السبت، 7 يناير 2012

الروح
الله واجب الوجود وواجب الوجود غير مسبوق بزمن لأنه هو سبحانه خالق والخالق غير مخلوق والله خلق من العدم والوجود صفته اللازمة سلبية وهي سلب العدم عنه والله خلق الروح غير مركبة أما الجسم فهو مركب من عناصر، والروح غير قابلة للقسمة ولو كانت قابلة للقسمة لتعدد في ذاتها وأصبح كل عنصر منفك عن الآخر بحيث يصبح كل عنصر مختلف عن غيره لأنه منفصل ومتعدد داخل الكل.
والوجود يتميز بصفاته التي تجعله مختلف عن غيره، والروح تتميز بالحياة والحياة صفة تستتبع العلم والإرادة وحياة الروح حياة الممكنات فالروح فيها حياة وهذه الحياة خلق الله داخلها مكان العلم والإرادة فالروح وحياتها وقدرتها على العلم ، والإرادة من مخلوقات الله فحياة الله وعلمه وإرادته غير مخلوقة وأما الحياة في الروح فهي مخلوقة والمخلوق بحاجة إلى الخالق في وجودها.
والعلم صفة والصفة إمكان والعلم إمكان انكشاف شيء في الذهن، الوعي من لوازم الروح فالروح عن تتلبس بجسم الدنيوي يصبح العلم محدود بحدود قدرات المخ الذي هو أدات للوعي الروحي في حدود الإمكانيات التي أرادها الله له في الحياة الدنيا أما الحياة الأخرى فيصبح للروح جسم خاص بفتح الله فيه إمكانيات لا محدودة لحديث (فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر).
والروح خلق الله فيها إمكان الوعي بالاتصافة إلى إمكان الإرادة والإرادة هي ما به يصبح المزيد أن ينفذ ما قصده ، وأن يرجع عنه وإرادة الله يخلق الإمكان من العدم أما إرادة الإنسان فهي محدودة بالسنن الكونية تسخرها بعدما تعلمها وتخسرها تتخذ الأدوات طبيعية كانت أو مصنوعة أما الله فليس له حاجة إلى الأدوات إنما أمره أن يقول للشيء كن فيكون والقدرة سلطة على الفعل وهي سلطة يخلقها الله في الروح.
والعلم والإرادة والقدرة يستلزم بالضرورة ثبوت الاختيار.
فالإنسان يعلم ويقصد ما يريد فعله ولكي ينفذ لا بد له من سلطة على الفعل فهو حين يقصد يقرر أي الطرق لتنفيذ القصد والوعي يقتضي أدوات والأدوات هي الأذن للسمع والعين للبصر، والسمع صفة تنكشف به المسموعات والبصر صفة تنكشف به البصرات.
فالروح ترى بالإبصار في عالم الأرواح وستمع أيضاً بلا سمع.
فالروح جوهر لا عرض وهي قبل الجسم وبعده والروح مجردة عن الجسم ، والروح هي الموجودة هي له شعور وإرادة الروح كائن له بصمة ليس أزلي بل أبدي حي جعل الله له القدرة على العلم والإرادة وخلقه ذو بصمة وجودية وجعل متكلم وسميع وبصير، والصفات ليس زائدة على الروح بل هي من إمكانيات الروح التي خلقها في الروح وما السمع إلا العلم بالمسموعات وما البصر إلا العلم بالمبصرات والشعور إلا العلم بأحوال الذات ، فاللغة تسجيل للمشترك أما الحدث فهو الإدراك بالمختلف وهي حالات الروح والأرواح وأفعال الإنسان تصدر عن علم وإرادة وكل ما يصدر عن علم وإرادة فهو عن اختيار والإنسان الصالح التقي هو من تصدر اختياراته فيما يوافق الشرع فالله وحده الذي لا واجب على اختياره.
فالمسلم يجب أن يتنزه عن العبث في الأفعال والكذب في الأقوال ، والحكمة من الأفعال تحقيق مصلحة للإنسان ودفع مضرة عنه فأفعال العاقل تصان عن العبث.
قال تعالى : (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين، لو أردنا أن نتخذ لهواً لاتخذنا من لدنا إن كنا فاعلين، بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، ولكم الويل مما تصنعون) الأنبياء 16-18، والشرك اعتقاد أن لغير الله أثراً فوق ما وهبه الله من الأسباب الظاهرة ، وأن لشيء من الأشياء سلطاناً على ما خرج عن قدرة المخلوقين.
وهو اعتقاد من يعظم سوى الله مستعيناً به فيما لا يقدر العبد عليه كالاستنصار بغير ما أعدوا من قوة ، والاستشفاء من الأمراض بغير الأدوية التي هدانا الله إليها، والاستعانة على سعادة الدارين بغير الطرق والسنن التي شرعها الله لنا.
التوحيد : رد الأمر فيما فوق القدرة البشرية والأسباب الكونية إلى الله وحده، فالله وحده هو الذي يعين العبد فيما عجز عن الوصول إليه من الأهداف فالله وحده الحي القيوم والمهيمن على كل شيء ، فالله وحده الذي يمنع والذي يعطي العبد فالإنسان يمتاز على غيره بأن مفكر مختار في عمله على مقتضى فكره فهو يثاب ويعاقب على ما اختاره عن علم ونية.
الرسالة العامة
الله هو وحده الذي يعلم ما الذي ينبغي لنا فعله وما الذي ينبغي لنا تركه وما الذي يجب أن نعتقده تجاه ذاته سبحانه وأسمائه وصفاته وهذا يكون بإرسال رسل يكونون قدوة فيما أوحى الله إليه من أمر ونهي.
