السبت، 7 يناير 2012

الإنسان:
إن جسم الإنسان حتى عندما لا يكون قد تغذى لسبعة أسابيع بعد الحمل هو آلة في غاية التعقيد ومجموعة أجهزة متشابكة ومتداخلة تجري فيها ملايين الأحداث الحيوية ويعمل الجسم بفاعلية ودقة لا مثيل لها رغم أن بنيته بسيطة والجسم والعقل متصلان ومرتبطان والدليل على ذلك أن قابلية الجسم للأمراض تتأثر بالحالات النفسية فالمجاري العصبية تحمل الدفعات الضابطة من المخ إلى الأعضاء وهذا الضبط يشمل تنظيم التنفس ونبضات القلب والغدة النخامية تفرز هرموناتها في المجرى الدموي كلما وردتها دفعات من الدماغ أو حدثت تغيرات كيماوية في الجسم وهذه الهرمونات تدور في الجسم وقد تحدث تغيرات في أعضائه. وفي الجسم جهازان مهمان المجاري العصبية وجهاز الغدد الصماء وهو كيماوي يستعمل الدورة الدموية.
يعتبر الدماغ عضو معالجة المعلومات التي ترد من الواس فهو يبني صورة عن العالم الخارجي ويصحح هذه الصورة باستمرار وفقا للمعلومات الجديدة الواردة إليه وهو يرتكز في ذلك على ما يرده من الحواس وعلى رغبته في كيفية معالجة هذه المعلومات وتفسيره لعالمه الخاص. والناس جميعا لهم إدراكا مشتركا للعالم ولكل إنسان واقعه الخاص.
الجهاز العصبي:
الجهاز العصبي هو الشبكة التي تجعل جسما حيا ويمكننا من إدراك العالم الخارجي ومن ضبط عالمنا الداخلي. وبه نتجاوب ونتفاعل مع ما يحيط بنا وذلك بتحريك عضلاتنا وبتنسيق أفعال أعضائنا المختلفة.
يتكون الجهاز العصبي المركزي من الدماغ والحبل الشوكي ويرتبط به الجهاز العصبي المحيطي المنتشر في الجسم والذي له جزءان الجهاز العصبي الجسماني أو الإرادي والجهاز المستقل أو غير الإرادي الذي يؤمن الضبط غير الواعي لأعضاء الجسم وإن الجهاز الجسماني يؤمن إلى حد بعيد الإدراك الحسي الواعي والضبط الإداري لنشاط العضلات وترده المعلومات خلال الأعصاب الحسية من العينين والأذنين وبراعم الذوق وأعضاء التوازن ومن ملايين الخلايا اللاقطة لاحساسات التلامس والحرارة والضغط والألم المنتشرة في الجلد والتي تشكل معا حس اللمس وهناك أيضا لاقطات لتحس درجة الضغط والعضلات والأوتار ولضغط الدم ونسبة الأكسجين والسكر وثاني أكسيد الكربون في الدم وتحمل الأعصاب المحركة المنطلقة من الجهاز العصبي المركزي معلومات إلى العضلات فتحدث الحركة.
وتتكون الخلايا أو العصبات التي تكون الجهاز العصبي من جسم خلوي يحوي النواة ومن ذيل طويل أو امتداد يسمى المحور العصبي على جسم الخلية وفي طرف المحور العصبي فروع قصيرة تسمى الزوائد المتشجرة وإن الاتصال بين الخلايا العصبية من محور واحد منها إلى جسم الخلية التي تليها إنما يتم عن طريق هذه الزوائد المتشجرة وعبر فجوة صغيرة تسمى نقطة الاشتباك العصبي.
كيف تبث الأعصاب رسائلها؟
الأعصاب كأسلاك البرق التي تحمل رسائل بشكل دفعات كهربية والدفعة العصبية أشد تعقيدا من اندفاع الإلكترونات على طول سلك نحاس وذلك أن نقل دفعة خلال خلية حية يقتضي تحريك جزئيات مشحونة بالكهرباء ـ الأيونات ـ عبر الغشاء ـ أي عبر غلاف المحور العصبي.
وعندما لا تحمل الخلية أية دفعة تكون مستقطبة أو بتغيير آخر يكون وجه غشائها الخارجي مشحونا بشحنة كهربية تختلف عن شحنة الوجه الداخلي وذلك ينتج عن تفاوت درجة تكثف أيونات البوتاسيوم عالي وتكثف الصوديوم منخفضا بينما يكون العكس خارج الغشاء وعندما يثار العصب يتغير ترتيب جزئيات الغشاء فتتسرب أيونات البوتاسيوم إلى الخارج وأيونات الصوديوم إلى الداخل وعند ذلك يفقد غشاء العصب استقطابه حسب هذا التغير الكهربي تغير في البنية الجزئية من القسم الثاني من الغشاء الذي بدوره يفقد استقطابه بهذه الطريقة تسير الدفعة بسرعة على طول الليفة العصبية وتتميز الخلايا العصبية بقدرتها على إقامة اتصال فيما بينها. فالعصبة المثارة تبث على طول محورها رسائل بشكل نبضات كهربية صغيرة وسريعة وتقوم نقاط الاشتباك العصبي بوصل هذه العصبة بالعصبات الأخرى.
دور الجهاز العصبي:
كل ما نقوم به من نشاط يستوجب وساطة الجهاز العصبي من أبسط ارتجاف أصبع إلى أكثر النشاطات تعقدا وتنسيقا وإن بعض الاستجابات البسيطة تكتفي باستعمال أجزاء معينة من الجهاز العصبي فإذا لمس أحد شيئا حارا فإنه يسحب يده بسرعة وهذا العمل بسيط ولكنه جوهري وهو يسمى ارتكاسا شوكيا لأن النبضات الصادرة عن أطراف العصب الحسي في الجلد لا تحتاج أن تتعدى الحبل الشوكي لإنجاز عملها.
ويقوم سلوك الحيوانات البسيطة جدا على حركات ارتكاسية ولكن الإنسان والحيوانات الكبرى تتمتع بحرية تصرف أوسع ويمكنها أن تعالج بوسائل متعددة أكثر الأوضاع مع العلم أن الارتكاسات تبقى على أهميتها لديها في حالات الطوارئ وفي النشاطات الحيوية كالتنفس وحركات الأمعاء ولكن أكثر السلوك الإنساني ينتسب إلى فئة أخرى إنه إرادي ومكتسب وغير ارتكاسي.
وإن ما يجعل هذا النوع من السلوك ممكنا هو أن الجهاز العصبي يستطيع أن يتعلم من الخبرة وأن يسير نشاطاته بذاته وبما أنه ليس هناك شخصان يتمتعان بالخبرة ذاتها وليس هناك دماغان متشابهين كل التشابه فلكل جهاز عصبي سلوك خاص يتفرد به.
كيف يعمل الدماغ؟
يكمن الدماغ داخل قفص الجمجمة العظمي الواقي وللجزء الأكبر منه نصفان متشابهان متصلان وفيها شقوق وطيات وتجعدات وتغطية طبقات رقيقة من الغشاء.
تشريح الدماغ:
متوسط وزن المخ 1380 غراما عند الرجل و1250 جرام عند المرأة وهو يتكون من ثلاثين ألف مليون خلية تسمى عصبات والذكاء له صلة بتعقد بنية المخ الدقيقة وبالاتصالات القائمة بين وحداته وبتركيبه الكيماوي الحياتي وعند الولادة تكون بنية المخ كاملة لكنها تستمر في النمو حتى العشرين من العمر ، ويشكل نصفا كرة المخ الجزء الأكبر منه وكل نصف كرة هو صورة مرآة للآخر إذ أنه موجه بحركات جهة واحدة فقط من الجسم وإحساساته فنصف الكرة الأيسر يضبط الجهة اليمنى والعكس بالعكس وكذلك يضبط الأعمال المعقدة كالنطق ونصف كرة واحدة فقط هو الأيسر عند أكثرية الناس وهو الذي يضبط اليد المتفوقة أي اليد اليمنى.
بنية الدماغ ووظيفته:
يشكل نصف الكرة الدماغية سبعين بالمئة من جملة الدماغ والجهاز العصبي بما فيه من أعصاب الجسم ويتكونان من القشرة ومن طبقة خارجية من المادة السنجابية تحيط بطبقة سميكة من المادة البيضاء ـ تصل بينهما حزمة من الألياف مكونة من ألياف عصبية تسمى الجسم الجاس وتحت القشرة تقيم الفصوص الأربعة التي يتكون منها كل نصف كرة ويلتقي الفص القذالي في مؤخرة الدماغ المعلومات البصرية ويحللها والفص الصدغي على جانب كل نصف كرة يختص بالصوت وقد حدد فيه موقع بعض الاحساسات السمعية والبصرية القوية والوظيفة الرئيسة للفص الجبهي ضبط الحركات الإرادية ولها علاقة في عملية النطق. أما النواحي الأمامية من هذا الفص فيعتقد أن لها علاقة ما بالعقل والشخصية ويرتبط الفص الجداري بحاستي اللمس والتوازن وحاستي الشم والذوق ويختص بهما الفصوص الجبهية والصدغية.
وعند قاعدة الدماغ وفي ما يسمى بالغمد النخاعي ، عنق الدماغ الذي يضبط الوظائف الجوهرية كالتنفس والسعال ونبضات القلب ووراءه وفوقه بقليل يقع المخيخ الذي يقوم بدور هام في تنسيق حركة الجسم وحفظ وضعه وتوازنه بين جانبي المخيخ ما يسمى جسم المخيخ.
ضوابط الانفعالات:
يخترق عنق المخ جهاز شبكي من الألياف التي تمر فيها طرق الاحساسات من الحبل الشوكي إلى المخ وهذه المنطقة تضبط المعلومات الواردة من أطراف الحواس وتحدد مستوى الاستجابة وفي وسط المخ وحول التجويفات المليئة بأحد السوائل المسماة البطينات تتجمع مناطق مهمتها ضبط الكثير من نزعاتنا الأساسية فالمنطقة المسماة ما تحت المهاد البصري تضبط الجوع والعطش والحرارة والنزعة العدوانية والشهوة الجنسية. وتلتف حول ما تحد المهاد البصري مجموعة من البنيات تشكل الجهاز الهامشي : الحاجز والرواق واللوزتان وقرن آمون وتتدخل هذه البنيات في الاستجابة الانفعالية كالخوف والعدوان وأنها بتفاعلها الشديد تحدث التغيرات في الحالات النفسية وفي وسط المخ يقع المهاد البصري وهو عنقود من الخلايا العصبية المرصوصة التي تنقل الدوافع من أعضاء الحس إلى القشرة في المخ . وفي الأحوال العادية يستهلك المخ عشرين بالمائة من مجموع الأكسجين المستخرج من الدم بدون أكسجين تتعطل خلايا المخ نهائيا وتموت إذ ليس للمخد قدرة على تجديد الخلاي ، والمخ كالحاسوب لكنه أكثر تعقيدا بلا حدود ، ويعمل أجزاؤه معا ووظائفه هي الحياة البشرية.
العقل والمخ:
أصبح العالم الآن يقر بأن كل مرة العقل والجسم وجودة وأنهما متفاعلان ومتناسقان وأن عدد التبديلات والتغييرات في الاتصالات بين الشعيرات الخيطية المسماة الشوكات التشجيرية التي تتفرع من كل خلية دماغية هو ما يحدد قدرة الشخص العقلية وأنه يحدث مائة ألف مليون تفاعل كيماوي مختلف يحصل في المخ في الدقيقة الواحدة.
النوم والأحلام:
النصف الأيمن من المخ يقوم بالنشاطات الفنية والخيالية والأيسر يقوم بالنشاطات الأكاديمية ، الإنسان يتحمل القليل من الحرمان من النوم ولا يتحمل الحرمان من الحلم ، والإنسان إذا لم يحلم سرعان ما يتعرض للغضب وتنتابه الهلوسات نهارا، وذلك دليل على أن العقل يحتاج على الحلم وهي ملهاة وكلما كان الإنسان مرتاحا لأحلامه وأخيلته كلما كان مرتاحا ومبدعا ، ولقد أوحت الأحلام بالمؤلفات الخيالية أي الفنون.
الذاكرة والتذكر:
الذاكرة تتكون من جزئين :
1- الحفظ وهو القدرة على اختزان المعلومات.
2- التذكر وهي القدرة على استحضار المعلومات والتذكر يقوى بالتمرين.
إن ما هو مخزون في ذاكرتنا أكثر بكثير مما نظن إذ بإمكان الدماغ إذا حث كهربيا أن يتذكر تذكرا كاملا أحداثا معينة من حياة الإنسان ويبرهن على ذلك الأحلام التي تعود فجأة للظهور بوضوح على أشخاص وأحداث منسية من سنين كثيرة وكذا التذكر المفاجئ لأحداث منسية التي يعيدها إلى الذاكرة رائحة أو لون أو صوت أو حدث معين أو كلمة معينة.
ويقسم التذكر إلى قسمين: التذكر إبان التعلم ، والتذكر بعد التعلم ، إبان التعلم يحتاج العقل كالجم إبان التمرين ، إلى فترات من النشاط وفترات من الراحة فإذا نلت فترة مناسبة من النشاط فترة موافقة من الراحة تحسنت القدرة على التذكر تحسنا شديدا من جهة التفاصيل ومن جهة السرعة.
أما التذكر بعد التعلم فإن حدته ترتفع لفترة قصيرة بعد انطباع المعلومات ثم تهبط هبوطا سيئا ، ويعالج النسيان بالمراجعة إبان فترات الراحة وتتجزأ أوقات التعلم إلى فترات بين عشرين وأربعين دقيقة تكتب إبانها مدونات ثم يأتي فاصل من عشر دقائق تتبعه فترة تذكر من عشر دقائق يدون خلالها كل ما يمكن تذكره ويقارن مع المدونات الأصلية ، وتقوى الذاكرة بمراجعة المادة ذاتها كمدة تتراوح بين دقيقتين وأربع دقائق في اليوم التالي وبمراجعة أخرى مدتها دقيقتان في الأسبوع التالي.
القراءة السريعة تقوي الانتباه وحفظ المعلومات وتوفر وقتا لمراجعة المقاطع الهامة، يمكن تسهيل القراءة السريعة بعدة طرق:
1- التمرن على القراءة الإيقاعية.
2- القراءة بمدة محددة لبلوغ سرعة أشد.
3- استعمال كلمة أو جملة لاختصار مجموعات من معلومات مختلفة.
4- ربط الأفكار.
5- تركيز الانتباه.
6- طرد الخوف إبان التعلم.
7- الترديد والتكرار للمعلومات ومراجعتها وربطها بالمعلومات الأخرى.
8- استنباط المعلومات واستقراءها.
طاقة العقل:
العين تتأثر بالموجات الكهربية المغناطيسية والأذن بالاهتزازات الكيماوية والجلد بالضغط والحرارة معا والإدراك ترجمة هذه المثيرات الحسية الواردة عبر الدفعات العصبية إلى صورة منظمة عن العالم الخارجي والأشياء لها وجود في ذاتها مستقل عن اختبارنا لها فالإنسان يدرك الحقيقة بإدراكها السليم وإدراكنا السليم مطابق للواقع وإن الأوهام تحدث عندما تضطرب الآليات العضوية أو تتعطل أو عندما تطبق المعرفة في غير محلها والاحساسات تنجم عن عمليات عصبية لها نصيبها والعقل يقوم بعملية تحليل وتركيب معا فإدراكنا يتم عن طريق وحدات من الاحساسات البسيطة كالنقط والخطوط والألوان وما إلى ذلك من هذه الاحساسات، نركب صورة كما أننا نحلل صورة مركبة ، في نفس الوقت.
صحيح أننا نرى من الأشياء مجموعها أو شكلها العام أو صيغتها أو نمطها ولكن هذا الشكل العام مكون من إحساسات بسيطة والكل أكثر من مجموع أجزائه وأن الأشياء المركبة أهم من عناصرها.
إن أساس الإدراك مزيجا معقدا من المعرفة الفطرية ومن قواعد تحليل المعطيات والإنسان يولد وله جهاز إدراك فطري فهو يميز إبان أول أيام عمره بين المثيرات المعقد. الناس يولودون ولديهم فوارق وهذه الفوارق تختلف باختلاف العمر والثقافة والتطلعات والدوافع والاستعدادات والتعلم والمعجم اللفظي.
النظر والإدراك الحسي:
النظر هو إحدى وسائل الإنسان لتفسير العالم الذي يحيط به وآلته هي العينان اللتان تظهران في الجنبين نافرتين من المخ بشكل برعمين والمخ الذي يحلل الدفعات العصبية الناجمة عن الصور التي تلتقطها العينان فتحدث الرؤية.
والأجزاء الواقية في العين هي الجفنين وعلى الجفنين رموش والرموش تجمع الغبار والحواجب تمنع تسرف العرق إلى العينين وهي تنثني إلى الوراء لتغطي مقدم العينين ، وتقع الغدد الدمعية تحت الجفون ويسمى الغلاف لمقلة العين الصلبة وهي بياض العين الليفي الخشن والصلبة هي مربط العضلات الخارجية الست التي تحرك مقلة العين وهي التي تحفظ شكل المقلة الكروي وتحمي الطبقات الداخلية الناعمة ، ومقدمتها شفافة ليتمكن النور من الدخول إلى خلاياها وتسمى القرنية وهي أهم أجزاء العين لأنها هي التي تعطي الصورة البؤرية الواضحة. وللقناة دور أساسي في النمو الجنيني إذ أنها تنقل الدم إلى العدسة التي تبطن المشيمة السطح الداخلي من المقلة وتصبح عند مقدم العين الجسم الهدمي والذي يحمل عضلات العدسة ويحدث تغييرا في شكلها والعدسة بلورة محدبة الوجهين ومصنوعة من كبسولة مطاطية مملوءة بنسيج ليفي يعدل العين لتوضح الصورة فعند الرؤية القريبة يتقلص عضلها فتزداد سماكة لتأمين الحد الأقصى من قوة التحديث البؤري وترق هذه السماكة عند رؤية الأشياء البعيدة.
وتقع العدسة وراء القزحية وهي امتداد عضلي ملون للمشيمة يعطي العين لونها وفقا للمميزات الموروثة يضبط البؤبؤ وهو فتحة مدورة في القزحية دخول النور إذ أنه يغير نظره بعمل ارتكاس من مليمتر إلى ثمانية مليميترات من 0.04 إلى 0.32 انشا وتضيق القزحية في النور الباهر وتتسع في النور الخافت.
الخلايا الحساسة للنور:
بعد أن يخترق النور العدسة ويمر من خلال الرطوبة الزجاجية بمقلة العين القابعة وراء العدسة ثم يقع على الشبكية التي تحتوي على الخلايا اللاقطة للنور والمتحسسة به وهي العصبات والمخروطات ويميز النور من الظلمة مائة وخمسة وعشرون مليون عصبة بينما تميز الألوان سبعة ملايين مخروط.
وتحوي العصبات والمخروطات الأصباع البصرية التي تتغير بنيتها تحت تأثير النور فتولد عن ذلك دفقات تبلغ المخل تتحول فيه إلى رؤية وتنقسم المخروطات إلى ثلاثة أنواع ( الحمراء ) و(الخضراء) و(الزرقاء) وهي تستجيب إلى نور هذه الألوان الأساسية التي عن امتزاجها معا تنبثق سائر الألوان الفرعية التي نراها وتتصل العصبات والمخروطات بخلايا عقدية يتفرع عنها مليون ليفة عصبية تخرج من العين عند العصب البصري في نقطة الالتقاء هذه والمسماة بالبقعة العمياء ولا تبصر العين شيئا وتمتد الأعصاب من كل عين إلى الفص القذالي القائم في القشرة المخية الواقعة في مؤخرة المخ بعد أن تمر بمحطات الوصل ألياف العصب البصري مرتبة بحيث تنتقل الدفعات الواردة من الجهة اليسرى من الحقل البصري من كل عين إلى الجهة اليمنى في المخ والعكس بالعكس ويتم هذا الانتقال في العصب البصري الواقع وراء العين. عند تنسيق المخ للمعلومات الواردة من كل عين تنبلج الرؤية المجسمة.
عملية الإدراك الحسية:
عندما تثار الخلايا العصبية في الشبكية ترسل إلى مخ رموزا عن نماذج من درجات النور ومن الألوان فيحلل المخ هذه الرموز إذ ذاك تتحسن الأشياء منفصلة ويحصل الإدراك الحسي ، أبرز ميزات الإدراك الحسي قدرته على تحويل نماذج متواصلة من الطاقة الواردة على اللاقطات إلى أشياء وأحداث فردية متميزة بزمانها ومكانها، وكل ذلك بفضل نبضات كهربية من نوع واحد تسري في الألياف العصبية والأطراف ، الأشياء وتعرجات شكلها أهمية كبرى في الإدراك الحسي إذ أنها تسير في قشرة المخ المخططة (لاقطات معالم الأشياء) المختصة بهذا النوع من المحسوسات والتي تلتقط الاتجاهات والزوايا والحركة كلا على حدة فتضم هذه إلى بعضها بعضا في مجموعا تتسق بحيث يتم إدراكنا للأشياء غير أن هذا الأمر يتطلب الكثير من الخبرة المخزونة في الذاكرة.
السمع والتوازن:
الأذن تقوم بوظيفة السمع والتوازن ويعرف الجزء المرئي من الأذن بالصوان وهو عبارة عن جلد وغضروف ، والقناة السمعية التي يحفظها الصوان بالأذن الخارجية يحيم القناة شعر وغدد عرقية تفرز مادة شمعية هي الصملاخ ويحول الشعر والصملاخ دون تسرب الجسيمات الضارة ، والجراثيم إلى داخل الأذن وآليات الأذن في عظم الجمجمة ففي طرف القناة السمعية طبلة الأذن أو غشاء الطبل وفي الجانب الآخر تجويف الأذن الوسطى الذي يتصل بمؤخرة الحلق بواسطة قناة تسمى أنبوب يوشاكيوس ولهذا الأنبوب فتحة على الأنف والحلق وهو يؤمن آلية إضافية من الهواء الآتي من الداخل ليوازن ضغط الهواء القادم من خارج غشاء الطبلة. وفي تجويف الأذن الوسطى يوجد ثلاث عظام صغيرة تصل الطبلة بالأذن الداخلية وهي المطرقة والسندان والركاب المسماة مجتمعة العظيمات السمعية وهي أصغر عظام الجسم ووظيفتها نقل اهتزازات طبلة الأذن إلى غشاء يسد الأذن الداخلية اسمه النافذة البيضوية وتحتوي الأذن الداخلية على أنبوبا لولبيا مليئا بسائل يشبه محارة الحلزون ويسمى القوقعة وهنا تتحول الاهتزازات إلى دفعات عصبية يدركها المخ كصوت.
كيف يصل الصوت إلى المخ؟
الصوت هو اهتزاز هوائي تموجي له صفتا السعة (طول الموجة ، والتردد ، عدد الاهتزازات في الثانية الواحدة ). فإذا كان الصوت عاليا يكون طول موجته كبيرا، وكلما ارتفعت حدة النغمة الصوتية كلما كانت الذبذبة كبيرة. والصوان يحمي الأذن ويوجه الصوت إلى القناة السمعية فتمر موجات الصوت فيها وتحدث ارتجاجا في الطبلة فتستجيب العظيمات لحركات الطبلة ثم تعمل كرافعات فتضخم الاهتزاز أكثر من عشرين ضعفا دون تغير في ذبذبتها وينقل هذه الاهتزازات عظم الركاب إلى السائل في القوقعة عبر النافذة البيضوية.
والقوقعة تجويفان : غشاء يسمى الغشاء القاعدي وعلى طولت تمتد بنية معقدة اسمها جسم كورتي وتحدث موجات الصوت السارية في السائل على طول هذا الغشاء اهتزازا في خلايا جسم كوركي الحساسة والأصوات الحادة تهز الغشاء القاعدي عند طرفه الأسفل فقط أما الأصوات المنخفضة فتهزه بكامله وهذه المعلومات تنقلها إلى المخ مجموعة تربو على ثلاثين ألف شعيرة عصبية مستقلة.
الصمم:
الصمم نوعان:
1- الصمم الناجم عن عقبة تعترض مرور الصوت إلى الأذن الداخلية وقد ينجم عن انسداد القناة السمعية (بالصملاخ مثلا) ، أو عن ثقب في غشاء الطبلة أو عن سائل أو آلة ، أو خراج في الأذن الوسطى أو عن خلل في نمو إحدى العظيمات الثلاث القائمة في هذه الأذن .
2- الصمم الحسي العصبي أو الإدراكي الناجم عن عطب في الأذن الداخلية أو عن نقص في نموها ما عدا العطل الفطري ينجم هذا النوع من الصمم عن مرض أو جروح في الرأس أو التهاب فيروسي أو تعرض طويل لضجيج صاخب أو عن مجرد الشيخوخة.
حس التوازن:
تحتوي الأذن الداخلية بالإضافة إلى القوقعة على ثلاث قنوات ملأى بسائل هي القنوات نصف المستديرة وجيبين هما الكيس والقريبة وهذه المجموعات لا علاقة لها بالسمع بل لها علاقة بالتوازن والوضع.
وتنتظم الأنابيب نصف المستديرة الثلاثة بشكل زوايا قائمة بالنسبة لبعضها البعض فتلتقط حركات الرأس وفي آخر كل أنبوب جيب يحوي خصل شعر مجهزة بألياف عصبية وكلما تحرك الرأس اندفع السائل في أنبوب أو أكثر وعندها تتحرك الألياف فتنبئ المخ بواسطة أعصابها عن وضع الجسم. والقريبة والكيس فإنها يجعلاننا نشعر بوضع جسمنا بالنسبة لجاذبية الأرض وهما يحويان خصل شعر متصلة بأعصاب ومحاطة بمادة هلامية وفيها بلورات صغيرة جدا من كربونات الكلس وتسمى حصى الأذن، والجاذبية تحرك البلورات فتدفع الشعرات فتطلق دفعات عصبية إلى المخ تضم كل هذه المعلومات الواردة من أعضاء التوازن إلى الدفعات العصبية الواردة من العينين وتنسق معا لمراقبة وضع الجسم وضبطه.
اللمس والألم ودرجة الحرارة:
المخ وظيفته تلقي المعلومات وتتعلق بالأحاسيس كاللمس والضغط ودرجة الحرارة وتتحول المثيرات المهمة إلى دفعات عصبية تسري عن طريق الحبل الشوكي إلى مركز المخ الذي يسمى المهاد البصري وهو يدرك هذه المثيرات العامة فيعرف إذا كانت سارة أم لا وهو مسؤول عن الإحساس بالألم وينسق المادة الحسية بضم المثيرات المتجانسة والواردة من نواح مختلفة من الجسم إلى بعضها البعض لكي تنقل إلى القشرة الحاسة وهي ناحية المخ التي تتولى تحليل الإحساسات وتكمن تحت المهاد بنية أصغر اسمها ( ما تحت المهاد ) وإحدى وظائفها تنظيم درجة الحرارة.
أنواع الألم وتفسيره:
الألم شعور غير مريح فهو يختلف فمنه الشديد والأقل شدة والطويل الأمد ، والألم الحشوي وتختلف الأعصاب اللاقطة له إلى الجهاز العصبي المركزي والألم يوجد حيث توجد إثارة قوية لليفة عصبية أو بسبب عطب الممرات العصبية ويحصل الألم تلقائيا بسبب تعرض بعض البنيات العصبية كالحبل الشوكي والمهاد البصري لإصابة ما والألم إحساس واق إذ يؤمن عزل الأنسجة عن العوامل المؤدية والألم يندر بوجود مرض ويولد بعض الناس ولديهم ما يشل الاحساس بالألم كليا أو جزئيا وهذا أمر نادر وهؤلاء الناس معرضون أكثر للمرض من سواهم. والألم شعور ذاتي تؤثر فيه العوامل النفسية.
الشم والذوق:
الشم والذوق حسان كيماويات مستقلان وهما من الحواس التي تمد المخ بالمعلومات وهما متصلان ، فحس الشم مركز في رقعتين صغيرتين من النسيج الظاهري الشمي في الأنف وهو يلتقط أي رائحة يحملها إليه الهواء ، أما حس الذوق المركز في اللسان فهو يلتقط المواد الكيماوية في الفم فقط. وارتباط الحسين وثيق لدرجة أن الرائحة النتنة تترك طعما كريها في الفم والتلذذ بالطعام هو استجابة لاحساسات صادرة عن اللسان والحلق والأنف ، فالمزكوم لا يتذوق لأن أنفه مسدود.
حس الذوق:
وظيفة حس الذوق في تذوق الطعام والشراب وبالتذوق نعرف هل الطعام رديئا أو حسنا وأهم أعضاء الذوق أطراف عصب مجهرية تسمى براعم الذوق وهي تغطي اللسان وبعض جوانب الفم الأخرى وتقع ضمن نتوءات صغيرة تسمى الحليمات والسوائل فقط هي التي تذاق لأن براعم الذوق لا تتأثر إلا عندما تذوب مواد الطعام الكيماوية في اللعاب وتجري فوق هذه البراعم وعندما تثار الخلايا اللاقطة تعطي إشارات تنقل إلى مراكز الذوق في المخ بواسطة زوجين من الاثني عشر زوجا من الأعصاب الفحمية وهي العصبات اللسانيات البلعوميات والعصبات اللسانيات تلتقط براعم الذوق ستة طعوم أساسية فقط هي الحلو والمالح والحامض والمر والمعدني والقلوي وبقية الطعوم خليط من الأنف وبعض الطعوم لا يختلط وليس في وسط اللسان حس للذوق فهي تتجمع في مؤخرة اللسان.
إن حس الشم أقل أهمية للإنسان من الحواس الأخرى فالإنسان يعتمد على النظر والسمع أكثر من الشم. يقوم النسيج الظاهري الشمي في أعلى التجويف الأنفي باطنه غشاء مخاطي ناعم ودافئ وهو جزء معدل من الجلد فيه شرايين دموية غزيرة وتعزز الغدد منه سائلا لزجا يغطي وجه الغشاء ليجعل التجويف رطبا وتنبت من النسيج الظاهري أهداب وهي شعيرات مجهرية تقذف المخاط باستمرار إلى الحلق فيدفعه التنشق والبلع إلى المعدة.
ويدخل الهواء من المنخرين ويتصفى في الشعر ثم يسخن وينظف ويندفع إلى الرئتين مارا من النسيج الظاهري الحساس في سقف الأنف. إن جزئيات من البخار يحملها الهواء ترسب على المخاط وتجعل الشعيرات حساسة وتتصل بأجسام الخلايا الواقعة تحتها فتولد دفعة في الألياف العصبية المتشابكة معها وتمتد هذه الألياف من الشمس إلى البصلات الشمسية المتصلة مباشرة بالمخ وتساهم في حس الشم لاقطات اللمس في الأنف فنحن نتبين الرائحة ثم التي تليها فإذا تشبعت اللاقطات بالرائحة تزول الرائحة بسرعة واللاقطات تميز عشرة آلاف رائحة مختلفة.
الجمجمة والهيكل العظمي والمفاصل:
العظم صلب لأن فيه نسبة مرتفعة من الكالسيوم والفسفور ومعادن أخرى وثلثه مكون من مادة بروتينية ليفية هي الكولاجين وفي العظم خيوط لينة . وفي أحد الحوامض عظم طويل تذوب منه المواد المعدنية وتصبح المادة البروتينية المتبقية (الجيلاتين أو الهلام ) لينة إلى درجة أنه يمكن أن يربط عقدا . أما إذا سخن العظم إلى درجة مرتفعة لتحرق مادته البروتينية فلا يبقى منه سوى بنية معدنية قاسية وسريعة العطب مما يجعل العظم الحي طبيعته الفردية فهو قوي وصلب ومرن معا ويمكنه أن يصمد أمام قوة عظيمة وساحقة على حد سواء ، وتندمج مع الهيكل العظمي أنسجة رابطة لا تقل عنه أهمية منها رباطات قوية ولينة تربط عظما بالآخر، ومنها غضاريف لينة تلين المفاصل وتلطف الاحتكاك عند ملتقى العظام، ومنها أوتار ليفية غير مطاطية وهي عبارة عن أسلاك توثق العضلات إلى الرافعات المختلفة التي تحركها.
والعظام على أربعة أنواع : العظام المسطحة ، تعلو الكتفين وقمة الجمجمة وعظمي الوركين وهي خفيفة وقوية أعضاء داخلية دقيقة تحميها وهي تعاليق للعضلات والعظام غير المنتظمة التي يتكون منها العمود الفقري المرن وهي منفصلة الواحدة عن الأخرى وإنما تشدها بعضها إلى بعض رباطات ليفية وعضلات، والعظام القصيرة الموجودة في المعصم وفي القدم وهي مرنة والعظام الطويلة في الذراعين والساقين والصدر وهي قوية وخفيفة ومجوفة، والمفاصل هي التي تربط العظام بعضها ببعض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق