريشة محل أدوات الكتابة الحادة.
وأصبحت الصين دولة كبرى للمرة الأولى في عهد أسرتي تشين وهان ، وفي عام (581م) توحدت الصين على يد أسرة سوى، فأزداد الرخاء وخففت الضرائب إلا أن الإمبراطور الثاني كان مبذراً ، فرفع الضرائب ، وفي عام (618م) اغتاله أحد ضباطه وهو لي سيهم ين (الإمبراطور لي يوان) الذي أسس أسرة تانج.
اليابان
منذ بداية القرن الأول الميلادي هاجر إليها جمعات متتالية قادمة من البر الأسيوي عن طريق كوريا في معظم الأحيان جالبة معها عملية صب الحديد والبرونز ودولاب الخزف والأرز ، وقامت الحضارة اليايوية على قرى زراعية ، وفي القرن الثالث الميلادي ، وحدت المملكة بيمكو اليابان ، ومع حلول القرن السادس استطاعت أسرة ياماتو الإمبراطورية حل الخلافات الكورية الداخلية مما أدى إلى التعرف على الأفكار والمهارات الصينية التي كانت قد اجتاحت شبه الجزيرة الكورية.
ورافق ضعف سلطة الإمبراطور ظهور عائلات إقليمية ، وقد حاربوا سكان الشمال الأصليين وأصبحوا مستقلين عن الإمبراطور ، وكانت مزارعهم المستقلة تدفع مبالغ قليلة للعاصمة.
وفي القرن الحادي عشر أدركت بطانة الإمبراطور سطوة هذه الطبقة الجديدة فدعت أسر تايرا ومبناموتو القوية لمساعدتها على قمع الثورات الخطيرة ، وكانت أسرة فوجيوار تأمل في السيطرة على هؤلاء المحاربين الأشداء إلا أن أفراد أسرة تايرا لم يلبثوا أن حلوا محلها كأسياد نافذين في البلاط والعرش ، واستعمل تايرا كيو موري القوة والمكيدة للتغلب على منافسيه ، وفي عام (1180) نصب حفيده إمبراطوراً ، وبعد عشرين سنة من الحكم بدت أسرة تايرا ، وكأنها لا منازع لها في العاصمة إلا أن القوة العسكرية ، وكانت قد أصبحت آنذاك العامل الحاسم الوحيد في السياسة ، وهكذا ثارت جماعة ميناموتوا على الأسياد الجدد في هيان كيو.
وبين عامي(1180-1185) اشتبكت هاتان العائلتان وحلفاؤهما في حرب أهلية شاملة أدت في عام (1184) إلى تدمير قوات أسرة تايرا البريد ، وبعد ذلك بسنة واحدة على تدمير أسطولها، فاستتبت السيادة على اليابان آنذاك لعائلة ميناموتو.
غزوات الجرمانيين
في القرن الرابع تعرضت الحدود الممتدة من بحر الشمال إلى البحر الأسود مروراً بنهري الراين والدانوب لضغوط جديدة من قبل موجة أخرى من الجرمان، مت الفرنك والكون والبورجون والقوط الشرقيين والسواف والآلار والفاندال والحيبيديين ، وتدفقت هذه الشعوب غرباً في أواخر القرن الرابع نتيجة التكاثر السكاني ، ونقص الغذاء بالإضافة إلى وصول الهون المغول القادمين من آسيا الوسطى للنهب والسطو والاستطيان.
وفي عام (406) عبرت جيوش كبيرة من قبائل الغاندال والسواف والآلان نهر الراين نحو بلاد الفال التي كانت تعان من نزعات داخلية في الإدارة الإمبراطورية ، وكذلك أدت هجمات مماثلة مقرونة بالصراع الداخلي إلى انسحاب آخر فيلق روماني من بريطانيا.
وفي عام (416) أسس البور جونيون في بلاد الفال أول الممالك الرجمانية داخل حدود الإمبراطورية القديمة، وانتشر الفرنك في أنحاء فرنساء الشمالية فكانت النتيجة أن أخذ شكل أوربا الغربية الجديدة (أي بعد الحقبة الرومانية) ، وتفادت الإمبراطورية البيزنطية معظم أخطار الجرمان والهون بتحويل اتجاههم إلى الغرب في الشرق وحارب الإمبراطور جوستينيان(482-565) مدة 25 سنة ملك الفرس كسرى انوشروان حكم(531-579) وفي حوض البحر الأبيض المتوسط انقلب ميزان القوى مؤقتاً بعد احتلال جوستنيان لأفريقية ثانية(533-534) ولإيطاليا(536-554) إلا أن كل هذه الجهود ذهبت سدى في القرن التالي عندما سيطر المسلمون على جميع أراضي الإمبراطورية من الشرق الأوسط إلى أفريقيا الشمالية وراحوا يحاصرون القسطنطينية سنوياً.
أطراف الجزيرة العربية
قبل الإسلام
الفترة السابقة للإسلام من تاريخ العرب تسمى الجاهلية وترجع إلى مطالع القرن الثالث الميلادي ، وعهد سابور الأول (ذي الأكتاف) الذي سحق هجرة بدوية واسعة من العرب وردها إلى الصحراء ودمر مدينة الحضر وحاول احتلال تدمر.
ولما كان القرن الثالث للميلاد قد شهد زوال تدمر والحضر بعد أن زال الأنباط قبلهما بأكثر من قرن ، فقد وجد البدو الوافدين باستمرار على هذه المنطقة مهمة حربية جاهزة للعمل بجانب هذه القوة أو تلك ، كما دفع ذلك القوتين على استخدام الوافدين البدو لحماية المناطق الحضرية من الجماعات الجديدة اللاحقة بعدهم ولحراسة قوافل التجارة وسلامة طرقها ولدعم القوى العسكرية في فترات الحروب ، وهكذا بذات بين البادية العربية وكل من الساسانيين والرومان علاقات جديدة تمثلت في عدد من الممالك:
1- المناذرة:
دخلت تنوخ من الجنوب الفتوح على البادية واستغلت ضعف الأخمينيين فتوطنت غرب وادي الفرات متعاونة مع تدمر والحضر، ثم تحالفت مع الساسانيين أيام زعيمها جديمة الأبرس فلما قتل تزعمها ابن اخته عمرو بن عدي الذي يعتبر مؤسسة أسرة آل لحم التي تنحدر منها ملوك المناذرة ، وقد دخلت تنوخ مع ظهور الساسانيين في العراق في النصف الأول من القرن الثالث الميلادي ، واستفاد عمرو من سقوط تدمر والحضر، فأصبح يسيطر على البادية وتجارتها إلى حدود الشام واتخذ مقراً له الحيرة التي صارت بسرعة مركزاً عسكرياً وتجارياً وزراعياً مما قرب طيفور(المدائن) عاصمة السانيين.
وامرؤ القيس بن عمرو المتوفي سنة (328م) سمي نفسه (ملك العرب كلهم) وأبرز الملوك المناذرة بعده النعمان الأعور(400-418) الذي اشتهر عسكرياً بكتيبة الشهباء والدوسر ، وابانه بني قصر الخورنق والسدير وفي النصف الثاني من القرن السادس دخل المناذرة النصرانية ونشروها في البحرين.
وسقطت الأسرة الخمية زمن النعمان الثالث رأبي قابوس (580-602) بمقتله على يد الساسانيين قبل الفتح الإسلامي بخمس وثلاثين سنة ، وكان لعرب الحيرة لهجة من اللسان العربي، ولهم كتابة مشتقة عن الارامنية، صارت فيما بعد أصل الكتابة الكوفية العربية.
2- الغساسنة:
والغساسنة فرع من قبائل الأرد التي هاجرت من اليمن نحو عمان والشام ، حوالي القرن الرابع ، وكان بنو سليم وبعض قبائل العرب الأخرى قد سبقوا الغساسنة وتعاملوا مع السلطة البيزنطية في أواخر القرن الخامس ،واستقر الغساسنة في أطراف البادية بزعامة آل زفنة ، ثم أثبتوا قوتهم الحربية ، وحلوا محل سليم في حماية الحدود والقوافل ، وأخذ المعونة السنوية على ذلك من البيزنطيين بعد أن دخلوا النصرانية على المذهب الشامي.
وكان العرب يسمون الغساسنة بالملوك وبيزنطة محتهم الأكليل ثم منحهم الإمبراطور البيزنطي التاج سنة (580) لكن حين هزم أمام الفرس نسب الهزيمة إلى المنذر الغساني ونفاه إلى صلية، ولما ثار أولاده على بيزنطة تصدعت أحوال العرب في الشام، وفقدت جبهة البادية استقرارها حين احتل الساسانيون الشام (613-164) تم جاء الفتح الإسلامي بعدة سنة(632) وضع هذا كله النهاية للملك الغساني.
بنو الجلندي (المعوليون)
هو زعماء موجة الهجرة العربية الثانية من الأزد إلى عمان في القرن الخامس الميلادي. وتوحدت المجموعات الأزدية السابقة واللاحقة (بنو هناءة وبنو المعلول) تحت زعامتهم، وكانت السلطة في الساحل المأهول من عمان للفرس، ومركزها الرستاق وعين الفرس زعيم المعلول جلندي على عرب عمان، وكان لهم في البحرين واليمن قائداً(اصبهبذ) وتحول بيت المعلول في القرن السابق للإسلام إلى بيت ملك وصار اللقب اسماً للأسرة.
وحين ظهر الإسلام وجد أهل عمان فيه بجانب الدين وسيلة للتخلص من سيطرة الفرس، فسرعان ما قبلوه بزعامة جيفر وعبد، ولدي الجلنري المستكبر.
عمان القديمة بدوية متأثرة بثقافة الهلال الخصيب، والحيرة كانت مدينة تسيرط على الخليج العربي عمرانياً وسياسياً.
أما الغساسنة فكان مقرهم في الجابية في الجولان ثم في جلق بالقرب منها ولهم النفوذ ما بين الرقه إلى شمال الحجاز وهي مناطق كانت تحوي أكثر من 300 قرية عامرة بنو فيها السدود والصهاريج للري ، وكانوا يفضلون التنقل فبنوا عدداً من الهون والقصور البدوية ، (منها قصر الضمير ودير قصر الحير الغربي) كما عنوا ببناء الكنائس والأديرة.
كان كل من المناذرة والغساسنة يمثلون التحضر العربي، يفد عليهم زعماء العرب في قصورهم ويستقبلون الشعراء ويجزلون لهم العطاء.
العرب قبل الإسلام
كانت أطراف الجزيرة العربية دوماً في اليمن وعمان والمناطق المتصلة بالشام وما بين النهرين ، أكثر تقدماً من وسطها النجدي والحجازي الذي تغلب فيه البداوة وحضارات الوحات.
ما بين النصف الأول من القرن السادس ومطالع السابع هي فترة العصر الجاهلي.
مملكة كندة
كندة قبيلة يمانية ، وكانت في شمال نجران حوالي سنة (60ق.م) ثم سكنت تهامة ، ثم كانت في أوائل القرن الرابع الميلادي واحدة من ثمانية تجمعات عسكرية تؤلف جيش حمير ، ثم كانت حوالي سنة (425) مع حملة الملك الحميري على أواسط الجزيرة ، وأخذ زعيمها منه حكم قبائل معد، أول الملوك حوالي سنة (450) هو حجر بن عمرو آكل المرار ، وقد استقر في عرب نجد وبلغت الأسرة أوجهاً في عهد حفيده الحارث بن عمرو الذي لكم أكثر من أربعين سنة ، وعين أولاده لحكم القبائل المختلفة ، وأنهى حرب البسوس بين بكر وتغلب ، وحاول أن يزاحم الغساسنة حين استقروا في الشام ففشل ثم صار صديق بيزنطة وحاول الحلول محل مناذرة الحيرة واعتنق المزركية ففتك هؤلاء بالأسرة الكندية سنة (519م) وكانت الضربة القاضية ومات الحارث بعدها ، وتوزعت المملكة بين أولاده، وكان كبيرهم حجر الذي حاول منع تقسيم المملكة بين أولاده، وكان كبيرهم حجر الذي حاول منع تقسيم المملكة ، وقتل في حربه مع بني أسد الثائرين عليه ، وحاول ابنه الأصغر امرؤ القيس (الشاعر العربي الأول) المولود حوالي سنة (500م) أن يتأثر لأبيه، واستنجد بالروم لاسترداد الملك لكنه توفى في أنقره ، وانسحب الكنديون في نجد إلى حضرموت في أواسط القرن السادس.
التنظيم السياسي في الحجاز
مكة المكرمة كانت محطة تجارية تميزت بوجود الكعبة فيها ، ولقد فشل الرومان والأحباش في السيطرة عليها ، واستفادت في القرن السادس أيام زعيمها قصي بن كلاب تنظيم نفسها فجعلت اللواء لبني عبدالدار والقيادة لبني أمية والحكومة (وهي أموال الأصنام) لبني سهم والأعنة لغيرهم، وقسمت الوظائف الدينية بين الأسر ، كالحجابة (فماتيح الكعبة) والسدانة والسقاية الرفادة (وهي أمور المال) والنسيء والعمارة.
وحرمت قريش الحرب في الأشهر الحرم وحدد الحرم الري يحرم فيه تحريم حمل السلاح وهذه مما بقي من الإسلام القديم.
وعرفت قريش رحلة الشتاء والصيف ، وعقد لذلك الأحلاف مع اليمن والشام والحيرة، وكان لقريش دار الندوة يجتمع فيها وجاءوها، وتسمى الملأ، وتتخذ القرارات السياسية(القرارات المتعلقة بالمصلحة العامة)
يثرب
سكنها الأوس والخزرج الذين جاءوا من اليمن، وسكنها اليهود وكانت بينهم منافسات ووقائع ثم اتفقوا قبيل الهجرة أن يكون عبدالله بن أبي بن سلول الخزرجي ملكاً عليهم وكانوا يرصعون له التاج حين تمت الهجرة ، فصار لذلك رأس المنافقين.
ومثل ذلك مجرى في بني حنيفة وفي بني سليم إذ لبس زعماء هما التيجان.
الاقتصاد
عرف العرب اقتصاد السوق الذي يتبدى في الأسواق الموسعة التي تطوف جزيرة العرب، وكانت مواقعها حرماً ما امتد السوق وكانت مواسم السوق مواسم دينية وأدبية واجتماعية اقتصادية ، وأشهر الأسواق عكاظ في مكة.
الفكر
يتبدى الفكر في جزيرة العرب في ناحيتين:
1- الشعر ذو البحور والقوافي.
2- اللغة العربية المتطورة جداً
الدين
كان الدين السائد الوثنية بالإضافة النصرانية واليهودية والزراد شبه في البحرين وعمان.
وتوجد الحنيفة التي هي دين إبراهيم ، ودين إبراهيم كدين الأنبياء والرسل جميعاً(الإسلام).
الإسلام ما قبل النبي ×
الأمة الإسلامية هي الجماعة التي تؤمن بالإسلام الذي نزل به جبريل عليه السلام على الأنبياء والرسل من لدن آدم عليه السلام إلى خاتم الأنبياء والرسول محمد × .
وظهر آدم عليه السلام في مكة المكرمة وآدم علمه الله اللغة الأولى ، وخلق الله لآدم زوجته حواء ، وتكونت الأسرة الأولى بأن لا يتزوج الولد توأمته التي حملت معه، وكان قابيل قد أصر أن يتزوج أخته التي حملت معه وهذه الأخت قد كانت توأمة هابيل ، فقتل قابيل هابيل حتى لا يتزوجها، ثم رزق آدم شيئاً ، ثم رزقه البنين والبنات الذين تزوجوا وتكاثروا ، وكان آدم يعلمهم الدين الإسلامي حتى لحق بالرفيق الأعلى عليه السلام، ثم كمل المسيرة من بعده شيت بن آدم عليهما السلام ، وكان رسولاً يواصل دعوة أبيه إلى الإسلام ، ثم واصل الدعوة إلى الإسلام بعد شيت ، وكان شيت أول من خط بالقلم، والوحي كان يعلم الرسل ثقافة الإسلام ، كما علم آدم اللغة الأولى ، وكان الفرص من الوحي جعل الإسلام هو ثقافة المجتمع المسلم على مر التاريخ الإنساني ، وما الثقافات الأخرى إلا الانحراف عن ثقافة الإسلام.
وقد روى ابن حبان في صحيحه عن أبي ذر قال : قلت : يا رسول الله ، كم الأنبياء ؟ قال : ( مائة ألف وأربعة وعشرون ألفًاً ) ، قلت : يا رسول الله ، كم الرسل منهم ؟ قال : ( ثلاثمائة وثلاثة عشر جَمّ غَفِير) ، قلت : يا رسول الله ، من كان أولهم ؟ قال : ( آدم )[رواه ابن حبان
( 361 )] .
وكان عمر آدم عليه السلام ألف سنة كما جاء في قصص الأنبياء لابن كثير رحمة الله.
الهجرات البشرية الأولى
سكن آدم وذريته في مكة المكرمة أم القرى وكانت أولى الهجرات:
1- الهجرة إلى العراق ثم واصل بعضهم إلى آسيا وأمريكا ، وكان يرسل إلى كل جماعة مهاجرة رسل يعملوهم الإسلام.
2- الهجرة إلى الشام والبحر المتوسط وقد أرسل الله إليهم رسل يعلموهم الإسلام.
3- الهجرة إلى اليمن وأفريقيا والهند، وقد أرسل الله إليهم رسل يعلموهم الإسلام، وجاء ذكر ذلك في كتاب (التاريخي الإسلامي قبل البعثة لمحمود شاكر: ص30) وجاء في كتاب (تاريخ العالم / هـ ج ويلز ، ص62) أن أول الحضارات كانت الحضارة الفرعونية والحضارة السومرية.
العراق
بعد أن تكاثرت ذرية آدم في جزيرة العرب هاجر قسم منهم إلى العراق وعملوا بالزراعة وبعث الله إليهم نوح عليه السلام ، وقد بعث بعد آدم بألف سنة ، بعد أن أنحرفوا عن الإسلام بعبادة الأصنام ، وأخذ نوح عليه السلام يدعوهم إلى الإسلام طيلة (950) سنة ، فأمر الله بصناعة الفلك وحمل معه فيها من آمن بالإسلام ، وحمل معه من الحيونات من كل زوج اثنين ، فأغرق الله الذين كفروا بالإسلام ، ثم رست السفينة على جبل الجودي (جبل أرارات شرق تركيا اليوم) فخرج ركاب السفينة من السفينة هناك فهاجر أبناء سام إلى جزيرة العرب وأبناء حام هاجروا إلى العراق وما جاورها ، وهاجر أبناء يافت شرقاً وغرباً والبقية إلى بقاع العالم.
السومريون
استقر السومريون بسهل سنعار في العراق وعملوا بالزراعة وبنو السدود، وأقاموا بجانبهم الأكاديون وعاصمتهم أعاد وانتقل العيلاميون إلى المرتفعات الشرقية من هذه البقعة وبنوا مدينة(سوزا).
وكان السومريون أكبر قوة في العراق وبعث الله إلى العراق إبراهيم عليه السلام وهو من مدينة (أور) ومن ذرية سام بن نوح وكان إبراهيم كسائر الرسل يدعو إلى الإسلام ، وناقش إبراهيم عليه السلام (النمرود) الذي كان يدعي الإلوهية ، وقال له : ربي الذي يحي ويميت قال : أنا أحي وأميت
قال: إبراهيم فإن الله يأتي الشمس من المشرق فآت بها من المغرب فبهت الذي كفر.
وحطم إبراهيم عليه السلام الأصنام ، وجعل الفأس في رأس كبيرهم ليبين لهم عجزهم وقرر قوم إبراهيم عليه السلام حرفه.
ولم يؤمن مع إبراهيم إلا زوجته سارة ولوط ابن أخيه عليه السلام فاهجر بهم إلى بلاد الشام ، وأما قوم إبراهيم عليه السلام فهم السامريون ، فقد سلط الله عليهم الأكاديون في العراق ، ثم أتى البابليون من الجنوب الغربي للعراق وحكموها ، وجعلوا عاصمتهم (بابل) وقد اهتموا بالزراعة والعمران ، وقد سيطر الآشوريون على شمال العراق ، وكانت عاصمتهم (فينوي) ، ثم امتد نفوذهم إلى كل العراق وبلاد الشام وأجزاء من مصر.
وأرسل الله إلى أهل نينوي يونس عليه السلام ليعلمهم الإسلام ، فلم يؤمنوا بالإسلام فضاق بهم ذرعاً ، وسافر في سفينة في نهر دجلة ، وكادت السفينة أن تغرق فقرر ركاب السفينة أن يقترعوا على أحدهم ليرموه تخفيفاً لحمولة السفينة ، فوقعت القرعة على يونس عليه السلام فرموه ، وألتقمه الحوت بأمر الله ، فندم يونس عليه السلام، وتاب فغفر الله له وعاد إلى قومه فدعاهم ، فأسلموا.
وحكم الكلدانيون العراق، وكان أعظم ملوكهم (بختنصر) الذي استولى على بلاد الشام ودمر القدس واستباح اليهود وسلبهم ملكهم ، فأهلكهم وشردهم وأسرهم، وفرق بنو إسرائيل في أنحاء الأرض ، واستقر بعض في الحجاز ومصر وغيرها، واحتل بختنصر مصر، وأشهر أعماله بناء برج بابل المشهور ، واستمرت الدولة البابلية حتى قضى عليها الفرس ، واحتلوا العراق حوالي عام(1161ق.هـ -504ق.م).
الفرس
الفرس أصلاً عراقيون ، فهاجروا شرقاً وعمروا فارس ، فلما قووا غزوا الكلدان وسيطروا على مصر والعراق وظلوا في مصر حتى احتلها الاسكندر المقدوني الإغريقي ، وظلوا في العراق حتى الفتوحات الإسلامية.
موجز التاريخ
تأليف:
منصور بن عبد الرحمن عطي

التاريخ
أهمية التاريخ:
التاريخ هو معمل البشرية إذ يوفر للناس التجربة التي تستنبط فيها القوانين التي تحكم حركة التاريخ:(وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ)[القصص58]، إن هلاك المجتمعات البطر وهو عدم توفير الرفاهية لأفراد المجتمع.
ولقد قص القرآن الكريم علينا أحسن القصص وليثبتنا على الحق، وهذه القصص من أبناء الغيب لم يذكرها التاريخ، فالتاريخ أكثره محرف وأكثره قد ضاع، وذلك أن القادرين على التدوين مهم الأغنياء.
والتاريخ قسمان : تاريخ قديم وتاريخ حديث والتاريخ الحديث مصور سينمائي وإن كان قد زوره أصحاب الهوى والعلماء.
والإسلام ينظر إلى تاريخ الإنسان هو تاريخ الهدى والرشاد، وهو تاريخ الرسل والأنبياء وما تبعه من تاريخ الوثنية الذي يعقب إسلام كل رسول، ثم يأتي رسول آخر ليعيد الناس الإسلام ، فالتاريخ هو تاريخ الإسلام منذ آدم إلى محمد على أن تقوم الساعة ، فالتاريخ في الإسلام ليس تاريخ أحداث بل تاريخ لتثبيت التوحيد والأخلاق والعلم والتقنية.
ولقد روى التاريخ أنه لما بلغ الجيش الإسلامي وادي الأردن وعسكر أبو عبيدة رضي الله عنه فيه كتب إلى أهالي النصارى إلى المسلمين يقولون: يا معشر المسلمين أنتم أحب إلينا من الروم، وإن كانوا على ديننا ، أنتم أوفى لنا وارأف بنا، وأكف عن ظلمنا، وأحسن ولاية علينا ولكنهم غلبونا على أمرنا وعلى منازلنا ، وأغلق أهل حمس أبواب مدينتهم، دون جيش هرقل وابلغوا المسلمين أو ولايتهم عدلهم أحب إليهم من ظلم الأغريق
وتعسفهم.
تدوين التاريخ:
بدأ تاريخ المسلمين بعصر النبوة عصر النبي × خاتم رسل الله ـ أي في مطلع القرن الأول الهجري الأول ومنتصف القرن السادس الميلادي وفي العصر النبوي وعصر الخلفاء الراشدين ـ تم التدوين بدقة تامة فوضع المؤرخين كتب السيرة ، سيرة النبي × ، ثم سيرة الخلفاء الراشدين ، كما دونت كتب التاريخ للدولة الأموية والتي استمرت قرابة الثمانين عاماً ، والدولة العباسية ، ثم الدويلات الأخرى.
بدء التاريخ الإسلامي:
الإسلام بدأ مع آدم وما زال الإسلام هو الإسلام فكلما حرفه المحرفون عاد على يد رسول من الرسل حتى ختم بالنبي الخاتم × الذي عاش أحد عشر عاماً بعد الهجرة ، ومن الهجرة يبدأ التاريخ الإسلامي ، لما لحق الرسول × بالرفيق الأعلى عام 11 للهجرة 632م ترك مسألة الحكم دون أن يبث فيها كي تكون شورى بين المسلمين عملاً بقوله تعالى: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)[الشورى:38]، يقررون فيها ما سيقر عن بيعة عامة وبذلك عصر الخلافة الراشدة، وبدأت الخلافة الراشدة بمبايعة أبي بكر رضي الله عنه وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم جميعاً، وامتدت الفتوحات في الخلافة الراشدة حتى شملت العراق واليمن وليبيا وبلاد فارس وشطر من أرض الروم ، وجزيرة العرب التي دانت بكاملها في العهد النبوي، واستمرت الخلافة الراشدة على سنة 40 هجرية(660ميلادية) ويعد علي رضي الله عنه آخر الخلفاء الراشدين، وكانت المدينة المنورة عاصمة العالم الإسلامي في العصر الراشدي.
الدولة الأموية:
ولقد بويع لمعاوية رضي الله عنه بعد استشهاد علي رضي الله عنه بيعة عامة سنة 40 للهجرة وتنازل له الحسن بن علي رضي الله عنهم بعهد مكتوب ، ورأى معاوية رضي الله عنه في آخر أيامه أن يأخذ لبيعة لابنه يزيد بالخلافة خوفاً من قيام حرب جديدة ، وقد بويع له بيعة عامة في المسجد النبوي ، وكانت دمشق عاصمة الدولة الإسلامية ، وامتدت رقعة الإسلام إلى أن شملت جزيرة العرب وبلاد الشام كلها ، ثم العراق وإيران والسودان ومصر وشمال أفريقيا كله ، وفي نفس الوقت ذهب عبدالرحمن الداخل إلى المغرب حيث فتح بلاد الأندلس ، ثم سقطت الدولة الأموية على يد العباسيين سنة 133 للهجرة (705م) استمرت تسعون عاماً ، واستمرت بلاد الأندلس جزءاً من بلاد الإسلام على ثمانية قرون.
الدولة الأموية منهم:
1- معاوية .
2- يزيد.
3- معاوية بن يزيد.
4- مرون بن الحكم بن أمية.
5- عبدالله .
6- الوليد.
7- سليمان.
8- عمر بن عبدالعزيز.
9- يزيد بن عبدالملك.
10- هشام بن عبدالملك.
11- الوليد بن يزيد.
12- يزيد بن الوليد.
13- إبراهيم بن الوليد.
14- مروان بن محمد وهو آخر الخلفاء الأمويين.
الدولة العباسية:
تم انتقال الحكم إلى العباسيين بعد انتصارهم على آخر الأمويين في موقعة (نهر الزاب) سنة 133 للهجرة ، وكانت عاصمة حكمهم بغداد وحكمة الدولة العباسية خمسة مائة سنة ، وبدأت الدعوة على الدولة العباسية سراً في أطراف إيران وخرسان. وقد حكم العباسيين 37 رجلاً أشهرهم عبدالله بن علي بن عبدالله بن عباس السفاح، ثم أبو جعفر المنصور ، ثم المهدي والهادي وهارون الرشيد والأمين والمأمون والمعتصم والواثق ، والمتوكل ، والمكتفي والمقتدر ، والناصر، ثم آخرهم المستعصم الذي قتله التتار بقيادة هولاكو سنة 656 هـ وأزالوا نفوذ الدولة العباسية.
التتار:
كان المستعصم متعهد بجميع أموره إلى وزيره (مؤيد الدين بن العلقمي)، الرافضي ، وكان من أعوانه ابن أبي حديد شارح نهج البلاغة ، فصار ابن العلقمي يكاتب هولاكو سراً ويطمعه في ملك بغداد ويخبره بكل أخبارها وصورها ، وصار يحسن للمستعصم توفي الخزائن وعدم الصرف على العسكر، ويأذن لهم أن يذهبوا حيث شاءوا ، وحضر التتار وقاموا بتدمير كل شيء، وابن العلقمي يخفي عن الخليفة الأخبار ، حتى حاصروا بغداد ، فخرج المستعصم لقتالهم وصبر أهل بغداد حتى هلك أكثر الناس ، واستمر الذبح في المسلمين أربعين يوماً حتى بلغ مليون رجل ، وسبيت النساء والأطفال، ولم يسلم إلا من اختفى في بئر أو قناة.
وزين ابن العلقمي للمستعصم أن يصالح هولاكو على أن يصاهره فخرج الخليفة في أعيان دولته وأعدت خيمات كبيرة لحضور الوفود من الأعيان والفقهاء لإجراءات العقد ، فكانت تضرب أعناقهم فوجاً بعد فوج ـ حتى هلك الناس ، ثم أن الخليفة حمل إلى هولاكوه ، فأمهله أياماً حتى استصفى كل أمواله وأملاكه ، ثم وضعه في غرارة وأمر جنوده أن يرفسوه بالأرجل حتى مات.
وأخذ هولاكو جميع النقود وأمر بحرق الدور ورمى بالكتب في دجلة حتى كانت جسراً يمرون عليها مشاة وركباناً.
الدويلات:
أما في مصر والشام عقد استقلت الدولة الطولنية سنة 254 ، ثم تبعتها الدولة الأخشيدية في نفس تلك الأقاليم سنة 325هـ وفي ليبيا وتونس انفصلت دولة الأغالبة سنة 184هـ وفي الجزائر قامت الدولة الرسمية سنة 159هـ ، وفي المغرب قامت دولة الإدارة سنة 172هـ .
ثم جاءت الدولة الفاطمية الإسماعيلية بعد الأخشيديين سنة 358هـ وأشعت حتى شملت جزيرة العرب والسام ومصر والشمال الأفريقي، وحكم السلاجقة العراق وجزيرة العرب والخليج العربي وجزء من الشام سنة 435هـ.
الدولة الفاطمية:
أسسها عبيدالله الملقب بالمهدي، وكان جده يهودياً حداداً ، والعبيديون إسماعليون، وكان قد استفحل أمرهم بالشمال الأفريقي وحاولوا غزو مصر مرات عديدة ، إلى أن تم لهم ذلك على يد جوهر الصقلي الرومي سنة 358هـ واختط مدينة القاهرة وحضر المعد لدين الله حفيد عبيد الله المهدي واستقر في مصر وأظهر الإسماعيلية وبنى الجامع الأزهر ليدرس الإسماعيلية.
وقد حكم من الفاطميين أحد عشر رجلاً، وأشهرهم المعز لدين الله الفاطمي، ثم العزيز نزار ، ثم ابنه الحاكم بأمر الله معبود الدروز ، ثم الظاهر ثم المنتصر ، ثم العاضد وهو آخرهم ، وكان من وزراء العاضد الوزير شاور ، الذي اتصل بالصليبين سراً ودعاهم للقدوم إلى مصر وجاء بعده أسد الدين شيركوه.
الدولة الأيوبية:
أزالت الدولة الأيوبية الدولة الفاطمية ، وقد حكم هذه الدولة أحد عشر رجلاً في مصر والشام ، وامتد سلطانها إلى اليمن، ومن أشهر حكام هذه الدولة صلاح الدين الأيوبي الذي استرد بيت المقدس، وأجلى الصليبين، وقويت شوكة المماليك بعد ضعف الدولة الأيوبية ، ونشأت دولة المماليك التركمانية ، وكان احتلال الصليبين للشام ومصر إبان عهد الدولة الفاطمية والدولة الأيوبية ودولة المماليك ، فالدولة المملوكية التركمانية حكم فيها 24 رجلاً، ثم جاءت بعدها دولة المماليك الشركة وقد حكم منهم 17 رجلاً وأشهرهم سيف الدين برقوق وقد أحضر المستعين بالله العباسي من بغداد وكان حكم اسمي والأشراف ، قانصو الفوري آخر المماليك ، ثم جاءت الدولة العثمانية التي حكمها 25 رجلاً ، وبدأت سنة 822 للهجرة واستمرت على سنة 1305 هـ 1924م.
وكانت هذه الدولة تحكم جزيرة العرب والشام ومصر والخليج والشمال الأفريقي وأجزاء شاسعة من أوربا وآسيا، وضعفت الدولة بسبب الفساد في فرق الجيش ودخول اليهود الدونما إلى القصر، وتسللوا بأسماء إسلامية ، وظهور النزعات القومية التي نادت بالاستقلال عن تركيا ، والإغراق في الديون واتساع الدول الأوربية المجاورة على حساب الدولة التركية ، وفي سنة 1914م قامت الحرب العظمى الأولى ، وانتهت بعد أربع سنوات ، واحتل الانجليز وحلفاؤهم سواحل بحر مرمرة ، وحاصروا العاصمة اسطنبول سنة 1922م ، ثم عقد هدنة أمورافيا ، التي نصت على جلاء انجلترا وحلفائها عن هذه البلاد مع اقتسام بعض الأملاك التركية ، ثم أعلن المجلس الوطني الكبير إلغاء السلطنة العثمانية ، وأعلنت الجمهورية التركية في أكتوبر سنة 1923م وانتخبت مصطفى كمال أتاتورك رئيساً لها ، وأقيمت فعالية إلغاء الخلافة سنة 1924م، وإزالة الطابع الإسلامي عن تركيا، وأخرج من تركيا آخر خليفة ، السلطان عبدالحميد الثاني ، وحرم استعمال اللغة العربية.









مسيرة الحضارة
وسائل التاريخ
أولاً: الرواية
1- الرواية الشفوية : وهي مادة التاريخ الأولية والدائمة.
2- الرواية المكتوبة: وهي مادة التاريخ منذ وجودة الكتابة وهي تسجيل الرواية الشفوية كتابة.
ثانياً: الآثار
وتعد الآثار وسائل التاريخ قبل عصر الكتابة وتعد الكتابة الأثرية وهي وثائق التاريخ القديم وتستفيد التاريخ الآن من كشوف الأناسة وعلم النفس وعلم الاجتماع واللغويات والاقتصاد والإحصاء والفلكلور والطب وغيرها من العلوم وعلم الآثار.
فن ما قبل التاريخ
الإنسان لديه حس جمالي بالفطرة عبر عنه عبر بأشكال مختلفة، وقبل حوالي 30000 سنة.
ولقد كانت أقدم أشكال الفن التي عثر عليها في الكهوف في جنوب غرب فرنسا وشمال شرق أسبانيا ولقد اكتشف فن العصر الحجري عام (875) (35000-10000 سنة).
فن العصر الحجري القديم جدراني ويتكون من رسوم ونقوش ومنحوتات على سقوف الكهوف وجدرانها وأرضيتها. ومتحرك ويتكون من أشياء صغيرة منقولة، وفن الكهوف لا يحمل تاريخاً معيناً ويوجد في موضعه الطبيعي والفن المتحرك كثيراً ما يوجد في طبقات أثرية واضحة التواريخ ودون أدلة تلقى ضوءاً على أوجه استعماله ، ويتكون الفن المتحرك من رسوم مفردة ومنعزلة ، ويتكون فن الكهوف من عدة رسوم متلاصقة وأحياناً ذات صلة بعضها ببعض، ويقتصر فن الكهوف على منطقة صغيرة في فرنسا وأسبانيا ووادي الدوردوني وجبال البيرينية العليا ، والجبال الكنتايرية، وأساليب الفن الجدراني تعود إلى أقدم عصور الإنسان وهذا الفن يكشف الدافع الفطري إلى الفن مدة أجل الفن وهو نوع من تسجيل الإنسان عن ذاته.
بداية الزراعة
في بداية العصر الحجري الجديد دجن الإنسان كل النباتات والحيوانات الصالحة للغذاء فانتقل الإنسان من قطف الغذاء إلى إنتاج الغذاء.
المزارعون والرعاة الأول
في أوائل الألف الثامن قبل عيسى بن مريم عليه السلام ظهرت زراعة الحبوب وتدجين الحيوانات في منطقة الشرق الأوسط بين خطي العرض(30) و(40) درجة شمالاً على مساحة تمتد على طول ألف ميل من بلاد الأناضول إلى إيران، وكانت تعيش في هذه المنطقة أنواع مختلفة من النباتات والحيوانات البرية القابلة للتدجين، فقد شاهد الإنسان القديم الحنطة والشعير تنمو على المرتفعات والماعز والغنم ترعى على المنحدرات، وكانت هناك تنوع في المناطق العامرة بالماء والموارد الطبيعية كان كافياً لجعل القناصين وصائدي السمك وقاطفي الثمار يعيشون عيشة مستقرة حتى بعد انتهاء العصر الجليدي الأخير حوالي عام 8000 قبل الميلاد.
في البدء كان نمو الزراعة ورعي الماشية بطيئاً وعشوائياً، وكانت الحبوب البرية تلتقط وتلقى بجوار موقع الاستيطان. وكان الصيادون يصيدون الحيوانات الصغيرة ويأخذونها معهم إلى منازلهم وكانت قطعان الأغنام ترعى على الهضاب منذ سنة (8500ق.م).
المستوطنات الأولى في العصر الحجري الجديد:
كان المستوطنات الأولى في العصر الحجري الجديد تقع بالقرب من الينابيع، وكان الناس في هذا العصر يعقدون على الاقتصاد الزراعي لمعيشتهم ، وأخذوا يتكاثرون بسرعة مع ظهور الري الذي استحدث في أريحا وهاجر الناس إلى سهول بلاد ما بين النهرين ، حيث أصبحت حضارة العصر الحجري الجديد وأرست القواعد لقيام الحضارة السومرية ، وأبان ذلك انتشر إنتاج الغذاء من بلاد الأناضول إلى اليونان ومنها إلى أوربا.
وقد يمكن المزارعون في الأراضي الغابية التي مهدها القطع والحريق من استغلال تربة حوض الدانوب الخصبة كما كان البناة بالحجارة الضخمة يطوفون في تلك الفترة طوال سواحل أوربا الغربية.
محاصيل الحضارات
قامت حضارة آسيا الغربية وأوربا على الحنطة والشعير اللذين تلائمها المناطق المعتدلة وتحت المدارية والمناطق المدارية أكثر ملائمة للدخن والأرز والذرة وبدأت زراعة الأرز في الهند قبل الصين التي كان الدخن محصولها الأكبر والخنزير حيوانها الداجن الرئيس حتى حوالي (2000ق.م) ومناطق افريقية الواقعة وراء الصحراء سبقت زراعة النباتات الجذرية زراعة الحبوب(أي الدخن والذرة) وكان الرعاة يجدون حوالي(300ق.م) مراعي على امتداد الصحراء وفي الحقبة التي سبقت تحول المنطقة إلى صحراء جرداء، وكانت الذرة تزرع في المكسيك في حدود عام (5000ق.م) ولم يستقر أحد في مواطن ثابتة في أمريكا قبل العام (15000ق.م).
الشرق القديم
التاريخ القديم لآسيا الغربية يسمى في الاصطلاح تاريخ الشرق القديم ، ويشمل الحضارات التي ظهرت في آسيا الصغرى وسورية والعراق وجزيرة العرب مع الخليج وإيران واحتل وسط المسوح في هذه المنطقة على التوالي السومريون ، فالباليون والأشوريون فالفرس.
تطور الكتابة:
انبثق الخط المسماري عن الكتابة التصورية التي كان السومريون يستعملونها في جنوب بلاد ما بين النهرين في أواخر الألف الرابع قبل الميلاد، وانتقل الخط المسماري إلى البابليين لكتابة لغتهم الأكادية وأقس الناطقون بالأكادية ولا سيما الأثوريون الخط المسماري وأدخلوا عليه تعديلات طفيفة في مناطق أخرى من غرب آسيا الكتابة لغة أخرى كالحثية والعيلامية الحورية والأورارثية واستعمل المبدأ نفسه وهو عبارة عن مجموعات من نقوش مسمارية شبيهة بالأسافين في كتابة الخط الفارسي القديم الأبسط للإمبراطورية الأخمينية وفي كتابة الخط الأبجدية لدى الفينيقيين.
الحضارة السومرية
مدينة (أريدو) أولى المدن الخمسة الموجودة قبل الطوفان، وهذه المدينة تقع جنوب العراق وكانت مساكنها الأولى من أكواخ القصب وبعضها من الطين ، وتعاقبت الحقب السابقة للسلالات المالكة ، فانتجت على التوالي الفخار الملون ، فمراكب صيد الأسماك فمقاليع الصيد بالحجارة والفؤوس ذات الرؤوس الصوانية والمتاجل المئوية بالنار فالكتابة فدولاب الخزاف فالممرات والعربة فالنحت فأواني الفضة والنحاس والرصاص.
ظهرت الكتابة في مرحلة قبل سنة(3000ق.م) بقليل و السومريون هم الذين اخترعوا الكتابة وجاء بعض ملوك سومر قبل لطوفان.
وكسر هي المدينة التي شهدت عودة نظام الملوك إلى الأرض في حقبة ما بعد الطوفان.
الساميون الأوائل
الساميون خرجوا جميعاً من جزيرة العرب خرجوا في هجرات دورية اعتباراً من أواخر الألف الرابع قبل الميلاد بسبب التكاثر والجدب ، وقد استخدموا الجمال والحمير في هجراتهم وهؤلاء متقاربون في اللغة إذ نجد تقارب بين العبرية والجعرية والجشية والعربية.
والساميون هاجروا إلى وادي الرافدين حتى شمال الشام أثناء الفترة السومرية ودخلوا المسرح السياسي بمنطقة منذ أوائل الألف الثالث بظهور دولة إيبلا أولاً في شمال سوريا على (60سم) من جنوب حلب ، تم ظهور الأكاديين بعد قرن آخر في جنوب العراف بعد إلقاء الدءلة السومرية.
وقد عرفت إيبلا عهدين من الازدهار الأول ما بين(2400)و(2250) ق.م وكانت تحتل المركز الثالث في الشرق الأدنى بين مصر وما بين الرافدين ثم أصتدمت مع الأكاديين بسبب التجارة وهزمتهم، ثم استطاع نارام سين الأكادي حوالي سنة(2250ق.م) أن يفتحها ويهزم ملكها أبي سيبش ويحرقها واستردت إيبلا بالتدريج مكانتها ما بين(2000) و(1850ق.م) أي في الوقت الذي برز فيه العمويون البابليون(شعب حمورابي)، ولقد شكلت إيبلا إمبراطورية سيطرت على ما بين وادي الفران حتى مدينة جبيل على الساحل السوري وسيطرت على بلاد آشور قبل أن تدمر وكانت حروبها تجارية تستهدف السيطرة على طرق التجارة المائية والبرية واحتكار تجارة المعادن من الأناضول والأخشاب من جبال لبنان وصناعة النسيج.
مملكة ماري:
برزت مع إيبلا في فترة ازدهارها الأولى ، ثم بعد تدميرها سنة (2250ق.م) مملكة(مدينة) ماري وهي قديمة تتكون من عدة مدن ، ولقد عرفت مرحلتي ازدهار أولهما في أزلف الثالث قبل عهد سرجون الأكادي والثانية في الألف الثاني ق.م.
ومؤسسة السلالة الملكية الأولى في ماري هو آنور حكم مع خلفائه الستة (136)سنة ، ثم أعقبه حتى أوسط القرن (25)ق.م أربعة ملوك آخرين منهم ايكوشمن ولا مجي ماري، ثم جاء الملوك المعاصرون للعهد الأكادي مند ميجير داغان ونعرف منهم حوالي(20) ملكاً استمر عهدهم حتى القرن الحادي عشر بعد الميلاد أيام توكولتي مير ومن ابرزهم زميري ليم.
ثم دمرت المدينة تحت ضربات ملك أوروك لوجانز كيزي والموقع التجاري الهام لماري جعلها تعاود ازدهارهاوأن خضع ملوكها لسيطرة مكام جرر هم ملوك أكاد قبل أن تنفصل عنهم ولكنها في النهاية ضربت الضربة الطافية على يد حموراي حوالي(1750ق.م) الذي قتل سكانها وساق الباقي عبيداً وظهرت المدينة السلوقيين كقرية سلوقية.
البابليون
هاجروا عن طريق الخليج العربي ووادي الفرات من جزيرة العرب.
وتمكن العموريون بقيادة استبي إيرا من تأسيس سلاسلة قوية في إيس ، حكمت أكثر من قرنين قبل ذلك. سنوات قليلة كانت قد قامت في لارسا سلالة أخرى ناطقة بالسامية دام حكمها أكثر من ذلك بقليل حكمت السلالتان في وقت واحد بلاد بابل طيلة قرن، حتى قامت في بابل في مطلع القرن التاسع عشر قبل الميلاد وبدون مقاومة منها دولة ثالثة كانت مكونة من العموريين الناطقين بالسامية والعموريون ساميون ولقد سمح لهم بالظهور على المسرح السياسي تدمير أور وسقوطها سنة (2006ق.م).
وفي أوائل القرن الثامن عشر كانت لارسا تحت حكم ريم سين (الراعي الصالح) قد تغلبت على إيس وأصبحت المناوي الباز الوحيد لبابل من أجل السيطرة على بلاد ما بين النهرين.
حمو رابي
كان الملوك الخمسة الأولى من السلالة الجديدة في بابل منشغلين في إقامة الأبنية الدينية والدفاعية وبشق الأقنية دون توسع إقليمي يذكر تاركين ذلك لحمورابي، أن يقود الحملات المظفرة التي أفضت إلى امتداد الإمبراطورية من ماري على الفرات في الشمال القربي حتى عيلام في الشرق وأن يتقدم بعد تغلبه على لارسا للسيطرة على(مملكة) سومر وأكاد القديمة. وحكم خلفاء حمورابي طويلاً ومستقراً ودمر الملك الحيثي مرسيليس الأول سنة (1595) ق. م بابل واسقط سلالة حمورابي ويصعب على مرسيليس أن يطمع ، نفتح دائم لذلك ملأت سلالة كاشية حكمت على مدى (579) سنة، وفي القرن الرابع عشر ق. م تزوج الملك الكاشي ابنة ملك آشور إلا أن هذا الزواج أدى إلى حروب انتهت باجتياح الملك المحارب الآشوري البارز توكولتي نينورتا الأول سنة(1235)ق.م لبلاد بابل واحتلالها وسقطت السلالة الكاشية أمام العيلامين سنة (1157) ق. م، وخسر العيلاميون سيطرتهم السياسية على بابل قبل نهاية القرن إذا انتقلت منهم إلى سلالة أيسن الثانية التي وضعت حداً في عهد نبوخد نصر الأول(ملك 1124-11103.م) للتدخل العيلامي. ثم سقطت سلالة أيسن بعد فترة من الاستقرار السياسي دامت أقل من مائة سنة تلاها عصر من الاضطراب السياسي ، وضعت له حد سلالة بابل الثامنة سنة(977ق.م) التي عرفت كيف تحافظ طوال قرن على علاقات وثيقة مع دولة آشور النامية.
استنجدت بابل بثلمنصر الثالث ملك آشور(ملك858-824ق.م) لمساعدتها على قمع فتنة فيها. في حقبة بدأت تظهر فيها القبائل الكلدانية القومية جنوب بابل وقد تغلب ببلصر الثالث (ملك744-727) كملك بارز لآشور ، وقد حكم خليفته سالمنصر الخامس (ملك726-722ق.م) على كلا البلدين طوال خمس سنوات ، ولكن كلاً من سرجون الثاني (ملك 721-705ق.م) وسنحارب (ملك704-681ق.م) وجدا في الكلدنيين أعداء ألداء لهما.
تقلبت أحوال بابل تقلباً عظيماً في القرن السابع، حتى ظهور (ابن أبيه) المجهول الهوية نابو بولصر (ملك625-605ق.م) الذي بدأ عهداً عظيماً من الحضارة البابلية في ظل السلالة الكلدانية.
ظهور البابليين المستحدثين:
أعانت بابل الميديين على دحر نينوي والآشور بين سنة(612ق.م) ودمر قائدها نبوخد نصر الثاني(ملك604-562ق.م) القدس وسبى أهلها، واقام أنصاباً ومباني جعلت من بابل إحدى العجائب السبع وهذه حقبة الحدائق المعلقة ، اغتيل ابن نبوخد نصر وأخذ انحلال بابل يتفاقم في عهد نابونيد التي والمولع بالآثار وهكذا أسقطت بابل دون مقاومة أمام الملك الأحمييني الفارسي قورش الكبير(حوالي600-529ق.م) ثم دمرها احشورتن جزئياً سنة(482ق.م) وكان الممكن أن يعيد الإسكندر الكبير(356-323ق.م) بناءها لو لم يمت هنالك ومنذ ذلك الحين أسدل ستار التاريخ عليها رغم أن مدارسها الفلك بقيت حية في الحضارات التي تلتها.
أفريقيا في العصور الأولى
اسم إفريقيا اسم أطلقه الرومان في القرن الثاني قبل الميلاد على ما بين طرابلس وأواسط الجزائر حالياً ، ثم صار اسماً للقارة كلها في العصور الحديثة.
وكانت في أفريقيا أربع جماعات عرفته أفريقيا:
1- البوشمن الأولون في الأجزاء الجنوبية والشرقية.
2- الأقزام الأوائل في الأقاليم الغابية من حوض الكنغو وساحل غانا.
3- الحاميون ـ القوقازيون الذين انتشروا في الشمال والشمال الشرقي . دخلاء على القارة.
4- الزنوج وهم الأقدم انتشروا في المناطق الباقية وعلى هامش المناطق الغابية الاستوائية ، ثم توغلوا فيها منذ حوالي 9-8 آلاف سنة. واختاروا المناطق الرطبة والغريبة من الماء في الغرب وزادت أعداد الحاميين والزنوج حتى طفت على الجماعات الباقين ، وفصلت بينهم الصحراء الكبرى، والخط الوحيد الذي يربط بينهم هو وادي النيل ، واستغل سكان وادي النيل وتنظيم الري وتطوير نظام إداري يضمن الأمرين منذ الألف الخامس والرابع قبل الميلاد ولم يلقى الزنوج هذه التحديات لقلة عدد هم وكثرة الغذاء المتاح. فلم يلجئوا إلى الاستقرار ولم تتطور لديهم مستويات مماثلة من الحضارة.
قبيل القرون الميلادية بقليل عرفت أفريقيا تطويرين هامين هما:
1- انتشار جماعات البانتو وهي أخلاط من الزنوج والحاميين تكونت في مناطق البحيرات الأفريقية ثم هاجرت إلى الغرب والجنوب والشرق من القارة حاملة معها طرائق الزراعة وإنتاج الغذاء.
2- دخول أفريقيا عصر الحديد عن طريق وادي النيل وحضارة كوش، فقد كان الحديد قد وصلهما في القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد بعد أن شاع في الشرق الأدنى حوالي سنة (1200ق.م) في القسم الشمالي الشرقي من أفريقيا وبخاصة مصر جزء من الحضارة المتوسطة القديمة ، أما في الشمال الأفريقي فقد عرفت ما بين (5-20) ألف سنة ق.م الحضارة العتيرية (عتير بجنوب تونس) وما بين (10) و(12) ألف سنة ق.م انتشر جنس البحر الأبيض المتوسط ، والحضارة الوهرانية(حوالي15ألف سنة ق.م) في السواحل والتلال المجاورة لها. عثر على آثارها في كهف هو الفتايح والجبل الأخضر في ليبيا.
والحضارة القفصية التي ظهرت بين (9) و(5) آلاف سنة شرقي جبال أوراس ، وقد أثرت في الحضارة الوهرانية.
بين الألف الثالث والثاني قبل الميلاد هاجر إلى الغرب جمعات عرف أشهرها في النقوش المشغربية باسم ليبو (ومنها اسم ليبيا) وامتزجت بصانعي الحضارتين السابقتين ونتج عن هذا المزيج مجموعة الأماجيغ(البربر) وهي المجموعة البشرية واللغوية التي أهلت الشمال الأفريقي في الصعور التاريخية.
وفي مصر ظهرت حضارة البداري(نقادة الأولى) و(نقادة الثانية).
وقد نشأت مملكتان في مصر العليا ومصر السفلى وتوحدت نتيجة انتصار الأولى على الثانية حوالي (3100ق.م) واستمر المصريون القدامى في دعوة بلادهم بالقطرين (مصريم=جمع مصر)وفاتح مصر السفلى مينا وهو مواس العاصمة القومية مفيس على الجنوب من دلتا النيل وكان الملك المستوي على العرش يعتبر التجسيد الحي للمعيون الصقر حورس في عهد السلالتين الأولى والثانية وأخذ المزارسون يستعملون المحراث على نطاق واسع وأدخل الري، وقامت حكومة قومية واستنبطت الكتابة التصورية.
ومع قيام السلالة الثالثة بدأت الحقبة المعروفة بالمملكة القديمة(2686-2181ق.م) كان أبرز ملوك السالة الثالثة زوبر الذي من أجله بنى مجمع الهرم المدرج في عهد سنفر ومؤسس الأسرة الرابعة بنى أول هرم وأتقن فن مناد الأهرام في عهد خلفائه خوفوا وخفرع ومنقرع وكان الأهرام يتطلب تكاليف باهظة وتنظيماً محكماً لذلك أدى ضعف سلطة الملك في أواخر السلالة الرابعة إلى التخلي عن التقنيات الباهظة التكاليف.
أبان عهد السلالة الخامسة استعادت عبادة الرب الشمس رع مكانتها على الصعيد القومي وبنى الحكام هياكل شمسية لعبادته . وفي أواخر السلالة الخامسة نقشت نصوص على جدران المدافن في الأهرام الملكية لضمان انتقال روح الحكم بأمان إلى العالم الآخر، وفي عهد السلالة الرابعة والخامسة والسادسة جردت حملات ضد أفراد القبائل في شبه جزيرة سيناء وأرسلت قوات كبيرة إلى بلاد النوبة لابتزاز العاج والذهب وسواهما من المواد النفيسة أو الاتجار بها.
في نهاية عهد السلالة السادسة أد ى نمو سلطة الحكام الإقليميين(أو الملوك) إلى دهور سلطة الهيئة الحاكمة في مسفس فظهرت سلالات مناوئة في هرقلبوبوليس وطيبة مما أغرق البلاد في حروب أهلية واستغل رجال القبائل في سيناء هذه الفوضى للتوغل إلى مناطق الدلتا الخصبة.
والمملكة الوسطى الأولى(حوالي2181-2050م) عرفت الاضطراب والفوضى إذ تغلب أمير طيبة منتوحونت الثاني من السلالة الحادية عشرة على منافسيه ووحد مصر تحت حكمه تاركاً للولاة سلطاتهم الواسطة وبدا المملكة الوسطى في مصر حوالي(2050-1789ق.م) بنى منتوحوبث الثاني هيكلاً وقمراً جائزياً لنفسه في الدير البحري على الضفة الغربية من النيل تجاه طيبة ، خلف متوحوتب الرابع حفيد منتوحوبت الثاني وزيرة إفنمحات الأول في ظروف غامضة فأسس السلالة الثانية عشرة حوالي(1991ق.م).
في نهاية عهد السلالة السادسة أدى نمو سلطة الحكام الإقليميين (أو الملوك) إلى تدهور سلطة الهيئة الحاكمة في مسفس فظهرت سلالات مناوئة في هرقلبوبوليس وطيبة مما أغرق البلاد في حروب أهلية ، واستغل رجال القبائل في سيناء هذه الفوضى للتوغل إلى مناطق الدلتا الخصبة.
والمملكة الوسطى الأولى حوالي(2181-2050م) عرفت الاضطراب والفوضى إذ تقبل أمير طيبة منتوحوبت الثاني من السلالة الحادية عشرة على منافسية ووحد مصر تحت حكمه تاركاً للولاة سلطاتهم الواسعة وبدأ المملكة الوسطى في مصر حوالي(205-1789ق.م) بني منتوحوبت الثاني هيكلاً وقمراً جائزياً لنفسه في الدير البحري على الضفة الغربية من النيل تجاه طيبة. حلف متوحوتب الرابع حفيد منتوحوبت الثاني وزيره إفنمحات الأول في ظروف غامضة فاسس السلالة الثانية عشر حوالي(1991ق.م).
أراد منمحات الأول أن تكون له عاصمة جديدة فجعلها في لنت إلى الجنوب من حمفيس لأن طيبة كانت تبعد كثيراص إلى الجنوب مما يمنع قيامها بمهام عاصمة فعالة لكي يوطد سلطته على العرش وروج نبوءة كاذبة حول توليد الحكم وعين ابنه نوسرت الأول شريكاً له في الحكم ورغم هذه الاحتياطات غتيل امنمحات الأول بعد ثلاثين سنة من الحكم، إلا أن ابنه استطاع أن يحتفظ بالعرش وفي عهد سنوسرت الثالث قضى على شوكة أشراف لمناطق الذين كان من شأنهم أن ينافسوا الملك على السلطة كان امنمحات الأول قد بدأ احتياج بلاد النوبة فأكلم هذا التوسع في عهد سنوستر الثالث الذي أقام الحدود الجنوبية عندما سمنا وباستثناء حملة واحدة معروفة جنوب فلسطين ولم تمارس سيطرة مباشرة في فلسطين أو سوريا وبقيت الروابط التجارية متينة ، وتبنى حكام السلالة الثانية عشر برنامجاً واسعاً لاستصلاح الأراضي في منطقة الفيوم.
تميزت المملكة الوسطى الثانية(حوالي1786-1570ق.م) بانحسار سلطة الحكومة المركزية ، ففي عهد السلالة الثالثة عشرة غز الهكوس مصر قادمون من الشمال الشرقي وأسسوا السلالة الخامسة عشرة (حوالي1674-1570ق.م) ولم يشرفوا مباشرة على طيبة والجنوب واعترفت طيبة سلطة الحاكم الهكوسي في عاصمته الجديدة أواريس في الدلتا.
ولقد تبنى الهكوس الألقاب المصرية والحضارة المصرية ولما ضعفت سلطتهم تجرأ أمراء طيبة المنتمون إلى السلالة السابعة عشرة على رفض حكمهم وبعد عدة حملات نجح كاموس وخليفت وأخوه أحمس في الاستيلاء على عاصمتهم أواريس وطردهم من البلاد.
الهند القديمة
(حتى 500ق.م)
خرجت حضارة نهر الهندوس من عصور ما قبل التاريخ ودخلت عندما ظهرت كتابة تقود إلى حوالي عام (2300ق.م) وكانت المراكز الرئيسة للحضارة الهندوسية في وادي الهندوس، وامتدت هذه الحضارة غرباً حتى الحدود الإيرانية ، وشرقاً إلى ما وراء دلهي ، وجنوباً إلى خليج بروتش في البنجاب ومومنجو داروا في السند ، ولكن لها مدن صغرى كميناء لوتال مثلاً، وقد أستمرت هذه الحضارة لمدة ستة قرون (2300-750ق.م) خضعت الدرافيدية الهندية حتى اجتاحها رحل في القرن الثامن عشر قبل الميلاد وهم من شعوب هندوآرية.
ومع حلول القرن الثالث عشر قبل الميلاد احتل الهندوآريون البنجاب بعد أن انقسموا إلى قبائل تحاربت فيما بينها بنفس الشراسة التي قابلت بها السكان الاصليين.
لقد حل محل القبائل ممالك إقطاعية تسيطر عليها، والمحاربون يرأسها ملك ويعاونهم طبقة الكهنة الوراثية(البراهمة) وتسيطر طبقة المحاربين والكهنة على الأحرار والفلاحين والتجار والصناع الذين كانوا يكونون الطبقة الثالثة (فيشيا) بالإضافة إلى شبه العبيد من العمال والصيادين والقناصين والمنحدرين من قبائل الغابات والذين كان يؤلفون الطبقة الدنيا(السنودرا).
والثقافة الهندية القديمة تقوم على مفهوم الطبقة والإيمان بتناسخ الأرواح والسلم وبقدسية البقر.
الحضارة الميوية
وتسمى ميوية نسبة إلى مينوس ملك كنوسوس ، ولقد كان هؤلاء القوم على اتصال بالعالم الخارجي، وكانوا تجار عبر شرق المتوسط ، وكانوا متقدمين اقتصادياً واجتماعياً ، وعرفوا العمارة، واستخدموا الكتابة المنقوشة القصيرة ، كما عرفوا الصناعة الخزفية والتصريف الصحي.
ولقد استعادت كنوسوس بعد أن دمرت بركانياً نشاطها وأصبح حكامها واستعملوا الكتلة الخطية.
بلاد اليونانن
بين (2800-1100ق.م)
بدأ العصر البرونزي اليوناني ومركزه البر اليوناني باستعمال المعدن، ولقد عرف اليونان القدامى الحبوب والزيتون والكرم ، ثم عرفوا دولاب الخزاف السريع ، وتأثروا بحضارة كريث المينوية ، ثم نشأت مدن قوية ، وكان اليونان القدامى ملاحين.
ولقد مارس الصناع في مدن اليونان حرفهم المختلفة وانتجوا المصنوعات المعدنية والفخار وبنو بيوتاً ذات جدران عالية وقصور ذات قاعة كبرى وزخرف جصية ، واستنبطوا كتابة مقطعين (الكتابة السطرية)، ولقد غزا اليونان القديمة قوم دمروا مدنها إلا أثينا ، وحلت محل المدن قرى فقيرة، وفي هذا العمر عرف اليونان الحديد.
الصين
حتى سنة(1000ق.م)
لقد وجدت في الصين القديمة سلالة شانج ، وكانت لها سلطة مركزية في العامة شانج ، وكان الشانج شعباً زراعياً بالدرجة الأولى واشتهروا بصناعة سكب البرونز ، وكان الشانج شعباً متقدماص ، فلقد وضع علماء الفلك عندهم تقويماً دقيقاً مبنياً على الشهر القمري ويجري تصحيحه بزيادة سبعة أشهر قمرية في 19 سنة شمسية.
وانتشرت حضارة الشانج في أنحاء الصين الوسطى ، وبسبب ظلم آخر الحكام تشوهين ثار العبيد عليه وحرقوه ، ثم بدأ عهد سلالة تشو حوالي(1030ق.م).
أمريكا قبل العصر الكلاسيكي
حتى(300م)
ظهرت أولى الحضارات في المكسيك والبيرو وفي (1500ق.م)، ظهرت القرى الزراعية في أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية ، وظهرت صناعة الخزف، وأول مجتمع معقد هو مجتمع حضارة الأولمك في المنخفضات الاستوائية لساحل خليج المكسيك وانتشرت تجارتهم إلى مسافات بعيدة وصلت على مرتفعات المكسيك ، وقد عرف هؤلاء التدوين العددي ، وصناعة الفخار ، والصياغة الذهبية.
وشهد وادي المكسيك ظهور وحدات سياسية مستقلة على ضفاف بحيراته العريضة الضحلة.
وظهرت حضارة المايا واكتسبت معظم مقومات التحضر أبان العصر ما قبل الكلاسيكي المتأخر ، وتبدأ الحقيبة الكلاسيكية (300) ولقد بنى شعب المايا الأنصاب، وعرفوا التقويم.
مصر
من سنة (1570) إلى الإسكندر
يبدأ تاريخ المملكة الحديثة في مصر(1570-1085ق.م) بانتصار قوات طيبة على حكام مصر الهكوس، وامتدت إمبراطورية مصر الحديثة من السودان الشمالي إلى سوريا مشكلة إحدى القوى الرئيسة في العالم القديم.
حرص الملوك الأسرة الثامنة عشرة في الدرجة الأولى على حماية مصر من هجمات البدو في الشرق والنوبيين في الجنوب ، وبعد تأمين التخوم الشرقية سيطروا على مملكة النوبة في الجنوب ، والاستيلاء على مناجم الذهب فيها.
وتحوتمس أخضع الممالك الصغرى في فلسطين ومعظم أنحاء سوريا، وأتم فتح بلاد النوبة حتى بلدة نباتا، وأمخوتب الثالث تلقى الجزية والسلع التجارية من سوريا والعراق والأناضول وكريت واليونان.
وكان هدف الحكام في هذه الحقبة إعادة توصيد سيطرة مصر على فلسطين وذلك لمواجهة تزايد قوة الإمبراطورية الحيثية ، أدى إلى تنافس هاتين الدولتين إلى صدام كبير بينهما وقع في السنة الخامسة حكم رعميس الثاني(حكم 1304-1237ق.م).
في عهد خلفاء رعميس الثالث الذين كانوا يدعون رعميس رأى أولاد رع ، وفقد مصر ممتلكاتها الأجنبية في فلسطين وبلاد النوبة على يد الغزوات اللبية، وأعاد وحدتها القائد الليبي سيشنق الأول مؤسسة الأسرة الثامنة والعشرين ، وتصدعت بسبب الحروب الأهلية ، وانقسمت مصر إلى مدن ودويلات تحت سيطرة حكام مستقلين معظمهم من أصل ليبي ، ونشأت أخيراً مملكة مستقلة في بلاد النوبة جنوباً، وفتح ملك النوبة مصر حوالي(712ق.م) وأسسوا الأسرة الخامسة والعشرين.
وقضى على الحكم النوبي الغزوات الأشورية التي أدت إلى تنصيب أميرسايس حاكماً اسمياً على مصر وبمساعدة المرتزقة اليونان واستطاع بسامتيك الأول حكم(664-610ق.م) من الأسرة السادسة والعشرين أن يفرض سلطته على البلاد بأسرها، ويحررها من السلطة الآشورية ، وتميز عهد الأسرة والعشرين(670-525ق.م) بفترة من الرخاء إلا أن آمال مصر باستفادة مكانتها كدولة عظمى منيت بالفشل على يد البابليين في معركة قرقميش عام(605ق.م) وفي آخر الأمر استولى الفرس عام(525ق.م) على مصر ، ومع أن الثورات اللاحقة أعادت لمصر استقلالها فترة وجيزة بين (404-343ق.م) فقد بسط الفرس سيطرتهم عليها من جديد حتى مجيء الاسكندر الكبير عام(332ق.م).
أفريقيا
كوش واكسوم
غزت جيوش الفراعنة أفريقيا الاستوائية السوداء ، وفي عهد المملكة الحديثة(1500ق.م) فتحت بلاد النوبة التي كانت تسمى كوش، وفي حوالي(1000ق.م) انهارت المملكة الحديثة وبرزت كوش كدولة مستقلة عن مصر ، وفي عام (725ق.م) احتلت مصر بكاملهاو تأسست الأسرة الخامسة والعشرين من الفراعنة ، وبين (676-66ق.م) غزت الجيوش الآشورية مصر ودمرتها ، ومع حلول القرن السادس قبل الميلاد كانت حدود كوش قد بلغت جنوب مدينة الخرطوم الحديثة ، حيث كانت الأرض مكسوة بالغابات الكثيفة.
وانتقل مركز السلطة في الامبراطورية جنوباً من نباتا العاصمة القديمة بالقرب من الشلال الرابع إلى مروى في الجنوب من نقطة التقاء نهر عطبرة مع النيل ، وازدهرت التجارة مع مصر البطلمية ومع جزيرة العرب ومع الهند عن طريق البحر الأحمر.
وأخذت حضارة مروى في التقهقر في مطلع الحقبة المسيحية نتيجة لجفاف داخلي ولاسيما جفاف الأراضي الزراعية التي كانت غنية بالكلأ.
دامت حضارة مروى أكثر من الف سنة وهذه الحضارة أخذت من الحضارة المصرية ومن حضارات شعوب البحر المتوسط، ومن الآشوريين والبابليين ومن العالم الهيلينستي والهند،وقد عرفت حضارة مروى نمط خاص من الكتابة وهو خط نسخي.
ونشأت أكسوم الإمبراطورية المناوئة لمروى في جزيرة العرب ، فقد قام في عدد من الدول الغصيرة الفنية في أوسائل الألف الأول من قبل الميلاد كانت أ؛دها مملكة سبأ ومع حلول القرن السابع قبل الميلاد عبر أقوام من الناطقين بالسامية من اليمن الكثيفة السكان إلى قرن أفريقيا عبر البحر الأحمر وحلوا كمزارعين على الطرق الشمالي الشرقي من هضبة أثيوبيا العالية وحققوا هناك ازدهاراً ، وسيطروا على السكان الأصليين الناطقين بالكوشية وتقبلوا ثقاففتهم ولغتهم السامية، ثم أسس فريق منهم يدعم من الأحباش مملكة لهم في القرن الثالث قبل الميلاد ، مركزها اكسوم.
كان لليونان الهيلينستيين نفوذ خاص في بلاط ملوك اكسوم فمهدوا الطريق أمام قدوم المسيحية واستولى حكام أكسوم المسيحيون على بعض أجزاء جزيرة بالعرب الجنوبية في القرن السادس الميلادي ثم طردتهم الجيوش الفارسية منها ، ثم أخذت أكسوم في التدهور حتى جاءها الفتح الإسلامي.
الخيشيون
(1700-1200ق.م)
قدم الخيشيون إلى آسيا الصغرى قبل (2000ق.م) من أوربا أو روسيا الجنوبية وقد وحد الملك شيلا الأول في أواسط القرن السابع عشر قبل الميلاد عدد من الدويلات واختار بلده حاثوشا مركزاً إدارياً له ، وقد استطاع مورشيلي الأول في أوائل القرن السادس عشر قبل الميلاد أني حتل سوريا وأن يزحف على بابل ويكتسح المدينة ويقضي على السلالة التي كان حمورابي أعظم ممثليها.
ظهرت الأمبراطورية الحثيثة في حوالي (1460ق.م) ودولة يمتاني وهي دولة أسسها الحوريون في شمال ما بين النهرين وهي التي أوقفت الحيثيين.
قررت آشور في عهد تيفلات الثالث أن تضم المملك السورية إلى إمبراطوريتها ، وما أن اكتمل القرن الثامن قبل الميلاد حتى بانت الأمبراطورية الحثية في ذمة التاريخ.
الفينيقيون
(1500-332ق.م)
منذ حوالي القرن (25ق.م) وما بعده هاجر من جزيرة العرب الكنعانيون إلى وسط سوريا وفلسطين ، وهاجر الفينيقيون إلى الساحل السوري وأسسوا المدن المستقلة على شواطئ البحر المتوسط ، وعبروا جبل طارق متجهين شمالاً حتى انجلترا وجنوباً حول (قارة أفريقيا).
بدأ عصر التوسع والاستيطان في تاريخ فينقية في القرن الثاني عشر وكانت قد أقامت مستوطنات لها في قبرص وفي البحر الأيجي ، وكانت لها مستوطنات في رودس وفي كريت ، وكانت لها علاقات تجارية مع إيطاليا ، وقد أسست مدن في الحوض الأوسط والغربي للبحر المتوسط، وكان منها عدة مستوطنات على ساحل أفريقيا الشمالي.
أهم ما قدمه الفينيقيون الأبجدية الفينقية التي كانت أساس الأبجديات اليونانية والسامية ، وكانوا يتكلمون لغة سامية كتبوها بأبجدية مكونة من (22) حرفاً ساكناً لا حروف صوتية فيها.
حافظت المدن الفينيقية على غرار الدول ـ المدن اليونانية القديمة على استقلالها الواحدة عن الأخرى ، وفي أوائل القرن السادس عشر قبل الميلاد أخذت مصر الجزيرة من تلك المدن ثم خصصتها لسيطرتها وبقي النفوذ المصري قوياً في فينيقية لمدة طويلة إلا أن الوجود الثقافي للعراق أخذ في التزايد ، وبعد حقبة من السيطرة الحيثية أخذ الملك الآشوري تفلات فلسر الأول ملك(1115-1077ق.م) الجزية من المدن الفينيقية ، استعادت فينيقية حربها ، وعقب ذلك فترة رخاء وامتداد واسع في أرجاء حوض المتوسط وما وراءه.
ثم تحولت فينيقية إلى محكومة بآشور، ثم استسلمت للبابليين ، ثم أصبحت جزءاً من إمبراطورية قورس الكبير الفارسية ، ثم ضم الاسكندر الكبير(356-323ق.م) فينيقية إلى إمبراطورته أعقاب انتصاره وفتحه لمدية صور عام(332ق.م).
الآشوريون
الآشوريون هاجروا من جزيرة العرب مع الأكاديون والهجرات الأولى حوالي (3000ق.م) ونزلت في الشمال من سهول دجلة حيث أنشأت الدولة الأشورية وعاصمتها آشور التي خضعت أول الأمر للسيطرة البابلية وأكسب الآشوريون ثقافة جيرانهم السومريين والحيثين.
وبرزت الدولة الآشورية كقوة مسيطرة في عهد شمس محدد الثالث(1532-1507) وقد أصبحت آشور قوة عسكرية منذ منتصف الألف الثاني قبل الميلاد بين التغلب على دولة ميتالي والتوسع حتى جبال القفقاس شمالاً والخليج الغربي وجزيرة العرب جنوباً ، وضمت سوريا ومصر إلى الإمبراطورية الآشورية ، وبحلول منتصف القرن السابق قبل الميلاد أصبحت آشور أكبر وأقوى دولة في العالم المتحضر.
لم تستطع آشور الصمود في وجه حلف نابو بولاصر ملك بابل عام(125ق.م) مع الميديين، فلم تلبث إن أنهارت ودمرت نبنوى تدميراً كاملاً عام (612ق.م) واحترق ملكها في قصره.
الآرميون
تحول الآشوريون في شمال العراق على قوة كبيرة وسيطر العبرانيون على فلسطين مختلطين بالكنعانيين وغيرهم وخرجت جماعات أخلاموا من بادية الشام وتكاثروا منذ (14ق.م) في أطراف الشام وفي وادي الفرات.
هذه الجماعات في القرنين (11) و(10) ق.م سميت بالآراميين ، وأسست ما بين تيماء ودمشق وحماة إلى شمالي وأعالي الجزيرة الشامية ، ثم إلى بابل مجموعة من الدويلات والممالك الصغرى التي لعبت دورها السياسي في المنطقة ، وزاحمت الحيثيين والآشوريين والبابليين والعبرانيين وحاربتهم طويلاً لتوطد استيطانها، وبسبب عدم توحد المملك الأرمينية لم تستطع البقاء السياسي أكثر من أربعة قرون أو خمسة قرون ، ثم أضمحلت واحدة تلو الأخرى أمام الغزو الآشوري الساحق ، والباقي منهم ذابوا مع الكلدينين ، وبقيت الثقافة الآرامية واللغة الآرامية والكتابة الآرامية حتى حلت اللغة العربية بسبب انتشار الإسلام ، وإن بقيت اليوم في سوريا والعراق.
اللغة الآرامية والكتابة الآرامية مأخوذدة عن أحرف أوغاريت الفينيقية، وصارت لغة دولية من ضفاف النيل إلى نهر السند في السياسة والتجارة حتى أصبحت اللغة الرسمية للأمبراطورية الأخمينية الغازية ثم اصبحت لغة الحياة في سوريا والعراق بعد ذلك في العهدين الهلينستي ثم الروماني ـ البيزنطي، وظهرت فيها لهجات شرقية وغربية وخطوط كتابية كان منها الخط النبطي التدمري ، ثم العربي.
كانت الآرامية لغة عيسى عليه السلام لأنها لغة الفلسطينيين في عهده وبها كتب الترجوم اليهودي والتلمود ، ثم حمل الآراميون اسم السريان.
العبرانيون
العبرانيون هم جاعات من الرحل ومن خلائط الأقوام كانت تقطع الطرق على التخوم الشمالية للصحراء العربية ، وقد عرفت جماعة من العبرانيين هاجمت عبر وادي الأردن المدن الكنعانية في القسم الجنوبي من سورية بين (1400)و(1200)ق.م واستقرت فيها.
وقد هاجر خليل الرحمن عليه السلام إبراهيم أبو الأنبياء من العراق إلى جزيرة العرب ، حيث بنى الكعبة بمساعدة ابنه اسماعيل عليه السلام ، ثم رحل إلى أرك كنعان (فلسطين)، وكان يوسف عليه السلام هو الابن الحادي عشر ليعقوب عليه السلام حفيد إبراهيم عليه السلام، وقصة يوسف مذكورة في سورة يوسف ، وأقام يوسف عليه السلام ورثته من بعده في مصر لعدة أجيال ، ثم قاد موسى عليه السلام إحدى قبائل العبرانيين إلى فلسطين في أواخر القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وقد هرب بهم عبر الطرف الشمالي للبحر الأحمر إلى الصحراء ووقفوا عن جبل سيناء ، والدين الذي نزل على موسى وغيره من الرسل هو الإسلام.
والكتاب الذي نزل على موسى عليه السلام هو التوراة ، وقد نقشت على الحجر وحفظت فيما بعد في (تابوت) المصريين ، وإن من اشهر ملوك إسرائيل واسمه عمري(885-874ق.م) كان من أصل عربي نبطي وهو الذي بنى السامرة عاصمة له.
بعد زوال مملكة إسرائيل استمرت مملكة يهوذا في الوجود (125) سنة خضعت فيه لنفوذ الممالك المجاورة مثل فراعنة مصر وملوك آشور حتى سقطت أخيراً تحت ضربات ملك بابل (نبوخد ناصر) الذي سبى معظم زعمائهم وساقهم إلى بابل(586ق.م) وشتت سكانها.
لم تمارس هاتان المملكتان استقلالاً حقيقياً إلا لفترات قصيرة ومنقطعة.
رافقت هذه السياسة نشاطات الأنبياء والرسل الذين يدعون إلى دين الله (الإسلام).
العرب الأقدمون
الوجود العربي قديم إذ نرى ملامحه خلال الألف الثاني قبل الميلاد في قصة إبراهيم وإسماعيل وبناء الكعبة وبناء البيت وفي قصة موسى وزواجه في مدين وفي الألف الأول قبل الميلاد، نجد في شمال غرب جزيرة العرب بين الحجاز والشام والمجموعات البشرية الآتية:
1- المملكة العربية الأولى(أدوماتو):
هناك جماعة عربية اسمها أدومتو كان في (الجوف) في القرن التاسع قبل الميلاد ، وهناك جماعات عربية تدعى( سبأ ، ودتيما، ودتمور وعبادير ومارسمعانو والأنباط، وقيدار)، والعرب كانوا أسياد منطقة الجوف(دومة الجندل) ويقيمون مملكة لها نظامها وملوكها وجيوشها وقصورها ، وتعقد معاهدات السلم والتحالف مع جيرانها ، ولها ثرواتها الضخمة من الإبل، وكانت عاصمتها (آدومو) دومة الجندل محطة قوافل مليئة بالبضائع التجارية الهامة ، وكان هؤلاء العرب متصلين بأحداث الساسة حولهم، وقد تحالفوا مع القوى الأخرى ضد القوة الآشورية التي كانت تسيطر على عقدة الطرق التجارية شمال الشمال ، وترفض الضرائب ، والنهب على الشعوب الأخرى.
كان اشتراك جندب في حلف دمشق وموقعة قرقر(قرب حماة) ضد شلما نصر الثالث سنة(854) أحد التحالفات للدفاع عن طريق التجارة نحو الأناضول وقد تلته تحالفات أخرى وكان أخطرها اشتراك هؤلاء العرب في ثورة بابل حوالي سنة(775) ضد آشور بانيبال.
كان للمرأة دور سياسي عند العرب إذا كان منهن ملكات مثل شمس زبيبة وسمور أمات (سميراميس) وبائعة , وكن يحكمن مع وجود أخوة ذكور لهن ، كن يحضرن الحروب ، وكانت منهن كاهنات .
كان قوام تجارة هؤلاء العرب الذهب والفضة والقصدير والحديد وجلود الفيلة والعاج وأنواع التوابل والملابس الصوفية الملونة والكتانية، والصوف الأزرق والإرجواني والخيول والبغال والنعاج والحمير والإبل.
2- الثموديون:
هذا الشعب العربي كان موجوداً يحارب سرجون الثاني ملك الآشوريين في القرن الثامن قبل الميلاد كما كان لدى الروم البيزنطيين فرقة حربية منه في أواسط القرن الخامس الميلادي وكان هذا الشعب شعب تجارة يسيرط على طرفها من الخليج ومن اليمن إلى الشمال.
وكانوا يتكلمون العربية ولهم أبجديتهم الخاصة كتبوا بها ودخل في القرن السادس في المجتمعات اليدوية والحضرية التي خلفته في مناطقه.
3- اللحيانيون:
هم شعب عربي قديم من فروع ثمود عمل بالتجارة مثلها ، كانت قاعدته مدينة ديدان (عند مدائن صالح)، التي كانت في الأصل مستعمرة معينية على الخط التجاري الأعظم بين اليمن والشامل وبعد سقوط البتراء، في القرن الثاني الميلادي استولى اللحيانيون عليها ورثوا مركزها التجاري ، وكان للشعب اللحياني كتابته (بين المسند والأرامية) ، وكانت له صلاته التجارية القوية مع جنوب العراق.
إمبراطورية الأخمينيين الفارسية
فارس هي الجسر الطبيعي بين أوربا وآسيا ويعود تاريخها(6000ق.م).
في حوالي(1500ق.م) جاء الأريون فسميت المنطقة إيران (أي بلاد الآريين) وفي عام (549ق.م) اتحد أحفادهم الميديون مع الفرس في الجنوب على يد فورش الكبير الذي أسس الإمبراطورية الفارسية داعياً إياها الإمبراطورية الأخمينية نسبة إلى أحد أجداده.
بعد انتصاره على بابل عام (539ق.م) ضم بقوة جيشه ممالك آشور وليديا وآسيا الصغرى السابقة إلى الأمبراطورية الفارسية ، فأصبحت أكبر كيان سياسي قام في العالم القديم قبل الرومان وامتدت انتصارات قورش إلى المتوسط غرب والكوش الهندي شرقاً حيث لاقى حتفه أثناء القتال عام(529ق.م) وخلفه ولده فممبنير الثاني حكم(529-522ق.م) واستهل حكمه بقتل أخيه سمرديس ثم سار إلى مصر ، وفقد في غزوته لمصر (50000) من جنوده لم يستطع القضاء على الديانة المصرية ، وفي سورة غضب جنونية قتل أخته وزوجته روكانا وذبح ابنه بريكاس ودفن؟ من نبلائه أحياء ثم هلك في طريق العودة إلى بلاد فارس.
ولما استتب الأمن والاستقرار لدارا في الداخل عبر البوسفور والدانوب إلى نهر الفولفا ثم إلى وادي الهندوس فبلغت الإمبراطورية الفارسية أوسع اتساعها ونفوذها ورأى دارا في دول المدن اليونانية مستعمراتها خطراً عليها، وعندما ثارت أيونيا وتلقت الدعم من أسيرطة وأثينا عبر دارا البحر الأيجي ، فهاجمته قوة يونانية في ماراثون ، وفي غضون الاستعدادات لحملة جديدة على اليونان توفى عام (486ق.م) بعد حكم (36) سنة.
عبر أحشويرش (519-465ق.م) ابن دار مضيق الهليبسونت على رأس جيش عرمرم وهجم الإسبرطيين في ترموبيلي ، ولكنه أخرج من أوربا عام (479) ق.م بعد أن صب عليه اليونانيون جام غضبهم لإحراقه الأكروبويس في أثينا بعد ذلك تداعت الأمبراطورية الأخمينية حتى هزم الإسكندر المقدوني(356-323ق.م) آخر ملوك تلك السلالة وهو دار الثالث في معركة أربيلا عام (331ق.م) وأصبحت بلاد فارس جزءاً من إمبراطور ، كانت الإمبراطورية الفارسية أثناء فترة ازدهارها بين عامي(550ق.م) و(480ق.م). أعظم أمبراطورية عرفها العالم حتى ذلك التاريخ من حيث المساحة والإنجازات ، وكانت منطقتها المركزية مساحة تضم جزءاً كبيراص مما يعرف اليوم بإيران وأفغانستان وبلغ عدد سكانها(40) مليون نسمة ، وكانوا يحكمهم قانون واحد وأنظمة واحدة للعملة و البريد والري ، ويتمتعون بشبكة جيدة من الطرق.
وكل شعوب الأرض مر بهم الإسلام وإن كان يحرف ثم يأتي بني لعبده ، وهذه الأديان الباقية إنما هي أديان محرفة عن الإسلام دين الله الواحد.
رغم أن الإسكندر الكبير قضى على سلطة السلالة الأحمينية عام (330ق.م) فقد عاد النفوذ الفارسي في عهد الإمبراطوريتين الاشكانية والساسانية حتى تداعى أمام الإمبراطورية العربية الإسلامية في القرن السابع الميلادي.
الهند
من(500ق.م إلى 300م)
في الحقل السياسي نشأت دولة توسعية سيطرت منها على مسرح الأحداث ومع حلول عام (500ق.م) كانت أقوى في الجزء الجنوبي من بهار وكانت عاصمتها أولاً في راجير ثم انتقلت إلى باتا ليبوترا(بتنة).
وبعد اجتياح الإمبراطورية الفارسية زحف الاسكندر على مقاطعاتها الهندسية لاحتلالها وتوغل إلى البنجاب ، لكنه أكره على التراجع ولم يلبث الحكام الذين عينهم على حكم المقاطعات بعد رحيله أن اقتفوا أثره بعد تراجع الاسكندر قام المحارب الشاب تشاندر أجوبتا (321-297ق.م) بتحرير المقاطعات الغربية وأسس السللة الموريانية عام (320ق.م) وكان العهد المورياني(320-185ق.م) أحسن العهود وكانت المملكة تتصف بالمركزية بصورة عامة وبلغت الإمبراطورية الموريانية أوجهاً في عهد أشوكا (274-236ق.م) وهو أقوى ملوك الهند القديمة ، وكان يتوسع بالقوة ، ثم بالحسن وقد اعتنق البودية.
واصلت السلالة المرويانية التوسع حتى بعد انقضاء (50) سنة على وفاة أشوكا.
في حوالي عام (85ق.م) قائد الجيش بوشيامترا بانقلاب عسكري فعزل آخر ملوك المويانيين وأسس سلالة السونجا ونقل مركز الدولة من بيهار إلى أواسط الهند وجاء في أعقاب اليونان الهنود غزاة من أواسط الهند وسيطرة السلالة الكوشانية البوذية التي طردت بعد قرن وتطورت السكريتية ، وأصبحت لغة الأدب.
مع حلول القرن السادس قبل الميلاد ، تحولت قبائل شمال الهند شبه الرحل إلى مجتمعات زراعية تحكمها سلالات ملكية.
بوذا أو البوذية
كان سيدها رناجوتا ما (563-483ق.م) الذي أصبح فميا بعد البوذا (أي المستنير) ابناً لودودانا ملك الساكياس ـ والمملكة مايا ، وقد ولد في لومبيني على الأطراف الشمالية لوادي الفالج بالقرب من كابيلا فاستو ، حيث قضى طفولته ، ولما شعر ببؤس الإنسان غادر منزله خفية واعتكف تحت شجرة البوذي في بوذجايا بالقرب من جليا جنوب بهار حتى جاءه الوحي فنشر دعوة الإسلام في حديقة الغزلان في سارناث بالقرب من فارناس، وبوذا اعتقد أنه نبي ورسول حرفت ديانته إذ أدخلت عليها أفكار من الهندوسية كالتناسخ وقانون الثواب (كارما) القائل بأن أفعال الإنسان التي هي التي تقرر مصيره ، لكنها ركزت على الأخلاق كسبيل للخلاص وكان بوذا يعتقد أن الألم ينجم عن الرغبة وأن التخلص من الرغبة يأتي من التخلق بالأخلاق وبانتهاج الأخلاق نسعد، ونشر بوذا دعوته في جميع أنحاء شرق الهند ، وآمن به الحكام والتجار ، ومنذ بداية التاريخ الميلادي انتشرت البوذية خارج جنوب آسيا ، قد خلت إلى الصين في القرن الأول إلى كوريا واليابان ، وإلى اثبتت في القرن الثامن وتحولت إلى ديانة اللاما وانتقلت أخيراً إلى بلدان الهند الصينية وإلى بعض الجزر البولينئرية ، وامتد إلى سريلانكا وإلى جنوب شرق آسيا.
أوربا
(بين 1200-500ق.م)
أصل الأوربيين هندو أوربي ، وقد استمر تاريخهم وأزداد ثراء وقوة بفضل اكتشاف الحديد، وقد كان المجتمع يستمد الكثير من ثروته من مناجم الملح الضخمة ، كما اكتشفوا قدرات الملح في حفظ الطعام واستعملوه سلطة تجارية تصدر إلى اليونان.
اليونان
تقوم الحضارة اليونانية على استعمال الحديد في صنع الآلات والأسلحة واقتباسها أبجدية صوتية عن الفينيقيين والأخذ بالدستور والقانون والاعتماد على الزراعة في الريف والصناعة التجارية في المدن ونشأت طبقة التجار والصناع.
وتمتاز اليونان بظهور الديمقراطية فيها لأول مرة في التاريخ وقام مفهوم الديمقراطية في جميع دول المدن اليونانية على المشاركة المباشرة في الحكم لا على التمثيل ، وكانت لجميع المواطنين فرص متكافئة لبلوغ المناصب ، وكان عماد الديمقراطية جمهور المواطنين أو الشعب وكانت المواطنة حقاً، ولم تعطى للنساء والعبيد ولا تعطى للأجانب إلا قليلاً.
وكانت السلطة بكاملها منوطة بالشعب الذي كان يجتمع في جمعية عامة كل عشرة أيام تقريباً ويحق لكل مواطن أن يتقدم بمقترحات تتعلق بالقوانين وبالإجراءات فتناقش ويجري عليها الاقتراع في الجمعية ينتقي الموظفين المدنيين والدينيين وكانت هيئات القضاء تنتخب من بين المتطوعين.
كان كل مواطن أثيني يتمتع بحق وواجب خدمة الدولة ، ولما كان عدد المناصب التي يجب إشغالها(1000) منصب ، فكان على الدولة توفيرها ، وكانت الثروة يستحصل عليها من الأرض، والحرف والتجارة ، ففي مطلع القرن الخامس كانت أثينا مصدرة للفخار والزيت والنبيذ ، ومستوردة للسمك والخشب والقمح ويمول الاقتصاد الرأسماليون العمل ، وكان الأغنياء يمولون الخدمة العسكرية.
وتعد اسبرطة دولة عسكرية إذ تحولت بكاملها إلى معسكر.
الأدب والمسرح اليوناني
اشتهر الأدب اليوناني بالشعر الغنائي الذي نشأ من أغاني تنشد على لحن القيثارة ، وبلغ أوج تطوره في القرنين السابع والسادس قبل الميلاد.
كما اشتهر الأدب اليوناني بالدرامي التي انبثقت من أناشيد الجوفة التي كانت ترنم في الاحتفالات الدينية.
ويشتهر الأدب اليوناني أيضاً بالملهاة (الكومديا) والفرعان الآخران للأدب اليوناني هما: الخطابة والفلسفة.
الفن اليوناني
ولد الفن اليوناني في القرن التاسع والثامن قبل الميلاد ، وكانت خطوته الأولى الفن الروائي ، وفن العمارة والنحت.
والنموذج المفضل في الفن اليوناني الرجل البطل والفتى العاري ، والأنثى الملتفة بثوبها والرسم على الجدران والآنية.
العلم اليوناني
ظهرت بواكير العلم اليوناني في القرن الثامن قبل الميلاد ، وذلك في القصائد الهوميرية التي تصف الكواكب وتورد فكرة غربية عن الكون مؤداها أن كروي.
إن أوائل العلماء اليونانيين الذين وصلت أسماءهم وهم طاليس وانكسيمندر وانكيمنيس قدموا من الشاطئ الشرقي للبحر الإيجي وعاشوا في القرن السادس قبل الميلاد، سلم طاليس بمفهوم الكون الكروي، وذهب انكسميذر على أن المادة الأساسية هي جوهر لا يمكن تحديده.
وأهم عالم في القرن السادس قبل الميلاد هو فيثاغورس الذي برهن على العلاقة بين أضلاع المثلث قائم الزاوية.
وفي القرن الرابع قبل الميلاد أسس أفلاطون(427-347ق.م) أكاديميته في أثنينا ، ثم أسس تلميذه أرسطو طاليس (384-322 ق.م) وهو أعظم فيلسوف علمي في العصور القديمة أكاديميته الخاصة في أثينا وأراء أرسطو في العالم الطبيعي أثرت على العالم طيلة الألفين سنة التالية.
قرطاجة واليونان في شمال أفريقيا
بين القرنين الثالث عشر والثامن قبل الميلاد عرف العالم القديم انسياجاً لعدد من الشعوب شمل مناطق واسعة منه ونقل جماعات متعددة من مواطنها الأصلية إلى مواطن جديدة ، وكان من ذلك وصول شعوب البحر إلى سواحل مصر والشام(فلسطين) وبعضها وصل سواحل تونس والجزائر، وانتشر في حوض البحر المتوسط الأغريقية والإيطالية ، كما في جزر المتوسط والسواحل الأفريقية والأسبانية تتاجر بالمصنوعات الزجاجية والعاجية والأقمشة والحلى والمواد الغذائية والذهب والفضة والجلود والأصبغة ، ومن هذه المستوطنات لبدة وصبراته سوسة وعنابة ومليلة ثم لكسوس (قرب العرائس الحالية) في المغرب، وتبع القرطاجيون شواطئ الأطلسي حتى انجلترا وجنوباً حول أفريقيا بالإضافة إلى مدنهم على الساحل الأسباني مثل (قرطاجنة) وفي غرب صلية وسردينيا ناقلين إلى كل مكان مع البضائع حضارتهم وعقائدهم.
وكانت قرطاجة رأس هذه الأمبراطورية التجارية(قرت حدث= القرية الحديثة) اليت أسست سنة (813ق.م) وتروي الحكايات عن سبب هجرة السارامكة صور التي أسستها ونقل إليها الفينيقيون حضارتهم، وسرعان ما أصبحت مدينة ـ دولة أفريقيا ـ وصارت أم المستعمرات الأخرى في حوض المتوسط الغربي ومركزها التنظيمي والدفاع الاقتصادي، وكانت تمد تجارتها إلى أعماق أفريقيا عن طريق دولة الجرمنت ، وعاصمتهم جرما عند مشارف الصحراء وحمادة مرزوق.
وقرطاجة كانت ارستقراطية النظم أو في آخر عهدها تكونت طبقة شعبية لا تستطيع الحكومة السيطرة عليها.
وكانت نشاط قرطاجة الأساسي يعتمد على أسطولها البحري وعلى علاقتها بالمستعمرات الأخرى، وكان جيشها من المرتزقة ودخلت في صراع سبعة قرون مع القوى المنافسة أو النامية على شواطئ المتوسط مما أضعفها في القرن الذي سبق سقوطها.
الأغريق في شمال أفريقيا
خرج أعداد كثيرة من الإغريق فأنشأوا مستعمرات يونانية في حوض البحر الأسود وفي شواطئ المتوسط، بلغ هذا التوسع ذروته بين سنتين(750-550ق.م).
ولحق الأغريق بالفينيقيين في معظم الشواطئ فاختاروا السواحل المواجهة لبلادهم فأنشأو نوقراطيس غربي دلتا النيل سنة (640) ثم أنشأوا مدينة قوريني (شحات) سنة (630) وانتقل سكان قوريني من الشاطئ إلى أطراف هضبة برقة الخصبة (الجبل الأخضر) وبعد ذلك بقليل أسست مدينة (بني غازي) التي كانت ترتبط سياسياً ببرقة.
صراع قرطاجة والأغريق
الانتشار الأغريقي شمل خاصة برقة وصلية وبدأ الصراع منذ أواخر القرن السادس رخاماً على التوسع كما جرى في المستعمرة التي أنشأها الأغريق قرب لبدة القرطاجية ، فأسرعت قرطاجة لتدميرها وبعد فترة اقتسموا النفوذ فانصرفت قرطاجة إلى مكافحة القرصنة الإغريقية في الحوض الغربي للمتوسط وطردهم لكنها هزمت سنة (480ق.م) فاكتفت بتركيز نشاطها على السواحل الأفريقية ، وجنوب أسبانيا، وعاد الصراع مع الأغريق في برقة وصقلية منذ أواخر القرن الخامس قبل الميلاد واستمر قبل الميلاد ، واستمر في القرن الرابع ، واستقر كثير من اليونانيين في قرطاجة ، ثم اندثر الوجود الإغريقي في شمال أفريقيا واندمجت بقاياه مع الغزو الروماني، وبقي أثر قرطاجة الثقافي طويلاً بعد زوالها سنة (146ق.م).
الإسكندر المقدوني
ولد الإسكندر وهو ابن فيليب المقدوني وأولمبيا أميرة إبيروس. في بيلا في مقدونيا عام (356ق.م) وتوفى في بابل عام (323ق.م) ، وتتلمذ على يد أرسطو طاليس الفيلسوف بين سن الثالثة عشر والسادسة عشرة واعتلى عرش مقدوميا عام (326ق.م) قعد حادث اغتيال (أبيه ، وكان فيليب قد قاد فرقة فرسانه قبل ذلك بسنتين في معركة خايروينا التي قضت على الأمل في استعادة أثينا زعامتها على بلاد اليونان وأعطت الزعامة للمقدونيين ، وبعد اعتلاء الاسكندر على العرش زحف جنوباً على اليونان وعبر الإسكندر البوستور عام (324ق.م) وزار طروادة وفتح آسيا الصغرى ، وواصل زحف على صور وسقطت في يده في يوليو عام (332ق.م) وبعد تدمير صور توجه نحو مصر وأسس الإسكندرية وزحف شرقاً إلى الفرات ، وفي عام (330ق.م) أحتل عاصمة فارس بيرسبوليس وأعاد اليسساليين واليونانيين إلى بلادهم ، وقرر إقامة إمبراطورية فارسية مقدونية ، وزحف على أفغانستان وبلاد ما وراء النهر ليطارد قائد تمرد عليه ومن ثم إلى سمرقند ، وفي عام (327ق.م) زحف إلى الهند ، وبعد إنهزام الأمير الهندي بورس رفض رجال الإسكندر التقدم أكثر من ذلك وفي (13) يونيو عام (323ق.م) قضى نحبه، ولم يكن قد بلغ الثالثة والثلاثين من العمر وبدأت إمبراطورية في الحال تقريباً وأخذ القادة الإقليميون يطلقون على أنفسهم ألقاب الملوك.
وكان قد أراد أن يغزو بلاد العرب لولا أن الحمى قد باغتته.
خلفاء الإسكندر
البطالمة
حين توفى الاسكندر المقدوني فجأة بالملاريا سنة (323ق.م) كان الفراغ الذي تركه أكبر من أن يملأه أحد من قواده ، وعاد الانسياح الإغريقي الواسع على العالم القديم ، فتحول بعد الاسكندر إلى زحام بين قادته على حكم الإمبراطورية ابنه الطفل الذي ولد بعد موته ، ولم يكترث له حلفائه الذين استمرت حروبهم من أربعين سنة(322-281) وظهرت التمردات الإقليمية وانقسمت الإمبراطورية المملكة المقدونية والمملكة السلوقية والمملكة البطلمية.
البطالمة:
كانت مصر حصة القائد بطليموس أحد حرس الإسكندر الخاص السبعة ، وتولى على العرش البطلمي ملوك يسمون بالبطالمة من الأول حتى الخامس عشر ، وكانوا أحياناً يحكمون بالاشتراك مع زوجاتهم أو أخواتهم أو أبنائهم، من هؤلاء المشتركين سبع من الملكات يحملن اسم كليوباترا وكانت الأخيرة هي المشهورة التي عاصرت الفتح الروماني لمصر ، وامتدت إمبراطورية البطالمة إلى برمة وقبرص وجنوب سوريا وشطر من ساحلها أحياناً ، وبعض المدن الإغريقية ، وبعض المدن الإغريقية ، وبعض سواحل آسيا الصغرى ، وبعض جزر بحر إيجه بالإضافة إلى أراضي مصر حتى النوبة ، وكانت الإسكندرية هي العاصمة ، وكان الأهالي يميزونها عن البلاد كلها بتسميتها بالمدينة.
وسقطت دولة البطالمة نتيجة اصطدامها بقوى الإمبراطورية الرومانية التي طمعت بثروتها وتجارتها ، وجاءت النهاية في عهد كيلوباترا (وهي كيلوباترا السابعة) وانهزمت في معركة اكتيوم سنة(31ق.م) وانتحرت بينما كانت مصر تتحول إلى ولاية رومانية.
السلوقيون
برز اسم سلوقوس الأول(312-280ق.م) الملقب نيكاتور(المنتصر) حين استولى على أكبر أجزاء الأمبراطورية من حوض السند ، وحيحون إلى شواطئ الشام الشمالية ، وإن فشل في ضم آسيا الصغرى ومقدونيا، وما لبثت هذه المملكة أن فقد أجزاءها الشرقية كلها بالتدريج حتى انتهت دولة لسوريا فقط.
حاول أنطيو خوس الثالث الكبير(223-187) أحد أحفاد سلوقوس أن يعيد المجد لهذه الدولة فتوغل بالحروب إلى وادي السند ، واهتم بتجارة الجزيرة العربية يريد السيطرة عليها فرده الشواطئ الصعبة البعيدة(204ق.م) وحارب البطالمة عشرين سنة حروباً طويلة ناجحة استعمل فيها الفيلة ، وكان موضوع الخصومة الدائم بين السلوقيين والبطالمة هو السيطرة على جنوب سوريا ، وانتهت بسيطرة البطالمة عليها بعض الوقت، لكن السلوقيين عادوا في عهد إنطيوخوس الرابع(175-164) فحاربهم ودخل بلادهم حتى الإسكندرية سنة(119ق.م).
وبدأت فترة الضعف السلوقي قبل أواسط القرن الثاني قبل الميلاد، في تلك الفترة كان الأنباط يستقلون الظروف ليقيموا دولتهم على هامش الدولة جنوب سورية ، وكانت مجموعات عربية أخرى تتوغل في الأراضي السلوقية وتنشئ دولاً محلية (مثل بني الأبجر في الرها واليطورين في عنجر وبني شمس الكرام في حمس).
وضعفت الدولة السلوقية بعد توسع الفرس(130ق.م) على حسابها ثم الأرمن الذين اكتسحوا سوريا (69ق.م) ثم جاءتها الضربة القاضية على يد القائد الروماني بومبي الذي احتل سوريا سنة (64ق.م) وجعلها ولاية رومانية.
الإسكندرية في العصر الهلينتي
أدت فتوحات الإسكندر (333-323ق.م) إلى منح الشرق صبغة هلينية في الثقافة والدين والعادات والتزاوج ، وقد بنى عدداً من المدن منها الإسكندرية سنة(333) التي سرعان ما أصبحت مركزاً للعلم والفكر اليوناني ومركزاً تجاري على البحر المتوسط ، والالتقاء بالثقافات المصرية والفينيقية والعبرية ، وهذا المزج سمي الهلينية ، وكانت الإسكندرية في العهد البطلمي قائدة هذه الثقافة ، وكان أكثر علماءهم إغريق.
الكلتبوب
تطلق لفظة (لاتين) على هذه الحقبة من حضارة الكتين حوالي(500ق.م)، وجاء اسم لاتين من اسم موقع أثري هام، وكان الكلتيون ارتسقراطيين جداً في نظامهم الاجتماعي وكان النظام الملكي شائعاً بين قبائلهم ، تأتي أولاً الطبقة المالكة المحاربة ، ثم طبقة المزارعين الأحرار، وقد اجتاح الكتيون أوربا الوسطى في القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد ، والتغلب على جيرانهم الأترسكيين في حوالي (400ق.م) وتدمير روما عام (390ق.م) ونهب معبد دلفي عام(279ق.م)، وتمكنت روما عام (225ق.م) من قهر الكلتيين في تيلامون بإيطاليا بعد قتال مرير أخضع الكلتيين نهائياً، ولم تسلم من السيطرة الرومانية في الجزر البريطانية سوى إيرلندا، وجزء كبير من اسكتلندا.
ودامت الإمبراطورية الرومانية إلى القرن الخامس الميلادي ، لكنها منذ القرن الثالث أخذت تتعرض لغزو البرابرة ، القادمين من الشمال، من شرقي نهر الراين والسهوب الشرقية لأوربا ، وقد حظم البرابر الإمبراطورية الرومانية.
الأترسكيون
الحضارة الأترسكية حضارة قائمة بذاتها ، واللغة هي التي وحدت بينهم ، فليس لهم وحدة حضارية تامة ، وكانت مدنهم متطورة عمرانياً ، وكذا الهندسة المدنية ، وعرفوا بتحويل الجداول التحري تحت الأرض منعاً لتعرية التربة وطريقة حفر الأنفاق للأنهار لتمر تحت الطرق عوضاً عن بناء الجسور فوقها، كل ذلك يبرهن على هذه المهارات ، وقد ساهم الأترسكيون في الحضارة الرومانية.
وانتهى العهد الأثر سكي والنظام الملكي في الوقت نفسه في أعقاب تاركينيوسن سوبربوس في عام (509ق.م) فأخذ يشرف على شؤون روما قنصلان منتخبان ومجلس شيوخ يكون من أغنياء يعرفون بالنبلاء.
وتعتبر روما الجمهورية ( 509-27ق.م) دولة ديمقراطية ، إذا كان مجلس الشيوخ ومجلس الشعب يكونان السلطة التشريعية في الجمهورية، والحكام يستكملون السلطة التنفيذية ، وكان مجلس الشيوخ هيئة استشارية ويراقب المال العام ، ويقترح القوانين ، ويتخذ القرارات المتعلقة بالحرب والسلم والسياسة الخارجية بصورة عامة ، ومجلس الشعب يوافق على التشريع المقترح أو يرده.
كان مصدر سلطة مستبدة إذ حشد قيصر أنصاره في مجلس الشيوخ وعين بنفسه بعض القضاة وقيل منصب المستبد الطاغية مدحاً الحياة، وقد تولى قيصر منصب الطاغية مرتين أن بتقلده لمدة عشر سنوات في عام (47ق.م) ، ودبر بروتوس(85-42ق.م) وكاسبوس توفى(42ق.م) مؤامرة واغتيال قيصر في أحد اجتماعات مجلس الشيوخ في (15) مارس عام (44ق.م) أملاً في انقاذ الجمهورية ، لكن هذه كانت ضد ضعفت إلى درجة اليأس ، وكان من أكثر نقاط الضعف في النظام الإمبراطوري في عهد أغسطس عدم وضع ضيفة ثابتة لمبدأ الخلافة، لذلك ، وفي عام(68م) ، عندما قتل آخر حاكم من سلالته المباشرة وهو نيرون المعروف بعدم اتزانه. وقدمت الفئات العسكرية المختلفة أربعة مرشحين لمنصب الإمبراطور في وفي أعقاب حرب أهلية رهيبة فاز فيسباسيان حكم (69-79م) بالمنصب فأدخل نظاماً يقضي بأن (يتبنى) كل إمبراطور خليفته مما أعطى للإمبراطورية بعض الاستقرار.
وفي عهد تراجان حكم(98-117) أشع حدود الإمبراطورية ثامنة وأضيفت إليها دارسيا وأرمينيا ، وبلاد ما بين النهرين ، إلا أن هادريان حكم(117-138) يحكي عن المقاطعتين الأخيرتين.
وفي عهد الأباطرة الأنطونينين بلغة الإمبراطورية قمة السلام وانتشرت فيها اللغة اللاتينية والثقافة اليونانية إذا أصبحتا عامل واحد وتعاظمت ثروة روما من الغنائم.
وفي عهد مرقس أوريليوس حكم(161-180) انتهت فترة السلام، ففي الشرق رد الرومان هجوماً ، وقد رجع الجنود مصابين بالطاعون الذي اجتاح الإمبراطورية بأسرها وحط من طاقتها البشرية، وعلى حدود الرايين، والدانوب كانت أمواج هجرات القوط إلى أواسط أوربا تدفع أمامها البرابرة نحو المقاطعات الرومانية، وفي عام (97) اجتازت عدة قبائل نهر الدانوب وجبال الألب وزحفت على إيطاليا ، كما اجتاحت داسيا، وهكذا قضى مرقس أوريليوس بقية سي ملكه يحارب من أجل إعادة ترسيخ الحدود.
قرطاجة وروما
حولت أفريقيا ولاية رومانية وسط الحماية على مملكات نوميديا التي أصبحت مفتوحة لتجارة الرومان مع البربر، ومنيت نوميديا بالتقسيم أكثر من مرة بين ورثة الملك.
لكنها توحدت مرة تحت حكم يوغرتا (150-104ق.م) الذي اراد أن يوحد المغرب كله، واحتل سرت، وأرسلت عليه روما حملتين تأديبيتين لم تستطع الانتصار عليه إلى أن قاد ماريوس ومالي حملة سنة (107ق.م) هزمه فيها وأسره، وعند ذلك ضمت نومديا إلى الإمبراطورية المتوسعة.
شمال أفريقيا والاستعمار الروماني
بعد تدمير قرطاجة سنة (146ق.م) صارت أفريقيا طعمة لروما قسمتها أربعة أقسام ولاية أفريقية (قرطاجة) تحت حكمها المباشر، مملكة نوميديا الحليفة وعاصمتها قرطة (قسطينية) موريتانيا القيصرية في غرب الجزائر وعاصمتها أيول (شرشال) وولاية المغرب (موريتانيا) الطنجية، ولقد كثرت الثورات خلال معظم عصر الإمبراطورية الرومانية ، ولم تستطع روما قمع هذه إلا بالتأمر الذي انتهى بانتحار زعيمها وخلال عصر المقاومة العنيدة الطويلة استطاع شمال أفريقيا أن يبعث إلى روما الإمبراطور هو سيبتميوس سيفروس من أهل لبدة كان قائداً للجيش في سوريا ، واختير إمبراطوراً فمنح شعوب المستعمرات حق المواطنة، ومنع احتكار الرومان للمناصب القيادية ، وأقام على عرش روما أسرة ليبية ـ سورية كان منها ثلاثة أباطرة(193-235).
وعندما انتشرت المسيحية في القرن الثالث أخذت المقاومة لروما الشكل الديني ، وتفاقمت الثورات بعد ذلك واتخذت منحى آخر.
المشرق وروما
بعد 32 سنة أخرى واكتمال تطويق الإمبراطورية الرومانية لشواطئ البحر المتوسط باحتلال مصر سنة(31ق.م) وإنهاء المملكة البطلمية ، وصار المتوسط بحيرة رومانية ، وسيطرت روما على مصبات تجارة الشرق مما أعطى سوريا ومصر شأنهما الهام ضمن إطار الإمبراطورية، وكانت مع أفريقيا عنابر الغلال الثلاثة الملونة لروما بالقمح، كما كانتا الثغور لتلقي التوابل والبخور الأفاوية والخمور والعطور والزجاج والأقمشة والبلدان القريبة الأخرى تحمل كل ذلك إلى موانئ سورية ومصر ، كما كانت دولة جرمة تحمل منتجات ما وراء الصحراء الكبرى إلى شواطئ ليبيا وأفريقيا.
دور عرب الجنوب
يرجع سكن الشعوب اليمنية إلى حوالي سنة (1500ق.م) وانتهت دولة أوسان في النصف الأخير من القرن الخامس قبل الميلاد على يد كرب إل ملك سبأ، وكان نفوذها يمتد على السواحل المواجهة لأفريقيا ما بين حضرموت إلى عدن، وكانت تنافس سبا منافسة قوية ، ولملوكها صفة دينية، وظلت قبائل أوسان واضحة الوجود والذكر ، بعد زوال نفوذها السياسي إلى القرن الثاني للميلاد، حين دمرت مدنها وحصونها في بعض الحروب بين سبأ وقتبان .
ودولة معين قامت في منطقة الجوف وهي من أخصب بقاع اليمن، واستمرت من القرن (8ق.م) إلى أن زالت حوالي نهاية القرن الأولى قبل الميلاد، وعاصمتها قرناو ، ومن مدنها يتيل التي كانت المركز الديني الرئيس لسكان المنطقة، وامتد نشاط معين التجاري أوسع بكثير من نفوذها السياسي،وكانت معين متحالفة سياسياً وتجارياً مع حضرموت.
وترجع دولة قتبان إلى القرن العاشر وحكمها ملوك بلقب مكرب منذ القرن السابق قبل الميلاد وفي القرن الرابع كانت قتبان تسيطر على الشريط الساحلي ما بين المندب إلى ما وراء عدن ، وبلغت ذروة قوتها في القرن الأولى قبل الميلاد، ثم انطفأت أواخر القرن الأول الميلادي تحت ضغط دولة حمير وأحرقت عاصمتها، وأقام القتبانيون عاصمة جديدة لهم بعد ذلك، ولكنهم سرعان ما انضموا تحت لواء سبأ.
وأما دولة حضرموت ترجع إلى القرن الخامس قبل الميلاد، وبدأت في وادي حضرموت ، وامتدت نحو الساحل وضمت مهرة وظفار، وعاصمتها شبوة ، وكانت على علاقة تحالف مع معين في قرون ما قبل الميلاد، واستفادت من سقوط قتبان للسيطرة على بعض أراضيها ، إلى أن ضمها ملك حمير إلى مملكته في القرن الرابع للميلاد.
وجاء السبئيون إلى اليمن من الشمال حوالي سنة(1200ق.م) وتشكلت دولتهم في صرواح حوالي القرن الثامن قبل الميلاد ، واتسعت تدريجياً بعد أن انتقلت العاصمة إلى مأرب حوالي سنة (610ق.م) وقبل القرن الخامس كان السبيون قد اجتازوا البحر الأحمر إلى البر الأفريقي ، وكانت لهم علاقات مع الأشوريين في أعالي الشام ، وما بين النهرين توسعت مملكة سبأ على حساب الدول المجاورة ، وقامت من أجل ذلك بحروب عديدة مدمرة، أدت في النهاية إلى ضعفها، ثم انهيارها بإنهيار سد مأرب وانتقال عاصمة الملك سنة (115ق.م) إلى ريدان.
وبدأت دولة حمير التي تفرعت عن سبأ وامتد عهدها الأولى إلى عهد ملكها شمر يرعش(275-300م) وعهدها الثاني إلى سنة (525م) وهو عهد التبابعة، حين سيطرت على اليمن وحضرموت وتهامة ، وحلت عاصمتها ظفار محل مأرب ، وقرناو في أوج ازدهارهما ، وحاول الرومان بعد سيطرتهم على الحوض الشرقي للمتوسط في القرن الأول قبل الميلاد، والاستيلاء على اليمن حملة إيليوس غالوس سنة( 25ق.م) ، وقد حاولوا السيطرة على طريق التجارة العالمية عبر مكة إلى الشام في حملة أصحاب الفيل لكنهم فشلوا ، ثم استطاعت اليمن التحرر منهم على يد سيف بن ذي يزن الذي أعانه الفرس على ذلك بسبب مصلحتهم التجارية والسياسية.
حضارة عرب الجنوب
التقدم الحضاري الذي عرفه الجنوب منذ مطلع الألف الأولى قبل الميلاد إلى القرن السادس بعده يضع اليمن في مصاف الحضارات الأولى في العصور القديمة.
والتكوينات البشرية في اليمن هجرات قديمة من الشمال أو الغرب وذلك لمناسبة المناخ ولتوفر الأمطار والخصب في الوديان والسفوح ونشوء الزراعة والقرى وحضارة اليمن زراعية ، وقد تطورت لديهم تقنيات الزراعة والري تطوراً كبيراً، وكانوا يزرعون السفوح على شكل مدرجات ويحرفون الآبار والصهاريج في الصخر ، ويقيمون السدود على مجاري السيول ، ويمدون منها القنوات المنظمة إلى مسافات بعيدة وينشئون الجنات وحضارة اليمن تقوم على الزراعة والتجارة وهي تتاجر بالبخور واللبان والعود والمر والصمغ تنتجه الصومال ، وتتاجر بالتوابل والعسل والشمع والبهارات والأحجار الكريمة، والتي عرفان والأنسجة الإرجوانية والموشاة بالذهب والقطنية والحريرية ، وهذه التجارة تعبر الطرق البحرية البرية ، وكانت اليمن تتاجر بالسيوف اليمانية ، وصياغة الحلى مع الحجارة الكريمة والنسيج (البرود المخططة) والتعدين) واستخراج الذهب.
واشتهرت اليمن بالقصور ذات الطواب وبالمعابد الضخمة وأسوار المدن والقلاع والمنحوتات المختلفة.