فالله يجري على أيدي الرسل معجزات تثبت أن الله على كل شيء قدير.
وتتضمن رسالة الإسلام الاعتقاد ببقاء الروح بعد مفارقة بقاء تحيا به، وهذه الحياة خافية على أهل الدنيا ، وحياه الروح في عالم البرزخ في منازل بحسب العمل في الدنيا ، والروح في حياة البرزخ لها جسد برزخي ووجود الروح في حياة برزخية إيمان فطري جاء به الإسلام على أيد الرسل عليهم السلام ويدل على ذلك بقائه في كل الأمم، وإنك لتجد الناس بعامتهم.
الدنيا
التثليث الذي تقوم عليه نصرانية بولس وبطريرك الإسكندرية إنما هو إرث وثني ضارب في القدم.
تقول صاحب كتاب (الآثار الهندية القديمة): (كان لدى أكثر الأمم البائدة تعاليم دينية تقول باللاهوت الثلاثي) ويقول النصراني دوان في كتابه (خرافات التوراة والإنجيل) ، إذا رجعنا البصر نحو الهند نرى أشهر عباداتهم التثليث ، ويعبرون عنه بالأقاليم الثلاثة : (برهما وفشنو وسيفا) ويؤمنون بأن هذه الثلاثة تشكل ثلاث هيئات لشيء واحد كما يقول النصارى (أب وابن وروح قدس إله واحد ... ) ويقول فابر في كتابه (أصل الوثنية) إن بوذيي الصين يعبدون إلهاً مثلث الأقاليم يسموه (فاو)وعن هذه العقيدة يقول دوان (إن شيعة فاو يزعمون أنه وهج العقل الأبدي عندهم ) ، انبثق منه واحد ، ومن هذا انبثق تان ، ومن هذا انبثق ثالث ومن الثلاثة صدر كل شيء ، (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهون قول الذين كفروا من قبل)، وهذا القول بالأفواه لا قول بالعقول بل هو ترديد وتقليد.
وفي كتاب (سقوط الحضارة) المترجم إلى العربية تأليف (كولن ولن) يقول كولن ونلسن: (إن المسيحية لم ترتكز على تعاليم المسيح بل ارتكزت على عقيدة وهمية اخترعها بولس وينقل عن ++ قوله : (لقد كانت دعوة المسيح في جوهرها دعوة إلى النظام والقوة أما بولر فقد حولها إلى دين صار ملاذاً للخائفين والمذعورين، إن يمس عليه السلام لم يدعو إلا إلى الإسلام دين جميع الأنبياء أما مسيحية بولس المتعلم في الإسكندرية إنما أخذ آلهة قدماء المصريين (إيزجس وهو رس وسيزابيس ) وحولها إلى الأب والابن والروح والقدس.
يجمع المؤرخون ومفكروا الغرب على تأثير بولس الكلي في مسيحية عيسى عليه السلام وفي ذلك اتهام صريح بأن التأثير وقع من الوثنية على الإسلام الذي جاء به المسيح.
بعد أن فرغنا من تقصي الأصل الوثني لمبادئ التثليث الأفلاطوني بأن لزاماً علينا أن ننقل إلى الأصل الثاني لنصرانية بولس ونعني به مبدأ الغداء ويلخص في النقاط التالية:
خطيئة آدم يتحملها أبناؤه ولكن عيسى عليه السلام صلب ليكفر عن هذه الخطيئة والأمر الذي لا ريب فيه هو أن عقيدة الغداء هذه تراث وثني عريق شأنها شأن التثليث فالوثنيون القدامى يكادون يجمعون على تقديم الذريعة البشرية استرضاء لآلهتهم يشترك في ذلك الرومان واليونان المصريون والهنود وغيرهم.
يقول دوان : (يعتقد الهود بأن كرثنا قدم نفسه ذبيحة ليخلص أهل الأرض من أوزار الخطيئة، وهو مصور في كتبهم مثقوب اليدين والرجلين ومعلقاً على الصليب). وفي أغاني البوذيين الدينية لبوذا يقولون : (عانيت الاضطهاد وبالامتهان والسجن والموت والقتل يصبر وحب عظيم لجلب السعادة للناس ) ويدعونه الطيب العظيم مخلص العالم، والمسيح المولود الوحيد ، وأنه قدم نفسه ذبيحة ليكفر آثام البشر) ويروي المؤرخ موري في كتابه (الخرفات) أن المصريين يعدون أو سير يسر أعظم مثال لتقديم النفس ذبيحة لينال الناس الحياة والسوريون القدامى يزعمون أن معبودهم تموز المولود من عذراء تألم من أجل الناس وفداهم بتقديم نفسه للصليب. إن قول النصارى بصلب عيسى عليه السلام فداء للجنس البشري ليس إلا صدى لما يجري عليه عباد الأوثان من أقدم الأزمان.
هناك كتاب بعنوان (اسطورة تجسيد الإله) كتبه سبعة من أبرز علماء اللاهوت في إنجلترا ويقيم هذا الكتاب البراهين على أن عيسى عليه السلام ليس ابن الله وإنما هو بشر مثلنا وأنه لم يقل حياته إطلاقاً أنه رب أو ابن الله وهذه الافتراءات اقتبست من اليهود واليونانيين والرومانيين، والتصور الوثني يصور الرب على شكل إنسان إذ كان يعتقد الوثنيون أن الأباطرة ينحدرون من سلالة الآلهة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق