السبت، 7 يناير 2012

نظرية المعرفة
ينقسم الإدراك البشري إلى قسمين أحدهما التصور ، والآخر التصديق والتصديق هو الذي يكشف عن وجود واقع موضوعي للتصور، والمعارف الأساسية يشعر بضروريتها العقل لأن متقين بصحتها مثل مبدأ عدم التناقض ومبدأ العلية والمبادئ الرياضية الأولية وعلى هذه المبادئ تقام سائر المعارف والتصديقات فالتجارب تعتمد عليها، فالقانون يعتمد على مبدأ السببية.
إن الصورة الذهنية التي نكونها عن واقع موضوعي معين فيها ناحيتان فهي من ناحية صورة الشيء ووجوده الخاص في ذهننا ، فالفكرة موضوعية باعتبار تمثل الشيء فبها لدى الذهن، والشيء الذي يمثل لدى الذهن في تلك الصورة يفقد كل فعالية ونشاط ما كان يتمتع به في المجال الخارجي ، بسبب التصرف الذاتي والفارق بين الفكرة والواقع هو في اللغة الفلسفية الفارق بين الماهية والوجود إن الحقيقة مطلقة وغير متطورة وإن كان الواقع الموضوعي للطبيعة متطوراً ومتحركاً على الدوام .
وإن الحقيقة تتعارض تعارضاً مطلقاً مع الخطأ فالقضية البسيطة الواحدة لا يمكن أن تكون حقيقة وخطأ.
هناك وجودان وجود ذات للإحساس أو الفكر ووجود موضوعي للشيء المحسوس، إنه واقع وصورة منعكسة عنه، إذن الفكرة نتيجة الشيء الموضوعي أي علاقة سببية.
العالم (الوجود)
التطور العلمي لا يعني أن الحقيقة تنمو وتندرج وإنما معناه تكامل العلم باعتباره كلاً، أي باعتباره مجموعة نظريات وقوانين ، ومعنى تكامله زيادة حقائقه وقلة أخطائه كمياً.
فالعلم إنكشافات جديدة لحقائق لم تكن معلومة، وتصحيحات لأخطأ سابقة، وكل خطأ يصحح هو خطأ مطلق ، وكل حقيقة تستكشف هي حقيقة مطلقة.
إن النظريات التجريبية لا تكتسب صفة علمية ما لم تعمم لمجالات أوسع من حدود التجربة الخاصة وتقدم كحقيقة عامة، وذلك يكون على ضوء مبدأ العلية وقوانينها فلا بد للعلوم عامة أن تعتبر مبدأ العلية وما إليها من قانوني الحتمية والتناسب، مسلمات أساسية، وتسلم بها بصورة سابقة، على جميع نظرياتها وقوانينها التجريبية.
من الخطأ القول بأن العلة تستلزم علة قبلها ولكن القلة تستلزم معلولاً فالعلم معلول للعلة وهو الدليل والبرهان العلة والمعلول معاصران فلا يمكن أن يوجد بعد زوال العلة أو أن يبقى بعد ارتفاعها فعملية البناء هي العلة وليس الباني إذ ينفصل عن البناء.
الوجود
إن النقائض موجودة بالقوة أي الوجود فيه استعداد لتقبل التطورات المتدرجة ، وإمكانية التكامل الصاعد بالحركة، وهذا يعني أن الوجود فارغ في محتواه الداخلي عن كل شيء سوى القابلية والاستعداد والحركة خروج تدريجي من القابلية إلى الفعلية في مجال التطور المستمر.
وليست المادة هي العلة الدافعة لها لأنها غالية من درجات التكامل التي تحققها أشواط التطور والحركة ، ولا تحل إلا إمكانها واستعدادها ، فلا بد ــ إذن ــ من التفتيش عن سبب الحركة الجوهرية للمادة ، وحمومها الأساسي خارج حدوده ولا بد أن الله جل جلاله الكامل.
الإدراك
الإدراك ليس بذاته مادة ، ولا هو ظاهرة بعضو مادي كالدماغ ، أو منعكسة عليه لأنه يختلف في القوانين التي تسيطر عليه ، عن الصورة المادية المنعكسة على العضو المادي فهو يملك من الخصائص الهندسية ــ أولاً ــ ومن الثبات ــ ثانياً ــ ما لا تملكه أي صورة مادية منعكسة على الدماغ ، إن الصور والإدراكات ، تجتمع أو تتابع كلها على صعيد واحد، هو صعيد الإنسانية المفكرة، وليس هذه الإنسانية المفكرة شيئاً من المادة كالدماغ أو المخ، بل هي درجة من الوجود مجردة عن المادة (الروح).
إن الإدراكات والصور العقلية، ليست مستقلة في وجودها عن الإنسان وليست حالة أو منعكسة في المخ، وإنما هي طواهر مجردة عن المادة بالجانب اللامادي من الإنسان (الروح) وهي التي تفكر وتدرك لا المخ ، وإن كل المخ يهئ شروط الإدراك للصلة بين الجانب المادي والروحي من الإنسان.
المبادئ المنطقية والرياضية وغيرها من الأفكار التأملية تنبع من العقل ، ولا تتكيف بمقتضيات البيئة الاجتماعية وإلا كان مصير ذلك إلى الشك الفلسفي المطلق في كل حقيقة، إذ لو كانت الأفكار التأملية جميعاً، وتتكيف بعوامل المحيط ، وتتغير تبعاً لها، لم يؤمن على أي فكرة أو حقيقة من التغير والتبدل.
إن تكتيف الأفكار العملية ، بمقتضيات البيئة وظروفها ، ليس آلياً بل هو تكيف اختياري ينشأ من دوافع إرادية في الإنسان تسوقه إلى جعل النظام المنسجم محيطه وبيئته، بذلك يزول التعارض ــ تماماً ــ بين المدرسة الوظيفية والمدرسة الفرضية في علم النفس، الحياة الاجتماعية والظروف المادية لا تحدد أفكارنا ومشاعرنا آلياً عن طريق المنبهات ، والإنسان يكيف أفكاره تكيفاً اختيارياً بالبيئة والمحيط والإدراك هو السبب في إثارة المنبه الشرطي للاستجابة المنعكسة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق